الثلاثاء 03-12-2024 20:41:08 م : 2 - جمادي الثاني - 1446 هـ
آخر الاخبار
أخطر ما تستهدفه الحروب النفسية
بقلم/ يحيى اليناعي
نشر منذ: 4 سنوات و 10 أشهر و 4 أيام
الأربعاء 29 يناير-كانون الثاني 2020 05:44 م
  

من الطبيعي أن يشن العدو في أي معركة حربا نفسية، ويثير زوبعة من الشائعات في الإعلام، وذلك للتأثير على معنويات الطرف الآخر.

لكن أخطر هذه الحروب والشائعات هي تلك التي تستهدف إضعاف التماسك الداخلي وخلخلة ثقة الجنود بقيادتهم والعكس.

فمن شأن هذه الحرب أن تنقل المعركة مع العدو الخارجي إلى داخل الصف، وبدلا من أن يوجه الفرد جهده لمقاومة العدو يسلطها على رفاقه ويشبعهم تذمرا وتشكيكا وتشاؤما.

من شأن الاستمرار في هذا الطريق الخاطيء أن يوصل صاحبه إلى قناعة بأن النصر لن يتحقق إلا بإزاحة القيادة وحينها ينسى عدوه ويوجه كل سهامه نحو الجبهة الداخلية، ويظن أنه بهذا يفعل الصواب ويقوم بما يمليه عليه ضميره وواجبه.

في حين أنه لا الشرع ولا العقل ولا المنطق ولا حقائق التاريخ يدعم مثل هذا المنحى الخاطيء.

في الدين وجهنا المولى سبحانه وتعالى بالقتال صفا واحدا "إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص".

وفي الأزمات واللحظات العصيبة علمنا كيف نتعامل مع الأخبار المنقولة والشائعة..قال تعالى:

 "لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ "

في الحروب يكون القادة والجنود بأمس الحاجة للثقة الكاملة بينهم وعدم التفريط بها.

فالقائد في الحرب بحاجة إلى من يقول له كما قال الصحابي للنبي عليه الصلاة والسلام "لو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك".

 الأمم الواعية تنتقد الحاكم في كل شيء في فترة السلم، إلا أنها في الحرب تعطل العمل بالدستور والقوانين وتتوقف المعارضة عن المعارضة ويتوحد الجميع صفا واحدا خلف القيادة يشدون من أزرها ويساندونها للنهاية.

وإذا ما انتهت الحرب فتحوا الملفات وحاسبوها على كل خطأ.

يجب ألا ننسى أن العدو يحشد الداخل والخارج، ويجعل من يواجهه يخسر معركة مرة ومرتين وعشر، من أجل أن يثير موجة من السخط والاحباط الداخلي بما يؤدي لمزيد من النقمة على قيادة الجيش واتهامها بالفشل.

وحين نقع في هذا الفخ نكون قد حققنا للعدو أهدافه وخدمناه بأكثر مما يريد.

إذ أن من أهم أهداف العدو تشكيك الجهة المستهدفة بقياداتها السياسية والعسكرية والتشكيك بكفاءتها وإخلاصها وإظهارها كقيادة عاجزة عن تحقيق النصر الذي يتطلع إليه الناس.

ليس في هذا التوضيح تبرير لأي أخطاء، ولا يعني ذلك عدم معالجة كل خطأ، أو أن ننتظر إلى فترة ما بعد الحرب؛ بقدر ما يعني أن نكون أكثر يقظة وحصافة وقدرة على مواجهة الحرب النفسية والحفاظ على الثقة ووحدة الصف والروح المعنوية في أعلى مستوياتها.