السبت 18-05-2024 12:47:49 م : 10 - ذو القعدة - 1445 هـ
آخر الاخبار

العيد وارتفاع الأسعار.. معاناة مضاعفة وتدهور معيشي مستمر

الثلاثاء 28 يوليو-تموز 2020 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت – خاص / أسماء محمد

 

هما جماعيا واحدا بات يطارد اليمنيين ويسرق فرحتهم وينغص حياتهم، ممثلا بارتفاع الأسعار الذي لم يتوقف منذ بدء الحرب، بل ازداد بشكل كبير خلال العام الجاري.

تتضاعف المعاناة جراء التدهور الاقتصادي المستمر، بسبب ما يحيط بالمواطن اليمني من ظروف صعبة، نتيجة لتفشي الأوبئة المختلفة منها المكرفس وكورونا وحمى الضنك، الأمر الذي يكلف المواطن أموالا كثيرة، بسبب الغلاء الذي طال مختلف السلع.

ويصارع المواطن اليمني يوميا للبقاء على قيد الحياة وتوفير ما يلزمه من أساسيات أهمها الغذاء دون أي كماليات، فقد وصل سعر قرص الرغيف وهو بحجمه الصغير إلى 25 ريالا، وتتفاوت أسعار المواد الغذائية من مكان لآخر بسبب انعدام الرقابة، خاصة في المواسم كالأعياد التي يزيد فيها الإقبال على الشراء.

أسباب عديدة لارتفاع الأسعار

شكل نهب مليشيات الحوثي لاحتياطي البنك المركزي المقدر بخمسة مليارات ريال ونهب أمواله، البداية الفعلية لانهيار العملة المحلية، وفق خبراء اقتصاديين. فقد تجاوز سعر صرف الدولار الواحد في مناطق سيطرة الحكومة 752 ريالا شراء و756 ريالا بيع، وأدى تراجع قيمة الريال إلى ارتفاع كبير بالأسعار، خاصة أن بلادنا تعتمد بشكل كبير على الاستيراد والذي يكون بالعملة الصعبة.

واستمرت سياسات الحوثيين الرامية إلى تدمير الاقتصاد الوطني بشكل أكبر، من خلال رفض توحيد السياسية المالية في كل أنحاء البلاد، إضافة إلى منع تداول العملة ذات الإصدار الجديد، ما أدى إلى حدوث فارق في سعر الريال اليمني في مناطق سيطرة الحوثيين والحكومة لصالح المليشيات، وهو ما تسبب بارتفاع أسعار عمولات التحويل، وأسعار المواد الغذائية والأساسية المختلفة.

ولجأت المليشيات إلى المضاربة بالعملة، وانتشرت في مناطقها وباقي المحافظات بشكل غير مسبوق. وهي كذلك تفرض صعوبات كثيرة وعراقيل على أصحاب رؤوس الأموال والشركات المختلفة، وقيامها بابتزازها ماليا. كما أنها تأخذ جبايات مختلفة في النقاط التابعة لها من التجار، وهو ما يفاقم مشكلة الغلاء.

ومن المتوقع أن يزيد الوضع سوءا، نتيجة لاقتراب نفاد الوديعة السعودية، وعدم عودة حركة تصدير النفط -تحديدا- كالسابق والذي كانت تعتمد اليمن على إيراداته في تغطية موازنتها، بسبب الحرب، فضلا عن الركود الاقتصادي الحاصل دوليا بسبب أزمة كورونا، إضافة إلى استمرار المليشيات بالاستفادة من إيرادات المحافظات التابعة لها دون التنسيق مع الحكومة، وفوق ذلك، عدم قيامها بأي التزامات تجاه المواطنين.

ضرورة تفعيل ميناء المخا

تستمر مليشيات الحوثي حتى اليوم بالسيطرة على أحد أبرز موانئ اليمن (ميناء الحديدة)، وتسبب ذلك بحرمان آلاف الموظفين من رواتبهم، بسبب سحبهم إيرادات الميناء التي كانت مخصصة لتسليم رواتب الموظفين، وهو الأمر الذي أكده المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث مؤخرا وتعرض بسببه لحملة شرسة من قِبل أتباع المليشيات.

ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط، فسيطرتهم على الميناء تعني استمرار نهب المساعدات الإنسانية التي يستفيد منها آلاف المواطنين، ويعد -كذلك- سببا رئيسيا لارتفاع الأسعار خاصة في المناطق غير الخاضعة لسيطرتهم، كون البضائع تصل إلى صنعاء، ومنها يتم توزيعها إلى باقي المحافظات، ويضطر التجار لدفع مبالغ كبيرة كعمولات إرسال حوالات، بسبب التعقيدات الحاصلة بعد منعهم تداول العملة الجديدة في مناطق سيطرة الجماعة.

ولذلك، تتزايد الحاجة -مع استمرار ارتفاع الأسعار- إلى ضرورة تفعيل ميناء المخا وتطويره ليكون بديلا لميناء الحديدة، وتستفيد منه مناطق كثيرة خاضعة لسيطرة الشرعية.

حرمان من فرحة العيد

منذ أن بدأت الحرب في اليمن، غابت الفرحة عن أغلب اليمنيين، ليس فقط بسبب ما خلفته من مآسٍ بسبب فقدانهم كثير من أهاليهم، ولكن نتيجة للانهيار الاقتصادي الذي عانت منه بلادنا وألقى بظلاله على مختلف مناحي حياة المواطنين.

يحل بعد أيام عيد الأضحى، لكنه أصبح مناسبة غير سعيدة بالنسبة لكثير من المواطنين، بسبب عدم قدرتهم على شراء ملابس العيد لأطفالهم مثل الأعوام التي لم تكن تعيش فيها اليمن في ظل الحرب.

وحتى الأضاحي أصبحت حلما بالنسبة للعاطلين عن العمل، والأمر ذاته بالنسبة للموظفين، فالذين هم في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي لا يستلمون رواتبهم، ومن يقبض أجره في المحافظات التي تسيطر عليها الشرعية لا يكفيه لشراء احتياجاته الضرورية في ظل غلاء الأسعار الذي طال كل شيء.

وتجاوز سعر الأضحية 80 ألف ريال يمني، وهو الأمر الذي يفوق قدرة المواطن، كون أغلب الموظفين الحكوميين لا يصل راتبهم إلى ذلك الرقم. ويرجع كثير من التجار أسباب ذلك الغلاء إلى توقف استيراد المواشي من دول القرن الأفريقي، وانهيار العملة الذي انعكس على كل شيء.

كارثية الوضع

ترتفع بشكل مستمر نسبة الفقر والبطالة في اليمن والتي تجاوزت 80%، لكن مع الأزمة الاقتصادية التي تسببت بها جائحة كورونا يزداد الأمر سوءا، إذ توقفت كثير من الدول عن دعم بلادنا، برغم تعهدها في مؤتمر المانحين الأخير بتقديم مبالغ محددة أعلنت عنها.

تذكر الأمم المتحدة أن الأسعار في اليمن زادت بنسبة 35% في بعض المحافظات، منذ أن تم الإعلان عن وجود حالات مؤكدة مصابة بكورونا.

أما مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد حذر في منتصف يوليو الجاري من مجاعة وشيكة ستحدث في اليمن، ما لم يتم الحصول على تمويل فوري، وأن هناك 20 مليون يمني حاليا يعانون من انعدام الأمن الغذائي من أصل 30 مليونا.

لكن تلك التصريحات لم تغير من الواقع شيئا، إذ تستمر التحذيرات بشأن ذلك، وتوقعت ثلاث منظمات هي: برنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، ومنظمة الأغذية والزراعة "فاو"، ارتفاع عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد من مليونين إلى 3.2 ملايين في الأشهر الستة المقبلة في جنوب اليمن.

وكان المجلس النرويجي للاجئين أكد في بيان له أنه أجرى دراسة على 450 أسرة في 9 مناطق باليمن، وأظهرت النتائج أن واحدة من كل أربع أسر يمنية تمت مقابلتها، مهددة بالجوع بعد فقدان دخلها بالكامل، كما انخفض دخل النصف الآخر بنسبة تزيد عن 50% منذ انتشار كورونا، وأن نصف تلك العينة قالوا إنهم فقدوا نصف دخلهم على الأقل في ظل ارتفاع الأسعار، فيما أفادت 94% من العائلات بأن الطعام يشكل مصدر قلق كبير بالنسبة لها.

ويعيش المواطنون في مناطق سيطرة الحوثيين ظروفا يصعب وصفها بسبب عدم استلامهم رواتبهم، فضلا عن فرض المليشيات عليهم مبالغ مالية تحت مسميات كثيرة، جعلتهم في معاناة مستمرة، وزادت أتباع الجماعة ثراء.

كلمات دالّة

#اليمن