فيس بوك
رئيس الإصلاح بالمهرة: الاحتفال بـ14 أكتوبر رسالة واضحة على تمسك الشعب بمكتسباته الوطنية
أحزاب تعز تشدد على قيام الرئاسي والحكومة بإصلاح الوضع الاقتصادي والمعيشي وحشد الطاقات لمعركة التحرير
بالطيف: سبتمبر وأكتوبر محطتان رئيسيتان في الكفاح اليمني ضد الاستبداد والاستعمار(حوار)
ندوة سياسية للإصلاح بشبوة تدعو السلطة المحلية والمكونات الى تغليب مصلحة المحافظة
النائب العليمي: 14 أكتوبر ثورة عظيمة خاض الشعب لتحقيقها نضالاً شاقاً نحو الاستقلال والحرية
التحالف الوطني للأحزاب: 14 أكتوبر حدثاً ملهماً وماضون في الانتصار لمكتسبات الثورة اليمنية
ثورة 14 أكتوبر المجيدة.. تضحيات اليمنيين بين نضالات التحرير ووحدة المصير
رئيس إعلامية الإصلاح: 14 أكتوبر يعني التحرر من الوصاية والخلاص من الفرقة والتجزئة
توجبُ الهادوية الرسيّة في أدبياتها الفقهية الخروج على "الحاكم الظالم"، معتبرة ذلك من مفاخرها؛ لأنّ الخروجَ على الظلم انتصار للحرية والعدالة والمساواة.. إلخ. وقد انطلت هذه الفكرة "الخروج على الظالم" على كثيرٍ من الناس، ذوي النزعة التحررية والثورية، وخاصة ذوي التوجه اليساري، فمالؤوا الجماعة وتحالفوا معها، موهومين بزيف الشعار المرفوع والمخادع، غير مدركين الحقائق كما هي.
ونتوقف هنا أما قضيتين مُهمتين، حتى تتضحَ المسألة من جميع جوانبها.
القضية الأولى فكرة الخروج والتمرد في الفكر السني
القضية الثانية: مفهوم "الظلم" لدى الهادوية الرسية
نقول: فكرة المعارضة السياسية والخروج موجودة في الفكر السني قبل الفكر الشيعي، على الصعيدين: النظري والعملي معا. ابتداءً من خروج سعد بن عبادة على بيعة أبي بكر، فخروج أبي ذر الغفاري على عثمان بن عثمان، فخروج الحسين بن علي نفسه على الخليفة يزيد بن معاوية، قبل أن تتبلور فكرة التشيع من أساسها، مرورًا بثورة القُرّاء سنة 81هـ، ضد عبدالملك بن مروان الذين طالبوا بخلعه وخلع الحجاج لظلمه، وسميت بثورة القراء، نظرًا لكثرة حفاظ القرآن الكريم فيها، مثل: سعيد بن جبير، وعبدالرحمن بن أبي ليلى والشعبي ومحمد بن سعد بن أبي وقاص وغيرهم، والجميع بقيادة عبدالرحمن الأشعث، هذا إلى جانب خروج الزبيريين أنفسهم على الأمويين، وانتهاء بثورة الإمام الفقيه المحدث أحمد بن نصر الخزاعي ضد الخليفة العباسي الواثق بالله، سنة 231هـ في بغداد، وغيرها من الثورات.
ولكن..
لأن هذه الثورات جميعها قد مُنيت بالهزائم، وتكللت بالخسائر، ولم تجلب غير الدماء وإزهاق الأنفس فقد مال جمهورُ أهل السنة إلى تحريم الخروج على الحاكم؛ لأنّ الخروجَ يؤدي إلى مفاسدَ أعظم، وهي "واقعية سياسية" فطن إليها الفقهاء أنفسهم، بعد طول تجارب عديدة، وليست مسألة نفاق أو مجاملة كما يرميهم خصومهم بذلك.
وانتقالا إلى القضية الثانية، قضية "الخروج على الظالم" في الفكر الزيدي، بشكل عام، والهادوي الرسي بشكل خاص، فإننا محتاجون أولا لتحرير المصطلح، حتى نكون على بينة.
ونقول: ابتداء هذه النظرية لا تُجيز الحكم "الخلافة/الإمامة" في أي شخص من غير البطنين، وبمجرد تولي أي إمامٍ لمنصب الخلافة/ الإمامة/ الحكم فإنه ظالم، ولو كان أعدلَ العادلين، ومن ثم وجب الخروج ضده ابتداء؛ لأنه ظالم لآل محمد، حد تعبيرهم.
إنه مزعوم الحق الإلهي الموهوم، وهو مدارُ النظرية ومحورُ ارتكازها كاملة. وهو ما صرح به يحيى حسين الرسي بقوله:
أرى حقَّنا مُسْتودعًا عند غيرِنا ولا بدَّ يومًا أن تُرد الودائعُ
كما قال من بعده أيضًا السّفاح عبدالله بن حمزة: "ونحن طَلبةُ الحَقِ الذي غُلبنا عليه، وورثة العِلم الذي دعونا إليه، ونحن الموتورون، وطَلبة الدم، ولو لم يبق من عُمر الدنيا إلا يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليَوم حتى نملك الأرض بين أقطارها على بني العباس، وعلى غيرهم من الناس..". انظر: مجموع مكاتبات الإمَام عبدالله بن حمزة، تحقيق: عبدالسلام بن عباس الوجيه، مؤسسة الإمَام زيْد بن علي الثقافية، ط:1، 2008م، 402.
ونختتم هنا بما أورده الأديب أحمد محمد الشامي في "دامغة الدوامغ" التي يرد بها على اليمنيين، بقوله:
عدمتُ الدمع إن لم أنتزفه دمــا بعد اللواتي والذينــــا
وظلت تأكل الحسرات قلبي إذا لم أرْع حقهم المصونــا
ولا أبقتْ لي الأيامُ خلاً إذا سالمتُ خصمَهم الخؤونا
سأطلبُ ثأرهم حتى أراها بلاقع أو نعود محكميـــنا
ونشفي غلة ونميت ضغنــًا ونستقضي المغارم والديونا
ولننظر حجم الحقد المتدفق حممًا بركانية لافحة في هذه الأبيات فقط، من أجل "حقهم المصون" وحتى يعودوا "محكمين"، مستقضين المغارم والديون..!
هذا هو الظلم في الفكر الزيدي/ الهادوي الرسي، فكل من حكمَهم فهو ظالم لهم.
قد يقول قائل: الزيديون الرسيون يخرجون أيضًا على بعضهم البعض، وليس على من عداهم من سلالتهم فحسب، وهذا صحيح أيضا، وهو راجع في حقيقته إلى فوضوية النظرية نفسها أساسا التي تجعل من شرط الخروج ورفع السيف شرطا لصحة الإمامة، هذا أولا. وثانيا: مسألة الظلم مسألة نسبية، تكييفية، فمن هو ظالم في نظر فلان، هو عادل في نظر علان، وعادة ما ينقسم الناس إلى مؤيد ومعترض في مسألة الخروج، فلن يعدم الخارجي من مساند، ولن يعدم الإمام القائم أيضا من مساند له، وكلٌ منهم يرى نفسه أكفأ من غيره، وهذا هو تاريخهم. وثالثا: الحكم مطمع كل الطامعين أساسًا، خاصة إذا توفرت القدرة مع الرغبة، فالأمر لا يعدو في هذه النظرية غير إشهار السيف، والصدح بالدعوة، وتحشيد الأتباع. ومن كانت له القدرة فعل؛ لهذا ما مِن إمامٍ من أئمة الهادوية إلا وخرج على مَن قبله، وخرج عليه مَن بعده، بحجة أن الإمام القائم ظالم..! في متوالية حربية تاريخية، لم ولن تنتهي.