الجمعة 29-03-2024 08:42:57 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

التوظيف الطائفي للتاريخ.. عاشوراء..صناعة المظلومية للتكسب السياسي (2-2)

السبت 13 أغسطس-آب 2022 الساعة 02 مساءً / الإصلاح نت-خاص | توفيق السامعي

  

لم يكن مقتل الحسين - رضي الله عنه- في كربلاء إلا مدخلاً وشماعة ستستعملها الشيعة عبر التاريخ ليس للانتقام له من مخالفيهم السنة، بل لتكون ثغرة تنفذ منها في كل قطر لاحتلاله وتفرقة صفوفه وسفك الدماء فيه.
فبعد غزو العراق وسقوط دولته واستفراد إيران به رفع أتباعها شعار الحسين والانتقام له، وكذلك فعلوا في سوريا ولبنان، وتبعهم الحوثيون في اليمن لرفع هذا الشعار على أساس من المظلومية التاريخية.
وحتى أولئك الذين تشيعوا من آل الجنيد المحسوبين على الصوفية عدلوا عن السنة إلى التشيع وأقاموا الحسينيات في جبل صبر وحولوا زواياهم الصوفية في مدينة تعز وجبل صبر إلى حسينيات، واتخذوا من الإثني عشرية مذهباً جديداً لهم بدعم إيراني حوثي، وقاموا باستحداث المآتم الحسينية والمنادب والبكائيات والضرب واللطم، وقد أظهرتها وسائل إعلامهم وكذا مختلف الوسائل الإعلامية.

لما كانت المفاوضات تجري بين وفد المليشيا الحوثية في الأردن بقيادة يحيى الرزامي ووفد الشرعية عن أبناء تعز بقيادة النائب عبدالكريم شيبان خرج يحيى الرزامي بتصريحات تهديد بفتح مقابر لأبناء تعز بدلا من فتح المعابر وكان مما قاله "إن أطفال تعز ليسوا أفضل من أطفال الحسين حينما حوصروا ومنعوا الماء في كربلاء"، وردد هذا التصريح كذلك القيادي الحوثي عبدالسلام جحاف، ومر مرور الكرام من قبل وسائل الإعلام ولم يتم الالتفات له من قبل الإعلاميين مع ما يحمل من دلالة كبيرة وخطيرة.
هذه الدلالة تتمثل في الرؤية الانتقامية الطائفية من أبناء تعز كونهم يمثلون عمق السنة، فضلاً عن استدعاء الأحداث التاريخية وتوظيفها التوظيف السيئ، وإن كانت كل حركاتهم وتاريخهم وأفكارهم الطائفية قائمة على استدعاء الفكر الطائفي والأحداث التاريخية الطائفية.
فهم منذ أن أسسوا الحركة الحوثية وهم يرفعون شعار المظلومية التاريخية للحسين، ويكتبون في كل الجداريات في المناطق التي يخوضون الحرب فيها أنهم ينتقمون للحسين، مقلدين بذلك آبائهم وأجدادهم من قبل.

يبقي الشيعة عموماً بكائية الحسين حية لكي يستمر حقدهم ودافعهم لقتل المسلمين السنة وحتى لا تبرد أجندتهم وأهدافهم ولا تخبو جذوة الدم المتدفقة في استمرار الصراع ومحاولة التحكم على العالم الإسلامي، كدافع وغل انتقامي متصاعد.
تنطوي هذه الشعارات واللطميات الشيعية والحوثية للعمل على مزيد من التحشيد والتجنيد واكتساب الأنصار، وإذا كسبوا المزيد من الأنصار معنى ذلك استمرار الحروب والصراعات في المنطقة حتى لا تستقر، وحتى يصير مشروعهم هو المتسيد في المنطقة، وما الهدنات التي يوقعونها مع الشرعية إلا لكسب الوقت لإعادة ترتيب صفوفها وحشد المزيد من الأتباع لجبهات القتال.
يعتقد الشيعة أن المسلمين السنة هم قتلة الحسين ولذلك يجددون حقدهم وصراعهم في كل زمان ومكان، فلا يخمدون هذه البكائيات بل إنها تتسع مع مرور الزمن.
لم يكن اليمنيون يقيمون هذه الطقوس الشيعية على اعتبار انها اثني عشرية وشيعة اليمن هادوية لكنها تصدر إلى اليمن ليكون المشروع الفارسي واحداً وسلخ اليمن من الهادوية الزيدية إلى الاثني عشرية، وتكون المنطقة كلها تحت رحمة المشروع الفارسي الذي يتمدد كل يوم على حساب أمن وسلامة المنطقة.
تحت مظلمة دم الحسين عمل الحوثيون على الانقلاب على الدولة وغزو المحافظات اليمنية واحدة تلو الأخرى، ونشروا أجندتهم الطائفية وفكرهم الشيعي الضال، ويعملون على تسيير المسيرات وحشد المجندين للقتال في صفوفهم على أنها ثورة ضد الظلم.
ما إن تسيطر المليشيا الحوثية على محافظة من المحافظات حتى تقوم بغرس أفكارها الضالة ونشر خرافاتها الشيعية عبر ما تسميه مناسبات دينية، ولولا افتعال هذه المناسبات وتكريسها في نفوس الجهلة من عامة الشعب ما استطاعوا حشد المقاتلين للجبهات.
وبسبب التسويق التاريخي لهذه المظالم استطاع الشيعة التأثير حتى على الغالبية السنية تعاطفاً بالمناسبة على اعتبار أنها ممارسة جريمة ضد بيت النبوة وهو من الفقه المغلوط الذي جرى دسه عبر صفحات الكتب التاريخية دون تحليلها وتفنيدها من قبل علماء السنة المعتبرين.
تحولت المظلومية الإمامية الحسينية إلى ظالمة تنشر الظلم في ربوع الوطن؛ ابتداءً من الانقلاب على الدولة ومصادرة الأموال العامة والخاصة، وقطع الرواتب عن الموظفين ونشر المجاعات والتخلف في أوساط الشعب حتى يسهل قيادته والزج بهم في أتون معارك مستمرة وطاحنة.
بينما كان الحوثيون يرفعون شعار وراية الحسين في صعدة كانوا يقومون بتهجير أبنائها وتفجير منازلهم ومصادرة عقاراتهم وأموالهم، حتى إذا بسطوا سيطرتهم التامة على صعدة تحولوا بعدها إلى عمران وصنعاء يقتلون في طريقهم ويشردون وينهبون ويفجرون المنازل والمدارس، في عملية اجتثاثية شاملة تشمل الإنسان والسكن والمنهج والهوية الدينية والثقافية ونشر الفوضى والإرهاب في كل مكان.

ركزت المليشيا الحوثية بعد صنعاء على محافظة البيضاء كأول محافظة بعد غزو صنعاء تقوم بغزوها وتفجير الحرب فيها في أشد أنواع الانتقام من المواطنين، فقرية خبزة وحدها تم غزوها وارتكاب أبشع الجرائم بحق أهلها منذ الوهلة الأولى وما زالت تتردد عليها إلى اليوم في ثماني غزوات مستمرة في كل عام من أعوام الانقلاب تعود إليها مرة أخرى غازية ومفجرة ومهجرة.
تنقم المليشيا الحوثية تحت هذه اللافتة على محافظتين من محافظات اليمن الكلية وهما محافظة البيضاء وتعز اللتين ترفضان عبر التاريخ الخضوع للمشاريع الإمامية، فاستمرت في حصار تعز للعام الثامن على التوالي، بينما لا تكاد تهدأ في معاركها ضد محافظة البيضاء، وارتكاب المجازر في تعز. اما مأرب فقد أخذت الحصة الأكبر من حقد المليشيات الحوثية التي لاتزال تشن عدوانها عليها وترميها بعشرات الصواريخ البالستية وتمني نفسها بدخولها والانتقام من أهلها منذ انقلابها على الجمهورية في العام 2014.
وعلى الرغم من الهدنات الإنسانية المختلفة التي ترعاها الأمم المتحدة إلا أن المليشيا الحوثية تحاول بكل إمكانياتها غزو محافظة مارب وتقصفها بالصواريخ الباليستية وتشن الهجوم عليها من عدة جبهات.
فيوم الاثنين الماضي فقط شنت هجمات مختلفة من جبهات من ثلاثة محاور بـ "العيرف والعقد والفليحة"، وتمكنت قوات الجيش الوطني من صد تلك الهجمات.
وعلى الرغم من الهدنة الثالثة الموقعة بين الشرعية والحوثية والتي دخلت شهرها الخامس إلا أن المليشيا الحوثية استفادت من هذه الهدنة في بسط مزيد من السيطرة والتضييق على المواطنين وتصفية حساباتها الداخلية، واعترفت الجمعة الماضية أنها اختطفت ثلاثة آلاف مواطن خلال هذا العام ووجهت لهم تهماً مختلفة.
لم تكن طقوس الشيعة لإحياء مقتل الحسين إلا لإبقاء جذوة الصراع والثارات مشتعلة من ناحية، كثقافة مستوردة ومستوحاة من المسيحية في صلب المسيح للإبقاء على مظلمته وتذكير الأجيال بهذا الهدف من ناحية أخرى، فالشيعة عموماً يتجاهلون صلح الحسن لإطفاء جذوة الصراع وتوحيد كلمة المسلمين ويبقون على جذوة نار الحسين.

في الحقيقة بدأ التآمر الفارسي في هذه القضية من لحظة اغتيال الخليفة الثاني عمر رضي الله عنه، وكانوا يخططون لإسقاط الدولة والخلافة من تلك اللحظ على اعتبار أن عمر صاحب الفضل في إسقاط الإمبراطورية الفارسية، غير أن الدولة في تلك اللحظة كانت تبلغ ذروتها قوة وتنظيماً وما زال الإسلام مشتعلاً وطرياً في نفوس المسلمين لم يستطيعوا اختراقه حتى دبروا الثورة على عثمان، ثم إدخال الأمة في أتون صراع دامٍ في أيام علي.
استغل الفرس الشعوبيون مقتل الحسين ودخلوا عبر التشيع وإحياء تلك المناسبة عبر التاريخ متخذين من التعصب السلالي الهاشمي عند بعض العرب مطايا لتحقيق أهدافهم ومراميهم حتى يشقوا الأمة إلى نصفين وتسعير النار بين جناحي الأمة إلى مالا نهاية، وبلغ ذروته منذ مجيء الخميني إلى الحكم عام 1979.
هاهم يعودون اليوم لتقسيم الأمة على أساس من موقف الناس من دم الحسين، فمن لم يقف معهم يسمونهم يزيديين ومن معهم يسمونهم حسينيين، وما زالوا يرفعون راية الثار إلى اليوم، وستظل كذلك في المستقبل.

كما تعتبر مناسبة استشهاد الحسين عند الشيعة كثقافة مستوحاة وأسلوب مستورد من هلوكوست اليهد، فالشيعة اليوم يمضون بنفس أساليب اليهود في قضية الهلوكوست متخذين منها ذريعة لاستهداف خصومهم في كل العالم، وذلك لإنهاك جسد الأمة ومن ثم السيطرة عليها واقتضام أراضيها قطعة قطعة؛ بدأت بأهواز شط العرب ثم تلتها العراق فلبنان فسوريا واليوم اليمن عبر الحوثيين والعين على البحرين والكويت اليوم، والحبل على الجرار ولن يتوقفوا عن أهدافهم أبداً حتى يلتهموا المنطقة بشكل عام، خاصة إذا ما امتلكت إيران القنبلة النووية والتي تعتبر وشيكة الحدوث.

الخلاصة
- إيران الفارسية اصطنعت هولوكوست دم الحسين باعتبارها لافتة تتحرك تحتها في تحقيق أهدافها الاستعمارية وإعادة امبراطوريتها الفارسية.
- ركبت إيران على ظهور الهاشمية السياسية واتخذتهم مطايا كأولياء دم يبقون قضية الحسين حية لتمزيق الأمة وإضعافها.
- الإبقاء على جذوة الصراع مشتعلة بين الأمة حتى تتمدد في المنطقة تحت هذه اللافتة.
- فرض الجهل وتحشيد الأتباع في افتعال مثل هذه المناسبات من قبل الحوثيين والتجنيد وفرض الثقافة المذهبية الشيعية على الشعب اليمني.
- ثقافة مستوردة ومتكاملة مع مشاريع أخرى عالمية كهلوكوست اليهود وإظهارها بمظهر المظلمة المتوازية مع هلوكوست اليهود لافتعال الصراع في المنطقة تديره قوى عالمية أخرى وترعاه، بدليل الوقوف ضد كل مشاريع التحرر في المنطقة.

كلمات دالّة

#اليمن