سنوات الإنقلاب الحوثي .. مذبحة الصحافة ومقصلة الصحفيين
الموضوع: اخبار وتقارير
 

 

لم تشهد الصحافة اليمنية انتكاسة أكبر مما تعرضت لها في سنوات الإنقلاب ، ولم تمر بمرحلة أخطر من المرحلة التي عاشتها وعاشها الصحفيون طيلة السنوات السبع الماضية ، ولم تر مرحلة أكثر دموية وأكثر انتهاكا للصحافة ومصادرة لحقوق الصحفيين من هذه المرحلة التي سجلت أرقاما قياسية غير مسبوقة في الانتهاكات ومصادرة الحقوق.

ولم تكن حادثة مقتل مراسلة قناة الشرق ، الصحفية "رشا الحرازي" مؤخرا إلا حلقة واحدة من سلسلة طويلة لاستهداف الصحفيين.
فقد شهدت محافظة عدن في التاسع من نوفمبر الجاري جريمة اغتيال راح ضحيتها الصحفية "رشا الحرازي" وجنينها وأصيب زوجها الصحفي "محمود العتمي" بجروح بالغة إثر انفجار استهدف سيارتهما في مديرية خور مكسر بمدينة عدن، ناجم عن عبوة ناسفة أُلصقت بالسيارة وفجّرت عن بعد.

وتشير بعض المصادر إلى وقوف جماعة الحوثي وراء حادثة الاغتيال الأخيرة ، وهذا ما أكدته الحكومة اليمنية على لسان وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني بالقول أن مليشيا الحوثي الإنقلابية هي من ارتكبت هذه الجريمة البشعة، مشيرا إلى أن المليشيا تسعى من خلال هذه الجريمة إلى إرباك جهود الحكومة لتطبيع الأوضاع، وزعزعة الأمن والاستقرار في العاصمة المؤقتة "عدن"، وإرهاب الإعلاميين والصحفيين ومنعهم من أداء رسالتهم ودورهم المهني والوطني في فضح جرائمها وانتهاكاتها المتواصلة بحق اليمنيين"

وتمثل المناطق الواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية والمليشيات المسلحة غير القانونية في المحافظات الجنوبية بيئة أكثر خطورة على مستقبل الصحافة والصحفيين وتجعل أرواح منتسبيها في خطر ، إذ تدرك تلك المليشيات تماما ما الذي تمثله الأقلام الحرة وعدسة الرقيب ، فهي تدرك صعوبة البقاء وارتكاب الجرائم وممارسة الانتهاكات والأنشطة المشبوهة المخالفة للقانون في ظل هيمنة السلطة الرابعة ، وهو ما سعت إليه المليشيا على أرض الواقع في عدد من المحافظات من خلال عمليات الاغتيالات والتصفيات والاختطافات وملاحقة الصحفيين ورسائل التهديدات التي تصلهم بهدف إسكات تلك الأصوات خوفا من نقل المعلومة الحساسة والصورة البشعة التي رسمتها تلك المليشيا.

لا تختلف نظرة جماعة الحوثي عن المليشيات المسلحة الخارجة عن النظام والقانون في المحافظات الجنوبية ومواقفهم وممارساتهم الإجرامية تجاه الصحفيين وقلقهم من مهنة الصحافة ، نظرا لجرائم الحوثيين المتعددة وانتهاكاتها المتكررة بحق المواطنين ، إذ يبدي ذلك صراحة زعيم المليشيا "عبد الملك الحوثي" في أحد خطاباته بالقول "إن من فئة الإعلاميين من هم أكثر خطرا على هذا البلد من الخونة والمرتزقة الأمنيين المقاتلين"

فمنذ الوهلة الأولى للانقلاب سعت مليشيا الحوثي إلى فرض القيود وقمع الحريات الصحفية والتصفيات الجسدية والاغتيالات والاختطافات للصحفيين وتغييب العديد منهم في السجون وإجراء المحاكمات التعسفية وإصدار الأحكام الجائرة في حقهم.
وقد اختطفت مليشيا الحوثي في يونيو من العام 2015 عشرة من الصحفيين ، ومارست بحقهم أبشع الوان العذاب وصنوف التنكيل نتجت عنه إعاقات مستديمة وأمراضا مزمنة ، وأصدرت بحقهم أحكاما جائرة تمثلت بين أحكام بالإعدام والسجن لسنوات.
ويقول الصحفي "هشام اليوسفي" أحد المفرج عنهم مؤخرا بعد اختطاف وإخفاء قسري طيلة ست سنوات ، أن من بقي من الصحفيين والذين يواجهون أحكاما بالإعدام يعانون أوضاعا غاية في الخطورة ، مؤكدا على تدهور صحة الصحفي "عبد الخالق عمران" وهو أحد من شملتهم عقوبة الإعدام.

وتقول مؤسسة الصحافة الإنسانية (يمنية) في بيان لها في وقت سابق إن 46 صحفيًا وصحفية قتلوا في اليمن منذ انقلاب ميليشيا الحوثي واندلاع الحرب في البلاد قبل ست سنوات.
وبحسب البيان فإن "إجمالي الانتهاكات ضد الحريات الإعلامية في اليمن خلال السنوات الماضية من عمر الانقلاب أكثر من 2200 حالة انتهاك توزعت بين قتل واعتقال واختطاف وسجن وتقييد حريات وتسريح صحفيين من أعمالهم وإغلاق مؤسسات إعلامية وغيرها".
ويضيف البيان أن "إحصائيات مرصد الحريات الإعلامية في اليمن للفترة من 2014 وحتى مطلع 2021 تشير إلى تسريح أكثر من 700 صحفي من أعمالهم و400 مختطف و60 حالة اعتقال و136 حالة انتهاك ضد مؤسسات إعلامية.

وتعتبر السنوات السبع الماضية هي أسوأ مرحلة شهدتها الصحافة اليمنية منذ أكثر من أربعة عقود والتي تنوعت بين القتل والاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب والتهديد والتسريح من الوظيفة وإغلاق المكاتب الإعلامية وحجب المواقع الصحفية والتجسس وفرض الرقابة وغيرها ، بيد أن مسلسل الاغتيالات ومشاهد القتل برزت وبقوة.

ففي أغسطس من العام 2014 قتل المخرج التلفزيوني الإعلامي عبد الرحمن حميد الدين في العاصمة صنعاء من قبل عناصر إجرامية أطلقت وابلا من الرصاص عليه، ما أدى إلى إصابته في الرأس، ونقل على إثرها إلى المستشفى ليفارق الحياة.

وفي مايو من العام 2015 قتل الصحفيين يوسف العيزري وعبد الله قابل بعد استخدامها كمتارس بشرية في مواجهة غارة لقوات التحالف بمحافظة ذمار بعد أن اختطفتهما مليشيا الحوثي الإرهابية وأودعتهما مبنى الرصد الزلزالي الذي تعرض للقصف من قبل طيران التحالف.

وفي العام 2016 قتل المصور الصحفي "أواب طارق الزبير" أثناء ما كان يقوم بعمله الصحفي من خلال تصوير وتوثيق مشاهد الخراب والدمار الذي أحدثتهما مليشيا الحوثي الإجرامية، جراء قصفها العنيف الذي استهدف ويستهدف محافظة تعز ، حيث قضى "الزبير" نتيجة انفجار لغم أرضي زرعه الحوثيون.

وفي ديسمبر من العام 2017 توفي الصحفي الاستقصائي "محمد العبسي" في ظروف غامضة بعد تناوله وجبة العشاء ، حيث أفادت تقارير طبية بعد تشريح جثته والتعرف على سبب وفاته أن وفاته كانت ناتجة عن تعرضه لغاز سام ، وتشير المصادر أن "العبسي" كان في صدد إعداد تحقيق عن قضية حساسة ذات طابع فساد على صلة بشركات نفطية في ملكية قادة حوثيين.

وفي يونيو من العام 2018 توفى الصحفي "أنور الركن" بعد يومين فقط من الإفراج عنه نتيجة التعذيب الذي تعرض له في سجون الحوثيين بمحافظة تعز جنوب غربي اليمن، بعد أن اختطفته مليشيا الحوثي وأخفته قرابة العام في أحد سجونها في مدينة الصالح بمحافظة تعز ، حيث تعرض لتعذيب شديد على أيدي الحوثيين ما أدى إلى وفاته بعد يومين فقط من إطلاق سراحه.

وفي مايو من العام 2019 استهدف قناص حوثي الصحفي "غالب لبحش" في جبهة حجر الأزارق بمدينة الضالع جنوبي البلاد وفارق الحياة على الفور ، وقالت مصادر ميدانية أن الصحفي لبحش نقل الى المستشفى بعد إصابته لكنه توفي متأثر بجراحه.
وفي يونيو من العام الماضي 2020 قتل الصحفي "نبيل القعيطي" في محافظة عدن على أيدي مسلحين مجهولين أمام منزله ،حيث اعترض مسلحون مجهولون سيارة القعيطي بعد خروجه من منزله وأطلقوا النار عليه ما أدى إلى وفاته على الفور بينما لاذ المسلحون بالفرار".

ويقع اليمن في المرتبة 169 -من أصل 180 بلدًا- على جدول التصنيف العالمي لحرية الإعلام الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود في وقت سابق لهذا العام 2021.

الإصلاح نت-خاص-عبد الرحمن أمين
الخميس 18 نوفمبر-تشرين الثاني 2021
أتى هذا الخبر من موقع التجمع اليمني للإصلاح:
https://alislah-ye.com
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://alislah-ye.com/news_details.php?sid=8655