الأحد 24-11-2024 15:17:49 م : 23 - جمادي الأول - 1446 هـ
آخر الاخبار
وسطية الإسلام بين الغلو والتفريط
بقلم/ عبد الباقي خلف
نشر منذ: 7 سنوات و 4 أشهر و 9 أيام
السبت 15 يوليو-تموز 2017 10:37 م

عانت المجتمعات الإسلامية ولا سيما في السنوات المنصرمة من نتائج التشدد والغلو في الدين, حيث سُفكت دماء الأبرياء، وخربت بيوت، واستحلت أموال وأعراض، وكان التصدي لهذه التجاوزات في كثير منها بالعنف والقوة, رغم أن ذلك يرجع في الأصل إلى عقائد وأفكار غالية نتيجة أوضاع المسلمين اليوم, وتكالب الأمم عليهم وتخبط فئة من المسلمين في طرق التعامل مع الآخرين وقبولهم في المجتمعات المسلمة, أو نتيجة جهل وقلة وعي بحقائق الدين الحنيف, وظناً من هؤلاء أن عظم الأجر في التشدد والغلو، حتى أوصل بهم ذلك لتكفير المسلم وإباحة دمه في كثير من الأحيان، ليخرج على الناس أشخاص غير معروفين بالعلم والتقوى صغار في أعمارهم يفتون على جهلهم بأبسط مسائل الحلال والحرام، ودون معرفة بأبسط قواعد الفتوى والقضاء فيقعون في أخطاء كبيرة تحسب على الأمة والدين وتسيء لسمعة الإسلام الحنيف المبرأ من كل سوء وضلال.
وكان الأولى دراسة أفكار هؤلاء وتشخيصها جيداً لتصحيح السقيم منها وتقويم المعوج وتنبيه الضال ومنع السفيه.......كل ذلك عن طريق علماء ومفكرين يقومون بهذه المهمة بصدق ووعي تام ومعرفة وافية بالمجتمع ومشاكله لينفذوا عملهم بشكل علمي دقيق معتمدين على النصوص الصحيحة والأحاديث الصريحة والصور الواضحة من حياة الرسول صلى الله عله وسلم وحياة الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن يقتدى بهم.
وكان لزاماً على علماء الأمة القيام بمهمة البيان والتوضيح والهداية لتحديد الخطوط العريضة في الإسلام تجاه كافة القضايا والمسائل العالقة حتى لا يتلاعب بذلك المغرضون أو يسيء إليه الجهلة والغافلون.
وبناءً على ذلك فإن نظرية الوسط تحتل الصدارة في الأهمية اليوم, وهذا هو سبب اختيار هذا الموضوع، لأنها من قضايا الساعة المهمة جداً.
التعريف بالوسطية:
الوسط محركَّةً من كل شيء: والوسيط: المتوسط بين المتخاصمين. وتوسط بينهم: عمل الوساطة وأخذَ الوسطَ بين الجيد والرديء. ووَسَّطَهم: أي جلس وسطهم، ووسط ُ الشيء مابين طرفيه[1] والوسطية: نسبة إلى الوسط...
وقد ورد ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾[2]تقاربت أقوال المفسرين في المراد من الوسط في الآية قال الزمخشري عرف الوسط بأنه: "أو الوسط: العدل بين الأطراف ليس إلى بعضها أقرب من بعض"[3].أما ابن كثير فذهب إلى أن "الوسط هاهنا: الخيار الأجود كما يقال: قريش أوسط العرب نسباً وداراً أي خيرها"[4].والشوكاني قال: "ولما كان الوسط مجانباً للغلو والتقصير كان محموداً: أي هذه الأمة لم تغل غلوّ النصارى في عيسى عليه السلام، ولا قصروا تقصير اليهود في أنبيائهم" [5].
والحاصل أن: (أمة وسطاً) تعني خياراً وهي صفة بالاسم الذي هو وسط الشيء.
وقد ورد هذا اللفظ في القرآن الكريم في مواطن عديدة منها:
﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾[6] ذهب جمهور العلماء إلى أنها صلاة العصر [7]، وذلك لأنها الوسطى بين الصلوات فقبلها صلاتان وبعدها صلاتان أو لأنها في وسط النهار[8]. وقد ورد ما يؤكد أنها صلاة العصر من حديث البخاري[9] عن علي[10]رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال يوم الخندق:"ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم ناراً كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس [11]" فالصلاة التي غابت عنها الشمس هي العصر وسميت بالوسطى لما ذكر.
كما في قوله تعالى: ﴿ لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾[12]، أي من أقصده لأن منهم من يسرف في إطعام أهله ومنهم من يقتر فالمراد بالوسط بين طرفي الإسراف والتقتير [13].

أما في قوله تعالى: ﴿ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ ﴾[14]فَفُسِّر ﴿ أوسطهم ﴾ بأمثلهم وأعقلهم وأعدلهم وخيرهم [15].
مجمل ما سبق يتبين أن الوسط معناه الخيار والعدل بين الأطراف والأجود والأقصد والأمثل والأعقل... كلٌّ حسب العبارة التي ورد فيها اللفظ أو المقام الذي قيل فيه..
ولهذا قال الله تعالى عن أمة الإسلام: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾[16] أي جعلناكم خيار الأمم لتكونوا شهداء على الأمم فتشهدوا للأنبياء على أممهم أنهم بلّغوهم لأن الجميع معترفون لكم بالفضل [17].
والخلاصة: أن (التوسط حالة محمودة غالباً تقوم في العقل الإنساني السليم بالفطرة وتعصمه من الميل إلى جانبي الإفراط والتفريط )[18].
1- مفهوم الغلو عند المسلمين:
الغلو: معناه مجاوزة الحد، يقال: غلا فلان في الأمر غلواً إذا جاوز حده، ويقال: غلا في الأمر أي تشدّد وتصلب حتى جاوز الحد [19].
والغلو في الدين يكون بالخروج عن الحدود التي رسمها الشرع يقول الله تعالى : ﴿ الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ ﴾[20] والحدود: هي النهايات لكل ما يجوز من الأمور المباحة المأمور بها وغير المأمور بها[21].
وتعديها: هو تجاوزها وعدم الوقوف عليها [22].
ومن مظاهر التطرف: التزام التشدّد دائماً، مع قيام موجبات التيسير وإلزام الآخرين به حيث لم يلزمهم الله به، إذ لا مانع أن يَأخذ المرء لنفسه بالأشد في بعض المسائل، وبالأثقل في بعض الأحوال تورعاً واحتياطاً ولكن ينبغي أن يكون هذا ديدنه دائماً وفي كل حال بحيث يحتاج إلى التيسير فيأباه وتأتيه الرخص فيفرضها[23].
2- مفهوم الغلو عند العلمانيين:
إن كل محاولة لتطبيق الشريعة الإسلامية في أية منطقة إسلامية، وكل دعوة إلى تطبيق شيء منها تدخل تحت ظاهرة الغلو والتطرف الديني في مفهوم بعض العلمانيين[24].
وقد تبين هذا المفهوم جلياً في الندوة التي شارك فيها أقطاب الاتجاه العلماني في العالم العربي [25]، يقول أحد المشاركين في الندوة التي عقدت في القاهرة: ( إن أصحاب هذا التيار "أي الديني" كانوا وما زالوا يخلطون بين الدعوة إلى الإسلام كدين وعقيدة وأخلاق وبين الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية كمجموعة من النصوص التي تنظم المعاملات الاجتماعية بين الناس )[26].
ويقول أيضاً: (إن المهام الرئيسية الملقاة على عاتق العقلانيين في مصر والعالم العربي الدعوة إلى الفصل بين الإسلام والشريعة الإسلامية )[27].
أسباب الغلو في الدين ودوافعه:
أسبابه كثيرة فقد يكون الغلو في الدين بسبب:
1- المبالغة في الاندفاع القوي دون بصيرة وتعقل بقصد الظفر بأعلى الدرجات في الدين واحتلال أرفع المنازل ويصحب ذلك تسرّع شديد وتعمق محدود وخلط في المفاهيم وفسادٌ بالتالي في تصّور الحقيقة.
2- وقد يكون بسبب الرغبة الشديدة في كسب قناعة الناس وتعاطفهم واحترامهم لأنهم يرون المتشدد في الدين حائزاً أعلى درجات التقوى والاستقامة فيجلونه ويتبعونه أكثر.
3- ولعل من أكبر الأسباب سوء فهم في الدين ربما للاجتهاد الشخصي دون الرجوع إلى العلماء المحققين المعتمدين وكتبهم أو لأن إمامه فعل ذلك ودعا إليه فقلّده دون فهم أو إدراك.
4- وقد يكون الدافع إلى ذلك هو إفساد الدين إذا كان حاقداً مندساً يظاهر بالدين والالتزام وهو يقصد هدمه من جذوره كما يحدث ذلك لدى بعض الجماعات المخترقة من قبل جهات سياسية لتنفيذ مآربها وأغراضها التي لا علاقة للدين بها، لذلك يجب أن يحذر الشاب المسلم حذراً شديداً.
نتائج الغلو في الدين وآثاره:
والغلو في الدين مرض خبيث وداء خطير في النفس المغالي والمجتمع بأسره ولاسيما إذا كان المغالي قدوة يقتدي به الناس.
وللغلو آثار سيئة جداً فمن ناحية العقيدة قد يخرج الغلو صاحبه من الدين ويؤدي به إلى الكفر كما حدث لكثير من أصحاب الديانات السابقة الذين غالوا في أنبيائهم وجعلوهم آلهة وكانت نتيجة ذلك الإشراك والكفر بالله تعالى وترك الهدف الأساسي من بعثة الأنبياء الذي هو توحيد الله تعالى وحده[28].
وقد خاطبهم الله تعالى قائلاً: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾[29].
وأما من ناحية العبادات: فإن التشديد على النفس في العبادة وإرهاقها بالنوافل والتطوع في طاقتها وعدم إراحة الجسم والعقل والروح سرعان ما يكبو بصاحبه أو يصاب بردة فعل معاكس تماماً ليسيء الظن بدينه ظاناً منه أن الدين هو المتسبب لما وصل إليه[30].
وقد ورد عن أبي هريرة [31] رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن هذا الدين يسرٌ ولن يشادّ الدين أحد إلا غلبه فسدّدوا وقاربوا وابشروا...."[32].
أي لا يتعمق أحدٌ في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب [33]، والسداد هو الصواب من غير إفراط ولا تفريط، وقال أهل اللغة: هو التوسط في العمل [34].
أما الغلو في الأحكام ومجاوزة الحد المقدر لها شرعاً والتشدّد في تطبيقها وإغلاق باب الرخص الشرعية والمباحات الدنيوية فكل ذلك مؤد إلى أخطار جسيمة من أهمها: صد الناس عن الإقبال على دين الله والتمسك به والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾[35] وورد في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال:" هلك المتنطعون ثلاثاً"[36].
التفريط في الدين:
التفريط معناه وتعريفه في اللغة:
الأمر فَرْطاً: قصّر به وضيّقه، وفرّط في الشيء تفريطاً: ضيقه وقدم العجز فيه، ويقال: أفرط خلافاً لفرّط: أي جاوز الحدّ[37]....
مفهوم التفريط في الدين:
هو التقصير في أمور الدين والنقص فيه ( وذلك بسبب عدم المحافظة على حدود الله ) [38].
وهذا التقصير قد يكون بترك المندوبات والنوافل، وقد يكون بترك شيء من الفرائض والواجبات حسب حال الشخص المقصّر.
أما إذا كان التقصير في أمور العقيدة أو أركان الإسلام، أو إلغاء شيء منها فقد يكون الأمر خطيراً بالنسبة لدين المسلم.
والتفريط في الدين يعود إلى ضعف في الإيمان وذلك لأن (فتور الخلق عن سلوك طريق السعادة لضعف إيمانهم باليوم الآخر وإلا فالعقل الناقص قاضٍ بالتشمير لسلوك السعادة فضلاً عن الكامل )[39].
أسباب التفريط في الدين:
قد يكون التفريط: لعذر أعجزه أو مرض فهذا يخرج عن حكم المقصّرين وقد يكون تقصيره فيه اغتراراً بالمسامحة فيه ورجاء العفو عنه فهذا مخدوع [40] وربما كان غالبية الناس المقصرين من هذا القسم مقترناً عمله هذا بالكسل والاستسلام للراحة والخلود إلى الأرض ويتمنّى على الله الأماني بدعوى أن باب التوبة مفتوح كل حين والله هو الغفور الرحيم وينسى أن الله سبحانه وتعالى يقول:﴿ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾[41].
وقد يكون تقصيره ليستوفي ما أخل به من بعد فيبدأ بالسيئة في التقصير قبل الحسنة في الاستيفاء اغتراراً في إمهاله [42]وقد يكون تقصيره فيه استثقالاً للاستيفاء وزهداً في التمام واقتصاراً على ما سنح[43].
فيبدأ هذا بإتباع السيئة على حساب الحسنة شيئاً فشيئاً حتى ينسلخ من طريق الخير إلى طريق الغواية والضلال.
نتائج التفريط في الدين:
قد يكون التفريط في ضروريات العقيدة أو أركان الإسلام أو قواعد الشريعة، كأن ينكر معلوماً من الدين بالضرورة فيؤدي ذلك إلى التنقيص في العبادة أو التهاون فيه قال الله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِوَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾[44].
وتشمل هذه الصورة نماذج عديدة في حياة المسلمين كحصر الشعائر الاجتماعية ومعاملات الاقتصاد والتجارة والسياسة.
وسطية الإسلام بين الغلو والتفريط:
نظرية الوسطية: قال الله تعالى ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾[45].
إنها الأمة الوسط التي تشهد على الناس جميعاً فتقيم بينهم العدل والقسط وتضع لهم الموازين والقيم.[46]
وهذا الوصف إنما هو أصله للإسلام الذي شرّف الله به عباده جميعاً وحقن به عقولهم من غلو الإفراط والتفريط في فهم الأشياء والتعامل مع الحياة ولكن كثيراً من الأمم السابقة شَذَّتْ بفكرها وسلوكها عن هذا التعامل فكان أن وقعت في براثن الإفراط والتفريط [47].
وقد فسّر كثيرون الوسطية بأنها بين الروحانية والمادية لأنها لم تهمل مطالب الجسم بجوار عنايتها بالروح وتهذيب النفس وتربية الوجدان فهي شريعة الفطرة والروح ترفع الإنسان إلى المعارج العليا ولا تنحط إلى سفساف المادة.[48]
يقول الإمام الغزالي [49] رحمه الله: ( إن الإنسان خلق على رتبة بين البهيمة والمَلَك وفيه جملة من القوى والصفات فهو من حيث يتغذى وينسل فنبات ومن حيث يحسّ ويتحرك فحيوان ومن حيث صورته وقامته فالكصورة المنقوشة على الحائط من استعمل قواه الملكية فقد تشبّه بالملائكة قال الله تعالى:﴿ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴾[50] ومن صرف همته إلى اللذات البدنية فقد تشبه بالأنعام )[51].
وقد لبى الإسلام نداء الفطرة في كل منها فالإنسان مخلوق من روح وجسد ولكل منهما متطلباته الخاصة به فالروح[52] متعلق به المشاعر والعواطف حيث تهذبه العقيدة والعبادة والأخلاق، والجسد يتعلق به الغذاء والشراب والتناسل، ويهذبه ما يهذب الروح، فالدين هذّب الإنسان بجانبيه دون بَتْرٍ أو رهبنة، وجعله وسطاً فلا غلو في التجرد الروحي ولا في الارتكاس المادي، إنما تتبع الفطرة الممثلة في روح متلبس بجسد أو جسد متلبس به روح وتعطي لهذا الكيان المزدوج الطاقات، حقه المتكامل من كل زاد وتعمل على الترقية في الحياة ورفعها في الوقت الذي تعمل فيه على حفظ الحياة وامتدادها وتطلق كل نشاط غي عالم الأشواق وعالم النوازع بلا تفريط في قصد وتناسق واعتدال.[53].
الوسطية في العقائد:
يؤمن المسلم بالله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له وهي دعوة الأنبياء جميعاً، ولا يجوز صرف شيء من صفاته الخاصة به إلى غيره كما لا يجوز التنقيص منها كما فعل المشركون حين ادعوا أنهم إنما يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله سبحانه قال الله تعالى على لسانهم:﴿ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ﴾[54].
وهذه هي بداية الشرك حيث تقدس الناس الصالحين من البشر ثم تعتقد لهم صفات خاصة لله تعالى، ولهذا كانوا يقولون في تلبيتهم إذا حجوا في جاهليتهم: لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك. وهذه الشبهة هي التي اعتمدها المشركون في قديم الدهر وحديثه وجاءتهم الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بردّها والنهي عنها والدعوة إلى إفراد العبادة لله وحده لا شريك له وأن هذا شيء اخترعه المشركون من عند أنفسهم لم يأذن الله فيه ولا رضي به بل أبغضه ونهى عنه.[55]
كما يجب الإيمان بالملائكة دون غلو فلا يجوز تقديسهم إلى درجة العبادة كما كان يفعل مشركو قريش بدعوى أنهم يتخذون الملائكة أو الصالحين وسطاء قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾[56]
(فالملائكة التي في السموات من الملائكة المقربين وغيرهم كلهم عبيدٌ خاضعون لله لا يشفعون عنده إلا بإذنه لمن ارتضى وليسوا عنده كالأمراء عند ملوكهم يشفعون عندهم بغير أذنهم فيما أحبه الملوك وأبَوْهُ )[57].
كما يقاس ذلك على الإيمان بالكتب السماوية دون استهتار يؤدي إلى التلاعب أو التحريف لها.
( أما الإيمان بالرسل فيتمثل في احترامهم وحبهم دون غلو كما فعل أهل الكتاب الذين غالوا في عقيدتهم بالرسل وكانت نتيجة غلوهم الكفر والوثنية والإشراك فقال عز وجل عن النصارى [58] ﴿ يا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً ﴾[59].
أما اليهود فإنهم حاربوا الأنبياء وقتلوا منهم قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾[60].
(كما يؤمن المسلم بالحياة الآخرة مع الحياة الدنيا دون تناقص أو فصل مع التسليم بالقضاء والقدر فالمسلم ( وسط بين الغلو والتقصير وبين الجبر و القدر [61] فهو مسيّر في التصرفات والحركات التي تصدر منه خارج قصده وإرادته كالولادة والموت والمرض وهو مخيّر في التصرفات والأعمال التي تأتي ثمرةَ قصدِ وإرادةٍ من صاحبها كقيام أحدنا إلى الصلاة )[62].
فعقيدة المسلم عدلٌ بين الأديان والشرائع وذلك لأن أمة الإسلام، وسط في كل شيء ودين الله بين الغالي فيه والجافي عنه )[63].
الوسطية في العبادات:
لقد قام التشريع الإسلامي على أسس ثلاثة: عدم الحرج وقلة التكاليف والتدرج في التشريع فليس في التكاليف الإسلامية شيء من الحرج والشدة وليس في أحكام القرآن مما يعسر على الناس وتضيق به صدورهم [64]، وقد قال الله ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾[65]، وقال صلى الله عليه وسلم: " عليكم من الأعمال ما تطيقون"[66].
وقد فتح باب الرخص الشرعية حيث فتح الإسلام أبوابها في جميع الأحكام تقريباً والرخصة: هي ما شرعه الله من الأحكام تخفيفاً على المكلف في حالات خاصة تقتضي هذا التخفيف [67] والمشقة لا تصل إلى درجة العسر والحرج ومع ذلك فقد أباح الله الفطر في حالات تعظم فيها المشقة فأباح الفطر للمسافر والمريض والحامل والمرضع وشرع التيمم عند فقد الماء والقصر في السفر وشرع الكفارات لتمحو آثار الذنوب إلى غير ذلك مما يدل على مراعاة السهولة ورفع الحرج في التشريع حتى لاتكلّ همم الناس عن أداء ما أوجبه الله عليهم [68].
كما امتازت الشريعة الإسلامية عما تقدمها من الشرائع بقلة التكاليف، فلم تثقل كواهل أتباعها بالأوامر والنواهي بل سلكت بهم طريقاً وسطاً لا إعنات فيه بكثرة التكاليف ولا إرهاق [69].
وقد قرر العلماء بأن الحرج مرفوع عن المكلف باتفاق وأن الشارع لم يقصد في التكليف إلى الشاق والإعنات وأن الإجماع على عدم وقوعه وجوداً في التكليف، وأن الشريعة موضوعة بقصد الرفق والتيسير [70].
والخلاصة أن الحكمة من ذلك: التخفيف عن العباد والاعتدال والرغبة في أن يسير المكلف على الصراط المستقيم وأن لا يتعرض لانقطاع أو بغض للشرع أو العبادات أو كراهية التكاليف، وكي لا تشغله العبادات عن الواجبات الدنيوية أو الخاصة في نفسه وأهله.
كما إن خير العمل أدومه وإن قلّ وهذا تأكيد لإقامة الاعتدال والتوازن بين المصالح وتقدير للواقع الإنساني والضعف البشري.
(وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم دخل المسجد وحبل ممدود بين ساريتين فقال: " ما هذا؟ "... قالوا: لزينب [71] تصلي فإذا كَسِلَت أو فترت أمسكت به. فقال: " حُلُّوه.. ليصل أحدكم نشاطه فإذا كَسِل أو فَتَرَ قَعَدَ "[72].
وفي هذا الحديث: الحثُّ على التوسط في العبادة والأمرُ بالإقبال عليها بنشاط وأنه إذا فَتَر فليقعد حتى يذهب الفتور. [73]
وبهذا يتبين لنا أن العبادات في الإسلام تتناسب مع طبيعة قدرة الإنسان دون ثقل عليه أو مشقة فإذا حدثت مشقةٌ كانت هناك رخصة شرعية لها ضوابطها يلجأ إليها المسلم عند الضرورة.
والإسلام أبان بكثير من أحكامه وآياته أن غايته هي: تحقيق مصالح الناس ودفع الضرر عنهم.[74]
الوسطية في جانب السلوك:
ما يجب أن يكون عليه سلوك المسلم هو جزء مما يجب أن تكون عليه عقيدته وعبادته من التوسط والاعتدال. فالله سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم: ﴿ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾[75].
(أي واعدل فيه حتى يكون مشياً بين مشيين لا تدب دبيب المتماوتين ولا تثب ثيب الشطّار )[76]( فامشِ مشياً مقتصداً ليس بالبطيء المتثبط ولا بالسريع المفرط بل عدلاً وسطاً بين بين.... ولا تبالغ في الكلام ولا ترفع صوتك فيما لا فائدة فيه )[77].
هذا هو تصوير القرآن لشخصية المسلم العامة، ويكون المسلم هكذا وسطاً في سائر مجالات حياته ففي الطعام والشراب يقول الله تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾[78]، ويقول تعالى في الإنفاق: ﴿ وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ﴾ [79].
( أي لا تكن بخيلاً منوعاً لا تعطي أحداً شيئاً ولا تسرف في الإنفاق فتعطي فوق طاقتك )[80].
فالمسلم وسط في الارتباطات، والعلاقات لا تلغي شخصية الفرد ومقوماته، ولا تلاشي شخصيته في شخصية الجماعة، تطلقه كذلك فرداً أَثِرَاً جَشِعَاً لا هم له إلا ذاته.
إنما تطلق من الدوافع والطاقات ما يؤدي إلى الحركة والنماء وتطلق من النوازع ما يحقق شخصية الفرد وكيانه ثم تضع موانع للغلو ومن الدوافع ما يثير رغبته للعمل [81].
وخير ما نستدل به بعد الآيات الكريمة السابقة في تكوين شخصية المسلم المعتدلة:
قصة الرهط الثلاثة الذين جاؤوا إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالّوها ! فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ! قال أحدهم: أما أنا فأنا أصلي الليل أبدا وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال آخر: أما أنا فإني أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أنتم الذين قلتم كذا؟ أما و الله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصليّ وأرقُد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني " [82].
فطريقة النبي صلى الله عليه وسلم الحنيفية السمحة فيفطر ليتقوّى على الصوم وينام ليتقوى على القيام ويتزوج لكسر الشهوة وإعفاف النفس [83]
وقد بين العلماء حكم النكاح في هذا الحديث حسب حال الشخص وتَوْقِهِ إلى النكاح ووجود المؤن لديه مما لا مجال للخوض فيه والاسترسال [84].
الوسطية في جانب الاقتصاد:
إن من أهم الجوانب الحياتية التي تبرز فيها وسطية الإسلام هو الناحية المالية والاقتصاد فيه، حيث ذهب كثير من المفكرين المسلمين المعاصرين إلى بيان حقيقة الاقتصاد الغربي وما يحمله من آثار سيئة وبينوا جانب الغلو في ذلك حين طغيان الجانب المادي في الإنسان على الجانب الروحي مما جعل هذه الحضارة عديمة الأخلاق تفتك ببني البشر دون رحمة بأسلحة التدمير الشامل والترسانات النووية التي تهدّد حياة البشر في أية لحظة.
ثم نبحث في تفريط المسلمين في ترك الدنيا والعمل لها وما جَرَّ ذلك على العالم الإسلامي من تخلّف وركود وتسلط الأعداء..
للوصول إن شاء الله إلى توضيح وسطية الإسلام بين طغيان المادة وإهمالها كلياً.
تتبوأ المشكلة الاقتصادية في النظام العالمي مكان الصدارة لأنها المسألة الخطيرة التي تشغل العالم. وقد حملت حضارة الغرب المادية حالة من اضطراب العلاقات الدولية في يدٍ بينما حملت في اليد الأخرى حالة من النزاع بين الطبقات المختلفة.[85]
إن علم الاقتصاد الغربي ليس علماً أخلاقياً بالرغم من أنه يمسّ البشر في حياتهم وعلاقاتهم [86] ويخطئ من ينظر إلى المسألة بمنظور أخلاقي.[87]
لذلك فالغرب اليوم بسبب سيطرته الاقتصادية والسياسية والعسكرية يفرض على العالم بأكمله نموذجه في النحو الذي يولّد في آنٍ واحدٍ تفاوتات متزايدة وينزع من نفوس الفقراء كل تفاؤل في المستقبل.[88]
وقد ظهر النظام الاشتراكي منادياً بالثورة على النظام الرأسمالي، مدعياً تحقيق العدالة الاجتماعية إلا أنه سقط في هوّة سحيقة على شكل انهيار مروّع وكان من أهم أسباب السقوط هو تلك المفارقة بين الواقع والأحلام النظرية وتجاهل الناحية الروحية في الإنسان.[89]
ولذلك فإن الاقتصاد في الإسلام يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمنهج الإلهي الذي يقوم على التوازن بين المصالح وحب الخير لجميع الناس والابتعاد عن كل ما يسيء إلى العلاقات الودّية بين الناس.
فقد انتشر الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا [90]. مما أورث ذلك غلواً في الجانب المادي مصحوباً بغلو آخر في الجانب العقلي فظهرت الدعوة إلى الزهد في الدنيا، بطريقة لم تكن معروفة زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي: ترك العمل للدنيا وعدم طلب الحاجة من أي شخص كان وترك الأسباب كلياً بدعوى التوكل على الله تعالى.[91]
وقد أُلِّفَتْ كتبٌ وصُنِّفَتْ مجلدات في ذم الدنيا والإنكار على من اشتغل بها، وصوّر دعاة الزهد في الدنيا في صورةٍ سيئةٍ جداً بأنها:
( مزينة الظواهر، قبيحة السرائر وهي شبه عجوز متزينة تخدع الناس بظاهرها فإذا وقفوا على باطنها وكشفوا القناع عن وجهها تمثّل لهم قبائحها فندموا على اتباعها وخجلوا من ضعف عقولهم ).[92]
بل جعلوا الزهد في الدنيا متمثلاً في ثلاثة أشياء: القلة والخلوة والجوع.[93]
حتى لبس كثير منهم الخرقة الصوف علامة على ترك الدنيا.[94]
لا يخفى علينا أن التعليم الإسلامي كله في القرآن والسنة يدعو إلى الحلول الوسطى دائماً قال تعالى:﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾[95]
(وأما توعية الإنسان المسلم في الميدان الاقتصادي فيجب أن تجرّه إلى وثنية جديدة ليصير من عباد صنم جديد اسمه الاقتصاد)[96].
فوسطية الإسلام هو الحد المعتدل بين الحالتين السابقتين والتي تمثلت في حياة الرعيل الأول الذين نشأت على أيديهم الحضارة الإسلامية حيث استهانوا بالدنيا ووضعوها من المهانة في الموضع الذي جعلها الله فيه وفي نفس الوقت ساقوا الدنيا مسخرّين لها لعمارة الأرض وإقامة المجتمع الإسلامي الصحيح فالتزموا بذلك الوسطية التي ربّاهم الإسلام عليها.
وهي إخراج حب الدنيا من القلب فأخضعها الله لهم وسيّروها ورائهم، بمقدار ما تساموا عليها.
ووسطية الإسلام تسعى بالإنسان في طريق معتدل سليم نحو تحقيق سائر حاجاته وأشواقه الإنسانية المختلفة في تناسق مطرِّد وتوازن دقيق.
إن بإمكاننا أن نجد أمثلة عملية كثيرة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحياة أصحابه والتابعين من بعدهم، قد جاءت تلك الأمثلة تطبيقاً عملياً على التعليمات القرآنية لكيفية التعامل مع الدنيا في أن يتحرر الإنسان من حبها وذل التعلق بها من خلال التأمل في الصفات التي وصفها الله عز وجل بها ثم يقبل عليها ! فيستخدمها أداة مسرة في بناء المجتمع الإنساني الرشيد الذي أمر الله تعالى عباده ببنائه.[97]
على ضوء ما سبق يتبين لنا أن الاقتصاد اليوم له دور كبير في حياة الأمم بل إن الاقتصاد صار العصا الغليظة التي يُضرب بها والوسيلة الناجحة في يد الاستعمار الحديث في السيطرة السهلة على رقاب الشعوب وقيامها حسب ما يريد.
ولقد ترتب على التبعية الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية على الدول الإسلامية أن أصبحت قطاعات النشاط الاقتصادي ترتبط ارتباطاً شبه كامل مع الاقتصاد الغربي معظمه على الأرباح والاحتكار وغير ذلك من الدوافع المادية البحتة التي لا تأخذ في الاعتبار مصالح المجتمع في مجموعة والتي لا تعطي الجوانب الإنسانية والروحية أي اهتمام...)[98].
ومعلوم أن الإسلام رفض الذل والخنوع والفقر وأمر بالغنى لقوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي "[99] وما أمره بالغنى إلا أنه أمر بالزكاة والزكاة لا يمكن إلا من غنىً إلا أن التوسط في جميع الأمور مطلوب والقصد فيها حسنٌ محمود وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث خصال يحبها الله ورسوله: القصد، والتؤدة، وحُسن الخلق "[100].
ولقد أمر الإسلام بالقوة قال تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ ﴾[101].
والمال هو سيد القوة اليوم بل له الدور الرئيسي كما أسلفنا في حياة الشعوب.
والإسلام يطلب الاستمتاع بمباهج الحياة المعقولة للناس جميعاً كبيرهم وصغيرهم غنيهم وفقيرهم، فإذا دعا في بعض الأحيان إلى الصبر والرضا فليست هذه دعوة إلى الزهد والحرمان، إنما دعوة إلى احتفاظ النفس بطمأنينتها على الشدائد إلى أن تزول وتزال، أما بعد ذلك فكل فردٍ مطالب بأن يستمتع بالمتاع الحلال[102].
خاتمة:
تتبين مما سبق حقيقةٌ واحدةٌ هي أن الله سبحانه وتعالى شرع الإسلام لجميع الناس فاقتضى ذلك منه جلّ شأنه أن تتناسب أحكامه طبيعة البشر جميعاً وتلائم فطرتهم السليمة دون مشقة لا يقدرون على القيام بها فتخرجهم من المسار الصحيح. ودون إهمال أو تساهل لا يبالون به فتوقعهم في الانحراف والرذيلة.
فجاءت أحكامه متناسقة متوازنة تدرك بالعقل السليم المجرد من النوازع والرغبات.
وقد حفل التاريخ الإسلامي بأمثلة الغلو نتيجة للأهواء وتدّخل الأعداء وتظاهر الكثير منهم بالإسلام بقصد الفتنة والإفساد فخلطوا الصالح بالطالح والصحيح بالسقيم وكثُر الوضاعون للحديث.
إلا أن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾[103].
فكان أن سخّر العلماء العاملين الذين بيّنوا حقيقة الدين وصفاءه وبَعده عن الغلو والأهواء ووضعوا موازين دقيقة للأحاديث النبوية الشريفة.
وهكذا فإن في كل عصر هناك من العلماء من سخّره الله سبحانه لذلك الأمر وإلا لضاع الذين وانحرف كما انحرفت الديانات السابقة.
وهذا من حفظ الله سبحانه للإسلام فالحمد له وحده أولاً وآخراً أن ميّز ديننا الإسلام باليسر والاعتدال والتوسط في الأمور وسهولة التكاليف لتناسب كل زمان وعصر، وتواكب كل جيل وعرف، فيكون نوره ساطعاً إلى يوم القيامة.
فهرس المصادر والمراجع
1- أبحاث في الاقتصاد المعاصر - د. محمد عبد اللطيف الفرفور ط1 - 1410هـ 1991م دار المعرفة - دمشق.
2- أدب الدنيا والدين لأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري المارودي ت 450 هـ.
3- إحياء علوم الدين. للإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي - الناشر: دار إحياء الكتب العربية 1377 هـ - 1957م.
4- الإصابة في تمييز الصحابة تأليف شيخ الإسلام شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن محمد المعروف بابن حجر الكناني العسقلاني ت 852هـ - ط/1/ 1328هـ - مطبعة السعادة مصر.
5- الإنسان مسيّر أم مخير؟ د. محمد سعيد رمضان البوطي. دار الفكر المعاصر - بيروت - لبنان 1418هـ - 1997م.
6- الاعتدال في الدين د.محمد مصطفى الزحيلي من منشورات جمعية الدعوة الإسلامية طرابلس ط/3/ 1413هـ - 1992م اليمامة - دمشق.
7- الاقتصاد السياسي د.عارف دليلة./ط2/ مديرية الكتب والمطبوعات - دمشق - 1988م -1989م.
8- الخصائص العامة للإسلام د.يوسف القرضاوي - الناشر مكتبة وهبة - القاهرة ط1 رمضان 1397هـ ـ 1977م.
9- الرسالة القشيرية في علم التصوف، للإمام أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القيشري ت465هـ دار الكتاب العربي بيروت - 1367هـ 1997م
10- السياسة الشرعية أو نظام الدولة الإسلامية في الشؤون الدستورية والخارجية والمالية، للشيخ عبد الوهاب خلاف ط2 1404 هـ - 1984م ـ مؤسسة الرسالة بيروت - لبنان.
11- الصحوة الإسلامية أ.د. يوسف القرضاوي صفحة الدوحة 1410÷ت - 1989م غير مشار إلى الناشر والطبعة.
12- العدالة الاجتماعية في الإسلام للشهيد سيد قطب 1398هـ - 1978م.
13- الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة، رسالة ماجستير عبد الرحمن بن معلا اللويحق - مؤسسة الرسالة ط2 - 1413هـ - 1992م.
14- الفتاوى الكبرى تأليف شيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد قاسم مطابع الرياض /ط1/ 1372هـ.
15- القاموس المحيط للفيروز آبادي العلامة اللغوي مجد الدين محمد بن يعقوب ت817هـ ط2 - 1407هـ - 1987م مؤسسة الرسالة.
16- الكشاف عن حقائق التتريل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل تأليف أبي القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي. دار المعرفة بيروت 467-538هـ.
17- المجتمع الإنساني في ظل الإسلام للشيخ محمد أبو زهرة دار الفكر العربي. ط/2/ 1404هـ - 1984م.
18- المسلم في عالم الاقتصاد لمالك بن نبي ترجمة عبد الصبور شاهين - /ط3/ 1407 هـ - 1985م دار الفكر بدمشق.
19- الموافقات في أصول الشريعة لأبي إسحق إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي المعروف بالشاطبي المتوفي 790هـ المطبعة الرحمانية بمصر.
20- الوسطية في الإسلام د. محمد عبد اللطيف الفرفور /ط1/ 1414هـ - 1993م - دار النفائس بيروت - لبنان.
21- تاريخ التشريع الإسلامي تأليف: عبد اللطيف السبكي - ومحمد علي السايس ومحمد يوسف البربري المدرسين بكلية الشريعة -ط3- مطبعة الاستقامة 1356هـ - 1946م.
22- تذكرة الحافظ لأبي عبد الله شمس الذهبي ـ 748هـ طبعة دار الكتب العلمية بيروت - نشر وزارة المعارف الهندية عن نسخة الحرم المكي.
23- تفسير القرآن العظيم للإمام الحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي المتوفي 774هـ /ط1/ 1407هـ - 1987م دار المعرفة - بيروت - لبنان.
24- خصائص التصور الإسلامي ومقوماته لمؤلفه سيد قطب ط3 - 1388هـ - 1968م.
25- روح الدين الإسلامي للشيخ عفيف عبد الفتاح طبارة /ط21/ عام 1981م - دار العلم للملايين بيروت - لبنان.
26- شرح العقيدة الطحاوية للعلامة ابن أبي الغر الحنفي ط5 - 1399- بيروت لبنان.
27- شرح صحيح مسلم للإمام النووي محي الدين بن شرف المطبعة المصرية - مصر القاهرة 1349هـ.
28- صحيح البخاري بحاشية السندي للعلامة أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري - الناشر دار المعرفة بيروت - لبنان 1978م.
29- علم أصول الفقه للشيخ عبد الوهاب خلاف ط12/1398هـ - 1978م الناشر دار القلم - كويت.
30- فتاوى معاصرة د. يوسف القرضاوي الطبعة الخامسة 1410هـ - 1990م - دار القلم - الكويت.
31- فتح الباري بشرح صحيح البخاري للإمام الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني ت852هـ دار المعرفة بيروت - لبنان.
32- فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير تأليف محمد بن علي بن محمد الشوكاني ت1250 هـ. مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر ط/2/ 1391هـ - 1971م.
33- في ظلال القرآن للشهيد سيد قطب دار إحياء التراث العربي - الطبعة السابعة 1391هـ - 1971مـ بيروت - لبنان.
4- كتاب ميزان العمل للإمام لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي ت505هـ الناشر دار الكتب العربية بيروت - لبنان 1403هـ - 1983م.
35- مدخل إلى الاقتصاد الإسلامي د.عبد العزيز هيكل.
36- مجلة (العربي) الكويتية العدد/471/ رمضان 1416هـ - شباط 1996م.
37- مجلة العربي العدد /278/ كانون الثاني 1982م ملف التطرف.
38- منهج التربية النبوية للطفل - محمد نور عبد الحفيظ سويد ط5 - دار ابن كثير دمشق 1416هـ - 1995م.
39- وعود الإسلام لروجيه غارودي. ترجمة د.دوقاتقاروط مكتبة مدبولي -القاهرة -مصر - 1413هـ - 1993م.
40- وهذه مشكلاتنا للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي الطبعة الرابعة مكتبة الفارابي 1416هـ - 1995م- دمشق.
[1] انظر القاموس المحيط للفيروز آبادي مادة (وسط).
[2] سورة البقرة آية 143
[3] انظر الكشاف للزمخشري 1/99. طبعة دار المعرفة بيروت _ لبنان بدون تاريخ الطبع
[4] انظر تفسير القرآن الكريم لابن كثير 1/69. الطبعة الأولى/1407_1987_دار المعرفة_ بيروت.
[5] انظر فتح القدير للشوكاني 1/150. ط/2/ مصطفى البابي الحلبي بمصر 1391_ 1971.
[6] سورة البقرة آية 238.
[7] انظر فتح القدير للشوكاني1/256.
[8] انظر الكشاف للزمخشري 1/146.
[9] هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة الجعفي البخاري شيخ الإسلام في الحديث وإمام الحفاظ صاحب الصحيح والتصانيف ولد عام 194هـ سمع الحديث وعمره خمس عشرة سنة كان يقول : أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائة ألف حديث غير صحيح أفرد له المقدسي كتاباً، مات في سنة 256هـ. تذكرة الحافظ 2/555/556.
[10] هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب أبو الحسن أول الناس إسلاماً من الصبيان تربى في بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولد قبل البعثة بعشر سنين كان عالماً بالدين والقضاء قتل في17رمضان سنة 40 هـ ومدة خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر ونصف.
انظر الإصابة 2/507، والاستيعاب 3/26.
[11] انظر صحيح البخاري 3/33كتاب المغازي _باب غزوة الخندق
[12] سورة المائدة آية 89
[13] انظر الكشاف 1/361.وفتح القدير 2/71.
[14] سورة القلم آية 28.
[15] الكشاف 4/129. وتفسير القرآن العظيم 4/433. وفتح القدير للشوكاني 5/272.
[16] سورة البقرة آية 143.
[17] تفسير القرآن العظيم 1/169. وفتح القدير 1/150.
[18] الوسطية في الإسلام للدكتور محمد عبد اللطيف الفرفور/ط2/1414هـ1993دار النفائس بيروت _ لبنان.ص27
9 القاموس المحيط مادة " غلو" والصحاح للجوهري مادة "غلو".
[20] سورة البقرة آية 229.
[21] الفتاوى لابن تيمية /ط2/1372هـ مطابع الرياض، مؤسسة الرسالة /ط2/ 1992م.
[22] كتاب الغلو في الدين تأليف عبد الرحمن بن مُعلَّا اللويحق، مؤسسة الرسالة /ط2/ 1992م.
[23] مجلة العربي العدد /278/كانون الثاني 1982م عن مقال ست علامات للتطريف الديني د. يوسف القرضاوي.
[24] الغلو في الدين تأليف عبد الرحمن اللويحق صفحة /160_168/ سبق طبعه وتاريخه.
25] شارك في الندوة أقطاب الاتجاه العلماني وهم : 1_ د. فؤاد زكريا 2_ لطفي الخولي 3_ د. حيدر رأفت 4_ د.محمد نور فرحات 5_د. طاهر
الحكيم 6_ د. فرج فودة وغيرهم.انظر في الغلو في الدين صفحة /160/.
[26] الغلو في الدين صفحة /164/ عن مقولة د.نور فرحات.
[27] الغلو في الدين ص/164/.
[28] الاعتدال في الدين للزحيلي ص2 من منشورات جمعية الدعوة الإسلامية /ط3/1413هـ ـــ 1992 اليمامة ـــ دمشق.
[29] سورة المائدة آية 77
[30] الاعتدال في الدين للزحيلي /ص40/.
[31] أبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلم عام خيبر ثم لزمه صلى الله عليه وسلم وواظب عليه رغبة في العلم بشبع بطنه وكان من أحفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في 57هـ. انظر ترجمته: الإصابة 4/202. الاستيعاب 4/202.
[32] صحيح البخاري ـــ كتاب الإيمان ـــ طبعة دار المعرفة بيروت - لبنان ـــ دون تاريخ أو طبعة.
[33] فتح الباري لابن حجر 1/94. طبعة دار المعرفة بيروت ـــ لبنان ـــ دون تاريخ أو طبعة.
[34] نفس المصدر 1/95.
[35] سورة الأعراف آية 32.
[36] صحيح مسلم مع شرح النووي 16/2670 كتاب العلم المطبعة المصرية ـــ القاهرة ـــ مصر.
[37] القاموس المحيط للفيروز آبادي مادة (فرط )، والصحاح للجوهري مادة (فرط).
[38] انظر الوسطية في الإسلام للدكتور محمد عبد اللطيف الفرفور صفحة 48.
[39] انظر كتاب ميزان العمل للإمام الغزالي ص/6/. الناشر دار الكتب العربية بيروت ــ لبنان 1403هـ _ 1983م.
[40] انظر أدب الدنيا والدين لأبي الحسن المارودي ص/107/. بتصرف. تحقيق مصطفى الزرقا ـــ الناشر دار الكتب العلمية بيروت /ط3/ القاهرة.
[41] سورة لقمان آية 24.
[42] المصدر السابق ص/108/.
[43] المصدر السابق ص/109/.
[44] سورة البقرة 264.
[45] سورة البقرة آية 143.
[46] في ظلال القرآن لسيد قطب 1/180ـــ181/ دار إحياء التراث العربي - الطبعة السابعة 1391هـ - 1971م ـــ بيروت - لبنان.
[47] وهذه مشكلاتنا للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي صفحة /212/ الطبعة الرابعة مكتبة الفارابي 1416 هــ ـــ 1995م ـــ دمشق.
[48] المجتمع الإنساني في ظل الإسلام للشيخ محمد أبو زهرة صفحة /107/ دار الفكر العربي. ط/2/ 1404 هــ - 1984م.
[49] هو أبو حامد محمد بن محمد الغزالي أصولي فقيه وفيلسوف متصوف له نحو مائتي مصنف ولد عام 450 هـ ورحل لطلب العلم والتعليم، له كتب
كثيرة وشهيرة منها : إحياء علوم الدين، والمستصفى وغيرهما توفي عام 505 هــ ينظر الأعلام 7/22.
[50] سورة يوسف عليه السلام آية 31.
[51] انظر كتاب ميزان العمل للغزالي صفحة 32 بتصرف.
[52] الروح يذكر ويؤنث انظر القاموس المحيط للفيروز آبادي مادة (روح).
[53] انظر في ظلال القرآن1/181
[54] سورة زمر آية 3
[55] تفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/49.
[56] سورة النحل آية 36
[57] تفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/49.
[58] الاعتدال في التدين للزحيلي ص/30/
[59] سورة النساء آية 171
[60] سورة البقرة آية 61
[61] شرح العقيدة الطحاوية 586.
[62] الإنسان مسيّر أم مخيّر للدكتور البوطي ص /27/. دار الفكر المعاصر - بيروت -ـ لبنان 1418 هـ - 1997 م.
[63] الصحوة الإسلامية للدكتور القرضاوي صفحة /15/ الدوحة 1410ـــ 1989م غير مشار إلى الناشر والطبعة.
[64] انظر تاريخ التشريع الإسلامي لمؤلفيه الأساتذة عبد اللطيف السبكي ومحمد علي السايس ومحمد يوسف البربري ص/49/.
[65] سورة الحج آية /78/.
[66] رواه البخاري 1/102/ كتاب التهجد ورواه مسلم مع شرح النووي 6/73.
[67] انظر علم أصول الفقه للشيخ عبد الوهاب خلاف ص /121/.
[68] انظر تاريخ التشريع الإسلامي صفحة /50/.
[69] انظر نفس المصدر ص/51/.
[70] انظر الموافقات للشاطبي 2/122ـــ123.
[71] هي زينب بنت رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم بن عبد المطلب أكبر بناته ولدت قبل البعثة بحوالي عشر سنين وتزوجها ابن
خالتها أبو العاص بن الربيع توفيت في أول سنة ثمان من الهجرة الإصابة 4/312.
[72] رواه البخاري 1/200_ 201، ومسلم بشرح النووي 6/72_73. واللفظ لمسلم.
[73] شرح الإمام النووي على صحيح مسلم 6/73.
[74] السياسة الشرعية للشيخ عبد الوهاب خلاف صفحة /24/ الطبعة الثانية 1404 هــ _ 1984م _ مؤسسة الرسالة بيروت _ لبنان.
[75] سورة لقمان آية 19.
[76] الكشاف للزمخشري 3/454
[77] تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/455
[78] سورة الأعراف آية 31
[79] سورة الإسراء آية 29
[80] تفسير القرآن العظيم 3/لابن كثير /ط1/1407هــ _ 1987م دار المعرفة _ بيروت _ لبنان. للحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي.
[81] انظر في ظلال القرآن 1/186.
[82] رواه البخاري كتاب النكاح 3/237.
[83] فتح الباري شرح صحيح البخاري 9/106.
[84] شرح النووي على صحيح مسلم 9/175_176.
[85] روح الدين الإسلامي صفحة /317/ للشيخ عفيف عبد الفتاح طبارة الطبعة /21/عام 1981م ــ دار العلم للملايين بيروت - لبنان.
[86] مدخل إلى الاقتصاد الإسلامي د. عبد العزيز هيكل صفحة /86/.
[87] الاقتصاد السياسي د. عارف دليلة صفحة /4/. الطبعة /2/ مديرية الكتب والمطبوعات ـــ دمشق ـــ 1988م _ 1989.
[88] وعود الإسلام لروجيه غارودي صفحة /25/. ترجمة د. دوقاتقاروط مكتبة مدبولي ـــ القاهرة ـــ مصر ـــ 1413 هــ 1993م
[89] مجلة (العربي) الكويتية العدد /447/ رمضان 1416 هــ شباط 1996م عن مقال بقلم عبد الرحمن شاكر بعنوان : لماذا سقطت النظرية وفشل التطبيق صفحة /34_35/.
[90] فتاوى معاصرة د. يوسف القرضاوي صفحة /735/ الطبعة الخامسة 1984م دار القلم _ بيروت _ لبنان.
[91] الرسالة القشيرية صفحة /75/ للإمام أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القيشري دار الكتاب العربي بيروت _ 1367هــ _ 1997م.
[92] إحياء العلوم الدين صفحة /210/ جزء /3/.للإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي - الناشر : دار إحياء الكتب العربية 1377هــ _ 1957م.
[93] الرسالة القشيرية صفحة /16/.
[94] الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية تأليف عبد الوهاب الشعراني ت 973÷ت تحقيق طه عبد الباقي سرور ــ والسيد محمد عيد الشافعي.
الناشر : مكتبة المعارف ـــ بيروت 1405 هــ ـــ 1985م.
[95] سورة البقرة آية 143
[96] المسلم في عالم الاقتصاد لمالك بن نبي صفحة /40_41/ /ط3/ 1407 هــ ـــ 1985م - دار الفكر بدمشق.
[97] انظر وهذه مشكلاتنا د. البوطي ص /227/.
[98] انظر مدخل إلى الاقتصاد الإسلامي د.عبد العزيز هيكل ص /194/.
[99] رواه مسلم انظر مسلم شرح النووي 18/100/ كتاب الزهد.
[100] لم أعثر على ألفاظ هذا الحديث في الكتب الحديثية الاثني عشر ( كتب السنة ) ولعل معناه صحيح.
[101] سورة الأنفال آية /60/.
[102] العدالة الاجتماعية في الإسلام للشهيد سيد قطب