الفساد في الأرض عبر العصور.. نظرات مقارنة (2-2) آثار الفساد في الأرض
الموضوع: اخبار وتقارير

سنحدد حديثنا في المحاور التالية:
المحور الأول: المليشيا الانقلابية أبشع صور الفساد.
المحور الثاني: آثار الفساد في الأرض.
المحور الثالث: مكافحة الفساد.

فإلى المحور الأول:
1- من الأمور البدهية أن موضوع الفساد في الأرض عبر العصور طويل وطويل، ومن الصعوبة الإلمام بهكذا موضوع في عشر حلقات فأكثر فما بالك بحلقتين؟

2- مقصود الكاتب:
يريد الكاتب في هذا المحور أن يقدّم للقارئ -وبدون مقدّمات- صورة مجسّدة بارزة لـ"آثار الفساد"، ذلك
أن آثار الفساد في الأرض عموما هي أهم قضية، كونها مشهودة للعيان أي لا تحتاج براهين لإثباتها.

فساد مغول العصر:
إليك أخي القارئ لمحات لأبشع صور الفساد وفظائع مغول العصر - المليشيا الانقلابية الإرهابية الحوثية.

كيف لا، وها هي تدمّر كل المقدسات إنسانيا واقتصاديا ومقدرات الوطن لعقود قادمة.

فساد طال مقدسات شرائع السماء وقوانين الأرض - عقيدةً، ودماءً،
وأعراضا، وعقولا.. طيلة سبع سنين، مستمرة في إجرامها، تمارس أفظع وأبشع وأحط صور الفساد، ضاربة بإنسانية الإنسان اليمني خلف حائط السلالية - قتلا، واعتقالا، وتشريدا، ونسفا للمنازل، وهتكا للأعراض، والدفع بالأطفال وقودا للمعارك، وتقصف أطفال المحافظات البعيدة عن سيطرتها بقذائف الهوزر والهاون والكاتيوشا تدميرا للمنازل الآهلة بالأطفال والنساء والشيوخ وسائر الأبرياء، وهناك أعداد من الأطفال أزهقت أرواحهم وأعداد بترت أقدامهم بالألغام.

وفوق ذلك ممارسات أفضع وأبشع إرهابا ووحشية هو قصف المدن الآهلة بالسكان بالصواريخ المحرمة دوليا.

هذه الممارسات البشعة، الوحشية، واللاإنسانية، هي الابن الشرعي للعنصرية المقيتة اللقيطة الزقومية المؤتفكة، افتراء على الله ورسوله ورسالة العدل وهدما للمبادئ الإنسانية والقيم الكونية وسحقا لإنسانية الإنسان وهتكا لكرامته وحريته وحقه في العيش.

إذن، أخي القارئ الكريم سرّح نظرك في ربوع الوطن اليمني، وقس على تلك الجرائم تكن فقيها.

المحور الثاني: آثار الفساد في الأرض

1- الكفر بإنسانية الإنسان وكرامته التي جاءت بها الشرائع السماوية المقدسة، واحترمتها القوانين الوضعية.

2- تسليع القيم:
شعار المليشيا وكل المفسدين في الأرض هو الاستعلاء وإشباع النزوات المنحرفة المتوحشة العاكفة حول المصالح المادية والتي دمّرت منظومة القيم الإنسانية الكونية، والقيم الخلقية والمبادئ الوطنية وحوّلتها إلى سلعٍ تجارية تباع بالمزاد العلني دون وازع من دين أو رادع من ضمير.

3- حيونة الإنسان:
وهذا الأثر بارز للعيان من خلال تشجيع ثقافة الاستهلاك وتسخير طاحونة الإعلام العالمي المفسد لخدمة الترويج والترويج لا غير سعيا لمزيد من الاستهلاك الجنوني.

4- تدمير الأسرة:
هنا حدّث ولا حرج عن الأسرة وكيف أصبحت آخر حصون المجتمع، ولذلك زاد تركيز الإعلام المفسد ضد الأسرة، والواقع صارخ بالأدلة.

5- انقلاب المعايير الدينية:
القرآن الحكيم وضح السنن والقيم الحاكمة للاجتماع البشري، لكن المفسدين في الأرض -رجال الدين والطغاة المستبدون- تخادموا فيما بينهم، فصنعوا دينا بما يحقق ويلبي أهواءهم.

وقد برع الكهنوت الديني في تكبيل العقول وتكريس الثقافة المعطّلة للشرع المقدس، سيما في مجال السنن الحاكمة للاجتماع من خلال صناعة أقوال مصادمة للشرع الحكيم، فانقلبت السنة الحاكمة للاجتماع التي أمر الله بها وحث على التعاطي معها، أصبحت هذه السنة بدعة، والداعي إليها والمدافع عنها زائغ مارق.

بالمقابل أصبحت البدعة المصادمة لأمر الله وقضائه الكوني سنة ودينا متبعا - دعاوى السلالية بالحق الإلهي الكهنوتي نموذج واضح.

6- فساد التعليم:
وقد تحدثنا في حلقات سابقة عن فساد التعليم وخصوصا الثقافة الإسلامية، والهدف هو إعادة استنساخ الفساد الفكري والثقافي والسياسي... إلخ.

7- فساد الديمقراطية:
تم مسخ الديمقراطية إلى شكليات هدفها إعادة إنتاج الفساد، في ظل تعليم ضحل فأنى له أن يصنع الفضيلة الثقافية الهادفة إلى بناء العقل والمسؤولية الأخلاقية.

8- تخمة قاتلة في القوانين:
التخمة في القوانين ندد بها المتخصصون عالميا، حيث وصفوها بأنها أكبر المعوقات في طريق مكافحة الفساد، متعارضة متناقضة من جهة، وكونها مفتقرة للجانب القيمي الخلقي من جهة ثانية.

9- هجرة العقول والكفاءات:
وهذا الأثر الإجرامي ضارب الأطناب في تخريب الوطن العربي.

10- استحواذ القلة على 83% من الأموال، وهذا الرقم المرعب ناتج عن دراسات علمية.

11- تنصل من المسؤولية عن الخدمات بل ارتداد، وأقرب مثال الشعار المتعارف عليه "العلاج خدمة" فأصبح "العلاج سلعة".

12- اختراق السيادة وطنيا واجتماعيا إلى حد التدخل في أخص الخصوصيات - تحريف الكتاب المدرسي.

13- شعور الغالبية بالظلم والغبن، والنتيجة: تطرف، عنف، انقسام،
انتشار الجريمة، غياب الاستقرار ، وضياع السلام.

14- زعزعة المبادئ والقيم - غياب الشعور بالمسؤولية.

15- ازدياد الفقير فقرا والغني غناء.

المحور الثالث: تجفيف منابع الفساد

عرفنا أن أخطر آثار الفساد في الأرض هو سحق إنسانية الإنسان بصورة مباشرة وغير مباشرة، وعليه، إذا أردنا محاصرة الفساد وتجفيف منابعه فليكن منطلقنا وفقا للخارطة التالية:

1- العودة إلى الأصول المعصومة - معارف الوحي، انطلاقا من خطط وبرامج معرفية، هدفها المحوري "ترسيخ قداسة الإنسان عموما".

2- حماية الأسرة بكل الوسائل- عقديا وتربويا ودستوريا وقانونيا وثقافيا واجتماعيا.

من ذات المنطلق المعرفي الآنف المتأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم، الذي رسم معالم منهج تعليم الحكمة.

3- السعي الجاد إلى بناء العقول من أفق سنن الله في النفس والحياة، انطلاقا من المعطيات المعرفية - منظومة القيم العالمية في الشريعة الخاتمة.

3- تحويل السنن الحاكمة للاجتماع إلى آليات تحمي الفرد والمجتمع.

4- تجذير المصالح وربطها بالقيم الخلقية، ذلك أن مفهوم المصلحة في الإسلام طغت عليه مفاهيم المادية الرأسمالية العلمانية فانفصلت عن القيم الخلقية فتميعت المفاهيم وانحرفت فجرفها سيل المادية المتوحشة، والحل هو: يجب ربط المصالح بالقيم الخلقية.

5- السعي إلى إخراج الفيلسوف الفقيه:
الحقيقة أن غياب الفلسفة الفقهية المقاصدية ساعدت العلمانية بقوة وذلك في توجيه أنواع من الضربات القاتلة للوحي المعصوم أولا وللفكر والثقافة الإسلامية ثانيا، وأقرب مثال هو العماية الفكرية الناتجة عن غياب الفهم المقاصدي للسنة الحامية للاجتماع - سنة الشورى، حيث تمت إزاحتها من مجال السنن المنظمة للاجتماع المانعة للظلم والاستبداد والطغيان والفساد إلى مكان لا صلة له به لا من قريب ولا من بعيد.

الحقيقة أننا أمام عين تحريف الكلم من بعد مواضعه كما قرر القرآن، كيف لا ومبدأ الشورى موقعه بين السنن الحاكمة للاجتماع الحامية للحريات والكرامة والحقوق، لكن بقدرة الاستبداد والطغيان والفجور السياسي القادمين من السلالية والكهنوتية تم إخراجها من سياقها السنني إلى سياق بعيد عنها جوار المضمضة والاستنشاق.

وعليه نحن بحاجة إلى السعي الجاد إلى ميلاد الفيلسوف الفقيه كي تعود المبادئ إلى سياقها الذي اختاره الحكيم خالق الإنسان لعمارة الأرض.

6- ترسيخ صوت الحرية.

7- تعزيز دور الرقابة الشعبية.

8- السعي الجاد ثم الجاد ثم الجاد نحو إخراج قيادات فكرية.

9- إصلاح الخطاب الإسلامي من أفق منظومة القيم العالمية التي جاء بها الإسلام وربطها بالسنن الحاكمة للاجتماع عقديا وتزكية وتشريعا وسلوكا.

10- صناعة قيادات إعلامية تتحلى بالسلطة والمسؤولية الأخلاقيتين.

11- السعي إلى تكثير المصلحين انطلاقا من معارف الوحي "أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض"، حيث نص القرآن أنهم كانوا قليلا.. واتبع الرأسماليون - المترفون أهواءهم، إذن يجب تكثير المصلحين.

12- تحريم الزواج الكاثوليكي بين الحاكم والكرسي، مهما كانت المبررات ومواجهته بكل الوسائل، فطول أمد هذا الزواج فتح علينا أنواع الفساد.

13- اختيار طريقة الاقتصاد الموجه وتحريم التجارة على شاغلي الوظائف العليا في الدولة.

14- إعادة فاعلية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتوجيهها إلى سياقها الشرعي الديني الخلقي السنني الصحيح.

خلاصة عامة:

- الشريعة الخاتمة أحاطت الإنسان بقدسية لا مثيل لها، ونصت أن المساس بأي حق من حقوقه يعتبر من أكبر الكبائر.

- الشريعة الخاتمة حرمت الوسائل المفضية إلى الضرر بالإنسان.

- الشريعة الخاتمة هدفها الصلاح الإنساني دينا وسلوكا.

- كثرة القوانين الوضعية أتخمت المكاتب ولم تكافح الفساد بل أصبحت أحد العوائق والسبب أنها تفتقر للجانب القيمي لأن واضعها هو المفسد - صاحب أكبر مصنع للمتفجرات هو الذي يصنع قانون وجائزة نوبل للسلام.

- أمة الإسلام تمتلك الحل في مصادرها المعرفية -الرحمة للعالمين- وبالتالي هي مسؤولة دينا وخلقا تجاه الإسهام في ما ينقذ الإنسانية الرازحة تحت غيوم الفساد.

- أخطر مجالات الفساد هما: المجالان الديني والسياسي (فضائع المليشيا الحوثية نموذجا)، والسبب هو التخادم بين المجالين.

- الرأسمالية المتوحشة صانعة فظائع الفساد العالمي.
- حراسة التخلف في الزواج الكاثوليكي على الكرسي.
- ميلاد الفيلسوف الفقيه، وصناعة قيادات فكرية، وتكثير المصلحين، وربط الفقه بمقاصد الأحكام بات من الضرورات الملحّة.

الإصلاح نت – خاص / عبد العزيز العسالي
الخميس 21 أكتوبر-تشرين الأول 2021
أتى هذا الخبر من موقع التجمع اليمني للإصلاح:
https://alislah-ye.com
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://alislah-ye.com/news_details.php?sid=8582