الأحد 24-11-2024 03:10:08 ص : 23 - جمادي الأول - 1446 هـ
آخر الاخبار
الشيخ الأحمر.. قبس من وحي الذكرى
بقلم/ يحيى الأحمدي
نشر منذ: 5 سنوات و 10 أشهر و 27 يوماً
الخميس 27 ديسمبر-كانون الأول 2018 10:19 م

تحل ذكرى الحادية عشر لرحيل حكيم اليمن الشيخ المناضل عبدالله بن حسين الأحمر في وقت يمر الوطن بأصعب مراحله. وقت عصيب بكل ما تحمله الكلمة من معنى, ونفق مظلم حذر الراحل اليمنيين منه مبكرا.

ولعل هذه الذكرى التي تتزامن مع ملحمة الدفاع عن الجمهورية لها وقعها الخاص وأثرها الكبير في قلب كل يمني اكتوى بنيران الإمامة التي أطلت من جديد والتفت على ثورات اليمنيين ونضالاتهم المستمرة في وجه المستبدين.

لقد أدرك الشيخ الأحمر ورفاقه الأحرار أن العيش بذل وإذلال لا يمكن أن يكون ولو دفعوا في سبيل الخلاص من ذلك أرواحهم, وآمنوا ألا حياة بكرامة في ظل الإمامة, ومن هذا المنطلق جاءت الهبة الثورية في وجه الطغيان, وحقق الأحرار معجزة بكل المقاييس, وقدموا أنموذجا فريدا في التضحية والكفاح.

وحيما نتوقف لدى هذه الذكرى فإننا نستعيد نضالات أحرار اليمن وتضحيات الأبطال الذين سطروا أروع الملاحم, وأنجزوا أعظم المهمات؛ حينما أعادوا للشعب حريته, وللوطن استقلاله, وجسدوا عزة اليمنيين وشموخهم في مواجهة التحديات من خلال مسيرة الخلاص الوطني من الحكم الإمامي الرجعي المتخلف في ال26 من سبتمبر من العام 1962.

وبحلول هذه الذكرى فإن أحفاد ثوار ال 26 من سبتمبر الذين يقفون اليوم على مشارف العاصمة صنعاء يستذكرون معارك التحرير التي كان الشيخ عبدالله يقود جبهاتها في محافظات حجة وعمران وصنعاء, ويتقدم نحو صنعاء لتخليصها من أسوأ سلالة استعبدت اليمنيين وأحالت حياتهم إلى جحيم.

وبمرور هذه الذكرى فإن اليمنيين يستذكرون أمجاد الفقيد وبطولاته وجهاده ونضاله, ويستعرضون تضحياته ومواقفه الوطنية والعربية والاسلامية..

فعلى المستوى النضالي الوطني كان للشيخ عبدالله أدوار نضالية يشهد له التاريخ بذلك منذ بدأ حياته مناضلا ومجاهدا ضد الحكم الإمامي الكهنوتي, ثم تصدره طليعة الشباب الذين انخرطوا في صفوف ثورة ال26 من سبتمبر وقيادة المعارك البطولية ودحر رموز الإمامة في وقت كان الأئمة يسوقون أنفسهم على أنهم أوصياء الله على عباده.

وظل فقيد الوطن حارسا وفيا للثورة والجمهورية والوحدة, وجنديا مخلصا لوطنه مقدما مصلحة الوطن فوق كل المصالح؛ فلم يخن عهده, ولم يخذل شعبه, ولم يفرط في الثوابت الوطنية أو يستغل نفوذه ورصيده النضالي في فرض هيمنته على أحد, بل مثل قاسما مشتركا بين مختلف القوى السياسية ومصلحا اجتماعيا في أعقد القضايا القبلية, فضلا عن المواقف الشجاعة والصارمة تجاه القضايا المصيرية للبلد, وفي سبيل ذلك سخر جهده ووقته وجاهه, وكان صمام أمان اليمن, تشهد بذلك حنكته السياسية في تجنيب الوطن كثيرا من المنزلقات والأزمات السياسية.

وفي المواقف العربية والإسلامية كانت مواقفه منحازة للمظلومين وأصحاب القضايا العادلة وفي مقدمتها قضية فلسطين التي ظل الشيخ الأحمر في صدارة المساندين للحق الفلسطيني, وفي مقدمة المدافعين عن الشعب الفلسطيني.

ولأننا ننطلق من منطلق أن التضحيات من أجل الأوطان تعد من أسمى مراتب البطولات فإن أسرة الأحمر قد تربعت على أعلى المراتب, وفازت بهذا الشرف النبيل الذي زاد من رصيدها التاريخي والوطني..

وتوارثت أسرة فقيد الوطن هذا الشرف والمجد حتى في ظل سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء بقي الشيخ صادق الأحمر النجل الأكبر للفقيد متحدثا باسم الجمهورية, وتحول منزله الكائن في (الحصبة) إلى قبلة الأحرار وميدان إيقاد شعلة ثورة ال26 من سبتمبر, وحتى اللحظة لا يزال العهد هو العهد والوعد هو ذات الوعد, والدرب الذي خطه الشيخ وتركه واضح المعالم أصبح سالكاً وموصلاً.