الهدنة الأممية بين الاستغلال الحوثي للتحشيد والالتزام الحكومي في التنفيذ
الموضوع: اخبار وتقارير

 

أربعون يومًا مضت على الهدنة التي أعلنها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، مطلع نيسان/أبريل المنصرم، والمحددة بشهرين، تنتهي مطلع حزيران/يونيو القادم، وسط تأكيد حكومي مستمر بالالتزام بتنفيذ بنود الهدنة، يقابلها خروقات مستمرة ترتكبها مليشيا الحوثي المدعومة من إيران في مختلف جبهات القتال.

ومطلع نسيان/أبريل الماضي، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن موافقة الأطراف اليمنية، على هدنة إنسانية لمدة شهرين، تشمل وقف كافة العمليات العسكرية، وتشغيل رحلتين تجاريتين من مطار صنعاء الدولي كل أسبوع من وإلى القاهرة وعمّان، والسماح بدخول سفن المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة بمجموع 18 سفينة خلال فترة الهدنة، وفتح طرق تعز وغيرها من المحافظات.

ورغم مضي أكثر من نصف المدة المحددة للهدنة الإنسانية المعلنة، إلا أن التحركات الحوثية على الأرض والخروقات التي ترتكبها يؤكد مضيها نحو خيار الحرب، ولا شيء غيره، كونها لا تعيش إلا وسط الحروب والدمار، والمتاجرة بدماء اليمنيين تنفيذًا لأجندة إيران، وفقًا لرئيس هيئة الأركان الفريق الركن صغير بن عزيز.

 

تنفيذ من جانب واحد

منذ سريان الهدنة ودخولها حيز التنفيذ، شرعت الحكومة بتنفيذ بنود الهدنة من جانب واحد. حيث منحت تصاريح لدخول سفينتي مشتقات نفطية عبر ميناء الحديدة الخاضع لمليشيات الحوثي؛ في أول خطوة لتنفيذ مقتضيات الاتفاق، ليبلغ عدد السفن التي أفرغت حمولتها في ميناء الحديدة نحو 12 سفينة، من إجمالي عدد السفن البالغة عددها 18 سفينة من المتوقع دخولها خلال فترة الهدنة.

ووفقا للحكومة اليمنية، فإن التقديرات ‏"تشير إلى أن الرسوم والجمارك التي سيتم تحصيلها من قبل مليشيا الحوثي على تلك الشحنات (18 سفينة) الواردة خلال شهري الهدنة، حوالي 90 مليار ريال يمني"، في الوقت الذي تتنصل من التزاماتها بتوجيه عائدات المشتقات النفطية القادمة عبر ميناء الحديدة لتغطية مرتبات موظفي الجهاز الاداري للدولة في مناطق سيطرتها، مشيرة إلى أنها "تكفي لصرف مرتبات 3 أشهر تقريبا لجميع موظفي الجهاز الإداري للدولة في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا الحوثية".

وفيما يتعلق بمطار صنعاء، وجهت ‎الحكومة اليمنية الجهات الفنية ‎في اليوم الأول للهدنة باستكمال كافة الإجراءات الداخلية لتشغيل رحلتين أسبوعيا من وإلى ‎المطار، كما نسقت مع السلطات المعنية في مصر والأردن لبدء التشغيل. وفيما كان من المقرر أن تنطلق أول رحلة تجارية من مطار صنعاء منذ ست سنوات وذلك بعد استكمال الإجراءات اللازمة، في الـ24 من أبريل المنصرم، قبل أن تعلن الخطوط الجوية اليمنية تأجيلها.

وكشفت الحكومة اليمنية عن الأسباب والعراقيل التي أدت إلى تأجيل الرحلة. وقالت في بيان، إن "الاتفاق ينص على تشغيل الرحلات طبقا للإجراءات المعمول بها في مطاري سيئون وعدن بما في ذلك اعتماد جوازات السفر الصادرة من الحكومة فقط كونها وثائق وطنية سيادية من حق الحكومة اليمنية حصرا ".

وفيما يتعلق بقضية تعز، نصت الفقرة الرابعة من اتفاق الهدنة الأممية على أنه فور سريانها يدعو المبعوث الحكومة والحوثيين إلى اجتماع للاتفاق على فتح طرق تعز وغيرها من المحافظات.

وفيما أرسلت الحكومة إلى مكتب المبعوث الأممي بأسماء ممثليها في اللجنة الخاصة بفتح المعابر في تعز، لا تزال مليشيات الحوثي تمتنع حتى الآن عن تسمية ممثليها.

 

تحركات أممية لتثبيت الهدنة

ومع استمرار الخروقات الحوثية للهدنة المعلنة، كثّف المبعوث الأممي إلى اليمن تحركاته، للحفاظ على الهدنة، وسط تحذيرات حكومية من انهيارها نظرا لمتاجرة المليشيا الحوثية بمعاناة المدنيين، وعرقلة تنفيذ بنودها.

وفي هذا الصدد، أجرى المبعوث الأممي عدة لقاءات منفصلة خلال اليومين الماضيين في الرياض، والعاصمة المؤقتة عدن. ففي الرياض التقى السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر، وكذا الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف.

كما وصل غروندبرغ إلى عدن، الإثنين، والتقى نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي عبد الله العليمي الذي جدد تأكيد موقف الحكومة الداعم للهدنة، رغم الخروقات الحوثية المستمرة.

والثلاثاء الماضي، التقى المبعوث الأممي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، مؤكدًا "دعمه للهدنة الإنسانية التي ترعاها الأمم المتحدة بكامل بنودها، بما في ذلك الإصرار على فتح المعابر على مدينة تعز المحاصرة من قبل المليشيات الحوثية".

ودعا الرئيس العليمي الأمم المتحدة إلى "ضرورة إلزام المليشيات الحوثي بتسليم المرتبات لموظفي الدولة من عائدات إيرادات ميناء الحديدة النفطية، وفقا لما نص عليه اتفاق ستوكهولم، مشددا على ضرورة الإسراع في تنفيذ اتفاق الأسرى، بموجب الاتفاق الذي تم مع مكتب المبعوث الأممي".

 

تصعيد حوثي باتجاه مأرب

وتزامنا مع استمرار الخروقات الحوثية للهدنة، أعلن الجيش الوطني، توثيق أكثر من 3000 خرقًا للهدنة ارتكبتها مليشيا الحوثي الإيرانية منذ بدء سريانها في الـ 2 من نيسان/ أبريل الماضي. تصدّرت محافظة مأرب قائمة الخروقات الحوثية، التي حاولت استغلال الهدنة لتنفيذ أجنداتها على الأرض، بعد فشلها الذريع في تحقيق أي تقدم يذكر في المحافظة التي صمدت في وجه المليشيا، وأفشلت مشروع إيران في اليمن.

حيث واصلت مليشيا الحوثي الإيرانية، إرسال التعزيزات العسكرية إلى جبهات محافظة مأرب. وأفشل أبطال الجيش الوطني والمقاومة منذ بدء الهدنة عدة هجومات عنيفة قامت بها المليشيا الإيرانية خلال فترة الهدنة، كما تم إسقاط عدة طائرات مسيّرة أطلقتها المليشيا المدعومة من إيران على المدنيين في محافظة مأرب، التي تحتضن أكثر من 2 مليون نازح.

وكثفت مليشيا الحوثي ضد محافظة مأرب في محاولة لاستغلال الهدنة لشن هجوم على المحافظة وتحقيق أي نصر بعد فشلها الذريع خلال السنوات الماضية، وهي المحافظة التي كبدتهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد. فخسائر المليشيا في مأرب، تفوق خسائرهم في مختلف الجبهات منذ انقلابهم الدولة في أيول/سبتمبر 2014م. حيث اعترف الحوثيون بمقتل14 ألفا و700 من مقاتليهم في مأرب خلال خمسة أشهر"، وفقا لما نقلته وكالة "فرانس برس"، عن مسؤول حوثي.

ويرى مراقبون أن السبب وراء قبول الحوثيين للهدنة لأول مرة منذ 2016، يرجع إلى فشل المليشيا في تحقيق السيطرة على محافظة مأرب، والخسائر الكبيرة التي تكبدوها في الأرواح والعتاد، وفقا للباحثة البريطانية هيلين لاكنر، والتي قالت في مقابلة مع مجلة «The New Politics» الامريكية، الجمعة الماضية، "إن فشل الحوثيين في السيطرة على مدينة مأرب والخسائر البشرية الكبيرة التي تعرضوا لها طوال العامين السابقين، هو السبب الحقيقي وراء زيادة استعدادهم للتفاوض وموافقتهم على الهدنة (...)".

 

استغلال حوثي للتحشيد

تعاملت مليشيا الحوثي مع الهدنة منذ اليوم لبدء سريانها، بنوع من الانتقائية، ووجدتها فرصة للتحشيد، وتحقيق ما عجزت عن تحقيقه في وقت الحرب، حيث استغلت الهدنة للدفع بتعزيزات عسكرية إلى مختلف الجبهات وتحديدا في جبهة مأرب، وفقا لما يعلنه الجيش الوطني بشكل يومي، من توثيق ورصد لخروقات المليشيا للهدنة.

ووصف رئيس الأركان خلال لقاءاته العيدية لعدد من أبطال الجيش في جبهات مأرب، بأن الهدنة بالنسبة لمليشيا الحوثي الإيرانية، "استراحة للاستعداد للقتال من جديد"، مشددًا على ضرورة "البقاء في حالة جاهزية والاستعداد الكامل لخوض المعركة الفاصلة"، مع المليشيا الحوثية التي "تسعى إلى الخراب والدمار والقتل والتشريد وبناء جيل يمني حاقد يكره كل شيء في الحياة".

يأتي هذا في الوقت الذي أكدت فيه الأحزاب السياسية بتعز، "رفضها تحويل الهدنة إلى شعار مخادع لخدمة الحوثي على حساب الشعب اليمني"، مطالبة "الأمم المتحدة، ومبعوثها بإصدار إدانة واضحة لجرائم الحوثي ضد المدنيين"، معتبرة الصمت الأممي إزاء الخروقات الحوثية بأنها "ابتزازًا رخيصًا ومخادعًا، ثمنه التغطية على ضحايا الإجرام الإرهابي لعصابات الحوثي".

الإصلاح نت-خاص-مدين قاسم
الأربعاء 11 مايو 2022
أتى هذا الخبر من موقع التجمع اليمني للإصلاح:
https://alislah-ye.com
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://alislah-ye.com/news_details.php?sid=9167