محركات التغيير.. بين الهروب من الفهم والممانعة الثقافية (الحلقة 2: الهروب من الفهم.. دوافعه ونتائجه)
الموضوع: اخبار وتقارير

 

قلنا في الحلقة السابقة إن مناهج النخبة العربية التي انعقد عليها أمل التغيير انقسمت إلى فريقين: الأول، فريق المنهج التغريبي يساري ماركسي قومي علماني رأسمالي ليبرالي. والثاني، فريق التغيير من منظور إسلامي.

توصلنا إلى أن الفريقين يجمعهما قاسم مشترك هو الهروب من الفهم.
 
في هذه الحلقة سنقدم توضيحا موجزا للدوافع التي جعلت الفريقين يهربون من الفهم.

أولا، دوافع الهروب من الفهم عند فريق المناهج التغريبية:
 
1- قلنا في الحلقة السابقة إن ذلك الفريق كان برنامجه وهدفه الأول والأخير هو السيطرة على السلطة لا غير، وأن هدف بناء المجتمع لم يكن حاضرا لديه إلا في الفرقعات والضجيج الإعلامي لا غير. إذن، الدافع الوحيد هو التسلط لأجل التسلط فقط. 

2- التشبث بالسلطة: 
هذا الدافع هو وليد شرعي للدافع الأول مما يعني بوضوح الحيلولة دون تفكير الشعب تجاه الحاكم والكرسي والتغيير والنقد والاعتراض، وقد وصل الحال عند هذا التيار المنفصم عن هويته أنه قام بتطبيق نظرية النصراني الأيديولوجي جان لوك والتي مفادها أن البيعة لا بد منها للحاكم لكن بعد البيعة لا يجوز للشعب أن يناقش الحاكم أو يعترض، بل لا يتساءل، لأن الحاكم منحه الله هذا المنصب فليفعل ما يشاء.

3- الدستور يؤلّه الحاكم:
الحاكم من حقه يعلق الدستور، ويحل البرلمان، ويعلن الطوارئ، وله الصلاحيات المطلقة ماليا وإداريا وسياسيا... إلخ جنون التقديس.

4- حراسة الحاكم: 
القوانين تحرس الحاكم ومن يليه انتهاء بصاحب منصب "مدير عام"، وإذا وجدت جملة فيها إشارة إلى محاكمته فإنها تشترط موافقة الإله الصغير (الحاكم).

5- مؤسستا الجيش والأمن: 
لو سألنا ما هي عقيدة منتسبي هاتين المؤسستين؟ الجواب: حماية الزعيم وقتل الشعب فقط لا غير (جيش مبارك وعفاش وبشار والقذافي نموذجا).

ومن الغرائب والعجائب أن زعيما علمانيا ناضل في وجه الاحتلال الفرنسي وأصبح حاكما ولكنه لم يبن جيشا، ولما سأله صحفي لم لا يبن جيشا؟ أجاب، بجملة تكشف عن حقيقة هدف الزعيم والمغلف بدعاوى ثقافية منكوسة، قائلا: "الأموال التي سأنفقها على بناء الجيش سأنفقها للتعليم". وأضاف: "وإذا حصل انقلاب ضدي سينقذني الجيش الفرنسي".. يا إلهي! ولم طردنا الجيش الفرنسي إذن؟

6- تغول السلطة: 
أصبح منتسبو السلطات العربية ضباعا تتلمض لدماء الشعب إرهابا وقمعا وقتلا وسجنا ونفيا، ومراقبة أنفاس الشعب، وإسكات كل نبض في المجتمع. 

وكلما أمعنت السلطات في ذبح المجتمع ورأت فيه بقايا حركات تشنج تقول هذه حركات تحدي فتزداد تنكيلا، لدرجة أن السلطات رفعت شعار "الشعب متهم حتى تثبت براءته".

7- عبثية بكرامة الإنسان:
لا يسعفني التعبير حول انحطاط السلطات في مستنقع الإفساد المهلك للحرث والنسل بيد الجيش والأمن بل وبقرارات محكمة أمن الدولة، وهي محكمة عسكرية، الشرط الوحيد لمنتسبيها ألا يكون لهم أي صلة بالقانون (أنور السادات، صلاح سالم، حسين الشافعي، كنماذج لانحطاط سلطات العلمنة.. شلة همجية لم تعرف رائحة القانون لكنها تحاكم رجل القانون العالمي عبد القادر عودة وعددا من المفكرين).

 قصتان من مئات القصص:

- القصة الأولى:
قدمت محكمة أمن الدولة كشفا بقتل 18 معارضا سياسيا معارضة سلمية، فرفض الزعيم المسطول وأقسم بحياة أبيه الروحي المجرم نابليون ألّا يوقع إلّا على 20، معللا أن التوقيع على هذا الرقم التافه إهانة وأي إهانة لقلمه الثوري.

- القصة الثانية:
في مهرجان ثقافي عريق تقيمه الدولة فحضر رئيس المهرجان إلى بوابة القاعة ولأنه لابس الملابس التقليدية المناسبة للمهرجان، بادره الضابط وطرحه أرضا وداس عليه فصرخ الحاضرون: هاااا إنه رئيس المهرحان. رد الضابط: آسف، كنت أحسبه مواطنا.

8- تدمير ممنهج للتعليم:
 انتشرت الجامعات والمدارس المختلفة فما هي المخرجات؟ لقد تربع على هذه المؤسسات العلمية والتعليمية أمّيّون كبار جدا، المهم لديه كرتون اسمه "د. فلان".

لقد كشفت الأيام أن أولئك الأمّيّون الكبار هم أشبه بالتّنك الفارغ، مجرد لمسة بسيطة تحدث فيه صوتا وجلَبَة، إنها حالة انتفاخ وغرور أجوف تعكس خواء الثقة بالذات العلمية فتبحث عن الذات في ميدان الهريف والتعالي والغرور المقرف (إضراب جامعة تعز نموذج مصغر للغالبية الأكاديمية العربية)، فالدكتور مقدس، ولا راد لقراره تجاه الطالب، قوله الحق الأعلى، فلا تحكمه القيم، ولا العلم، ولا الثقافة.

لكنه أذل من دجاجة إذا أحس أن طالبا غبيا جدا استعرض ملوحا -ولو كذبا- أن له صلة بالمخابرات، فتراه خاضعا أمام الطالب، والقصص كثيرة.

الحقيقة أن الوسط الأكاديمي يعكس حقيقة منتجات التعليم. أما إذا تساءلت الأمة عن الإضافات العلمية التي قدمتها أغلب الأطروحات العلمية: إضافات، أو حل لمشكلة علمية أو تنموية، فضلا عن إبداع نظرية في مجال التخصص، فلا تجد سوى طحن الماء طحنا جيدا، وباسم العلم ضاع العلم.

نعترف أن هنالك أكاديميين يتبوّؤون قمما رفيعة خلقا وعلما وتواضعا وعطاء وإنتاجا.

9- الدولة ضد الأمة:
هذه النقطة هي عنوان كتاب للمفكر العربي برهان غليون "المحنة العربية الدولة ضد الأمة"، هذا العنوان خلاصة لما ذكرناه وما لم نذكره. 

الدولة ضد الأمة، هذا كلام صادر من شخصية متخصصة في علم الاجتماع بعيدا عن الدين، أثبت في كتاباته كلها أن الحكومات التي أطلقت على نفسها اسم الحكومات الوطنية ذبحت الشعوب باسم القانون والديمقراطية والحرية والعدالة والدولة المدنية.

10- تكييف تقريبي:
يمكننا تقديم تكييف أو توصيف تقريبي يساعدنا على حقيقة دوافع "الهروب من الفهم" عند تيار المناهج المستوردة.

نحن أمام تيار دمّر الشعب ومقدرات الأمة ولم يقدم شيئا سوى أنه دمر الإنسان، قتل العقول، دمر مقدرات الأمة، خدمة للغير بوعي أو بدون وعي، تيار أشبه بشخص يمشي في الظلام، متجرد من الثياب وبيده سلاح فتاك، فجأة ظهر شخص بيده كشاف قوي الإضاءة، فوجَه الضوء نحو ذلك العاري، فيا ترى ماذا ستكون ردة فعل ذلك المتجرد من الثياب؟ قطعا سيقتل صاحب الكشاف.

ذلكم هو السبب أو الدافع الذي جعل المتسلطين يهربون من الفهم، إنهم عراة هُتكت أستارهم أمام الشعوب فانكشفت حقائقهم وزيف دعاويهم، إنهم أبعد عن القيم الإنسانية والوطنية بمسافات سنين ضوئية. 

ثانيا، النتيجة الأولى: 

1- هجرة العقول: 
لقد كشف تقرير موثق بالاسم عدد العقول العربية العلمية الإبداعية المهاجرة إلى أوروبا وأمريكا بلغت في أواخر ثمانينيات القرن المنصرم 183 ألف عقل إبداعي، 70% منها من سوريا والعراق ومصر وتونس. يا ترى، ماذا عن الرقم المهاجر منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي وحتى اليوم؟

 2- تخلف وفقر: 
تخلف شامل إنسانيا وعلميا وتنمويا واقتصاديا وثقافيا وحضاريا.

3- نهب الثروات:  
 الشعب العربي ينام على بحيرات النفط والمعادن المختلفة ولكن أين هي عائداتها؟ اسألوا النظام الهالك عن بحيرة الغاز اليمني أين ذهبت؟ أيضا جبال الدولارات المهربة إلى بنوك الغرب؟

4- التبعية والارتهان: 
تلك هي خلاصة أهداف تيار التغريب حكاما ومعارضة فالشعب متهم حتى تثبت براءته، والحل تحويل الشعب إلى متسول مستهلك منتجات الغير. 

5- ثقافة الاستهلاك : 
هذه واحدة من أسوأ النتائج الكارثية التي حولت الشعب العربي إلى شعب مستهلك أشبه بالمقبرة التي لا ترد ميّتا، وأسوأ من ذلك هو تكريس حيونة الإنسان للاستهلاك فقط، حتى يظل لاهثا وراء المنتج الجديد، وهيهات أن يفكر بالمثل والقيم الوطنية العليا.

6- ثورات وانقلابات: 
هذه أم الكوارث كلها، ففي إحصائية فإن الانقلابات العسكرية في الوطن العربي بين عام 1946 وحتى عام 2007 بلغت 64 انقلابا، والسبب هو العقلية الإقصائية ونهب الثروة، فيتطلع اللاهثون العسكريون إلى حياة الرفاهية، فأين هو التفكير في بناء المجتمع؟

ثالثا، تيار المنهج الإسلامي: 
 
قلنا في الحلقة السابقة إن تيار المنهج الإسلامي نجح في خطوات ثلاث: الأولى، التوجه لبناء المجتمع. والثانية، استخدم خطابا يلامس محركات البناء عقيدة وهوية وحضارة. والثالثة، أنه اتجه إلى الشريحة المجتمعية الوسطى، وهذه الشريحة عليها يقوم البناء والتغيير. 

وقلنا أيضا إن الهروب من الفهم هو القاسم المشترك بين التيار الإسلامي والعلماني، لكن تختلف دوافع الهروب عند التيار الإسلامي، وذلك على النحو التالي:

1- التقليد:
تيار التغيير الإسلامي اعتمد منهج التقليد (الأخذ عن التراث)، وهذا ممكن في جانب العقائد والعبادات لأنها محسومة وثابتة، لكن في مجال المعاملات والسياسة فالتقليد للتراث يعني ارتكاسا وإعاقة لأي نهوض، واستفتاء موتى القرون الغابرة كلما واجهته قضية مستجدة.

 الجدير ذكره أن تراثنا الموروث فيه معالجات كثيرة للمعاملات لكنها معالجات كانت إجابة على أسئلة زمنهم المختلف 100%.

2- البعد المعرفي الواحد: 
 لو أن تيار المنهج الإسلامي أخذ عن كل المذاهب الفقهية لهان الأمر، لكن الكارثة أن الأخذ بنسبة 90% أو أكثر كان عن مذهب واحد، هو أقرب إلى التشدد الحرفي (ظاهرية جديدة) وإهالة التراب على بقية المذاهب بل وتسفيهها.

3- هشاشة التكوين الفقهي: 
الجامعات الرسمية ودور العلوم الشرعية لم تقدم منهجا يصنع التفكير الفقهي أبدا، وإنما قدمت مدخلات جزئية تجعل عقل الطالب للعلم الشرعي في حيرة واضطراب وسط بحر من الجزئيات.

4 المنهج الخفي: 
المنهج الخفي هو المعلم والمدرس في الجامعة والدور الشرعية، هذا المنهج الخفي (المعلم) تم تكوينه بتلك الطريقة الهشة.

هناك عوامل وأسباب داخلية وخارجية، سياسية وثقافية، ساعدت بقوة على إعادة إنتاج أسلوب التكوين الفقهي الهش.

5- نشوء ثلاثة أجيال: 
التكوين الفقهي التقليدي الآنف نشأ على مدخلاته ثلاثة أجيال شاخ فيه كبيرها ونشأ عليه الصغير، وأصبحت هذه المدخلات الفقهية محل تسليم مطلق عند غالبية حملة منهج التغيير.

بل إن الذي لديه تساؤل حول هشاشة تكوين العقل الفقهي يبتلع تساؤلاته حتى لا يقال إنه منحرف أو شاذ أو علماني... إلخ.

6- غياب فقه الواقع: 
من المعلوم أن: 
- منهج أهل الحديث مقصده إثبات صحة الرواية، فقط، أيضا لديه منهج للتطبيق لكنه منهج أقرب إلى الظاهرية في الغالب.

 - المنهج الأصولي مقصده فهم متن الحديث وفقه تنزيله على الواقع، فالواقع هو الذي يحدد طريقة الفهم والترجيح بين الأدلة.

غير أن المنهج الأصولي يكاد يكون مفقودا تماما عند أغلب الدور الشرعية، وإن وجد فهو كلام نظري غير مقبول عمليا، والبركة كلها في تطبيقات الماضي. 

7- خلل قاتل:
هذا الخلل القاتل نجده في مجال فهم القواعد الأصولية (الاستصلاح، الاستحسان، المصالح المرسلة، عمل أهل المدينة، العرف، مقاصد الشريعة، إلخ القواعد الأصولية).

يتجسد الخلل القاتل في التقسيم الأصولي التقليدي القديم حيث يطلق عليه الأصول المختلف فيها، والمقصود بالاختلاف هنا أن بعض الفقهاء أخذ ببعضها وترك بعضها وخالفهم فقهاء آخرون.

وهنا يتلقى الطالب مسلَمات معلمه أنها مختلف فيها وكفى، وبالتالي فهذه الأصول غير ملزمة ولا هي معتبرة شرعا لأنه غير مجمع عليها.

الخلاصة، إن هذا الأسلوب التكويني أبرز الأسباب القاتلة للفهم، كما أننا نجزم أن الخلاف حول القواعد الأصولية هو أقرب إلى الخلاف اللفظي.

والدليل هو أننا عند النظر العلمي الرشيد نجد أن الفقيه "س" قد استدل بنفس الأمثلة التي استدل بها الفقيه "ص" في القاعدة المعتمدة لديه، غير أن المنهج الخفي (معلم الأصول) يقف وقفة المتشكك بأن القواعد الأصولية غير مجمع عليها، أو أن شيخ المذهب لم يعترف بها، لأنها خلاف الحديث أو خلاف الإجماع، وهنا يجد المتفقه نفسه أنه غير ملزم بفقه أو بتطبيق هذه القواعد الأصولية، بل قد يصل به الحال إلى غمز الفقهاء القائلين بالقواعد إنهم مخالفين للسنة، ويستدل بالعنوان التقليدي: "القواعد مختلف فيها".

من جهة ثانية، الأصول المتفق عليها، وهي الكتاب والسنة والقياس والإجماع، هكذا أطلقوا عليها "الأصول المتفق عليها"، نعم اتفقوا عليها إجمالا، لكن اختلاف الفقهاء في التفاصيل بلغ حد التضخم جدا عند الاستدلال بجزئياتها، لكن المنهج الخفي يرسخ لدى المتفقه انطباعا إيجابيا تجاه هذا الخلاف وأنه فسحة للفقيه بخلاف الموقف عند الأصول المختلف فيها، فإنه يكرس انطباعا سلبيا تجاه أهم القواعد الأصولية المتصلة بجلب مصالح الدنيا، والقادرة على استيعاب المستجدات.

خلاصة هذه النقطة، يمكننا القول إن حال المتفقه يكون قد درس المنهج الأصولي دراسة تشكيكية بامتياز.

رابعا، خلاصات عامة: 
1- حملة المناهج المستوردة لم يكن همهم بناء المجتمع وإنما التسلط على الشعب وتوجيه الشعب عكس مراده بقوة التسلط والطغيان (حكم العسكر).

2- تيار منهج التغيير الإسلامي اقتربوا من المجتمع فأيقظوا الهوية، فلاقوا تفاعلا إيجابيا.

3- إكراهات واقعية جعلتهم يعيشون في حالة من التقليد.

4- أصيب تيار المنهج الإسلامي بعدوى التقليد، فعملوا على تصعيد العسكر إلى السلطة (لسودان نموذجا)، فكان الإخفاق بل والفشل الذريع، وتلك واحدة من بلايا التقليد.

- التجديد المنهجي في المغرب يعد نموذجا رشيدا وناجحا، وها هو يحقق نجاحات في بناء المجتمع، راجين له مزيدا من العطاء المضطرد.

5- يتميز رواد المنهج الإسلامي بامتلاك المرجعية ذات الأصول المعصومة ذات الفاعلية الفريدة. 

النتيجة:
1- تخشُّب اللغة، عند السلطات وأذنابها.. انتقلت عدوى تخشب اللغة إلى حملة منهج التغيير الإسلامي، والسبب هو جرجرة أقوال الغير إلى واقع متغير جدا. 

2- اتهام الشريعة الكاملة بالقصور. 

3- تطرف ديني في إطلاق الاتهامات ضد القائلين بتفعيل المنهج المقاصدي بأنه علماني.

هكذا يتم إلصاق صفة العلمنة برواد المنهج المقاصدي، بل ويصل الموقف إلى رفض الاعتراف بالمنهج المقاصدي بزعم أنه ليس من الشريعة.

4- تمجيد التشدد.

5- القيود والضوابط: 
تراكمت وترسخت الوصاية على العقل الفقهي إلى مستوى عجيب وغريب فكريا وفقهيا وأصوليا، وصاية قولية وعملية، مشبعة بمفردات الإرهاب الفكري، كررت الوصاية دعوته حرفيا إلى وجوب وضع القيود والضوابط، قبل التعرف على المنهج المقاصدي، وأن القيود والضوابط هي الأصل.. إننا أمام المثل القائل "وضعتم العربة قبل الحصان".

6- كسر باب الشريعة: 
هذه أخطر النتائج على الإطلاق، فالعقلية الذاوية في وهاد التقليد تعاني عمى الألوان، وهي في أحسن الأحوال تقول عن المنهج المقاصدي إنه: 
 - جزئية من جزئيات أصول الفقه.
 - إن المنهج المقاصدي أصل موهوم.. انطلقت تحذيرات العقلاء تجاه الموقف الأهوج للمنهج المقاصدي، وأن الرفض سيدفع بالحاقدين المتربصين إلى كسر باب الشريعة، بل وهدم الشريعة باسم الشريعة.

 نحن هنا نكرر القول إن المنهج المقاصدي هو المفتاح الأمين للتغيير المجتمعي الشامل والتجديد الفقهي المتين، وما لم فالبديل هو هدم الشريعة أو العبث بها. 

7- التعثر وطول الطريق: 
هناك قضايا ومصالح دنيوية كثيرة مستجدة، خادمة للدين والدنيا، واستفتاء موتى القرون الغابرة لن يحلها أبدا، لكن تفعيل المنهج المقاصدي هو الكفيل الوحيد باستيعاب المستجدات ووضع الحلول الأمينة، بل هو القادر على بناء منهج تغيير اجتماعي فقهي معاصر متين نظرا لما يمتلكه من حيوية جبارة.

- لو أن التغيير العربي قام على هذا الأساس من البداية لكان الشعب العربي قد قطع شوطا كبيرا سريعا وشاملا (تركيا والمغرب نموذجان).

 مسؤولية تاريخية:
الحقيقة أن رواد منهج التغيير الإسلامي -بالأخص القيادة الفكرية والسياسية- تقع على عاتقها مسؤولية تاريخية كبرى دينيا وتربويا واجتماعيا وحضاريا، إنها مسؤولية منوطة بهم أكثر من غيرهم تجاه تجديد "منهجية التغيير"، ويشترط، أولا وقبل كل شيء، أن يبدأ التأصيل مقاصديا للأساس الأهم وهو "محركات التغيير"... إلخ. 

محركات التغيير وأدواته... إلخ، ستكون موضوع الحلقة التالية.
نلتقي بعونه سبحانه..

الإصلاح نت – خاص / عبد العزيز العسالي
الأربعاء 14 يوليو-تموز 2021
أتى هذا الخبر من موقع التجمع اليمني للإصلاح:
https://alislah-ye.com
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://alislah-ye.com/news_details.php?sid=8291