الجمعة 22-11-2024 03:09:32 ص : 21 - جمادي الأول - 1446 هـ
آخر الاخبار
الدولة الضامنة وحزب الإصلاح السياسي
بقلم/ أحمد ناصر حميدان
نشر منذ: 6 سنوات و شهرين و 6 أيام
السبت 15 سبتمبر-أيلول 2018 05:55 م




لا تبنى الدولة الضامنة للمواطنة بالعنف والسلاح والمليشيات, التي تفرض على الناس واقعا دون قناعاتهم.. بل تبنى بالأفكار والرؤى, في مساحة من الحرية, ونسبة مقبولة من العدالة, في ظل نظام ديمقراطي.

نظام ديمقراطي بأدواته السياسية, هي الأحزاب, لا تنمية سياسية دون أحزاب, ولا ديمقراطية دون أحزاب, تنظم الناس سياسيا حول أفكار محددة وقضايا معينة وأدبيات ورؤى, وتمارس الديمقراطية في داخلها من خلال انتخاب أعضائها وهيئات الهرم الحزبي. أحزاب تنبذ العنف بكل اشكاله, وتقبل الآخر كما هو لا كما تريد له أن يكون؛ أحزاب تقودها وثائق وأدبيات, لا أشخاص وزعامات.

استطاع عفاش أن يخوض مرحلة التعدد السياسي والحزبي والديمقراطية, مستخدما أدواتها لخدمة مشروعه الاستبدادي, واستمرار حكمه الديكتاتوري, بل ذهب ليستخدمها في توريثه للحكم, مستخدما التناقضات والاختلافات, لتشكيل أحزاب متناحرة كل يريد أن يجتث الآخر وينهيه سياسيا وشعبيا, بسياسة فرق تسد, هو المستفيد وحزبه التشكيلة التي احتوت كل عشاق السلطة وناهبي الثروة والمتطلعين للنفوذ؛ فكان حزب ديني (حزب الإصلاح), ضد حزب لبرالي اشتراكي, في تغذية صراع اجتثاث واستئصال, والفائدة للقيوم, عفاش وحزبه.

لا ننكر أننا اتهمنا الإصلاح منذ تأسيسه انه ليس حزبا بل مجموعة من المتطرفين والإرهابيين, خاصة بعد حرب 1994م, وفي كل حرب تطفو على السطح كل ما هو سيئ, فكل متطرف ضد الاشتراكي, انخرط في الإصلاح منتقما حاقدا وكارها, ومع مرور الوقت, بدأت الحياة السياسية تستقر, وبدأت الأحزاب تنظم نفسها وحياتها السياسية, وبدأ الإصلاح يكتسب خبرة ومهارة في التعامل مع السلطة والآخر, وبدأت توافقات حول إصلاح الدولة والساحة السياسية, وتشكيل تكتل وطني بمسمى "اللقاء المشترك" بهندسة الشهيد جار الله عمر طيب الله ثراه وبعض الوطنيين من كل الأحزاب المنخرطة فيه بما فيهم الإصلاح, واحتكاكنا المباشر مع بعض أعضائه في نشاطنا المشترك وحملتنا الانتخابية ضد الحزب الحاكم حينها, بدأت تتغير الصورة, وجدنا فيه ناسا مثقفين وسياسيين وحزبيين بمعنى الكلمة والفعل, عرفنا أن الإصلاح ليس صعتر ولا الزنداني, ولا فتاوى التكفير, عرفنا الإصلاح بإنصاف مايو, وعبد الناصر باحبيب, وسالم غليس, ووجدت فيه اكثر طلابي مثابرة وأخلاق وذكاء ونشاط, كالدكتور عارف احمد علي ووهيب هائل, وكثيرين لا تحضرنا أسماؤهم فالمعذرة.

واليوم يحتفل الإصلاح بمناسبة تأسيسه, تابعت من على الشاشة مراسيم هذا الاحتفال, زادني يقينا انه حزب يستحق الاحترام ويفهم ضروريات المرحلة, لم يمجد اسما, ولا قائدا, لم يشخصن الحزب نفسه بأحد, ولم يضع نفسه رهن احد؛ كل احتفالاته وخطابه هو الوطن والدولة الاتحادية ومخرجات الحوار والديمقراطية, ينشط من خلال شراكته مع الآخرين بالإجماع على الدولة ممثلة بالشرعية, ويرفض أن يكون بديلا للدولة, أو نقيضا لها, او ينشط خارج الإجماع, لا يفتخر بمنطقة, ولا يحتمي بقبيلة, هذا هو حزب الإصلاح.

طبعا الغير مستوعبين الديمقراطية ولم يتشكل وعي لديهم بقبول الآخر, والتنافس النزيه والحر في الساحة السياسية فكريا وثقافيا وأخلاقيا, سيظل ينظر للإصلاح حزباً إرهابيا متطرفا لابد من اجتثاثه, وبعض الجنوبيين يعتبرونه عدوهم؛ لأنه يختلف معهم في الرؤية والمشروع, وهذه هي مشكلتهم لا مشكلة الإصلاح, وهي النتيجة نفسها في الحرب تطفو على السطح كل ما هو سيئ, وسنجد كل حاقد وكاره ومنتقم من الإصلاح ينخرط في الحملة ضده, والأيام دول نتداولها بين الناس, والجهل هو استمرار للفتن والصراعات السلبية. يظل الإصلاح حزبا سياسيا جنوبيا وشماليا, ورقم موجود على الأرض يتطلب التعامل معه وصنع جسور مشتركة للتفاهم, ولغة مشتركة للتخاطب, بعيدا عن الاتهام والتكفير والتجريم, إذا أردنا وطنا يستوعب الجميع ودولة ضامنة للمواطنة والحرية والعدالة والديمقراطية أسلوب حياة.