الأحد 08-12-2024 17:52:55 م : 7 - جمادي الثاني - 1446 هـ
آخر الاخبار
المنطق المنكوس!
بقلم/ يسلم البابكري
نشر منذ: 6 سنوات و 6 أشهر و 5 أيام
الأحد 03 يونيو-حزيران 2018 04:29 ص
 

في 2011 عندما تعامل النظام بوحيشة مع الثورة وشبابها كان الإصلاح كواحد من قوى الثورة المؤثرة يدفع باستماتة على أن تبقى السلمية هي عنوان الثورة ونهجها وألا تحيد عنه؛ فعسكرة الثورة تعني موتها وسقوطها وضياع أهدافها فقوة الثورة كان في نهجها السلمي، وأما الحرب فهي دمار للأوطان، ولذا كان الذهاب للتسوية السياسية والتوقيع على المبادرة الخليجية وحلول الإنتقال السلمي للسلطة والذهاب لوضع كل مشاكل اليمن على الطاولة والتوافق على حلول تصون اليمن من السقوط في الهاوية.

نصح علي صالح سرا وجهرا بالقبول بمغادرة المشهد فأبى، ونصح الحوثيين بالتوقف عن تأزيم الوضع والمقامرة بمصير البلد لكنهم أصروا على التحالف لخوض الحرب ..

أمام مشهد معقد كهذا قال الإصلاح إن على الدولة أن تقوم بواجبها في التصدي لمشروع خطير يستهدف كل اليمن، وأن على كل القوى أن تصطف وأولها الإصلاح خلف الدولة لمواجهة هذا الخطر الداهم.

أوفى الإصلاح بوعده وأسند الجيش الوطني بمقاومة شعبية تقاتل إلى جواره ليحدث الخلل الكبير ويعلو الصوت النشاز بأن المعركة هي بين الحوثيين واﻹصلاح وبأن حميد القشيبي لم يكن سوى قائد لمليشيات الإصلاح.

هذا المنطق المنكوس قالته قوى سياسية تمتلك أكثر من وجه، وتجعل القضايا المصيرية أوراقاً للمزايدة ..

مرة أخرى قال الإصلاح ليكن درس عمران القاسي جرس إنذار.. ليكن الجميع بحجم المسؤولية في الحفاظ على الوطن من السقوط لنعيد ترتيب الأوراق حتى لا يكتب التاريخ عمن تخاذل وتهاون. لكن المنطق المنكوس يستمر؛ فالحوثي إنما يريد فقط ضرب الإصلاح ومؤسساته، وفي لحظة مؤلمة من التاريخ وجد شباب الإصلاح الذين تطوعوا لإسناد الدولة من السقوط ليس مكشوفي الظهر وحسب بل وجدوا أنفسهم في ساحة إعدام جماعي في العاصمة صنعاء أعدت بإحكام فتحيزوا من الفخ ليسقط الشر والبلاء على الجميع ويتحمل الكل حصته منه..

لم يعقل الحوثيون ولا صالح بعد فواصلوا طريق الحرب وسقطت الدولة تحت ذريعة إسقاط الإصلاح، بل دفعهم الجنون نحو الهاوية بتهديد الجوار بعد أن أجهزوا على ما تبقى من بقايا الدولة اليمنية ليقيموا عليها مشروعهم البغيض ..

وأما الإصلاح الذي يجري المشروع الوطني في عروقه وفكرة الدولة في تفكيره وسلوكه فأوضح موقفه مبكرا.. يجب أن يبنى مشروع مقاومة وطنية لإسقاط الانقلاب لكن تحت مظلة الدولة وقيادتها؛ فاليمن ليست بحاجة الى الكثير من المليشيات فانخرط في المقاومة السياسية تحت مظلة الشرعية والمقاومة العسكرية في تشكيلات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ..

لكن المنطق المنكوس لا يزال حاضرا ويعطي المشروع الإنقلابي الوقت ليعيش بهذا المنطق حوربت تعز وحوصرت مقاومتها ودعمت المليشيات الإرهابية التي باتت تقتل وتذبح الضحايا ومولت الفوضى في المدينة وحرمت من أبسط مقاومات الحياة والصمود والحجة هي ذاتها حتى لا يحسب نصر للإصلاح ولا يعزز موقعه ..عطلت جبهات واستنزفت تحت ذات المنطق المنكوس، بل حوصرت الشرعية ومؤسساتها وخلقت كيانات موازية لها وعممت الفوضى ورعيت ودعمت تحت ذات المنطق المنكوس وأصبح من قادوا النصر والتحرير بين شهيد ومهجر ومطارد تحت هذا المنطق المنكوس ..

لم يسمع صالح النصح فلاقى قدره المحتوم، ولم يأبه الحوثيون بكل نداء وجه لهم فهاهم يدفعون ثمن الجنون وعلى ذات رصيف التعاسة والأسف سيجد كل من يسعى لهدم مشروع الدولة وتفتيته وتدمير كل القيم الوطنية فهذا الطريق له نهاية الى ذاك الرصيف ..

الإصلاح حزب سياسي حمل أكثر مما يحتمل ومع هذا لم يتوان عن تفكيك حقول الألغام التي زرعت لتدمير اليمن ويدفع لأجل ذلك ثمن باهظ دون أن يتوانى أو يتراجع أو ينشغل بغير المعركة المركزية إسقاط الإنقلاب واستعادة الدولة ..