المراكز الصيفية الحوثية..مخيمات للموت ونشر الإرهاب
الموضوع: اخبار وتقارير

  

مع كل عطلة دراسية تنشط مليشيا الحوثي بكل ما أوتيت من قدرة ووسيلة في استغلال طلاب المدارس الواقعين تحت نفوذها لغسل أدمغتهم وتسويق الكثير من الأفكار الدخيلة على مجتمعنا، والتأثير عليهم، لاستقطابهم للانضمام إلى صفوفهم، وسوقهم إلى جبهات القتال المنتشرة والتي فتحتها المليشيا الحوثية في محافظات عدة.
وتتخذ المليشيا الحوثية من المخيمات الصيفية ـ التي تقيمها كل عام وتنفق عليها أموالا طائلة وتبذل من أجلها جهودا كبيرة وتوليها اهتماما بالغا ـ فرصة ذهبية بالنسبة لها لنشر أفكار الجماعة المستنسخة من التجربة الإيرانية وفكرها الكهنوتي القائم على الخرافة والأباطيل، وتسويقها في أوساط النشء حديثي السن من مختلف المراحل الدراسية.

تهم أممية

وعلى الرغم من توقيع جماعة الحوثي اتفاقا مع الأمم المتحدة يهدف إلى منع المليشيا الحوثية من تجنيد الأطفال واستغلالهم في الحروب، إلا أنها شرعت في تدشين مخيماتها الصيفية والتي تتسم بالطائفية، مستهدفة آلاف الطلاب في المحافظات الواقعة في نطاق سيطرتها.
وقد وقّعت الأمم المتحدة وسلطات المتمرّدين الحوثيين في العاصمة صنعاء في 18 من إبريل الماضي خطة عمل تهدف إلى منع تجنيد الأطفال في الحرب وحماية المرافق التعليمية، حسبما أفادت المنظمة الأممية.
وتتهم منظمة الأمم المتحدة الحوثيين باستقطاب الأطفال وتجنيدهم للقتال في نزاعهم ضد الحكومة الشرعية منذ بداية الحرب في العام 2014.
ووفقا لتقرير لخبراء المنظمة قُدم لمجلس الأمن الدولي ونشر في يناير الماضي من العام 2022، فقد كشف عن امتلاكه قائمة تضم 1406 طفلا تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عاما، جنّدهم المتمردون ولقوا حتفهم في الحرب سنة 2020.
وبحسب أحد كبار القادة العسكريين الحوثيين فقد اعترف عام 2018، خلال تحقيق نشرته وكالة "أسوشيتد برس"، بنجاحهم في تجنيد 18 ألف طفل بحلول ذلك الوقت، كما أكد جنود أطفال سابقون أنه تم تجنيد صبية لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات.

استراتيجية متكررة

وتأكيدا على الاستمرار في نهجها الإجرامي شرعت المليشيا الحوثية وكعادتها في تدشين المخيمات الصيفية التي تشكل جزءً من استراتيجية الحوثيين الرامية إلى كسب الدعم لأيديولوجيتهم، وتشجيع الناس على الانضمام لصفوفهم، إذ لا شيء أشد وضوحاً في مسيرة هذه الميليشيا من رغبتها الجامحة وشهيتها للعنف والإرهاب الذي تمارسه بحق المواطنين، من خلال إجبار الطلاب بمختلف أعمارهم على حضور دوراتهم المكثفة ذات البعد الطائفي، والتهديد والوعيد لمن يتخلف عن ذلك.
وقد دشنت جماعة الحوثي بكل ثقلها وبجهود مكثفة استقطاب طلاب المدارس عبر إقامة المخيمات الصيفية، التى توظفها كل عام وتستخدمها لما يمكن تسميتها بمحاضن "غسل أدمغة" النشء، التي تسعى الجماعة من خلالها الى التعبئة العامة في أوساطهم، وخلق قناعات لديهم بأدبيات الجماعة وأفكارها، واستقطاب الكثير من المشاركين في هذه المخيمات من الأطفال الى الجبهات، التي أصبحت تعاني العجز البشري في الكثير منها.

دروس تحت التهديد

وتأتي هذه التجهيزات لإنشاء المخيمات الصيفية كأسلوب آخر ووسيلة أخرى من وسائل طمس الهوية، ونشر ثقافة العنف، وزرع الأفكار الضالة، والعبث بعقول الجيل، إذ سبق ذلك خطوة مماثلة قامت بها المليشيا تصب في اتجاه واحد، فقد كثّفت مليشيا الحوثي من تحركاتها في أوساط العامة والموظفين الحكوميين في صنعاء، ومدن أخرى، لإخضاعهم لسماع محاضرات يلقيها كل مساء زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وإجبارهم على حضور أمسيات وبرامج تعبوية وطائفية وتحريضية، تقيمها المليشيا الإرهابية في عموم مديريات العاصمة صنعاء.

 وتقول مصادر أن تلك التحركات الحوثية بإجبار المواطنين لحضور تلك الفعاليات الطائفية وأمسياتها التحريضية والتعبوية طالت أيضاً ما تبقى من موظفي قطاعات الدولة لإجبارهم على حضور جميع تلك الأمسيات.وتضيف المصادر أن المليشيا شددت على أتباعها ضرورة حشد أكبر قدر من السكان، من أجل الحضور للاستماع إلى ما تسميه «البرنامج الرمضاني»، المعد في سياق سعيها إلى استقطاب مجندين جدد لضمهم إلى جبهاتها.

وألمحت المصادر إلى أن مليشيا الحوثي هددت من يرفض الحضور بحرمانهم من أي امتيازات أو ترقيات تمنحها الجماعة، وكذلك معاقبتهم واعتقالهم، باعتبارهم من مناهضين للجماعة، أو المتواطئين مع قوات التحالف والحكومة الشرعية.

عبث واستدراج

وقد جدد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني تحذيره من خطورة إقامة تلك المخيمات التي تنشط جماعة الحوثي في إقامتها كل عام، مؤكدا على استمرار عبث الميليشيا الحوثية بعقول الأطفال واستدراجهم من خلال تلك المخيمات.
ويضيف وزير الإعلام في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية سبأ أن "عشرات الآلاف من الأطفال الذين يحشدهم الحوثي لمعسكراته لتفخيخهم بأفكاره الظلامية، لا يمثلون خطراً على النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي فحسب، بل يشكلون قنبلة موقوتة لتهديد الأمن والسلم الإقليمي والدولي"
وحمل المجتمع الدولي مسؤولية الوقوف بصمت أمام أكبر عمليات تجنيد للأطفال في تاريخ الإنسانية، متجاهلاً مخاطر هذه الجريمة على اليمن والمنطقة، حسب قوله.

غير أن نائب مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة "مروان نعمان" كشف نهاية العام الماضي 2021 عن أرقام مضاعفة لما تم الإعلان عنه في السنوات الماضية، معظمهم تم استدراجهم عبر المخيمات الصيفية.
موضحا أن "مليشيا الحوثي جندت أكثر من 35 ألف طفل منذ عام 2014 منهم 17٪ دون سن 11 عامًا".
ونبه إلى "خطر تحريف المناهج التي تطبعها المليشيا في مناطق سيطرتها، وما يشكله ذلك من تهديد بإنشاء جيل من المتطرفين الذين لا يتقبلون إخوانهم في الوطن فضلا عن قبولهم التعايش مع الشعوب الأخرى".

جهود مكثفة لتزييف الوعي

وقد دشنت جماعة الحوثي معسكراتها الصيفية لهذا العام 2022 والتي تستهدف أطفال المدارس من سن السادسة وحتى السادسة عشرة، تحت شعار “علم وجهاد”، في مسعى منها لتكريس الطائفية وزرع بذور الفرقة والثارات وحشد الأطفال واليافعين للقتال.
ولم تكتف المليشيا الحوثية بالشحن الطائفي ودوراتها المكثفة عبر تلك المخيمات، بل طالبت هذا الموسم الآباء وأولياء الأمور بالمشاركة في دورات مخصصة لهم في المعسكرات الصيفية، حتى يمكنهم المساعدة في عملية التعبئة الفكرية الهادفة إلى غسل أدمغة الأطفال بأفكار متطرفة والتحريض الطائفي والمذهبي.
وصاحب عمليات التدشين تحركات حوثية مكثفة في أوساط المشرفين وعقال الحارات ومسؤولي المساجد وشيوخ القبائل، لمطالبة الآباء وأولياء الأمور بإلحاق أبنائهم بهذه المعسكرات، بالإضافة إلى تبني مليشيا الحوثي، حملة إعلامية تشارك فيها ست قنوات فضائية وأكثر من ثلاثين إذاعة محلية إلى جانب اللوحات الدعائية الضخمة التي نُصبت في شوارع المدن والملصقات التي وزعت على الجدران في كل الأحياء.

ونتيجة للتصرفات الإرهابية والضغوط التي يمارسها الحوثيون ضد المواطنين فقد لبى الكثير من الطلاب وأولياء أمورهم دعوات الحوثيين لحضور تلك الدورات التي تقام داخل المخيمات.
ففي مدينة صنعاء وحدها افتتحت مليشيا الحوثي أكثر من 593 دورة ومدرسة صيفية موزعة على المديريات العشر، تحت شعار “علم وجهاد” وفق ما ذكرته وكالة "سبأ" بنسختها الحوثية.
ونقلت الوكالة عن القائمين على الدورات الصيفية تأكيدهم أن أعداد الطلاب المشاركين في المعسكرات الصيفية في مدينة صنعاء تجاوز 18 ألفاً و500 طالب وطالبة خلال الأسبوع الأول من افتتاحها، في حين بلغ عدد العاملين فيها أكثر من ألف و802 عامل وعاملة.

قنابل موقوتة

ويرى الدكتور "فيصل علي" رئيس مركز يمنيون للدراسات، في حديثه لـ "الإصلاح نت" أن فكرة المراكز الصيفية التي تقيمها الجماعات الطائفية والدينية هي "فكرة ملغمة تبدأ باستقطاب الطلبة باسم القرآن والسنة والعلوم الشرعية وتنتهي بتفخيخ عقولهم بمصطلحات ومفاهيم رجعية لا تخدم الفرد ولا المجتمع ولا الأمة، وتخرجهم عن واقعهم إلى واقع الصراعات والثارات القديمة".
موضحا أن "الفرد الذي يسمح له أهله بالذهاب إلى مراكز غير تابعة لوزارة التربية والتعليم عليهم أن يقرأوا عليه الفاتحة، فعمليات غسيل المخ التي تقوم بها الجماعة خطرة على الفرد وتنهي شخصيته وتحوله إلى فرد في قطيع لا أكثر".
ويضيف رئيس مركز يمنيون للدراسات "بالنسبة للمجتمع الذي يسمح بإرسال أبنائه إلى مراكز الجماعات الدينية كلها بدون استثناء لا ينتظره الخير، ماذا جنى المجتمع من ارسال الطلبة على مراكز الشباب المؤمن ومركز بدر وغيرها والتي انتجت جماعة الحوثي المتطرفة، كل هذا الخراب هو نتيجة تلك المراكز، وكلها تقوم بتفخيخ الطلبة وتحولهم إلى قنابل موقوتة لينفجروا في وجه المجتمع في أي لحظة".

نتائج كارثية

وبحسب وزير الإعلام "معمر الأرياني" فقد كشف في وقت سابق عن وجود نوعين من المخيمات التي ينشئها الحوثيون، الأولى مفتوحة أمام جميع الأطفال فيما الثانية لا تستقبل سوى الفتيان القادرين على حمل السلاح.
وحذر من مخاطر ما يسمى بـ "المخيمات الصيفية"، مؤكدا أن المليشيا الموالية لإيران تعمد إلى غسل أدمغة الفتيان الذين يقصدونها وتلقنهم الفكر المتطرف، كما تدربهم على استخدام مختلف أنواع الأسلحة.
ويشير الأرياني إلى أن معظم العائلات في محافظات صنعاء وحجة وصعدة والجوف والمحويت، معرضون أكثر من غيرهم للتجنيد بسبب ارتفاع نسبة الأمية في المجتمع والأوضاع المعيشية الصعبة التي يواجهها السكان.

ويرى مراقبون أن ثمة مخاطر ستتركها تلك المخيمات ودوراتها المكثفة، على الفرد والمجتمع، حيث تتسم تلك الدورات بطابع العنف والإرهاب، نظرا لطبيعة تلك الدروس المشحونة بالتحريض والكراهية.
زرع مفاهيم العنف، ونشر ثقافة الكراهية، وإشاعة الغل والأحقاد، وتحريض أبناء المجتمع ضد بعضهم، وتعليم الطلاب استخدام السلاح في سن مبكرة، وتعليمهم ثقافة الموت والإرهاب، وغرس الولاء في قلوب النشء لدول أجنبية معادية، وتلاشي القيم الوطنية، تلك وغيرها هي ماخلفتها وتخلفها المخيمات الحوثية التي تستهدف النشء بمختلف مستوياتهم العمرية والتعليمية.

وتشهد المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين فوضى عارمة، وارتفاع لمعدل الجريمة، وانتشار لظاهرة قتل الأقارب سيما الآباء والأمهات، خصوصا على أيدي الشباب العائدين من تلقي الدورات في تلك المخيمات، والذين تم شحنهم بالكثير من الأفكار المتطرفة، وملء عقولهم بالمفاهيم المغلوطة، وتعبئتهم بطريقة خاطئة، ليتحولوا بعدها إلى وحوش كاسرة، وجيل مفخخ، يصعب جراء ذلك ترويضه أو السيطرة عليه.

الإصلاح نت-خاص- صادق عبد المعين
الخميس 26 مايو 2022
أتى هذا الخبر من موقع التجمع اليمني للإصلاح:
https://alislah-ye.com
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://alislah-ye.com/news_details.php?sid=9219