الخميس 28-03-2024 13:51:27 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار
محمد آل جابر.. دبلوماسي المهمات الصعبة
بقلم/ فهد سلطان
نشر منذ: 6 سنوات و 4 أشهر و 11 يوماً
الأربعاء 15 نوفمبر-تشرين الثاني 2017 05:17 م
  

اليمنيون لا ينسون الجميل، وخاصة لدول أو كيانات أو أشخاص ساندوهم ووقفوا إلى جانبهم لحظة الأزمات والكوارث. وهذه صفة عُرف بها اليمني منذ القدم, من خلال الوفاء وحفظ الجميل ورد الفضل لأهل الفضل. ومن الجميل الاعتراف بجهود ودور المملكة العربية السعودية المحوري في اليمن في الماضي وفي الأزمة التي تعيشها البلاد في هذه الأُثناء, يضاف إلى ذلك جهود واحد من ألمع الدبلوماسيين السعوديين, الذين عملوا في اليمن بحنكة لا مثيل لها, سعادة السفير الدكتور محمد آل جابر.

جهود المملكة في اليمن أكبر من أن يحصى, وما عاصفة الحزم وإعادة الأمل إلا واحدة من تلك المواقف الأخوية الصادقة, التي حمت اليمن من خطر التمزيق والضياع والتلاشي, الذي كانت تخطط له دولة إيران الصفوية في اليمن, إلى جانب الدعم الاقتصادي السخي على مدى عقود دليل آخر على أخوية الموقف والجوار.

يبرز الدور الدبلوماسي المحنك في أداء السفير آل جابر في عدد من تصريحاته ومواقفه السياسية أثناء متابعته للأحداث في اليمن, فرفض العنف ولكل الادوات التي تؤثر على مسار العملية السياسية بين الفرقاء السياسيين هي خط واضح في حلحلة المعضلة اليمنية, ففي الـ 4 من أبريل/ نيسان 2017م كتب السفير آل جابر على مدونته بـ توتير بأن "استمرار إخفاء المليشيات للصبيحي ومحمد قحطان وناصر هادي وإمعانهم في العنف لإرهاب وتخويف من يعارضهم يؤكد رفضهم للحوار السياسي".

لقد اتسم خط آل جابر في نظرته لليمن وتعامله كسفير لدولة كبيرة كالمملكة العربية السعودية بالتوازن والوضوح والفهم الجيد لطبيعة البلاد وتفاصيلها الدقيقة, وهو ما انعكس ذلك على احترام الجميع له بما لم يرقى إليه أي سفير لدولة أخرى, حيث لم تسجل أي اعتراض أو نقد تعرض له الرجل منذ توليه المهمة حتى اللحظة, بل كان الثناء والإعجاب بأدائه يلازم جهوده الدبلوماسية منذ تعيينه في منتصف سبتمبر/ ايلول 2014م وحتى اليوم, كما لم ينحصر ذلك الاحترام بين السياسيين وحدهم, فقد كان آل جابر محط احترام وإعجاب اليمنيين خارج الوطن وخاصة المغتربين في المملكة ذاتها, بسبب نشاطه البارز في دعمهم والوقوف الى جانبهم وتسهيل كثير من الصعوبات التي تقف في طريقهم. 

وتكشف عدد من المواقف حنكة آل جابر وفهمه العميق لتركيبة اليمن ومعرفته لكثير من التفاصيل الدقيقة التي جعلته يتولى جزءاً كبيراً من هموم البلد الذي يعمل سفيراً فيه أمام المحافل الدولية, سواء في الندوات التي يعقدها أو يشارك فيها حول العالم, أو في التصريحات والظهور على وسائل الإعلام متحدثاً عن اليمن ومشكلاته والمعاناة التي يعيشها الشعب اليمني بسبب الانقلاب وآثاره المدمرة, والتي لا زالت قائمة حتى الآن.

لقد قبل الدبلوماسي المحنك والخبير العسكري البارز محمد آل جابر العمل كسفير في اليمن أثناء لحظة سياسية فارقة من عمر البلاد, وكان أمام تحدي لا مثيله له, فقد شغل المنصب قبل قيام الانقلاب على العاصمة صنعاء بأقل من عشرة أيام فقط في سبتمبر/ ايلول 2014م, وشخص يأتي الى بلد بمثل هذا الظرف لا يعكس إلا شجاعة وحنكة سياسية ودبلوماسية وإصرار وتحدٍ على النجاح, وهو ما كان ذلك بكل تأكيد, فقد ساعدته خبرته السياسية والعسكرية الطويلة ومعارفه الواسعة على فهم طبيعة اليمن وسهولة التعامل مع الفرقاء السياسيين, والنجاح في مهمته كسفير نال ثقة دولته وثقه اليمنيين معاً.

ومن المواقف التي سيتحدث عنها التاريخ أن السفير آل جابر واحد من السفراء القلائل الذين رافقوا الرئيس عبده ربه منصور هادي بعدن بعد مغادرته للعاصمة صنعاء, ولم يغادر السفير الى بلده كما فعلت كثير من البعثات الدبلوماسية بسبب الوضع الجديد الذي فرضه الحوثيون بقوة السلاح, فقد آثر أن يعمل ويستمر في اليمن ومساعدته في هذا الظرف العصيب, بل وفي أسوأ الظروف.

 كما أن حديثه عن ساعات الإجلاء الحرجة من مدينة عدن عبر البحر في أواخر مارس/ آذار 2015م بعد انطلاق عاصفة الحزم والأخطار التي لاحقت السفير والبعثة يعكس شخصية فريدة من نوعها, وحالة من الاستبسال والصمود الأسطوري لشخص أحب العمل لخدمه بلده والبلد الذي يعمل فيه ولا يزال حتى هذه اللحظة.