الخميس 02-05-2024 02:31:36 ص : 23 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

احتفالات الحوثي بالمولد النبوي.. استعراض سياسي وموسم للتربّح والتحشيد الطائفي

الخميس 28 سبتمبر-أيلول 2023 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت-خاص

 

"مناسبة تثير القلق، وتنشر الخوف"، تلك باختصار حكاية سكان العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثي في ظل المولد النبوي الشريف، الذي حولت المليشيا هذه المناسبة منذ سيطرتها على العاصمة إلى مزار طائفي، لونته بلون حقدها الكبير على اليمنيين، وهي تتخذ من هذه المناسبة العظيمة فرصة لزيادة وجع اليمني، الباحث عن لقمة عيش كريمة تسد رمقه.

جبايات لا تتوقف، أثقلت كاهل اليمنيين بمختلف شرائحهم، خصوصًا في ظل هذه الأوضاع البائسة التي بات الكثير يعتبر الاحتفالات المبالغ فيها ليس سوى دهس حوثي متعمّد لأوجاع اليمنيين، الذين باتوا يفترشون الجوع، ويلتحفون المأساة بصور متعددة ومختلفة.

تبدوا الاحتفالات الحوثية المبالغ فيها وكأنها استعراض سياسي تسعى من خلاله جماعة الحوثي لمحاولة جلب مكاسب سياسية على حساب شعب مطحون، فمن حشد الناس بالإكراه، إلى ممارسة الابتزاز والنهب للأموال، وفرض الجبايات لإقامة هذه الاحتفالات، التي تؤكد مدى استخفاف المليشيا بمعاناة الناس وهمومهم اليومية.

لقد انتزعت روحانية هذا اليوم عبر الاحتفالات المتكلفة والمبالغ فيها، حيث تسعى المليشيا من خلال تلك الاحتفالات والمظاهر الزائفة إلى تكريس هويتها الطائفية، حيث تجهد أن تقدّم الدين بصبغة طائفية واحدة، لا تعرف سوى لون واحد وهوية واحدة، تمجد من خلاله السلالة، وتقدم الدين وكأنه حصرًا على أسرة وعائلة، بل وكأن الاحتفال بمحمد(ص) على أنه جدّ الأسرة وكبير العائلة وليس رسول ورحمة للعالمين. لقد أرادوا من تلك المظاهر الاحتفالية المتكلفة بمولد النبي الكريم احتكار الاسلام نفسه وتقزيمه من دين عالمي إلى دين عائلي.

 

موسم سنوي للتربح

بالنظر إلى ماقامت به المليشيا من احتفالات صاحبها جبايات لا تتوقف تحت مسمى دعم فعاليات المولد، فقد تحوّل المولد النبوي إلى موسم للنهب واللصوصية والجبايات والدفع قسراً بمزيد من شرائح المجتمع إلى تبنّي أفكار المليشيا الإيرانية الطائفية التي تستهدف من خلال تلك الاحتفالات المجتمع ككل، سعيًا منها إلى إحكام قبضتها على الشعب والتحكم به، خوفا من أي تحرك مجتمعي ضدها.

ليس المولد النبوي المناسبة الوحيدة التي تستغلها المليشيا في استعراضها السياسي، ولكنها حولت العام كله إلى مناسبات طائفية استعراضية تسعى من خلالها لتمرير مشروعها السلالي وصبغه بالمشروعية السياسية، حيث استجلبت كل الأعياد الطائفية من إيران، وتريد فرضها على اليمنيين في مناطق سيطرتها، كما أنها تحيي المناسبات الإمامية، في اتجاه واضح منها لتعميمها بالقوة، إضافة إلى استغلالها في جمع أكبر قدر من الأموال لتمويل حربها على اليمنيين.

مؤخرًا، كشفت صحيفة الشرق الأوسط عن قيام مليشيا الحوثي بنهب أكثر من مليار ريال يمني على شركة هائل سعيد أنعم في مقرها الرئيس بصنعاء؛ تحت مزاعم الاحتفال بالمولد النبوي، كما عملت على إجبار الشركة ذاتها على تحويل مبالغ مالية أخرى من فروعها في المحافظات لذات الغرض.

يأتي هذا بالتزامن مع شن المليشيا حملة جبايات وإتاوات واسعة في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتها، طالت التجار واصحاب المحلات الصغيرة والمتوسطة وصولا إلى الباعة المتجولين لتمويل احتفالاتهم بالمولد النبوي، وذلك في إطار تحويلها لهذه المناسبة إلى موسم ابتزاز ونهب، غير آبهين بما يعانيه المواطنين من ظروف معيشية صعبة.

 

هراوة غليظة على رقاب اليمنيين

يرى عدد من سكان العاصمة صنعاء، أن المولد النبوي، بات وكأنه هراوة حوثية مُسلّطة على رقاب اليمنيين، من خلال قيامها بتنفيذ احتفالات، وإجبار الشركات والمؤسسات والمنظمات لتمويل هذه الاحتفالات، التي ليس لها من هدف سوى الاستقطاب السياسي والطائفي.

ويرى مراقبون، أن مليشيا الحوثي من خلال هذه الاحتفالات تسعى لبث رسائل سياسية بأن لديها حاضنة شعبية للتغطية على العزلة التي تعيشها خصوصًا مع تنامي حالة السخط الشعبي جراء سطوة القمع التي تسلطها على رقاب اليمنيين منذ ثمان سنوات.

يأتي هذا في الوقت الذي سخر فيه اليمنيون من إهدار مليشيا الحوثي ملايين الريالات في وقت يفتقر ملايين اليمنيين للمأكل والمأوى والخدمات الاساسية مع استمرار نهب المليشيا الحوثية لمرتبات الموظفين منذ ثمان سنوات، حتى انعكست مظاهر هذه الاحتفالات المبالغ فيها إلى التضامن مع رسول الله صلوات الله عليه أمام الاساءات والأذى التي تناله من الحوثيين، ومن على شاكلتهم وفقا للكاتب اليمني نبيل سبيع.

حيث استخدمت المليشيا مناسبة المولد هراوة لفرض شعاراتها الطائفية الهادفة لترسيخ الأفكار الخمينية في عقول المواطنين، وذلك مع التزيين الواسع لشوارع صنعاء، مدارس ومؤسسات حكومية وخاصة ومنظمات، بالزينة واللافتات الخضراء والشعارات التي تملأ الجدران والشوارع، في مسعى لطمس الهوية اليمنية واستبدال فكر وثقافة المجتمع اليمني بثقافة طائفية تحت مسمى" الهوية الايمانية" وهي في الواقع ليست سوى هوية الطائفة والسلالة التي لا علاقة لها بتعاليم الدين السمحة.

 

حشود للتعبئة الطائفية

إضافة إلى محاولة مليشيا الحوثي استغلال مناسبة المولد النبوي الشريف، لنهب المواطنين والتجار في مناطق سيطرتها، تستغل المليشيا هذه المناسبة الدينية العظيمة للتعبئة الطائفية، والتحشيد لمعاركها التي تخوضها ضد الشعب اليمني للعام التاسع على التوالي.

إذ لم تتوقف الفعاليات الطائفية في مدارس العاصمة صنعاء منذ شهر، وذلك في الإذاعات المدرسية والحصص الدراسية، في سعي ممنهج من المليشيات الانقلابية لتكريس خطابها الطائفي لدى الطلاب، مستغلة مناسبة المولد النبوي الشريف، لتنفيذ أجندتها الطائفية وأفكارها الخمينية.

وعممت المليشيا على المدارس الحكومية والخاصة والوزارات الحكومية والمنظمات المدنية والجامعات والمعاهد الأهلية والحكومية برنامجًا طائفيًا وإلزامهم بحضوره، وجعل الحضور لهذه الدورات المعيار للترقيّة في المؤسسات الحكومية، وحرمان الترقية وكذا المستحقات وأحيانًا الفصل من الوظيفة في حال عدم حضور هذه الدورات.

وقال مراقبون، إن الكثير من المؤسسات والمنظمات والمدارس لا تقوم بتنفيذ البرامج الحوثية إيمانا بمشروعها، وإنما خوفا من العقوبات التي تفرضها عليها في حال المخالفة، والتي تستغلها عناصر المليشيا لفرض جبايات على الرافضين لتنفيذ هذه البرامج بحجة أنهم "دواعش" وغيرها من التهم التي ترميها في وجه المخالفين لها.

 

مناسبة للتحشيد العسكري

بالتوازي، سعت مليشيا الحوثي إلى إحياء الفعاليات الجماهيرية، تحت دعوى الاحتفال بالمولد النبوي، وذلك ليس حبّاً في النبي، إنما لها مآرب أخرى، وليس أقلها التحشيد العسكري إلى الجبهات، كأحد الأهداف التي تحاول المليشيا الاستفادة من هذا الاحتفالات المبالغ فيها.

وكانت المليشيا الحوثية قد أطلقت تهديدًا من قبل بالتعبئة الشعبية، وذلك بالتزامن مع تزايد حالة الغضب الشعبي المتواصل ضدها، مع توسع اضراب المعلمين الذي انطلق مع بداية العام الدراسي الجديد، وكذا تأسيس نادي المعلمين ونادي الأكاديميين، للمطالبة بصرف مرتباتهم.

ولذا استنفرت المليشيا للاحتفال بهذه المناسبة، في محاولة منها لإظهار قدرتها على التحشيد وأن الأمور ليس كما يصوره الاعلام، وهو ما دفعها لتصعيد خطابها العدائي خلال الأيام الماضية، والتي أعلنت فيها التعبئة الشعبية،واستعدادها لخوض حرب جديدة، بأسلحة وصواريخ جديدة.

وتسعى المليشيا الحوثية لإشعال جبهات الحرب مجددا- كما فعلت مؤخراً باستهداف جنود بحرينيين على الحد الجنوبي السعودي- واستغلال المولد لحشد مقاتلين جدد، وأنصارًا تجنّدهم تحت مسمى الاحتفال بالمولد النبوي، وذلك في محاولة يائسة منها للهروب من الضغوط الدولية وفرص السلام والمطالب الشعبية التي تتوسع يومًا بعد أخر، والتي تطالب بصرف المرتبات، وهو ما تحاول الخلاص منه بإشعال الحرب واستغلال المولد النبوي لهذا الغرض.

يأتي هذا في الوقت الذي تواصل فيه مليشيا الحوثي هواياتها المفضلة في استغلال حاجات المواطنين وفقرهم بإقحامهم في مشاريعها العبثية، حيث تطل عليهم كل مرة بفعالية احتفالية مستوردة وتطالبهم بدفع الأموال لإقامتها، بالرغم من الفقر والأمراض القاتلة التي أنتجتها حرب المليشيات العبثية، والتي أثقلت كاهل المواطن اليمني.

 

نفقات تكفي لصرف المرتبات

ويرى مراقبون أن النفقات التي تقوم مليشيا الحوثي بصرفها على أعيادها الطائفية، تكفي لتغطية مرتبات الموظفين، والتي تتجاهل المليشيا مطالبهم يوما بعد أخر، حيث تمارس سياسة الإفقار والنهب المنظم والتجويع الممنهج بحق المواطنين، ونهب إيرادات الدولة، وتسخيرها لاحتفالاتها الطائفية.

وفي هذا الصدد، أكدت الحكومة اليمنية، أن مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، تواصل فرض الجبايات والرسوم غير القانونية على التجار والمواطنين في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها، وتسخيرها لإحياء احتفالاتها وطقوسها المستوردة من إيران، متجاهلة الأوضاع الإقتصادية والمعيشية الصعبة جرّاء الحرب التي فجرها الإنقلاب.وقالت الحكومة، إن المليارات التي تنفقها مليشيا الحوثي الإرهابية لتعميم طقوسها الطائفية، ومحاولة فرض أفكارها الدخيلة على اليمنيين بقوة السلاح، تكفي لتمويل صرف مرتبات موظفي الدولة المنهوبة منذ تسعة اعوام، وتحسين الأوضاع المعيشية لملايين المدنيين الذين يعانون أكبر أزمة إنسانية في العالم وفق تصنيف الأمم المتحدة.

كلمات دالّة

#اليمن