فضيحة جديدة في مسلسل فساد منظمات الأمم المتحدة في اليمن التي عمقت الأزمة الإنسانية
الموضوع: اخبار وتقارير

 

كشف نجيب السعدي، رئيس الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في اليمن، أن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية «أوتشا» أسقط 2.6 مليون من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة من قوائم المستحقين للمساعدات الإغاثية بينهم مليون ونصف المليون نازح.

وأكد السعدي، في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، أن مكتب "أوتشا" حوّل هذه المساعدات إلى المناطق الخاضعة للميليشيات الحوثية، واصفاً الإحصائيات التي اعتمد عليها مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) في وضع قوائم النازحين داخلياً بأنها «إحصائيات غير صحيحة وتفتقر للمنهجية»، وقال إنها بُنيت «على تقديرات وليس على إحصائيات».

وأوضح أن المسؤولين في الوحدة التنفيذية خاضوا نقاشاً مطولاً مع «أوتشا» ومع منظمة الهجرة الدولية، كون الأخيرة هي الجهة التي أوكلت لها الوكالات الأممية تتبع النزوح، وقد اتضح أنه لا توجد لديهم أي مسوحات، وأنه بعد أن اطلعت «أوتشا» والهجرة الدولية على المنهجية التي تتبعها الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في إجراء المسوحات وجمع البيانات اتفق على اعتماد تلك الإحصائيات، ولكن بعد ذلك فوجئت الوحدة التنفيذية بموافقة وزارة التخطيط والتعاون الدولي في الحكومة الشرعية على الإحصائيات المرفوعة من «أوتشا» رغم الأخطاء الواضحة فيها”.

وطالب السعدي كبار المسؤولين بالتدخل وإلزام الأمم المتحدة باعتماد القوائم والإحصائيات المرفوعة من الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين التي يرأسها باعتبارها الجهة الرسمية المعنية بهذا الأمر.

هذه الخطوة، حسب السعدي، ستحرم قرابة مليونين و600 ألف من السكان والنازحين في مناطق سيطرة الحكومة من المساعدات، ومن بينهم مليون و600 ألف نازح معظمهم في محافظة مأرب، ولها تأثيرات في الجوانب الأخرى، مبيناً أن هذا العدد الذي تم خفضه في مناطق سيطرة الحكومة تمت إضافته إلى مناطق سيطرة الحوثي، دون الاستناد على أساس صحيح».

وأورد أمثلة على اتهاماته الموجهة لمكتب الأمم المتحدة، وقال إنه في مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة غربي اليمن رفع الحوثيون إحصائية تضم 11911 نازحاً، ولكن الأمم المتحدة اعتمدت 276391 نازحاً، وكذلك في مديرية قارة بمحافظة حجة، حيث رفع الحوثيون إحصائية بخمسة وثلاثين نازحاً، إلا أن الأمم المتحدة اعتمدت قائمة بـ11383 نازحاً.

وأضاف السعدي «بالمثل في مديرية الصفراء التابعة لمحافظة صعدة رفع الحوثيون إحصائية بـ42 نازحاً فقط، ولكن الأمم المتحدة اعتمدت قائمة تضم 15142 نازحاً، وفي مديرية شهارة بمحافظة عمران، حيث لم يبلغ الحوثيون بوجود أي نازحين فيها، إلا أن الأمم المتحدة اعتمدت 15755 نازحاً، والأمر كذلك في مديرية الزاهر التابعة لمحافظة الجوف، حيث لم يقدم الحوثيون أعداداً للنازحين هناك ولكن الأمم المتحدة اعتمدت 17586 نازحاً».

وأكد مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، أن الحوثيين رفعوا في 48 مديرية بإحصائية تضم 261769، ولكن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية اعتمد 1458964 نازحاً.

فساد عمق الأزمة الإنسانية

في مارس الماضي، فشل مؤتمر المانحين لليمن والذي نظمته الأمم المتحدة بالتعاون مع الحكومتين السويدية والسويسرية في جمع المبلغ الذي حددته المنظمة الدولية لتمويل مشاريع الاستجابة الانسانية في البلد الذي أنهكته الحرب طيلة سبع سنوات.

وأكدت مصادر اقتصادية مطلعة حينها أن مؤتمر المانحين فشل لعدة اعتبارات مرتبطة بالظروف التي يعيشها الاقتصاد العالمي بفعل الحرب في أوكرانيا، وارتفاع أسعار النفط، والاضطراب في أسواق المال، لذا فإن الأولوية للحكومات الغربية تنصرف باتجاه مواجهة المستجدات.

وأرجعت أسباب الفشل بعدة اعتبارات، بينها شبهات الفساد الموثقة التي تم الكشف عنها في عمل المنظمات الإنسانية الأممية في اليمن، التي دفعت المانحين للإحجام عن الإيفاء بالتزاماتهم السابقة أو الإعلان عن تبرعات ومنح جديدة.

تقارير دامغة

وتتهم الحكومة اليمنية المنظمات الأممية بأنها تنفق أكثر من ثلث المساعدات على النفقات الإدارية، كما تتهم الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران بأنها تسطو على أغلب المعونات لتقديمها للموالين لها إلى جانب تسخير جزء كبير منها لمقاتليها في الجبهات.

ولعدة مرات تم العثور على المساعدات الأممية في جبهات القتال لدى مليشيات الحوثي الإرهابية، ما اعتبرته الحكومة اليمنية دليلاً كافياً على تسخير المساعدات الإنسانية لصالح المليشيا وحربها ضد اليمنيين، وحرمان المستحقين من الحصول عليها.

وفي واشنطن خلال العامين الماضيين، تحدثت تقارير عن فساد الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن من خلال فساد كبير ومهول على حساب اليمنيين، وتلك التقارير تدل على الفساد والنهب والتجويع وكثير من الوسائل التي تمارسها الأمم المتحدة ومنظماتها التي تعمل في اليمن، وأن كل المبالغ التي تتحصل عليها الأمم المتحدة ومنظماتها من قبل المانحين والداعمين والتي كان من المفترض أن يقدموا تلك الأموال لليمنيين ولحكومة اليمن وكان هذا سيحسن الوضع المعيشي والإنساني، لكن لم يتم توريد تلك الأموال للبنك المركزي اليمني في عدن من قبل الداعمين والمانحين.

شواهد فساد المنظمات

وسبق أن نشرت وكالة أسوشيتد برس الأميركية قبل سنتين تحقيقاً استقصائياً أكدت فيه وجود تلاعب يمارسه مكتب الصحة العالمية واليونيسف في صنعاء، شمل الموافقة على عشرات العقود المشبوهة دون الأوراق المطلوبة، وأن أطنانا من الأدوية والوقود المتبرَع بهما ذهبت في عِداد المفقودين، وكان من بين المتهمين بالتلاعب رئيس مكتب الصحة العالمية في صنعاء نيفيو زاجاريا، حيث كتب التقرير أن مكتب الصحة العالمية عندما كان تحت قيادة زاجاريا كان مليئا بالفساد والمحسوبية، وأنه استعان بموظفين مبتدئين سبق أن عملوا معه في الفلبين وأنه رفعهم إلى وظائف ذات رواتب عالية رغم أنهم غير مؤهلين، وأن اثنين منهم كانت مهمتهما رعاية "كلب" المسؤول الأممي.

وتحدث التحقيق عن قيام موظف في منظمة اليونيسف يدعى خورام جافيد بمساعدة قيادات من ميليشيات الحوثية في التحرُّك وحمايتهم من الغارات الجوية بل وسمح للقيادات الحوثية باستخدام مركبات تابعة للوكالة الأممية، وهذا أعطى فعليًا، بحسب تحقيق الوكالة، الحماية الرسمية للقيادات الحوثية من الغارات الجوية التي شنها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.

منذ العام 2014 وكل المراقبين يلاحظون اضطرابا في كيفية تعاطي الأمم المتحدة في اليمن مع الأزمة اليمنية، سواء في شقها السياسي أو الإنساني.

عقبها تحدث مراقبون عن فساد المنظمات التي عملت على تسليم المساعدات الإغاثية للمسلحين ومقاولين تابعين للمليشيا الذين بدورهم يقومون بتحويل مسار المساعدات إلى الجبهات بدلاً من إغاثة النازحين.

وأكدوا أن غالبية المنظمات تلجأ للمشاريع الوهمية في ظل الفساد وغياب الرقابة الحكومية، خصوصاً أن تلك المنظمات تتواجد في مناطق الحوثي وتغيب في مناطق النزوح (المحررة).

عن طبق فول بـ62 دولارا

في منتصف 2019، أطلق ناشطون يمنيون حملة إعلامية وإلكترونية على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل إعلامية مختلفة، تحت وسم #وين_الفلوس. وهدف الحملة معرفة مصير المعونات الأممية لليمن خلال سنوات الحرب وتطبيق آلية شفافة لتسليم المساعدات.

ويقول المشاركون فيها إن الغذاء لا يصل للجائعين، بينما أموال المعونات تتسرب في ثقب أسود.

ونشر الناشطون حينها قائمة بـ96 منظمة دولية وإقليمية ومحلية وطالبوها بالكشف عن مصير مبلغ 2.7 مليار دولار تسلمتها تلك المنظمات من المانحين منذ 2018، وتذهب تلك المبالغ لمساندة مليشيا الحوثي بشكل مباشر أو غير مباشر.

وفي نهاية العام 2018، واجه برنامج الأغذية العالمي اتهامات بالفساد من قبل ناشطين حقوقيين في اليمن، كما اتهمت الحكومة البرنامج بتقديم معظم المساعدات للحوثيين، الذين يقومون ببيعها في السوق السوداء، ويقدمون القليل منها لأتباعهم في جبهات القتال والمدن الخاضعة لسيطرتهم.

ولقيت تغريدة على تويتر نشرها البرنامج انتقادات كبيرة واعتبرها ناشطون بأنها تكشف عن فساد مالي كبير، حيث ذكرت المنظمة أن تكلفة طبق بسيط من الفول تقدمه المنظمة، تبلغ 62 دولارا، أي ما يعادل أكثر من 36 ألف ريال يمني، وهو ما لقي استنكار الكثير من المتابعين اليمنيين.

الإصلاح نت - عدن
الخميس 26 مايو 2022
أتى هذا الخبر من موقع التجمع اليمني للإصلاح:
https://alislah-ye.com
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://alislah-ye.com/news_details.php?sid=9220