الجمعة 03-05-2024 02:27:10 ص : 24 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تصعيد الحوثيين عسكريا في جبهات الداخل.. دلالات التوقيت

السبت 02 مارس - آذار 2024 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

 

كثفت مليشيا الحوثيين، خلال الأسابيع الأخيرة، من محاولات التسلل والهجمات شبه اليومية التي تشنها على مواقع الجيش الوطني في عدد من الجبهات، بالتزامن مع حشد مقاتلين جدد وآليات عسكرية إلى مختلف الجبهات وفي مقدمتها جبهات مأرب وشبوة وتعز، بالإضافة إلى جهود المليشيا لتجنيد مزيد من المقاتلين، معظمهم من الأطفال، بذريعة المشاركة في نصرة قطاع غزة بفلسطين ضد العدوان الصهيوني، لكن المليشيا ترسلهم إلى جبهات الداخل.

هذا التصعيد في مختلف الجبهات مؤشر على أن المليشيا الحوثية تعمل على تفجير الوضع عسكريا وإشعال حرب واسعة النطاق ونسف كل جهود السلام، في مسعى منها لتوسيع نطاق سيطرتها على الأرض، وصولا لتحقيق هدفها الرئيسي المتمثل بإعادة نظام الحكم الإمامي البائد وترسيخه، يشجعها على المضي في ذلك حصولها على كميات كبيرة من الأسلحة المهربة من إيران خلال العامين الأخيرين، بعد هزيمتها في معركة مأرب، وتكبدها في تلك المعركة خسائر فادحة في العدد والعدة.

لقد حرصت إيران على تعويض خسائر المليشيا الحوثية بكميات هائلة من الأسلحة، وتهريب خبراء عسكريين لإدارة عملياتها العسكرية، وبرز أثر ذلك واضحا في هجمات المليشيا على سفن تجارية في البحر الأحمر، خدمة لأجندة إيران في المنطقة، وتوظيف ذلك لأغراض محلية، تحت ستار شعار نصرة قطاع غزة في إطار ما يسمى "وحدة الساحات" للمحور الإيراني الإرهابي والتخريبي في المنطقة.

 

- دلالات التوقيت

تعتقد مليشيا الحوثيين أن هجماتها في البحر الأحمر قد منحتها شعبية كبيرة في مناطق سيطرتها كون الشعب اليمني بمجمله مناصر للقضية الفلسطينية، وبذلك فهي تحاول استثمار التعاطف الشعبي مع فلسطين لتحقيق أهدافها الخاصة. وبمحاولاتها تفجير الوضع عسكريا، فإنها تريد إيهام المجتمع وتضليله بأن حربها في الداخل هي ضد عملاء أمريكا وإسرائيل، وأنهم يواجهونها عسكريا في هذا التوقيت لأجل أمريكا وإسرائيل.

وكانت المليشيا الحوثية الإرهابية قد ظلت تقنع مقاتليها المغفلين طوال السنوات الماضية بأنها تحارب أمريكا وإسرائيل، وترفع شعار الثورة الخمينية في إيران (الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل) كوسيلة للتحشيد والتعبئة. وللإمعان في التضليل، فقد كانت توهم مقاتليها بأن الطريق إلى فلسطين يمر عبر مأرب وتعز وغيرهما، وقد اعترف كثير من أسرى الحوثيين لدى الجيش الوطني في تسجيلات مصورة، وهم من الأطفال والمراهقين، بأن القيادات الحوثية التي أرسلتهم إلى الجبهات أقنعتهم بأنهم سيذهبون لقتال أمريكا وإسرائيل.

والآن تحاول المليشيا الحوثية استغلال العدوان الصهيوني على قطاع غزة لأغراض محلية بحتة، فهي تريد التأكيد للمغفلين والجهلة من أبناء القبائل بمناطق سيطرتها أن مزاعمها بالحرب مع أمريكا وإسرائيل هي مزاعم صادقة، كما أن الهجمات الأمريكية والبريطانية على مواقع للحوثيين تلبي رغبتهم في ادعاء بطولات مزيفة، ويرون تلك الهجمات بأنها صكوك لاكتساب شرعية شعبية تمكنهم من حشد مزيد من المقاتلين والاصطفاف الشعبي إلى جانبهم في معاركهم الداخلية.

وفي حال فشل المليشيا الحوثية في جر الجيش الوطني إلى معركة واسعة في الداخل في الوقت الراهن، فإنها ستكتفي بالتحشيد والتعزيزات العسكرية إلى مختلف الجبهات إلى أن يتوقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة، حينها ستنظم المليشيا احتفالات كبيرة في مناطق سيطرتها بمزاعم مساندتها لفلسطين وانتصارها على أمريكا وإسرائيل، حتى وإن لم تكن هناك معارك وسقوط قتلى وجرحى وتكبد خسائر في المعدات العسكرية، وإنما هجمات محدودة في البحر الأحمر لا تصيب أهدافا ولم تدمر سفنا حربية أو مدمرات وغيرها.

وبعد الانتهاء من الاحتفالات بالنصر المزعوم، ستبدأ المليشيا بإشغال معارك واسعة في الداخل، لاعتقادها أن مناوشاتها في البحر الأحمر قد منحتها مكانة شعبية ورفعت من معنويات مقاتليها، والزعم بأن تلك المعركة هي ضد الخونة والعملاء لأمريكا وإسرائيل، والادعاء بأنهم كانوا يهاجمون مواقع تابعة للمليشيا في جبهات الداخل عندما كانت هي تواجه القوى العظمى في البحر الأحمر، وأنهم منعوا وصول إمدادات الأسلحة إليها.

أي أنها ستعمل جاهدة لتوظيف مناوشاتها في البحر الأحمر لأغراض محلية، كما فعل حزب الله اللبناني بعد حرب عام 2006 مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، فبعد انتهاء الحرب مباشرة حشد الحزب مليشياته وحلفاءه إلى الشارع للتظاهر ضد حكومة فؤاد السنيورة والمطالبة باستقالتها، بعد أن وجه الحزب وزراءه في تلك الحكومة بالاستقالة من مناصبهم.

وبالرغم من أن الهدف المعلن من ذلك هو المطالبة بالمساواة في توزيع المناصب الحكومية، لكن كان واضحا أن ما يسمى حزب الله يسعى للهيمنة على لبنان استنادا إلى حربه مع إسرائيل وكأن تلك الحرب منحته صكوك الشرعية والانفراد بالهيمنة على لبنان، واتهم زعيم مليشيا حزب الله، حسن نصر الله، رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بإعطاء أوامر "لمصادرة أسلحة مقاتلي المقاومة" في حرب يوليو 2006، وهكذا هو ديدن المليشيات التابعة لإيران، أي توظيف الصراع العربي الإسرائيلي لخدمة إيران وأجندتها في المنطقة.

 

- فلسطين.. ذريعة إيران لتصدير الطائفية والإرهاب

بعد استيلاء الخميني على السلطة في طهران عام 1979، اتخذ من القضية الفلسطينية والعداء لأمريكا وإسرائيل ذريعة لتصدير العنف والإرهاب والطائفية إلى الدول العربية المجاورة، بزعم تصدير الثورة الإيرانية إلى المنطقة، ولذا بات لإيران مليشيات طائفية في لبنان وسوريا والعراق واليمن، تعمل جميعها لمصلحة إيران، وتتخذ من ملالي طهران قيادة مركزية لها، وتنفذ أوامرهم وتعليماتهم على أكمل وجه.

ويعد حزب الله اللبناني أول مليشيا أنشأتها إيران عام 1982، خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وهكذا بقية المليشيات الطائفية في العراق وسوريا واليمن، التي أنشأتها إيران لخلخلة الدول العربية من داخلها، وإشعال الحروب الأهلية فيها، تحت شعارات نصرة فلسطين والعداء لأمريكا وإسرائيل.

أما مليشيا الحوثيين، فقد برزت في الآونة الأخيرة الأكثر تهورا في خدمتها لإيران، فهي تثير التوتر في البحر الأحمر وتعطل الملاحة فيه للتأكيد على نفوذ إيران وخدمتها في مفاوضاتها ونزاعاتها مع الولايات المتحدة والقوى الكبرى بسبب برنامجها النووي، وبنفس الوقت تتخذ المليشيا من ذلك وسيلة لتلميع وجهها القبيح، ومضاعفة حملات الحشد والتجنيد والنهب وفرض الإتاوات بذريعة دعم قطاع غزة، والهدف توظيف ذلك في معركتها ضد الشعب اليمني.