التدخل في أسلوب الحياة.. الفضيلة كغطاء للإرهاب الحوثي
الموضوع: اخبار وتقارير

 

تحت ذريعة الدفاع عن الهوية والحفاظ على الأخلاق ونصرة الدين والتمسك بالقيم، يستمر الحوثيون في تجسيد سلوكهم الإجرامي في المجتمع اليمني قمعا للحريات ومصادرة للحقوق ونهبا للأموال من خلال حزمة من الإجراءات التي تتطابق مع ممارسات تنظيم داعش الإرهابي وغلاة الشيعة الإثنى عشرية.

غير أن الأمر يبدو طبيعيا لدى جماعة لا تهتم بالتعليم ولا تعترف بالقانون ولا تحترم الحريات ولا تؤمن بالحقوق، فقد مضت المليشيا في تبني الكثير من الأفكار الشاذة والمتزمتة وإصدار العديد من القرارات الجائرة التي عكست سلوكها المتطرف.

آخر تقليعات هذه الجماعة هو ما صدر في يونيو الماضي عن مكتب الصناعة بصنعاء من أوامر مثيرة للسخرية والتندر، فقد أعلن المكتب تنفيذه على مدى ثلاثة أيام حملة لضبط وسحب الصور المرفقة بالملابس النسائية.

وقد نفذت المليشيات عمليات اقتحام لمجموعة من المحال التجارية الخاصة بالملابس النسائية ومصادرة المئات من علب ومغلفات الملابس وإحراقها في مناطق عدة من العاصمة اليمنية صنعاء، بحجّة أنّ الصور المطبوعة عليها "غير محتشمة" الأمر الذي أثار موجة من السخرية والاستنكار.

هذه التصرفات وما تلتها من ردود أفعال شعبية على نطاق واسع، فجرت خلافات داخل جماعة الحوثي نفسها برزت إلى العلن، حيث تبادل العديد من ناشطيها وقياداتها سيلا من الانتقادات الساخرة، وكتب عضو المكتب السياسي للجماعة، عبد الملك العجري، قائلاً: "باسم الهوية الايمانية نطالب السلطات المحلية بأمانة العاصمة ضبط أصحاب التوجيهات التي تسيء تفسير الهوية الايمانية، وتحملها معانٍ غريبة عنها، وغزوات البالطوهات باسمها وقائمة الممنوعات التي تتطور يومياً".

حملة المليشيا هذه لم تقتصر على صور علب الملابس الموجودة في المحال التجارية فقط، بل طالت حتى الدمى والمجسمات التي يستخدمها أصحاب المحال لعرض الملابس النسائية الجاهزة، إذ داهمت عناصر المليشيا العديد من المراكز التجارية ومحال بيع الملابس بصنعاء ومصادرة وتحطيم "الدمى البلاستيكية" وإغلاق عدد من المحال التي رفض مالكوها التقيد بأوامر المليشيات المتطرفة.

هذه الإجراءات المتطرفة سبقتها إجراءات أخرى مماثلة اتخذتها المليشيا في بعض المناطق الواقعة تحت سيطرتها، ففي العام 2018 أجبرت جماعة الحوثي صوالين التجميل النسائية على إزالة الصور النسائية التي تستخدم في العادة على صدر اللوحات الإعلانية الخاصة بتلك المحال، واتخذت في حقها إجراءات أشد صرامة، حيث أقدمت على طمس ومحو وجوه صور النساء في اللوحات الدعائية الخاصة بمحال الكوافير وفساتين الأعراس، وأرغمت المليشيا أصحاب المحال التجارية على تغطية وجوه الدمى البلاستيكية، حيث بررت ذلك بأن هذه الصور سبب في تأخير النصر، حد زعمهم.

وفي العام نفسه، شنت المليشيات حملة أخرى مستهدفة عباءات النساء، والحزام الموجود في بعض الموديلات، حيث أحرقت كميات كبيرة من تلك العباءات بعد مصادرتها من المحال التجارية، كما قامت بقطع جزء من عباءات عدد من طالبات مدارس صنعاء، بحجة أن "عباءاتهن فاضحة وغير محتشمة"، مما حدا ببعض الناشطين الإطلاق على تلك الحملة تسمية "غزوة البالطوهات".

حالة الريبة وسوء الظن والشكوك المستفحلة لدى هذه الجماعة دفعتها العام الماضي لإصدار تعميم يقضي بالفصل بين الجنسين ومنع ما سمته "الاختلاط" في الجامعات الحكومية والأهلية، بالتزامن مع عودة الطلاب الى قاعات الدراسة بعد فترة توقف إجبارية للحد من انتشار وباء كورونا، إلى جانب قيام عناصر مسلحة من المليشيا باقتحام قاعة احتفالات في صنعاء وإيقاف حفل تخرج لدفعة من طلبة وطالبات الجامعة بدعوى "منع الاختلاط وسماع الموسيقى والترف واللهو"، في إطار قواعد صارمة تفرضها المليشيا في المناطق التي تسيطر عليها في الشمال اليمني، تستهدف النساء على وجه الخصوص.

هذه المزاعم والتي تحاول الجماعة تسويقها بين أوساط العامة من الناس على أنها الحارس الأمين على الأخلاق والقيم في المجتمع اليمني، سرعان ما ينكشف زيفها وكذبها بالنظر إلى أولائك النسوة المنتميات إلى صفوف الجماعة العاملات في الخارج في إطار المنظمات الداعمة لتوجهات الحوثيين، حيث يظهرن على وسائل الإعلام الدولية سافرات وغير محتشمات في مخالفة صريحة للصورة النمطية التي تحاول الجماعة تسويقها للناس، وهو ما يكشف زيف دعاوى الجماعة حرصها على الحشمة والآداب الإسلامية.

وأصدرت مليشيا الحوثي، مؤخراً، تعميماً يقضي بمنع الفنانين والفنانات من حضور المناسبات والأعراس التي تقام في صنعاء ومناطق سيطرة المليشيات، في ممارسات قمعية وحرب ممنهجة تذكّر بممارسات تنظيمات داعش وحركة طالبان في أفغانستان وغلاة الشيعة في إيران.

كما تمنع مليشيا الحوثي الأجواء الاحتفالية والموسيقى والغناء في الأماكن العامة والتعليم المختلط بمناطق سيطرتها، حيث شهدت عدة مدن يمنية حالات اعتداء من مسلحي الحوثي على مدنيين في أعراس وحفلات تخرج.

وتفرض جماعة الحوثي، منذ اجتياحها العاصمة صنعاء، قيوداً على الحريات العامة والخاصة، وصولا إلى التحكم في خصوصيات السكان ونمط حياتهم الخاص ليصل الأمر إلى تحديد أنواع معينة لقصات الشعر في أوساط الشباب.

فقد أصدرت وزارة داخلية الجماعة الحوثية تعميماً وزعته على عدد من محال الحلاقة، وعلقته في بعض الكليات، وضعت عليه تعليمات إرشادية، مع تحذير المصففين من تنفيذ بعض التسريحات، وفرضت عقوبة مالية باهظة على من يخالف ذلك.

وألزمت المليشيا محال الحلاقة بعدم تنفيذ أي تسريحة شعر للشباب تخالف التعميم أو تشبه التسريحات الحديثة، وأجبرتهم على الحلاقة بقصات معينة، وهددت الشباب بالسجن في حال مخالفتهم التعليمات.

وفي مديرية يريم محافظة "إب"، قامت المليشيا بملاحقة العديد من الحلاقين، واعتدت على آخرين في أمانة العاصمة، في حوادث عدة كان آخرها مقتل مصفف شعر على يد أحد عناصر مليشيات الحوثي لعدم اهتمامه بتنفيذ تلك الأوامر.

وفي شكل آخر من أشكال القمع ومصادرة الحريات، فرضت مليشيا الحوثي سياجاً حديدياً، يزيد كل يوم من عزلة المجتمع في مناطق سيطرتها عن العالم الخارجي، بتقليل سرعة الإنترنت وزيادة أسعار الخدمة، ومنع إعادة توزيع خدمات الاتصالات. 

ودشنت جماعة الحوثي توجيهاتها بتقييد الاتصالات والتواصل عبر الإنترنت بتصريحات مثيرة لوزير اتصالاتها، الذي أوصى بضرورة حصول أي مواطن على دورة حسن سير وسلوك تؤهله لاستخدام الإنترنت، ناصحاً المواطنين بعدم تضييع أوقاتهم في تصفح المواقع.

وتلت تلك التصريحات حملة ميدانية واسعة لمصادرة ونهب شبكات الـ"واي فاي" في عدد من أحياء العاصمة ومناطق أخرى، في الوقت الذي تعد فيه هذه الشبكات مصدر دخل لكثير من الأسر في فترة قلت فيها فرص العمل وانقطعت رواتب الموظفين. 

ويرى مراقبون أن مصادرة الحوثيين لشبكات الإنترنت يأتي في إطار سعيهم الحثيث إلى إنشاء شبكات خاصة يسهل مراقبتها والتجسس عليها واحتكارها بصورة نهائية.

وإمعانا منها في التضييق على المواطنين وامتهان كرامتهم، فقد قامت الجماعة في "عمران" وفي محافظات أخرى خاضعة لسيطرتها بمنع الأغاني في الأعراس والمناسبات، وأغلقت االاستوديوهات، وفرضت عقوبات مالية باهظة وأحكاماً بالسجن على من يخالف أوامرهم، وكذلك داهمت مجاميعهم عدداً من الأعراس واختطفت مواطنين بينهم عرسان، بحجة سماع الغناء والموسيقى، كما قامت في حالات كثيرة بإيقاف السيارات والاعتداء على بعض السائقين بسبب سماعهم بعض الأغاني، مع قيامهم بتفتيش جوالات المواطنين والمسافرين بحثا عن الأغاني ومصادرة جوالات البعض منهم.

ويبرر الحوثيون هذه الإجراءات الظالمة التي يقومون بها بقمع المواطنين ومصادرة حرياتهم في اختيار ملابسهم ومظهرهم وإجبارهم على سلوكيات محددة، بمخالفتها الشريعة وخروجها عن عادات وتقاليد الشعب اليمني، وتقليدها النمط الغربي واستجابة لثقافة الغزو الفكري، حد زعم المليشيا الحوثية المتشبعة بثقافة العنف والإرهاب.

غير أن تلك الأوامر الصارمة والتي تصدر عن مكاتب الجماعة بدعوى حراسة الفضيلة والدفاع عن القيم عادة ما يتم التراجع عنها وتجاوزها من قبل عناصر المليشيا بعد أن يتحول الأمر إلى المطالبة بدفع الأموال والجبايات والغرامات المالية التي تتحصل عليها من الؤسسات التعليمية والمحال التجارية.

الإصلاح نت – خاص / عبد الرحمن أمين
الأربعاء 14 يوليو-تموز 2021
أتى هذا الخبر من موقع التجمع اليمني للإصلاح:
https://alislah-ye.com
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://alislah-ye.com/news_details.php?sid=8290