الأحد 19-05-2024 08:48:28 ص : 11 - ذو القعدة - 1445 هـ
آخر الاخبار

الإصلاح ودوره في ترشيد الحياة السياسية في اليمن

الثلاثاء 01 يناير-كانون الثاني 2019 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ عبد السلام قائد

 

استطاع حزب التجمع اليمني للإصلاح، منذ تأسيسه في 13 سبتمبر 1990 وحتى اليوم، أن يؤدي أدوارا ملموسة في ترشيد الحياة السياسية في اليمن، رغم العواصف والاضطرابات السياسية والأمنية التي شهدتها البلاد منذ ذلك الحين، وما تخللها من حروب أهلية مدمرة، وتمزيق النسيج الاجتماعي لأبناء البلد الواحد.

تميز حزب الإصلاح عن غيره من الأحزاب اليمنية الكبيرة في أن تأسيسه تزامن مع إعادة تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990، وتزامن كذلك مع ميلاد الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية في البلاد، ما يعني أنه تأسس في مناخ ديمقراطي تعددي، على عكس معظم الأحزاب العربية التي تأسست في مناخ شمولي وكأحزاب حاكمة، تجرم العمل الحزبي أو تأسيس أحزاب معارضة لها.

كما أن حزب الإصلاح لم يكتسب صفة حزب شمالي أو حزب جنوبي، فهو تأسس بعد إعادة تحقيق الوحدة الوطنية مباشرة، ومؤسسوه بعضهم من شمال الوطن وبعضهم من جنوبه، ونشأ كحزب وطني يمثل امتدادا لحركة الإصلاح والتجديد اليمنية، التي كان لها دورا كبيرا في مختلف مراحل النضال الوطني ضد النظام الإمامي الفاسد وضد الغزاة الأجانب، وكل ذلك جعل الحزب يحقق شعبية وحضورا متسارعا منذ بداية تأسيسه في مختلف المدن والقرى اليمنية.

  

- ترشيد المسار الديمقراطي

لعل أبرز ما حققه حزب الإصلاح، طوال مسيرته السياسية، أنه استطاع أن يسهم بشكل فاعل ومؤثر في ترشيد المسار الديمقراطي في البلاد، رغم تدني الثقافة السياسية في أوساط المجتمع اليمني الذي تنتشر فيه أمية القراءة والكتابة والأمية السياسية على نطاق واسع، واتخذ الحزب من مبدأ النضال السلمي وسيلة عصرية وحضارية لنيل الحقوق والحريات، منذ أن كان شريكا في السلطة بنسبة محدودة وحتى تحوله إلى حزب معارض، ضمن تكتل واسع ضم أحزاب المعارضة اليمنية الرئيسية (اللقاء المشترك).

كان حزب الإصلاح من أكثر الأحزاب السياسية انتظاما في عقد مؤتمراته العامة، كما أنه كان الأكثر حضورا في نشر وترسيخ ثقافة النضال السلمي في الأوساط الشعبية ضد فساد النظام الحاكم وفشله في تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، واستطاعت وسائل إعلامه وممثلوه في مجلس النواب تعرية النظام الحاكم وكشف فساده وفشله أمام الرأي العام.

يضاف إلى ذلك، دوره في ممارسة الحارس الأمين على الديمقراطية الوليدة في البلاد، من خلال كشف ممارسات النظام الحاكم وتزويره للانتخابات وشراء الأصوات وتحويله الديمقراطية إلى مجرد ديكور يغطي به على فساده وسوءاته، وأيضا اتخاذ الديمقراطية وسيلة لجلب المساعدات من قبل الحكومات والمنظمات الدولية المهتمة بدعم ونشر الديمقراطية في بلدان العالم الثالث.

وبعد اندلاع ست جولات من الحرب في صعدة، منذ عام 2004 وحتى عام 2010، التي اتخذ منها الرئيس الراحل علي صالح وسيلة لتحقيق مآرب خاصة، وأيضا اندلاع حركة احتجاج عنيفة في جنوب الوطن، بدأت بمطالب حقوقية وانتهت بالدعوة إلى الانفصال، عمل حزب الإصلاح على ترشيد حركة الاحتجاجات الشعبية ضمن اطارها السلمي، فدشن -مع بقية أحزاب اللقاء المشترك- مهرجانات "صيفنا نضال" في عام 2007، من خلال المظاهرات والاعتصامات التي تطالب النظام الحاكم بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واسعة، بعد أن انهارت الأوضاع المعيشية للمواطنين إلى مستويات غير مسبوقة، وازداد معدل البطالة، وفشل الرئيس الراحل علي صالح في تنفيذ برنامجه الانتخابي في انتخابات سبتمبر 2006 الرئاسية.

ويمكن القول بأنه لولا تبني حزب الإصلاح، ومعه أحزاب اللقاء المشترك، لاحتجاجات المواطنين، والتركيز على أن تكون سلمية وحضارية، لكانت شرارة الغضب الشعبي وصلت إلى مستويات خطيرة. وظل النضال السلمي هو الملازم لحركة الاحتجاجات الشعبية، حتى وصلت الأوضاع إلى اندلاع ثورة شعبية سلمية ضد النظام الحاكم في فبراير 2011، تزامنا مع ثورات الربيع العربي، ودعا حزب الإصلاح أنصاره إلى الالتحاق بالثورة الشعبية السلمية التي دشنها طلاب الجامعات والعاطلون عن العمل، وكانت دعوة الحزب لأنصاره للالتحاق بالثورة بدافع حماية الديمقراطية التي انقلب عليها الرئيس الراحل علي صالح بمشروعي التوريث والتأبيد.

  

- تعزيز دور الدولة

ظل حزب الإصلاح يعمل على تعزيز دور الدولة، خاصة عندما تكون في أسوأ مراحل ضعفها، لإيمانه بأهمية دور الدولة في لملمة شتات المجتمع اليمني والحفاظ على الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي لأبناء البلد الواحد، وأيضا دورها في أمن دول الجوار. كما أن الحزب قدم تضحيات كبيرة بعد أن تعرضت الدولة لخطر المليشيات الحوثية المدعومة من إيران، وكرس كل جهوده لنصرة السلطة الشرعية في حربها على الانقلاب بدعم ومساندة دول التحالف العربي.

وتتضمن الأدبيات السياسية الخاصة بحزب الإصلاح، أن مواقف الحزب من القضايا الخارحية والعلاقة مع البلدان الأخرى يجب أن لا تكون مخالفة لسياسة الدولة الخارجية، وهذا الأمر يعكس مدى تعزيز الحزب لدور الدولة، ومساندتها في كل الأحوال والظروف، وإعلاء شأن الدولة ودورها تجاه مواطنيها وبقية الأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية، حتى يصير ذلك ثقافة سياسية تؤثر على سلوك مختلف الفئات في تعاملها مع الدولة.

  

- حصانة ضد الطائفية والمناطقية

في الوقت الذي ازداد فيه تصاعد الهويات الطائفية العابرة للدول، وظهرت فيه الهويات المناطقية المفتتة للدول، فإن حزب الإصلاح يعد أكبر حزب يمني بهوية وطنية ذو مرجعية اسلامية وفكر ديني وسياسي معتدل عابر للهويات الطائفية والمناطقية، ولعل هذا هو ما أكسب الحزب حضورا شعبيا في مختلف المدن والقرى اليمنية.

ولعل هذه الصفة التي يتميز بها حزب الإصلاح هي التي جعلت الجماعات الطائفية والعنصرية والمناطقية تبالغ في عدائها له، وعلى رأسها جماعة الحوثي، التي غاضها أن حزب الإصلاح تمكن من التوسع والانتشار بشكل كبير في مناطق تعد شبه محصورة على المذهب الزيدي، وتمكن الحزب بفكره المعتدل وخطابه السياسي والإعلامي المتزن أن يجتذب عددا كبيرا من أتباع المذهب الزيدي الذين تركوا التعصب المذهبي والتحقوا بالحزب بمبادرات ذاتية وقناعات فكرية.

ولهذا السبب، فقد استبقت جماعة الحوثي انقلابها على السلطة الشرعية بتفجير عدد كبير من المساجد ومدارس تحفيظ القرآن الكريم التي تبنت الفكر الاسلامي الوسطي ضد على التطرف، كخطوة انتقامية، كون هذه المساجد ومدارس تحفيظ القرآن الكريم كانت تعمل على تجفيف منابع الفكر الطائفي والمذهبي العنصري المتطرف الذي تتغذى منه جماعة الحوثي.

ويمكن القول بأن التواجد الجماهيري لحزب الإصلاح في مختلف المدن والقرى اليمنية، يشكل حصانة للبلاد ضد دعوات الطائفية والمذهبية والمناطقية وغيرها من الهويات دون الوطنية وهويات ما قبل زمن ظهور الدولة، وهذا الأمر من شأنه ترشيد الحياة السياسية في البلاد، وفي حال ترسخ فإنه يشكل حصانة للدولة وللمجتمع ولدول الجوار من خطر الطائفية والمذهبية والمناطقية والقبلية.

   

- التحالفات المتغيرة

شكلت التحالفات السياسية المتغيرة لحزب الإصلاح، منذ تأسيسه وحتى اليوم، أهم وسائل الحزب لترشيد الحياة السياسية في البلاد، حيث جعل تحالفاته خاضعة لمصلحة الوطن، وتدور مع المصلحة الوطنية حيث دارت، كما أن تغيرها يعكس مرونة الحزب واعتدال نهجه السياسي.

في بداية تأسيسه، تحالف حزب الإصلاح مع حزب المؤتمر ونظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح لتعزيز العمليه السياسية الديمقراطية، وبعد أن أخل الطرف الآخر بمقتضيات التحالف، وأخل بواجبه تجاه الشعب، وازدادت ظاهرة الفساد المالي والإداري، وتردت الأوضاع المعيشية للمواطنين، واتجه نظام صالح صوب التوريث، أعلن حزب الإصلاح نهاية تحالفه مع حزب المؤتمر، وتحول إلى حزب معارض، وشكل مع بقية أحزاب المعارضة الرئيسية تحالفا سياسيا عرف بتكتل "اللقاء المشترك".

وبعد الانقلاب على السلطة الشرعية من قبل جماعة الحوثي والرئيس الراحل علي صالح، عاد حزب الإصلاح للتحالف مجددا مع السلطة الشرعية ضد الانقلاب، ويعد حزب المؤتمر (جناح الرئيس عبد ربه هادي) أبرز مكوناتها.

وهكذا يتضح مما سبق أن السيرة السياسية لحزب الإصلاح أظهرته كحزب وطني متجاوز للهويات الطائفية والمذهبية والمناطقية والقبلية، ويقف حجر عثرة أمام مشاريع تفتيت وتمزيق الدولة، وأمام المشاريع العائلية والسلالية العنصرية والاستعلائية، ويعمل على تعزيز وإعلاء دور الدولة ومكانتها، ويتمتع بمرونة سياسية وفكر ديني معتدل مكنه من اكتساب شعبية في مختلف المدن والقرى اليمنية. واليوم ينشط الحزب ضمن تحالف متعدد المشارب والتوجهات مساند للسلطة الشرعية في حربها على الانقلاب، بدعم ومساندة دول التحالف العربي بقيادة السعودية.