الجمعة 29-03-2024 09:49:52 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الامتحانات في مناطق سيطرة الحوثيين.. عبث ممنهج وموسم للجبايات

السبت 17 يوليو-تموز 2021 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت - خاص / عبد الرحمن أمين

 

انتهت عملية الامتحانات للشهادتين الأساسية والثانوية في مناطق سيطرة الحوثيين هذا العام كغيره من الأعوام السابقة، لكنها تركت كالعادة آثارا خطيرة على مستقبل الجيل الذي يخوض مسيرته التعليمية في ظل حكم هذه المليشيا وعلى الوطن عموما على المدى القريب والبعيد على حد سواء.

وعلى مدى ست سنوات ماضية باتت اختبارات الطلاب في مراحل التعليم المختلفة في أذهان الناس أشبه ما تكون بمسرحية هزلية حيث سُلب التعليم هيبته ومكانته وفقدت المدارس والجامعات حرمتها نتيجة الكثير من الممارسات والتجاوزات والتدخل في شؤون التعليم والعبث بمساراته وآلياته المتبعة، إذ بات من المؤسف أن يجد المجتهدون من الطلاب أنفسهم في المراتب المتأخرة والمستويات المتدنية مقارنة بغيرهم من الطلاب الذين يكتفون بالحضور في أوقات الاختبارات.

ويرى "عبد الكريم عبد الله" (تربوي) أن التعليم في زمن الحوثيين أصبح فوضى ولم يعد له أي فائدة.

ويضيف عبد الكريم: "يقضي الطالب طيلة أشهر الدراسة ذهابا وإيابا إلى المدرسة بدون تحصيل علمي ولا فائدة تذكر عدا النزر اليسير الذي لا يفي بالغرض، ثم تكتمل المأساة باختبارات هزلية وعبث بلا حدود"، مؤكدا أن ذلك "يأتي بطريقة متعمدة وممنهجة هدفها إيصال رسالة أن التعليم لم يعد ذا جدوى، بغرض إحباط هِمم الطلاب وعزيمتهم، وحرفهم عن مسار مواصلة تلقي التعليم، ليسهل استقطابهم وإلحاقهم بجبهات القتال".

ووفقا للناطق باسم نقابة المعلمين "يحيى اليناعي"، فإن النقابة حصلت على وثيقة يعود تاريخها إلى العام 2015 تضمنت توجيهات ما تسمى اللجنة الثورية العليا للحوثيين بإعفاء الطلاب المنخرطين في القتال مع الحوثيين من امتحانات الثانوية العامة والشهادة الأساسية، وتؤكد أن الحوثيين قاموا بإعفاء 2864 طالبا في المرحلة الثانوية، و1976 بالمرحلة الأساسية من الامتحانات.

وأوضح اليناعي أن الحوثيين منحوا الطلاب المعفيين معدلات نجاح تتراوح بين 75% و90% لانخراطهم في القتال في صفوف مليشياتهم.

ويؤكد اليناعي أن مصادر مطلعة في اللجنة العليا للامتحانات بصنعاء أكدت مواصلة الحوثيين العمل بموجب هذه المذكرة في الأعوام التي تلت صدورها.

يأتي هذا بعد صدور تقارير دولية تحدثت عن تجنيد الحوثيين لأكثر من 10 آلاف طفل، تعرض عدد كبير منهم للقتل والإصابة أو الأسر خلال المعارك بين المليشيا والقوات الحكومية. 

التمييز العنصري واحدة من الصور السيئة التي باتت تتكرر كل عام منذ انقلاب جماعة الحوثي وسيطرتها على قطاع التعليم، إذ غدا أبناء مشرفي وقيادات الجماعة والمنتمين لها يحظون بالعناية والتسهيلات الخاصة بوضوح وجلاء غير مسبوق، حيث يتم إحضار من يقوم بحل نماذج الاختبارات لهم، فيما يتم التعامل مع بقية الطلاب بدونية واحتقار وإهانة في بعض الأحيان، وفقا لروايات عدة.

ويقول "عادل م. ش"، وهو خريج جامعي يعمل في أحد المحال، أن لجان الاختبارات تحولت هذا العام في مناطق عدة إلى ثكنات عسكرية، حيث يجوب مسلحو الحوثي اللجان بكامل عتادهم العسكري لإدخال أوراق الغش وإعطاء الأوامر للمراقبين بتزويد بعض الطلاب بالغش، يرافق ذلك التهديد والوعيد، مضيفا أن العديد من المراقبين لا علاقة لهم بالتعليم، عدا كونهم ممن ينتمون إلى الجماعة.

ويظهر مقطع فيديو تداوله ناشطون ومواقع إخبارية قيام أحد عناصر مليشيا الحوثي المعني بحراسة أحد مراكز الامتحانات بمحافظة تعز بإطلاق النار على طالب داخل قاعة الامتحان، بسبب رفض الطالب دفع مبلغ 500 ريال، مما أدى إلى حدوث ملاسنة وشجار الأمر الذي دفع المسلح الحوثي لإطلاق النار عليه.

وتقول مصادر مطلعة إن العديد من العناصر الحوثية الذين تفرضهم المليشيا كمراقبين على الاختبارات يقومون بفرض مبالغ مالية تصل إلى (500) ريال على كل طالب بداية كل فترة للامتحان، لتتحول الامتحانات إلى موسم لجباية الأموال وفرض الإتاوات، والتي تتوزع بين بمبالغ متفاوتة بين مدراء المدارس والمراقبين ورؤساء اللجان.

وتقول إحدى الطالبات في محافظة إب إن المراكز الامتحانية تحولت إلى "غش" جماعي وبطريقة ملفتة وبشكل مستفز حيث يتناقل الطلاب الإجابات الجاهزة في اللجنة أمام المراقبين يسبقها جمع مبالغ مالية من كل طالب تدفع للمراقبين والمشرفين على المراكز.

ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصادر تربوية في العاصمة صنعاء القول إن المليشيا الحوثية المسؤولة عن قطاع التربية والتعليم الذي يديره شقيق زعيم الجماعة يحيى الحوثي "أقدمت أثناء سير عملية الاختبار على تسريب امتحانات بعض مواد الثانوية العامة لهذا العام لأبناء قادة ومشرفين في الجماعة بغية تمكينهم عبر بوابة الغش من تصدر قائمة الطلبة الأوائل والمتميزين".

وقد تزايدت شكاوى العديد من طلاب المرحلتين الأساسية والثانوية من الطريقة التي تمت بها امتحانات هذا العام، حيث رافقتها عملية طباعة غير واضحة لنماذج الأسئلة وأخطاء إملائية ومسائل رياضية خاطئة، بالإضافة إلى أن معظم الأسئلة جاءت من خارج المقرر الدراسي والدروس المحذوفة دون التنبه لذلك من قبل لجان وضع الأسئلة والمشرفين عليها، إلى جانب وضع إجابات خاطئة وغير صحيحة في نماذج امتحانية عدة ضمن الخيارات المطروحة في الإجابة عن السؤال كما جرى في مادتي الفيزياء والأحياء.

ويرى مراقبون أن الجرائم التي ارتكبها الحوثيون بحق التعليم طيلة سنوات الانقلاب والتي لا حصر لها، أدّت بشكل مباشر إلى تدمير كل مقومات ذلك القطاع الحيوي وهو ما ينذر بمخاطر مستقبلية مرعبة بحق جيل قضى نصف تعليمه بشكل عبثي.

ووفقاً لوزارة التربية والتعليم التي يسيطر عليها الحوثيون، فإن نحو 463 ألفا و785 طالبا وطالبة في المرحلتين الأساسية والثانوية شاركوا في الامتحانات التي انطلقت في 26 يونيو الماضي للحصول على الشهادة في المرحلتين الثانوية والأساسية في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين.

كلمات دالّة

#اليمن #صنعاء