السبت 18-05-2024 09:06:59 ص : 10 - ذو القعدة - 1445 هـ
آخر الاخبار

عيد العمال.. مناسبة عالمية تتجدد معها مأساة عمال اليمن

الإثنين 06 مايو 2019 الساعة 11 مساءً / الاصلاح نت - تقرير خاص

 

احتفلت مختلف دول العالم قبل أيام بعيد العمال الذي يصادف الأول من مايو، وجعلته عطلة رسمية، تقديرا للجهود التي يبذلها العامل طوال العام، ويحظى كذلك بالتكريم من قِبل جهات العمل.

وفي الوقت الذي احتفلت فيه الكثير من الدول بالعمال، كان الموظف اليمني بعيدا تماما عن تلك الأجواء، نتيجة الوضع الحالي الذي يعيشه مختلف اليمنيين، جراء استمرار الحرب التي أثرت على القطاع الاقتصادي ومختلف مجالات الحياة.

  

عنوان للمأساة

تنقّل بين عشرات الوظائف كثير من اليمنيين الذين لم يكن بعضهم يحلم بأن يعمل في إحدى تلك المهن، فكان اليوم العالمي للعمال مناسبة للكثير منهم لتذكر واقعهم المرير الذي أصبحوا يعيشونه اليوم.

أدى تدهور الوضع الاقتصادي بشكل غير مسبوق إلى فصل كثير من العمال من وظائفهم، إما بسبب تسريحهم نتيجة لعجز الشركات التي يعملون فيها عن سداد ما عليها من واجبات، أو إغلاق كثير منها أبوابها تماما بسبب تدهور الأوضاع في البلاد.

نتيجة لذلك تنقَّل كثير من اليمنيين بين وظائف مختلفة، فعمل المعلم كسائق باص والمهندس كبائع في بقالة أو كبائع متجول، وذلك ليتمكنوا من توفير احتياجات أسرهم المختلفة.

  

أكاديميون في مهن شاقة

تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي طوال فترة الحرب، قصص عديد من الأكاديميين في الجامعات الذين اضطرتهم الحرب وانقطاع رواتبهم إلى العمل في مهن مختلفة بعيدة عن تخصصاتهم، وذلك بعد فشل كثير منهم بالسفر إلى خارج البلاد للعمل.

آخر تلك القصص التي تم تداولها على نطاق واسع، هي للدكتور عبده النمير الذي يعمل في كلية الزراعة بجامعة إب، والذي اضطر للعمل كحمال في أحد المحلات التجارية ليتمكن من تغطية متطلبات الحياة المعيشية.

فمنذ أكثر من ثلاث سنوات يعيش النمير وآلاف الموظفين في مناطق سيطرة الحوثي دون راتب منتظم، كما أن موارد جامعة إب يتم استخدامها لدعم ما يعرف بـ"المجهود الحربي" الذي تأخذه مليشيات الحوثي ومعه مختلف موارد الدولة في مناطق سيطرتهم.

الدكتور عبد النور عبد الخالق من جامعة الحديدة هو الآخر اضطر، بعد انقطاع راتبه لعدة أشهر، أن يعمل في أحد مخابز المدينة بالأجر اليومي ليتمكن من إعالة أسرته.

  

الحوثيون يضاعفون المأساة

يعد الوضع الحالي أحد نتائج انقلاب الحوثيين على الدولة في 2014، ومع ذلك ضاعفت تلك المليشيات الوضع بشكل أكبر نتيجة لفصلهم مئات الموظفين واستبدالهم بموالين لهم، وذلك في إطار حوثنة مختلف مؤسسات وأجهزة الدولة.

الموظف في وزارة التربية والتعليم (م.أ) والذي فضل عدم الكشف عن اسمه، تعرض بعد انقلاب الحوثيين للتضييق من قبل تلك المليشيات، والطلب منه التوقيع على أوراق مختلفة قد تعرضه مستقبلا للمساءلة القانونية نتيجة لمخالفتها اللوائح.

وقال إن الحوثيين كانوا يريدون من خلال التضييق عليه وإجباره على التنازل عن عمله، إحلال موظف من أتباعهم مكانه، برغم امتلاكه شهادة ثانوية عامة فقط.

وأضاف: "انقطع راتبي بعد ذلك وعشت أوضاعا صعبة مع أسرتي، وأنفقت وزوجتي كل مدخراتنا، ولم أستطع العمل بسبب وضعي الصحي، لكن المساعدات التي كانت تصلنا من بعض الأهل المغتربين جعلتنا لا نموت جوعا".

  

البطالة دفعته للجنون

لم يكن (م.أ) هو الضحية فقط، فالمهندس (ب.م) أصيب بالجنون بعد أن فقد عمله في إحدى شركات الاتصالات بمحافظة إب، والتي سرحت بعض موظفيها.

يروي أحد أقربائه قصته المؤلمة ويقول إن (ب.م) شاب طموح ودرس خارج البلاد هندسة اتصالات، لكنه فجأة أصبح عاطلا عن العمل، وبرغم ذلك لم يستسلم وقرر العمل في بيع القات.

وتابع: "استمر في عمله لأسابيع كبائع قات لكنه لم يتمكن من الاستمرار ثم ساءت حالته فجأة، وبدأ يعاني من أزمات نفسية حتى أصبح مجنونا، مخلفا وراءه زوجته وأطفاله الذين يجدون صعوبة في عيش حياة كريمة".

  

استمرار تراجع الوضع الاقتصادي

لا يبدو أن الوضع الاقتصادي سيتحسن خلال وقت قريب، فما زال الريال اليمني يعاني من تذبذب كبير في قيمته، ففي وقت سابق تجاوز سعر الدولار الواحد سقف 800 ريال، ثم تراجع ليصل إلى 505 ريالات، لكن ذلك لم يؤثر على أسعار المواد الغذائية بشكل واضح مما زاد من معاناة المواطنين خاصة المغتربين الذين يعيلون أسرا كبيرة داخل البلاد.

يتحدث تقرير صادر عن الأمم المتحدة في عام 2016 عن تسريح 70% من العمالة في الشركات الخاصة، ويقدر ارتفاع نسبة البطالة إلى 60%، وارتفع ذلك الرقم ليصل إلى 80% مع استمرار الحرب، وفق إحصائيات حديثة.

وتوقفت جراء الحرب 800 شركة مقاولات كانت تعمل في اليمن بسبب توقف البرنامج الاستثماري العام للدولة منذ عام 2015، ويصل العاملون في القطاع المنظم وغير منظم إلى حوالي مليون ونصف المليون عامل، وفق مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.

وبحسب المركز، فإن المشكلة لم تقتصر على قطاع البناء والتشييد فقط، بل تعدته إلى أكثر من 20 مهنة تجارية أخرى، منها: قطاعات الكهرباء والإسمنت والبلاط والرخام والسباكة والتسليح، وغيرها من القطاعات التجارية التي تعتمد على قطاع البناء والتشييد، بالإضافة إلى العمالة المتخصصة في هذه المجالات.

كما تضررت كثير من المصانع، بينها مصانع للمواد الغذائية، ومصانع للإسفنج والبلاستيك، ومصانع للبطاريات، ومصانع مواد بناء، ومستشفيات خاصة، وفق مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.

والأدهى من ذلك أن أسعار المواد الغذائية خلال شهر مارس الماضي ارتفعت بنسبة 5 بالمئة بصنعاء، ثم بالحديدة وعدن ومأرب بنسبة 3%، ثم بتعز، كما ذكر المركز في آخر تقرير له.

وترتفع نسبة الفقر في اليمن بشكل كبير، حيث وصلت إلى أكثر من 83%، في حين تعاني اليمن من المجاعة، مما جعل اليمنيين ينفقون كل مدخراتهم ويستدينون الكثير من المال، ويقفون عاجزين عن سداد ما عليهم بسبب غلاء المعيشة وعدم حصول كثير من موظفي الدولة على رواتبهم.

كلمات دالّة

#اليمن #عيد_العمال