السبت 23-11-2024 11:09:21 ص : 22 - جمادي الأول - 1446 هـ
آخر الاخبار
الإصلاح.. حكمة ووضوح ومواقف
بقلم/ محمد بالطيف
نشر منذ: شهرين و 9 أيام
الجمعة 13 سبتمبر-أيلول 2024 05:53 م
 

في وطن عصفت ولا زالت تخضه نوائب الزمن ذات اليمين وذات الشمال، وكأنه أرجوحة قدرها أن لا تنعم بما يكفي من الاستقرار على حال من الأحوال. وطن تتقلب فيه الأبصار والقلوب، وتغيب فيه ملامح الصورة الحقيقة في نظر الكثير، وتعمش الأعين وتتشتت فيه الوجهات، وطن تتقاذفه الأهوال والمدلهمات وكأنها قدره المحتوم، تبزغ فيه شمس تضئ زواياه المظلمة على هيئة حزب هو خلاصة نضالات الخيرين من أهله عبر العصور، تكثفت فيهم حكمة اليماني الذي شهد له بها حكيم الأرض كلها عليه أفضل الصلاة واتم التسليم، في مثل هذه الأيام قبل حوالي أربعة وثلاثين عاماً من اليوم كانت هذه الأرض على موعد مع ميلاد هذا الفجر الجديد الصادق.

فكانت الحكمة ووضوح الرؤية تتجلى في أبهى صورها من خلال مواقف هذا الحزب الفريد.

إنه التجمع اليمني للإصلاح الرائد الذي لم يكذب أهله يوماً.

لم تكن الطريق أمامه سهله المسلك ولا مريحة للخطى، فهناك من قد توكل أن ينتصر لدياجير الظلام ويجعلها جزءاً من تفاصيل هذا الوطن وكأنه ولي للشيطان ينتصر له على أهل هذه الأرض الطيبة المباركة.

غير أن موعد الخير قد أزف زمانه وحانت لحظة اتصاله بهذا الوطن اليماني الميمون.

وقف الإصلاحيون كقناديل تضئ ما حولها حتى استحالوا شمساً تزهر ربيعاً يمانياً سعيداً ليس له نظير.

التجمع اليمني للإصلاح أخذ على عاتقه إصلاح ما أفسدته قرون من جهالات العابثين بهذه الأرض وبأغلى ما تملك وهو الإنسان.

جاء الإصلاح كاسمه تماماً يشافي النفوس والقبوب والأبدان من أعطابها، ويتبصر طريق النجاة ويحدو الركب صوبها لعله أن يتدارك الزمن ويتلافى مزيداً من الضياع.

بنظراته الثاقبة كان يستشف المستقبل ويحدد ملامح الأيام القادمة فيستجلب الخير ويدعو الجميع لسلوك طريقه ويحذر من مآلات الشر ويصد الجميع عنه.

بعد كل مرحلة تتضح لعدد غير قليل صوابية رؤي الاصلاح وتوقعاته.

فحين رأى بوادر أزمة شريكي الوحدة تلوح بل تضع بصماتها على كل تفاصيل الحياة السياسة وتهدد بانفجار الوضع كان الكثير حينها سادرون عن هذا الأمر، بينما راح الاصلاح يحث كل من له مكانه أو جاه أن يسعى إلى رأب الصدع ما استطاع إلى ذلك سبيلاً فكانت دعوة علماء اليمن للإجتماع في جامع الجند بمدينة، فلم تكن الإرادة كافية لتحقيق المراد من هذه الدعوة حتى حلت الكارثة وانفجرت إرادة الشيطان الرجيم واقتتل الطرفان في حرب صيف 94.

بعد نهاية الحرب بشهرين تقريباً عقد الإصلاح مؤتمره العام الأول وحذر من مغبة تجاهل نتائج الحرب واستباحة الأرض والتعامل بمنطق المنتصر لكن للأسف لم تلقى هذه الدعوة آذان واعية وراحت النفوس الطماعة والآمرة بالسوء تلتهم هذا المنجز الوحدوي العظيم قطعة قطعة ثم ترمي بمخلفاته لعنات تملأ قلوب الناس ضد هذا الوطن المفترى عليه.

 

اضحت شهوة التفرد والاستحواذ والتسلط ثم التملك والتوريث حاضرة تجاهر بين الناس سافرة لا تستحي ولا ترعوي، فحذر الإصلاح من هذا الفجور الظاهر والذي ستكون عواقبه على الوطن وخيمة غير أن تلك التحذيرات أخذت على محمل أن امشوا ولا تعبأ بما يقوله هؤلاء الإصلاحيون إنما هم لكم حاسدون، حتى ثار الشعب وخرجت الأمور عن طور الاحتواء والسيطرة وخسر الجميع.

واطل الماضي بقرونه من جهة الكهوف المظلمة فصاح الاصلاح أن اقطعوا دابر الشر قبل أن يستشري ويستفحل امره فقالوا تلك اوهام الاصلاح وليس أكثر، دعوا الاصلاح وحده يدفع الثمن، فضاع الوطن كله ولا زال يدفع فاتورة لا منتهى لها حتى الآن.

وقف الاصلاح في وجه الدعوات ذات النفس الضيق جهويا وفكريا ومذهبيا ودفع في سبيل ذلك الكثير نيابة عن هذا الشعب وحبا لهذا الوطن دون منٌٍ ولا أذى رغم ما يتعرض له من عقوق وسوء تقدير لكنه أدرك أن ضحايا قرون من زمن الظلام لا يمكن أن تستوعب أعينهم وهج النور من اول وهلة تصل إلى حدقات أعينهم ، لذلك يلزم قدر كافي من الصبر والمصابرة والمثابرة ورجى الأجر من الله وحده

( إن أريد الا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي الا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) صدق الله العظيم.