الجمعة 29-03-2024 17:04:07 م : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار
ثورة فبراير لم تأت عبثاً ولا بطراً
بقلم/ أحمد عبدالملك المقرمي
نشر منذ: 5 سنوات و شهر و 18 يوماً
الجمعة 08 فبراير-شباط 2019 04:04 م
  

ثورة لم تبزغ فجأة، ولم تنبثق من الصفر، ولا جاءات بلا مقدمات أو إرهاصات، و إنما جاءت لأسباب توافرت، و عوامل تضافرت، و الشيئ الوحيد الذي كان مفاجئا للجميع هو ذلك الخروج الشعبي المنقطع النظير، مما يعني أن الشعب بكل فئاته و مستوياته كان مهيئا لها.

لا تريد هذه السطور أن تحشد مبررات وعوامل اندلاع الثورة، غير أنها لا يمكن أن تعرض عنها صفحا أيضا و بسكل كلي. و إن مما يمكن الإشارة إليه بصورة سريعة القول أن مسار العملية الديمقراطية التي ولدت مشوهة منذ بداية التجربة، كانت في كل عملية انتخابية تزداد تراجعا و تدهورا، حتى وصل بها الأمر إلى تأجيل إجرائها عن موعدها، و اتجهت السلطة حينها فوق تأجيلها انتخابات مجلس النواب؛ اتجهت إلى فرض تعديلات دستورية تصادر فيها الحاضر و تؤمم المستقبل، و تؤسس لمشروع التوريث الذي كان قد سبق الإعداد له من فترة سابقة، بحيث جرى من أجله فرض تغييرات واسعة في صلب و مفاصل المؤسسات المدنية و العسكرية و الأمنية، و تسخير كل عوامل و عناصر قوة الدولة لذلك المشروع.

ولا داعي هنا للاسترسال في نبش تلك القضايا و الأخذ في تفاصيلها. أدرك تماما أن مناصري مشروع التوريث هم أكثر من يدرك اليوم النتائج السلبية لاندفاعهم و هرولتهم نحو الاصطفاف مع مشروع التوريث و قلع العداد، و أن إدراكهم هذا -لا أشك معه أنه - سيفرض عليهم أن يصطفوا في انحياز واضح لما فيه مصلحة اليمن و مواجهة المشروع السلالي للحوثية الكهنوتية، و هو الأمر الذي تقف في مواجهته ثورة فبراير الباسلة بكل قواها و قوتها.

إن مراجعة شاملة و خالية من الأثرة و الأنانية و الرغبة في الانتقام، كما حدث - للأسف سابقا - و لو بالتحالف مع الكهنوتية الحوثية؛ إنما سيكون تكرارا لخطيئة كبرى بتحالف سبق و أن خدم الحوثية خدمة مكنتها تمكينا ما كانت تحلم به، حتى وصل بها الأمر إلى السيطرة و تملك كل أدوات و وسائل التمكين؛ فرأت معه أن لا فائدة من بقاء ذلك التحالف فغدرت به أيما غدر، بعد تسخير تام له و تجريده من كل قوة!

  هذه السطور لا تريد - هنا - نكأ جراح و لا مكايدة، و إنما تشير بتواضع إلى أهمية و ضرورة التقويم و المراجعة ( من الجميع )و التي تجعل مصلحة اليمن حاضرا و مستقبلا نصب عين هذه المراجعة التي تستعلي على الجراح بهدف منع مضار أخرى و من أجل ترميم جراح الصف الجمهوري؛ ليقف بكل قوته و قواه في وجه المشروع الظلامي للكهنوتية الحوثية.

  إن مَن منع مشروع التوريث هو الشعب اليمني، ومن يسقط اليوم المشروع السلالي للكهنوتية الحوثية هو الشعب اليمني. وإن على الصف الجمهوري أن يعيد الاصطفاف و أن ينحاز صفا واحدا و في خندق واحد لاستكمال إسقاط المشروع السلالي المدمر.