الجمعة 19-04-2024 13:00:10 م : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ساحتها اليمن ودول الجوار.. خيوط الإرهاب الخفية بين القاعدة والحوثي والرابط الدولي

الخميس 21 يناير-كانون الثاني 2021 الساعة 09 مساءً / الاصلاح نت- خاص / توفيق السامعي
 

تسلمت المليشيا الحوثية الدور والعمل الإرهابي في اليمن بعد استغناء المجتمع الدولي عن تنظيم القاعدة وأفول نجمه في اليمن، للانتقال إلى المكون الآخر من مكونات المجتمع الثقافية والفكرية.

حيث برزت الحوثية كورقة إرهابية رابحة للقوى التي تقف خلفها وتنفذ أجندتها ليس في اليمن وحسب ولكن في كامل المنطقة العربية وخاصة في الجزيرة والخليج.

تنبثق الأعمال الإرهابية ومخططاتها في اليمن والمنطقة بين المليشيا الحوثية وتنظيم القاعدة وبينهما داعش من بؤرة واحدة وبرعاية واحدة من قبل بعض القوى الدولية التي تستثمر هذه التنظيمات في المنطقة نتج عنها الكثير من الظواهر وما يتم التخطيط له في المنطقة للاحتشاد الدولي فيها والصراع على المضايق والبؤر الاستراتيجية العالمية، ومنها مضيق باب المندب ومنطقة خليج عدن التي تعد أفضل مكان استراتيجي عالمي، يحوي طرق الملاحة البحرية والتحكم بها والمضايق الدولية وكذلك الثروات المتعددة فضلاً عن التقاء الحضارات والقارات. مثل تنظيم القاعدة في اليمن حالة إزعاج محلية وإقليمية ودولية لكنه لم يكن بذات القدر الذي تمثله الحوثية التي شرخت المجتمع اليمني وجزأته وأدخلته في الحروب والصراعات المحلية بامتدادات إقليمية ودولية.

ومع أن المستثمرين الدوليين للقاعدة أخفقوا بالمرور عبره بأجندتها نحو المنطقة وخاصة بعد أفول نجمه وحرق ورقته إلا أنه كان ورقة مرحلية أدخلوا كافة البوارج الحربية إلى المنطقة تحت مظلته ومحاربته، ليعاودوا الكرة إليها باستخدام الحوثية التي مثلت ورقة مثلى لهذه القوى التي رعتها واستثمرتها واليوم تحافظ عليها من السقوط لاستخدامها في الأجندة القادمة وستكون مرحلية كما كانت القاعدة تماماً. ما يهمنا هنا هو كيف تكامل الإرهاب القاعدي والداعشي مع الحوثي وكيف تم التنسيق بينها لتدمير اليمن وزعزعة أمنه واستقراره. فمع الاختلاف الجذري فكرياً بين هذه المكونات إلا أنها التقت عند نقطة واحدة وهي تدمير اليمن، ليثير هذا التنسيق علامات استفهام كبرى حول الأجندة والرعاة والتخطيط والتمويل.

تذكر المصادر المختلفة أن المليشيا الحوثية ورثت عن صالح كل شيء بما فيها ورقة القاعدة التي استخدمتها ضد الجيش الوطني في أكثر من جبهة، واستخدمت تكتيكاتها حتى في عملياتها المختلفة.

حينما غزت المليشيا الحوثية صنعاء ما كان لها أن تتوقف فيها خاصة وقد أسقطت الدولة وكل مؤسساتها، وتطلعت الحوثية لغزو بقية اليمن وكان لا بد لها من تسويق بعض الذرائع لتمرير مشروعها في التمدد حتى لا تلاقي صداً شعبياً ومجتمعياً في تحركاتها نحو المحافظات.

أقدمت المليشيا الحوثية على تفجير مسجدي الحشوش وبدر في صنعاء في يوم الجمعة 20 مارس 2015، راح ضحيته 142 قتيلاً و351 جريحاً، وأحرزت عدة أهداف من تلك العمليات. الهدف الأول: إيجاد الذريعة التي تحركت عبرها بحجة ملاحقة تنظيم القاعدة.

الهدف الثاني: التخلص من بعض رؤوس الزيدية كرؤوس لها تطلعاتها ومنافستها التاريخية للمشروع الطائفي الإمامي والذي صار يمثله اليوم الحوثي حتى لا تتصارع تلك الرؤوس وتتنافس على المشروع الإمامي الجديد، وهذا الرأس هو المرتضى المحطوري. نفى تنظيم القاعدة مسؤوليته عن هذين الحدثين إلا أن تنظيم داعش أعلن تبنيهما، وكانت أول إشارة لوجود داعش في اليمن مع أنه انبثق عن تنظيم القاعدة.

الحوثية البديل للقاعدة من يتابع ويدقق في الحركة الحوثية ودعم المجتمع الدولي لها والاستثمار فيها يدرك أنها اتخذت كبديل لتنظيم القاعدة الذي أفل نجمه وصار مكشوفاً لكل العالم، وفترت ورقته وتلاشت واستهلكت كثيراً، وكان على هذه الأنظمة أن تتخذ بندقية مؤجرة أخرى وفزاعة جديدة وطيِّعة للمنطقة لتنفيذ سياساتها الإرهابية فيها خاصة مع عدائها التاريخي والثقافي والأيديولوجي مع المكون السني في العالم العربي والتي يمكنها أن تبطش بخصومها بقوة الأجندة التاريخية وتمكين الأقليات الدينية والثقافية في البلاد العربية والإسلامية كمخرجات لما سمي في حينه مشروع الشرق الأوسط الجديد. تحاول هذه القوى التلاعب تارة بالقاعدة وداعش واستثمارها في إقلاق أمن المنطقة والدول المستهدفة وتمرير بعض السياسات كانتماء للمكون السني، والحقيقة هو تلاعب دولي استخباراتي قذر، ثم استخدام ورقة الحوثية كانتماء للمكون الشيعي بما يعني تجريب كافة الأوراق وخلطها واستخدامها في أجندتها مع فارقين جوهريين بين هذه الفئات هما.. الأول: تصنيف الأولين إرهابيين مع عدم تصنيف الحوثية إرهابية. الثاني: أنهم يتعاملون مع الحوثي من فوق الطاولة لا من تحتها كما كان مع القاعدة وداعش. الإرهاب الحوثي أخطر من القاعدة مع تتبع الأعمال الإرهابية للقاعدة في كل عملياتها سواء في اليمن أو في المنطقة ومقارنتها بالإرهاب الحوثي نجد أن الإرهاب الحوثي كان أشد فتكاً وخطراً على البلاد والمنطقة من الإرهاب القاعدي، وذلك من نواحي متعددة، أهمها: - إرهاب القاعدة لم يستخدم الصواريخ الباليستية ولا الطائرات المسيرة ضد البلاد ولا ضد المملكة وبقية الجيران. - الإرهاب الحوثي مثل بفكره شرخاً اجتماعياً وفكرياً وطائفياً يبقي على بذرة التناسل الإرهابي إلى ما لا نهاية، بعكس القاعدة الذي لم يلق قبولاً حتى في أشد مناطقه تواجداً وترعرعاً. - الإرهاب الحوثي يقوم على تفجير البيوت والمؤسسات ودور العبادة ومدارس العلم ومصادرة المزارع. - الإرهاب الحوثي يزرع الأرض بالألغام مما يجعلها قاتلاً مستمراً ومتربصا بالمجتمع إلى مالا نهاية له. - الإرهاب الحوثي أثر على المجتمع سياسياً وفكرياً وثقافياً وعقائدياً واجتماعياً. - الإرهاب الحوثي شرد ملايين اليمنيين داخلياً وخارجياً ونهب ممتلكاتهم. - الإرهاب الحوثي يفجر كل بيوت ومصالح المواطنين والاستيلاء على الدولة ولا يمكن محاصرته كالإرهاب القاعدي الذي يمكن محاصرته ودفنه في منبته. - الإرهاب الحوثي خلق الطبقية ودمر الاقتصاد ونشر المجاعة وقتل المواطنين دون أي سبب ويدعي الحاكمية من الله. - الإرهاب الحوثي عنصري المنشأ والسلالة ويدعي بنقاء العرق وتميزه كما هو حال النازية المدعية بنقاء العرق الآري الألماني وكما ادعته كذلك الفاشية. - الإرهاب الحوثي أغلق الموانئ والمؤسسات ونشر الألغام البحرية وهدد طرق الملاحة وقائم على أساس الاحتلال ونفي ونبذ الآخر ونشر المجندات ونشر الإرهاب حتى بين النساء والعمل على اجتثاث الآخر. - الإرهاب الحوثي يقوم على الاختطافات والتعذيب حتى الموت وجباية الأموال والأخماس والأعشار. - يقوم الإرهاب الحوثي على نظام الرهائن واختطاف النساء وهتك الأعراض والحرمات والتصفيات الميدانية والتوسع والتمدد. تنسيقات مشتركة في بعض الحالات من تنسيق المواقف الميدانية بين هذه التنظيمات الإرهابية من قبل الرعاة الرسميين لها في تسيير أجندتها على الأرض اليمنية تحديداً تتم عمليات منسقة بين كل من داعش والقاعدة والحوثيين وتعايش عجيب خاصة في قيفة رداع أو في بعض مناطق البيضاء، وهذا ما كشفته العديد من المصادر المحلية من الأهالي وكذلك بعض المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام، حتى أن تنظيم القاعدة بفرعه أنصار الشريعة يحكم بعض المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون كمنطقة الصوملة في محافظة البيضاء، حتى أنها تقيم محاكمها وتصفي بعض الشخصيات، كما حصل مع الطبيب مظهر اليوسفي، وهي محسوبة في الأساس منطقة حوثية!! لا تواجه المليشيا الحوثية الإرهابية القاعدة ولا داعش وإنما تنسق معهم طالما تعايش الجميع مع بعضهم البعض، وهذا ما كشفه أحد مشايخ رداع من أن المليشيا الحوثية سربت لداعش في البيضاء 100 مليون ريال منذ حوالي عامين من الآن. في البيضاء انقسم القاعدة قسمان ضد بعضهما البعض؛ قسم مدعوم من الحوثي ومن وراءه، وقسم من شباب القاعدة المتحمس المحلي، وحصلت مواجهة دامية بين الطرفين قتل على إثرها الكثير من الجهتين لتكون الغلبة للجهة المدعومة من الحوثيين بحكم الإمكانات والذخيرة والأموال، بحسب مصادر محلية. كشف الجيش الوطني عن بعض التنسيقات بين الحوثية والقاعدة لرفد جبهات الحوثي بعناصر القاعدة ضد الجيش الوطني في مارب والجوف، وهذا كشفه حديث أحد الأسرى في شرق مدينة الحزم بالجوف تحدث للمركز الإعلامي للقوات المسلحة أنه أسر في أغسطس الماضي ويدعى موسى ناصر علي الملحاني، من أبناء صنعاء، كاشفاً أنه يقاتل بصفوف تنظيم «القاعدة» الإرهابي مع الحوثيين منذ عام 2017، بعد أن رتب لانتقاله قيادي حوثي يدعى حمزة التاج. الملحاني كشف أيضاً أن كثيراً من قيادات وأعضاء تنظيم «القاعدة» في صنعاء والمناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي يعملون مشرفين ويديرون مراكز تجنيد لصالح الحوثيين، منها مراكز في صنعاء ومحيطها، وأن البعض من تنظيم القاعدة يشاركون في جبهات القتال إلى جانب الحوثيين ومن ضمنهم قيادي في تنظيم (القاعدة) يدعى يوسف الصعفاني ويتحدر من منطقة صعفان بصنعاء، وأشخاص آخرون كثر من تنظيمي (القاعدة) و(داعش)». في تعز كان هناك الكثير في المليشيات المسلحة الخارجة عن القانون ينتمون للقاعدة ويعملون مع الرئيس السابق صالح ومنهم الحارث العزي الذي كانت التنسيقات بينه وبين الحوثية مستمرة في شرق المدينة وكان يسرب المعلومات للحوثيين لقصف بعض المناطق ، وظهر مع الحوثيين مؤخراً في محافظة إب. الصورة الظاهرية للمليشيا الحوثية أنها ورقة إيرانية المرجعية والدعم والنشأة، وظفتها إيران واستثمرتها ووجهتها بحسب أجندتها الدولية أيضاً، والدليل على ذلك تقاطع مصالح وأجندات كل تلك القوى مع المصالح الحوثية التي مولتها وفتحت الطريق أمامها من دماج إلى صنعاء وبقية المحافظات اليمنية. استخدمت كل تلك الأطراف المليشيا الحوثية واستثمرتها ليس حباً بها وإنما كورقة تحرك عند الحاجة لتنفيذ أجندة الخارج لما وراء تحركاتها وتخريبها في المنطقة، لزعزعة اليمن أولاً وتدميره يعطي مبرراً للجهات الخارجية الدولية بالتدخل في اليمن وفرض أجندته في مقابل منح الحوثيين قطاعاً من الجغرافيا اليمنية للسيطرة عليه وحكمه، وبالتالي فإن هذه الأطراف استخدمت مع الحوثيين نفس التكتيك والذريعة التي استخدمت من قبل مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين حينما استدرجته ومنحته الضوء الأخضر باجتياح الكويت في أغسطس عام 1990، ومن ثم عادت لتعمل على تكوين تحالف دولي ضده لإخراجه من الكويت وتدميره وتدمير قوة العراق الصاعدة في المنطقة. إذاً كان الغرض من دعم الحوثيين هو تقويض اليمن بعد أن شهد نوعاً من الاستقرار في بداية عهد الرئيس عبدربه منصور هادي عقب ثورة الشباب ولم يرق الوضع الجديد لبعض الأطراف الخارجية كاستراتيجية عامة لتدمير ما سمي بالربيع العربي وفرض واقع جديد له أجندة خاصة. الملفت في هذا الاستخدام وإرهاب القاعدة وداعش أنهم يستخدمون وأنهما ممكن أن ينفذان عمليات إرهابية في بعض الدول، وإن كان بمساعدة ممن يرعاهم لتمرير بعض الأجندة، مع عدم تنفيذ أية عمليات في إيران وبعض الدول الراعية لها. تصنيف أمريكا للحوثي في الإرهاب الدولي اتحد العالم كله ضد الأعمال الإرهابية للقاعدة وداعش وجرموهما دولياً، وكذلك ضد القراصنة الصوماليين، لكنهم بالمقابل صمتوا إزاء جرائم الحوثي الإرهابية التي فاقت جرائم داعش والقاعدة وغيرها من التنظيمات، وتجاوز إرهابها الحدود كالعمليات التي تنفذها ضد المطارات المدنية للمملكة العربية السعودية أو المناطق الآهلة بالسكان، أو قصف مناطق وأحياء تعز ومأرب والحديدة المكتظة بالسكان وارتكاب المجازر المختلفة بحق الأطفال والنساء. في الوقت الضائع لإدارة الرئيس ترمب صنفت الحوثية منظمة إرهابية لكن على ما يبدو فإن بعض الدول والمنظمات وحتى شخصيات سياسية أمريكية لم يرق لها القرار كثيراً بحجة تعقيد الأزمة والحرص على العمل الإنساني في البلاد. عززت هذا التصنيف وزارة الخزانة الأمريكية واستثنت العمل الإنساني والإغاثي وسدت الذرائع على المعارضين للقرار بحجة العمل الإنساني، وهو ما سحب البساط على توجه نحو سحب القرار أو إلغائه من قبل الإدارة الجديدة. يبدو أن الحوثية راقت للرعاة كثيراً وسيكون الاعتماد عليها في المنطقة؛ فهي الأكثر تغلغلاً واستثماراً وقبولاً وملاءمة (ووجاهة) لدى الرعاة والممولين، كون لها أهدافها وتطلعاتها الخاصة الأيديولوجية. غالباً يتم اقتران خطوط الطاقة بالأجندة الدولية المختلفة وتكون محل تحكم لهذه القوى الدولية وتشهد أحداثاً سياسية وأمنية ساخنة، ولهذا تقاطعت كل هذه العوامل في بلادنا خاصة مع خط الحرير الصيني وتطلعاتها في المنطقة وصراع الدول الكبرى حول هذه الخطوط والمسائل المتعلقة بها. وبينما كانت قيادة القاعدة الأساسية في أفغانستان وإيران التي تأوي أيمن الظواهري وأولاد أسامة بن لادن وتصدر التعليمات لقواعدها الميدانية من هناك إلا أن مراكز الدراسات ووسائل الإعلام المختلفة ضخمت تنظيم القاعدة في اليمن بشكل مبالغ فيه تماماً لأهداف سياسية دولية، واختلقت أن تنظيم القاعدة في اليمن هو الأنشط بين فروع التنظيم لأهداف سياسية وعسكرية صرفة جعل من الاحتشاد للقوات الدولية إليها مبرراً للسيطرة على اليمن وتدميرها، لموقعها الاستراتيجي وأهميتها في صناعة التحولات السياسية والاقتصادية في المنطقة إن تم الأخذ بيدها وترك لها فرصة النهوض.