الثلاثاء 03-12-2024 21:20:33 م : 2 - جمادي الثاني - 1446 هـ
آخر الاخبار
تأخر الحسم أم غابت الرؤية ؟
بقلم/ أحمد عبدالملك المقرمي
نشر منذ: 6 سنوات و 8 أشهر و 28 يوماً
الثلاثاء 06 مارس - آذار 2018 09:02 م

من الذي مكّن لمليشيا الكهنوت من دخول صنعاء و السيطرة عليها ؟
من الذين أعانوها و مهدوا لها التمدد السريع الى المحافظات الأخرى ؟
هذان سؤلان، و لكل جواب تفاصيل و سراديب سوداء، و إخفاقات وخيبات ؛ سببها الوهم و الظنون .
جوهر الإجابات عن هذين السؤالين بات يعرف مجملها رجل الشارع في اليمن، كما تعرفها النخب في اليمن و خارجه بالتفصيل .
يزعم البعض غرورا و كبرا، أنه قادر على جمع الجن و تفريقهم، وتذهب به هذه الحالة النفسية إلى حدّ أن يزعم في نفسه أنه على كل شيئ قدير، و أن كل خيوط اللعبة بيده، و أن بمقدوره أن ينهي اللعبة في الوقت الذي يريد ! و هناك من صدق هذا و بنى على أساسها مواقف ذهبت أدرتج الرياح .
و يزعم البعض الآخر - تربصا و مكرا - أن بمقدوره أن يضع سيناريو معينا يحقق له أهداف مخططاته دون عناء؛ ثم يجد نفسه وقد كبلته سيناريوهاته، وأحاطت به مخططاته، و لم يجد غير قبض الريح، و آخرون غرقوا في فخاخ المكايدة و المناكفة، و تصفية الحسابات، فيغيب (مكايدة)عن موقف كان يجب أن يكون حاضرا فيه، أو يتخلى عن واجبه الظاهر لتصفية حساب، يدفع الى اتخاذ قراره الصغار، فيتقبله من تعتقد انهم كبار؛ بهدف كسب ودّ الصغار، و لو على حساب المبادئ و الوطن !
يتفق رأي المراقبين و رأى رجل الشارع البسيط، أن السيناريو الذي وفّر الإمكانات المالية و العسكرية للحوثي، مع من مارس الغدر و الخيانة عند تنفيذه، هو ما مكّن الحوثيين من الوصول الى العاصمة صنعاء ؛ لتنفيذ أهداف محددة بحسب سيناريو السحرة الذين انقلب السحر عليهم، و ما يزال مسّه يصيبهم بالصرع . ساهم في هذه الطبخة كثيرون، و موّلها البله، و رقصت إيران طربا، و فركت كفيها فرحا، غير أن الطبخة السامة لم ينل المطبوخ له منها إلا الأقل، و شرب مقلبها مُعدّوها، الذين كانوا أكثر بلاهة و سخفا من تلك العجوز الحمقاء التي أشفقت على جرو ذئب صغير، فأخذته لتربيه على حليب شاة لها، فلما شبّ افترس الشاة، فراحت تولول :

أكلت شويهتي و فجعت قلبي

و من أدراك أن أباك ذيب !


الذئب المستأجَر لم يلتهم - فقط- ما حددته سذاجة واضعي السيناريو، بل التهم حتى الطباخين .
و سرعان ما استأسد الذئب الأجرب ، و ما كان أسدا يوما، و لكن عقلية المكر و التربص، و خذلان المناكف، و غياب الرؤية الواضحة تُهيء فرصا عديدة لأي ذئب أو ثعلب أن يستأسد :

إذا غاب الزئير عن الأسود تعالى في سما الغاب النباح

و إذا قُيّدت الأسود، أو غُيّبت، تبخترت الثعالب :

أمن العدل أنهم يردون الماء صفوا و أن يُكدّر وِردي

أمن الحق أنهم يطلقون الأُسد منهم و أن تُقيد أُسدي

عندما تكون الرؤية واضحة يكون السير منضبطا و محققا لأهدافها، و حين تغيب الرؤية؛ تسود العشوائية و التخبط التي تعطي نتيجة انقلاب السحر .
اليمن فيما تواجهه اليوم تعتبر موقعا أماميا و متقدما من مواقع الأمن القومي العربي، ليس للجزيرة و الخليج فحسب، ولكن للوطن العربي كله أمام عدوانية المشروع الإيراني.


كان المؤمل أن تقف الدول العربية كافة موقفا حازما في مساندة اليمن و الدعم في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، و لو أنها فعلت لكان الجميع في غنى عما وصلنا إليه، لكن - للاسف - كثير منها باركت و سكنت ، و ربما قليل منها جرتها حسابات غير دقيقة . و أما الدول الراعية التي توعدت بعقاب كل من يعرقل مسار التسوية السياسية، فلم يكن منها غير بيانات هلامية و مائعة ، مثلت إغراء و تشجيعا لمليشيا الكهنوت وحليفها !


من المهم و المهم جدا أن تكون هناك رؤية شاملة و واضحة بين السلطة الشرعية في اليمن و بين دول التحالف العربي، و أن يمضي الجميع لحسم الأمر يدا بيد نحو سحق المخاطر و المهددات التي تهدد الجميع ، و حتى لا يذهب الدعم السخي و الجهود الجبارة للتحالف العربي سدى .