الخميس 02-05-2024 23:27:31 م : 23 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون، إيران، القاعدة.. تحالف الإرهاب والشر في اليمن

الخميس 29 فبراير-شباط 2024 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

 

الإرهاب يخرج من مشكاة واحدة، حقيقة يؤكدها التحالف الوثيق بين إيران وتنظيمي القاعدة وداعش والمليشيات الطائفية في المشرق العربي وفي مقدمتها مليشيا الحوثيين في اليمن، حيث تؤكد كثير من الوقائع أن مليشيا الحوثيين استخدمت القاعدة في العديد من المهام، خصوصا في المناطق المحررة، وذلك لإحداث اختراقات أمنية وتنفيذ عمليات اغتيالات لقادة عسكريين ومسؤولين ومجاميع من قوات الأمن والجيش وأفراد المقاومة، إلى جانب التفجيرات والاختطافات.

إن التخادم والتعاون بين مليشيا الحوثيين وتنظيم القاعدة يمثل امتدادا لعلاقة النظام الإيراني بالقاعدة وداعش في إطار المشروع الإيراني للسيطرة على المنطقة، بعد النجاح في التمدد في العراق وسوريا ولبنان، وأيضا في اليمن، عبر المليشيا الحوثية الإرهابية.

 

- إيران.. راعية الإرهاب والمليشيات

منذ ثورة الخميني، اشتهرت إيران كدولة راعية للإرهاب والمليشيات في المنطقة، وسبب ذلك أن خسائرها الباهظة في حربها مع العراق طيلة ثماني سنوات جعلتها تلجأ لتشكيل مليشيات إرهابية طائفية، وتتعاون مع منظمات إرهابية أخرى، لتحيط نفسها بوكلاء يتسمون بالعنف والإرهاب ويقاتلون بالنيابة عنها في دول الجوار، وتنسيق علاقات التعاون فيما بينهم، وردم أي فجوات عقائدية وغيرها، وجعل الهدف المشترك العنوان الرئيسي للتعاون ونبذ أي خلافات جانبية طارئة.

ويأتي تنظيم القاعدة الإرهابي في مقدمة التنظيمات التي تعاونت معها إيران انطلاقا من الأهداف المشتركة، وبدأت العلاقة بين إيران وتنظيم القاعدة في مطلع ثمانينيات القرن الماضي منذ احتواء إيران ما يسمى "جماعة الهجرة والتكفير" المصرية، ومن قادتها أيمن الظواهري، الذي تزعم تنظيم القاعدة بعد مقتل مؤسس التنظيم أسامة بن لادن، كما أطلقت إيران على أحد شوارعها في العاصمة طهران اسم خالد الإسلامبولي، وهو قاتل الرئيس المصري أنور السادات، ومنذ ذلك الحين تعمقت العلاقة بين القاعدة وإيران بوصف جماعة الهجرة إحدى مكونات تنظيم القاعدة لاحقا.

وأثناء حرب المجتمع الدولي على تنظيم القاعدة في أفغانستان، المجاورة لإيران، فر عدد من قادة القاعدة إلى إيران التي استقبلتهم في فنادقها واحتوتهم ومنهم بعض أبناء أسامة بن لادن، مؤسس التنظيم.

وبالرغم من التباين المذهبي بين إيران وتنظيم القاعدة، لكن الإرهاب جمعهما على طاولة واحدة، فقد تجاوز الطرفان الجانب المذهبي، وركزا على ما يسميانه بمحاربة "الشيطان الأكبر" (أي الولايات المتحدة الأمريكية)، وكذلك الأنظمة العربية التي يعتبرانها عميلة للشيطان الأكبر.

علاقة التعاون بين إيران وتنظيم القاعدة ألقت بظلالها على موقف الحوثيين من ذلك التنظيم، وكان الحوثيون والقاعدة -وما زالا- يمضيان في خطين متوازيين ومتزامنين لاستهداف بنية الدولة اليمنية، ففي حين كان تنظيم القاعدة يستهدف الجيش بعمليات إرهابية ويفرض مناطق مغلقة له في أبين ومحافظات أخرى قبل العام 2010، كان الحوثيون يشنون حروبا متوالية ضد الجيش اليمني في شمال اليمن، تحت شعارات دينية وجهادية، تشبه شعارات تنظيم القاعدة وخطابه الإعلامي.

ويحتضن جهاز الاستخبارات التابع لمليشيا الحوثيين عناصر متطرفة من تنظيمي داعش والقاعدة من جنسيات غير يمنية تقاتل ضد قوات الشرعية وتؤمن تواجدهم وتحركاتهم ومشاركتهم في إدارة العمليات القتالية.

وكان تقرير الخارجية الأمريكية عن الإرهاب لعام 2022، قد ذكر أن إيران لا تزال رائدة في رعاية الإرهاب، حيث سهلت مجموعة واسعة من الأنشطة غير المشروعة في جميع أنحاء العالم.

وبين تقرير الخارجية الأمريكية أنه على الصعيد الإقليمي دعمت إيران الأعمال الإرهابية في البحرين والعراق ولبنان وسوريا واليمن من خلال وكلاء وجماعات شريكة مثل "حزب الله".

ولفت التقرير إلى أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني ووزارة الاستخبارات والأمن هي الجهات الفاعلة الرئيسية في دعم تجنيد الإرهابيين وتمويلهم والتآمر في جميع أنحاء أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية.

ويعود أول تعاون مباشر بين التنظيمين الإرهابيين في اليمن "القاعدة" و"الحوثيين"، إلى عام 2015، عقب دخول مليشيا الحوثيين كوسيط بين إيران وبين تنظيم القاعدة في صفقة تبادل أسرى، للإفراج عن دبلوماسي إيراني كان مختطفا لدى التنظيم، مقابل إطلاق طهران سراح خمسة من كبار قادة "القاعدة" من السجون الإيرانية.

وفي عام 2016، توجت العلاقة بين التنظيمين الإرهابيين، الحوثي والقاعدة، بإطلاق سراح خبير المتفجرات بتنظيم القاعدة القيادي محمد عائض الحرازي، المعروف بقربه من زعيم التنظيم، آنذاك، ناصر الوحيشي، وكان الحرازي يقضي حكما بالسجن عشر سنوات في سجن الأمن السياسي بصنعاء منذ 2011، وأطلق سراحه فجأة في إطار صفقة لتبادل الأسرى بين تنظيم القاعدة ومليشيا الحوثيين، لكنه لقي حتفه بعد ذلك بغارة أمريكية في محافظة البيضاء.

وما بين عامي 2016 و2022، أطلق الحوثيون سراح أكثر من 400 معتقل من تنظيم القاعدة، أي ما يعادل 70% من عناصر التنظيم الذين كانوا في سجون جهازي الأمن السياسي والقومي، على ذمة قضايا إرهابية، وقد أفرجت عنهم مليشيا الحوثيين مقابل موافقتهم على القتال في صفوفها، جراء النقص الكبير في مقاتليها، ولهذا السبب دخلت في محادثات مع القاعدة لإطلاق سراح المعتقلين، وحثّهم على الانخراط في معارك لمساندة المليشيا.

وكان معظم قيادات تنظيم القاعدة الذين أفرجت عنهم مليشيا الحوثيين قد صدرت بحقهم أحكاما من المحكمة الجزائية المتخصصة بمكافحة الإرهاب، بينهم قيادات من مستويات مختلفة، وكان من أبرز المفرج عنهم، القيادي جمال البدوي، المتهم بالمشاركة في استهداف المدمرة الأمريكية "كول" عام 2000، وقد لقي مصرعه في 2018 بغارة أمريكية.

وعادت العلاقة بين مليشيا الحوثيين وتنظيم القاعدة إلى الواجهة مجددا إثر التوتر في البحر الأحمر، حيث أفادت مصادر إعلامية بأن مليشيا الحوثيين تسعى للاستعانة بتنظيم القاعدة للمشاركة في العمليات ضد التحالف الدولي لحماية الملاحة البحرية.

وكشفت المصادر عن لقاءات عقدت في صنعاء والحديدة بين الحوثيين وعناصر من تنظيم القاعدة، بهدف إقناعهم بالمشاركة في العمليات البحرية واستهداف المصالح الغربية من خلال تنفيذ هجمات انتحارية.

 

- أوجه أخرى للتعاون

وتتعدد أوجه التعاون بين مليشيا الحوثيين وتنظيم القاعدة، فمثلا، كان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يبيع النفط لمليشيا الحوثيين حين كان الأول يسيطر مدينة المكلا بحضرموت خلال عامي 2015 و2016.

كما حول تنظيم القاعدة مدينة المكلا خلال سيطرته عليها في أبريل 2015، إلى مركز لتهريب السلاح والمخدرات إلى مليشيا الحوثيين الإرهابية، كما سهل دخول مئات الخبراء والمقاتلين التابعين لحزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني إلى صنعاء للمشاركة في العمليات العسكرية ضد القوات الحكومية.

وفي السياق ذاته، أفادت تقارير دولية ومحلية بأن الميليشيا الحوثية استخدمت عناصر وقيادات تنظيم القاعدة في مناطق سيطرتها لقيادة العمليات العسكرية ضد القوات الحكومية، وكذا تنفيذ العمليات الإرهابية في المناطق المحررة، والمساعدة في حشد العناصر للجبهات.

 

- الحكومة الشرعية تفضح التخادم بين الحوثيين والقاعدة

في أبريل 2021، سلمت الحكومة اليمنية مذكرة لمجلس الأمن الدولي، تتضمن عددا من الأدلة، تثبت وجود علاقة بين مليشيا الحوثيين وبين تنظيمات إرهابية، أبرزها تنظيم القاعدة، بهدف نشر الفوضى والإرهاب في اليمن.

وأوضحت الحكومة في المذكرة، أن الأجهزة الأمنية اكتشفت أن أغلب العمليات الإرهابية التي حدثت لم تكن المليشيا الحوثية الانقلابية هي التي ارتكبتها بمفردها، إذ اشترك تنظيم القاعدة في التنفيذ.

وقال التقرير إن مليشيا الحوثيين ومنذ احتلالها صنعاء نهاية عام 2014، استولت على كافة المعلومات في جهازي الأمن السياسي والقومي وتلاعبت بها واستغلالها لبناء علاقة وثيقة مع تنظيمي داعش والقاعدة.

وأضاف التقرير أن العلاقة بين المليشيات والتنظيمات الإرهابية "اتسمت بالتعاون في مجالات مختلفة من بينها التعاون الأمني والاستخباراتي وتوفير ملاذ آمن للعديد من أفراد هذه التنظيمات الإرهابية، وتنسيق العمليات القتالية في مواجهة قوات الشرعية، وتمكين عناصر التنظيمين من تشييد وتحصين معاقلهما والامتناع عن الدخول في مواجهات حقيقة مع الجماعة الانقلابية".

وكانت الحكومة اليمنية قد نشرت عبر سفارتها في العاصمة الأمريكية واشنطن، في نهاية مايو 2019، تقريرا كشفت فيه عن العلاقة المشبوهة بين مليشيا الحوثيين وداعمها الرئيسي النظام الإيراني وتنظيمي القاعدة وداعش، وشبكات التهريب والإتجار بالبشر التي يعملون معها لتمويل أنشطتهم الإرهابية والتخريبية في اليمن.