الخميس 21-11-2024 17:17:24 م : 20 - جمادي الأول - 1446 هـ
آخر الاخبار
شاهد على الخذلان!
بقلم/ سليمان النواب
نشر منذ: 6 سنوات و 3 أشهر و 22 يوماً
الثلاثاء 31 يوليو-تموز 2018 05:33 ص
 

( 1 )

 

يعتقد الكثير أننا نتلقى دعما من القيادات العسكرية في جميع الجبهات، وأننا لا نتحرك إلا بمبالغ مالية كبيرة مقابل تواجدنا في الجبهات للتصوير. ويعتقد البعض الآخر أن المقدشي والعرادة وعلي محسن، وكل القيادات العسكرية، يدفعون لنا مبالغ مالية شهرياً، وهذا حسب اعتقادهم سبب تواجد الناس والتحامهم بالجيش الوطني، ومواكبة جميع الانتصارات.

 

الحقيقة التي لا يعرفها الناس ولا يعرفها كثير من الزملاء والمتابعين أن لا أحد مهتم بنا، ولا يعرف أحد ماذا نواجه من صعوبات من خلال تنقلاتنا للجبهات ذهاباً وإياباً، وأننا ندفع حق المواصلات من جيوبنا، وأنهم حتى لا يقولون لنا شكراً على جهودكم. وحسب الزميل إياد المصقري فإن "أول وآخر من قال له شكراً هو الشهيد القائد اللواء الركن عبدالرب الشدادي"!

 

بعد أن تم استهدافنا في جبهة قانية بصاروخ موجه من قبل المليشيات أنا والزميل الشهيد عبدالله القادري، والزميل الجريح ذياب الشاطر والزميل خليل الطويل والزميل وليد الجعوري، وحسب مصادر فقد تم نقاش بين قيادات عسكرية حول عملية الاستهداف، وتم توجيه اللوم على مشرف الجبهة القائم بأعمال وزير الدفاع الفريق المقدشي فقال إنه "لم يكن يعرف، ولو عرف وأخبرناه، كان سيوفر لنا مدرعة لتنقلنا في الجبهة"، وهذا كلام غير صحيح، فنحن منذ أربع سنوات نعمل بجهود ذاتية وإمكانيات شخصية، ولم نتلق أي دعم من أي أحد سوى إفطار جماعي للصحفيين قبل سنتين أقامته المنطقة العسكرية الثالثة، وحضر الإفطار المقدشي، وهذا أكبر شيء حصلنا عليه.

 

كنت أنا ومجموعة من الزملاء ساكنين في المركز الإعلامي للمقاومة، وكنا نشتغل وننام في نفس المكان. كنا أكثر من 15 شخصا؛ البعض كان يأكل وجبة واحدة فقط، والبعض الآخر كان لا يجد مصروفه اليومي، ومع ذلك كنا نشتغل ليل نهار؛ ننشر بطولات وتضحيات الجيش الوطني، ونقف ضد الشائعات التي -كانت ولازالت- تستهدف الجيش الوطني، وخسرنا الكثير في هذا، ولكن إيماننا بأننا في خندق واحد مع الجيش جعلنا نرى أن كل شيء تافه وإلى زوال، ولا تبقى إلا مواقفنا المشرفة مع الجيش والوطن.

 

تكلمنا عندما صمت الجميع، وكنا الصوت الوحيد بعد أن هرب الكثير وفضل السكوت والاختباء والاختفاء، وليس هذا عيباً فيهم، لكن نرى اليوم الكثير أصبح يمتلك الوظيفة العامة بدرجات كبيرة، ونحن بالكاد نكافح من أجل تأمين الإيجار والمصروف اليومي، وإذ مرض أحدنا يستلف حق العلاج، وللأسف حتى مش قادرين نتعالج إلا على حسابنا.

ومع ذلك إيماننا الكامل بأن النصر الذي يتحقق على يد أبطال الجيش الوطني لابد له من نصر إعلامي، ولابد للإعلام أن يواكب هذه اللحظات التاريخية، ونحن نرى أن التاريخ يزور ونحن موجودين فكيف إذا غبنا؟!، وإيماناً منا بهذا سنظل باقيين على الدرب الذي ارتضيناه لأنفسنا.

 

الكل يشتكي من إعلام الشرعية بأنه ضعيف ولا يواكب الانتصارات، ولكن لا أحد يسأل ما الذي تقدمه الشرعية للصحفيين في الجبهات؟!

 

هنا في مارب فقط تجد العشرات من المصورين والصحفيين في الفعاليات والمؤتمرات الصحفية وغيرها، وفي الجبهة لا تكاد تلقى أحداً.

لم أكتب هذا لأجل نلفت أي أحد؛ فهم لا يلتفتون لنا أساساً إلا إذا استشهد أحدنا تنشر من قبل المسؤولين برقية عزاء في "الفيس بوك"، ونحصل حينها على فيس "أحزنني وأغضبني ، و واااو"، والكسل يفعل "لايك"، والحاقد يفعل "هاها"؛ هذا كل ما نحصل عليه.

 

من بعد استهدافنا في قانية قبل ثلاثة أشهر أشعر أنني تقدمت في العمر ثلاثين سنة، وبينهما ليالي كلها كوابيس ورعب!

بعد أن تم ضربنا بالصاروخ، وأثناء نقلنا على سيارة إسعاف عطشت عطشاً شديداً، ومع الطريق نسيت العطش، ولما وصلت للمستشفى سألني الزملاء إن كنت قد شربت ماء أو أكلت سكريات لأجل الكبد، ومع الخوف والهلع لم أشرب إلا بعد خمس ساعات من الحادثة.

الكثير نصحني بإجراء فحص طبي لوظائف الكلى بعد الحادثة، ولكن لأن لا أحد من المسؤولين اهتم بنا فلم يتم الفحص، ولم أسأل أحداً.

المؤلم أيضاً بعد وصولنا المستشفى كانت إدارة قناة بلقيس ويمن شباب على اتصال متواصل مع الزملاء الذين استهدفنا معاً لتسفيرهم للخارج للعلاج، وأنا الوحيد الذي لم يسأل أحد عني، إلا اتصالات الزملاء والأحبة الذين فجعوا علينا وتواصلوا معي ليطمئنوا علي، وهنا أسجل شكري للأستاذ العزيز علي الجرادي الذي بعد أن عرف من الأستاذ عبدالرحمن عقيل أنني كنت مع الزملاء في قانية، وقبل أن يقل الحمد لله على السلامة، قال: "ليش تروح للجبهة؟ من قال لك؟!"، كان المفترض أن يقل الحمد لله على السلامة وبعدها يسأل هل أحتاج شيئا، ثم يطرح ملاحظته!

 

الوحيد الذي تواصل من مسؤولي الدولة هو العقيد عبدالغني شعلان قائد قوات الأمن الخاصة بمارب، وأعتبره بكل مسؤولي الدولة من أصغرهم لأكبرهم؛ فكل التحايا له.

 

كنت أتمنى أن لا أكتب هذا، ولكن يستمر الخذلان دائماً، ومع ذلك بعض الناس عادهم يقولوا عنا مرتزقة ومطبلين، ونستلم بالسعودي، والأهم أنه من الواجب أن نوثق للتاريخ، ونشهد على هذه اللحظات والمعارك، وعلى سير عمليات التحرير.

 

* كتبت هذا وأنا في جبهة البيضاء - الملاجم

 

يتبع