الأربعاء 24-04-2024 13:14:27 م : 15 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون منظمة إرهابية.. دلالات التصنيف وحجم التأثير

الثلاثاء 19 يناير-كانون الثاني 2021 الساعة 10 مساءً / الإصلاح نت- خاص- أسماء محمد

 

 

تتجه الولايات المتحدة الأمريكية، بشكل جاد، لتصنيف مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية، إضافة إلى تصنيف ثلاثة من قياداتها كإرهابيين دوليين، وهم عبد الملك الحوثي زعيم المليشيا، وعبد الخالق الحوثي، وعبد الله يحيى الحاكم.

ومن المتوقع أن تصبح مليشيات الحوثي على القائمة الأمريكية السوداء في التاسع عشر من الشهر الجاري،(دخل الأمر حيز التنفيذ مساء اليوم الثلاثاء الموافق 19 يناير 2021) وذلك قبل يوم واحد من تنصيب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة، وربما تحدث بعض العراقيل إذا لم يصادق الكونجرس على ذلك التصنيف.

وسبق أن تجددت الدعوات المطالبة بتصنيف مليشيات الحوثي كجماعة إرهابية من حين لآخر في اليمن، كلما اشتدت جرائمها بحق المدنيين الأبرياء الذين هم هدفها السهل كلما تعرضت للهزائم الميدانية أو أرادت الضغط لتحقيق مكاسب سياسية.

مئات القتلى والجرحى سقطوا طوال سنوات الحرب وحتى قبل ذلك، بسبب قصف المليشيا العشوائي على الأحياء السكنية في عدة محافظات، وأيضا باستهدافها للمملكة العربية السعودية وتضرر كثير من المدنيين، وبرغم ذلك لم يتم تصنيفها كجماعة إرهابية من قِبَل المجتمع الدولي وبخاصة الولايات المتحدة منذ 2015.

 

مساعي إدارة ترامب

قبل انتهاء الفترة الرئاسية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سعت إدارته لتصنيف مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية أواخر العام الماضي، برغم أن ذلك لم يكن يبدو كهدف يشغل زعماء البيت الأبيض السابقين وتحديدا باراك أوباما رغم أن انطلاق عمليات التحالف العربي بدأت أثناء وجوده في البيت الأبيض.

أخذ ذلك الخبر حيزا كبيرا من الاهتمام، لمحاولة معرفة جدية واشنطن بالتعامل مع المليشيات الحوثية بهذا التصنيف، علما بأن إدارته صنفت الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، وقُتل لاحقا خلال فترة رئاسة ترامب قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وفرضت لاحقا عقوبات على قيادات حوثية وكذلك حسن إيرلو سفير إيران لدى المليشيات.

ذلك التوجه تلاشى، وتم تصنيف مليشيات الحوثي ولكن ضمن ما يسمى كيانات "ذات اهتمام خاص" أو "قلق خاص"، وهو أمر يكشف طبيعة نظرة الأمريكان للملف اليمني، ورغبتهم ببقائه مفتوحا ومعلقا مهما كانت الكلفة البشرية.

واعتبرته مليشيات الحوثي ومعها إيران التي تدعمها منذ عقود، فشلا ذريعا لإدارة ترامب، في حشد الدعم الدولي والإقليمي المطلوب للتوصل لقرار التصنيف ذاك.

 

دلالة التوقيت

أدى تراجع أمريكا (سابقا)، ومن ثم عودة ذلك الملف إلى الواجهة مجددا قبل أيام، إلى التساؤل عما وراء ذلك، خاصة في ظل رفض ترامب نتائج الانتخابات الرئاسية التي فشل فيها.

وبدا لكثير من المراقبين أن ترامب أراد وضع كثير من العراقيل أمام الرئيس الفائز في الانتخابات الأخيرة جو بايدن، بما في ذلك توتير علاقة الولايات المتحدة بإيران ومنع التوصل معها إلى أي اتفاق بشأن الملف النووي، وليس للأمر علاقة بالرغبة في إحلال السلام في المنطقة!!

ومن غير المعروف حتى الآن ما إذا كان ذلك القرار سيواجه برفض كبير من داخل أمريكا يُلغيه، برغم الصعوبات التي قد تعترض ذلك، أو أن واشنطن ستكون جادة بذلك التصنيف.

 

تخادم وابتزاز

مساعي واشنطن تلك، أثارت الكثير من الجدل، ومن أبرز ردود الأفعال تلك، الصادر من حزب العمال البريطاني الذي حذر من مغبة ذلك التصنيف، كونه سيحرم آلاف اليمنيين من الحصول على مساعدات إنسانية، كما ورد في تقرير للجارديان البريطانية، وشابهته ردود صدرت من أمريكا أيضا.

يساعد بقاء جماعة الحوثي في المنطقة إلى جانب كيانات أخرى خاصة تلك التي تدعمها إيران، على استمرار إثارة الصراعات والحروب، وبالتالي يمكن لأمريكا وبريطانيا وغيرها من الدول، بيع المزيد من أسلحتها للمناطق المتوترة بما في المنطقة العربية بالطبع، وكذلك ابتزاز المملكة السعودية أكثر، وتحقيق الأجندة التي تسعى لها الدول الكبرى في المنطقة، يساعدها على ذلك حالة التشرذم والتمزق الذي تعاني منه وتتعرض له الدول العربية ومن بينها اليمن.

وبرغم الضغوط التي تقود بعضها منظمات حقوقية في بريطانيا وغيرها، فإن تجارة الأسلحة ما تزال مستمرة، واستأنفت بريطانيا في يونيو الماضي تصدير الأسلحة للتحالف بعد تعليقها لفترة.

وتعد مليشيات الحوثي واحدة من المنظمات الإرهابية التي تعمل على تنفيذ أجندة تلك الدول باعتبارها مصدرا للصراع في المنطقة، ولوحظ مرارا تساهل المجتمع الدولي مع الانتهاكات التي ترتكبها بحق المدنيين، وكذلك حين ترفض تنفيذ الاتفاقات التي تتم برعاية مجلس الأمن وحتى دول إقليمية.

 

معارضة قرار واشنطن

لوحظ بعد صدور قرار تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، اعتراض الأمم المتحدة ومنظمات عديدة وكذلك الاتحاد الأوروبي، رأت أن ذلك سيعقد حل الأزمة اليمنية، فضلا عن كونه سيسهم في تفاقم الوضع الإنساني، برغم صمتهم الطويل أمام ممارسات المليشيات بحق المدنيين في تعز وغيرها.

كشف ذلك حجم العلاقة التي تربط بين تلك المنظمات ومليشيات الحوثي التي استفادت كثيرا من المساعدات الإنسانية، فقد نهبت 65% من الإغاثة، بحسب إحصائيات حكومية، استفادت منها ببيعها وتوزيعها على مقاتليها وأتباعها، وحرمت ملايين المحتاجين لها.

وترفض المليشيات فتح أي باب للسلام في اليمن، وتضع كثيرا من العراقيل أمام إحراز أي تقدم في هذا الملف، وبرغم توقيعها في أحايين كثيرة على اتفاقات تتم برعاية دولية وإقليمية لا تلتزم بها.

 

حجم التأثير على المليشيات

من المعروف أن تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، يتيح لأمريكا منعهم من استخدام الشبكة المالية الدولية، ويحرمهم كذلك من السفر إلى واشنطن، وإمكانية محاكمة قادة المليشيات في الولايات المتحدة وغيرها، ما يعني صعوبة تحركهم وأتباعهم بسهولة، كونهم سيكونون تحت المجهر.

يعني ذلك أيضا أن المليشيات ستكون في عزلة أكبر، وسيقضي ذلك القرار على آمالها بأن تكون طرفا في أي تسوية سياسية مقبلة، وهو ما يصعب في كل الأحوال حدوثه بسبب استحالة أن تسلم المليشيا أسلحتها للدولة.

كما أنه من المتوقع أن يتم قطع التواصل مع البنوك والمصارف الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي، وذلك قد يعطي فرصة لنشاط البنوك في مناطق سيطرة الشرعية إن أحسنت استغلال ذلك.

وسبق أن صنفت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، في عام 2014، مليشيات الحوثي كجماعة إرهابية. فيما فشل حتى الآن مجلس النواب اليمني بالتوصل إلى قرار مشابه، فقد أحال في 2019 مشروع قانون تصنفيها كمنظمة إرهابية إلى لجنة خاصة لدراسته قبل عرضه مجددا على البرلمان، برغم أهمية ذلك.

 

أصوات من تعز

مع فشل الحكومة في إصدار قرار مهم مثل ذاك، إضافة إلى عدم تصنيف المجتمع الدولي للمليشيات كمنظمة إرهابية سابقا، كان يواصل المدنيون من حين لآخر في تعز، المطالبة بتصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، كلما تعرضوا لمجزرة جديدة تودي بحياة العشرات منهم، وكلما تذكروا جرائم ومجازر المليشيات التي اختطفت من بينهم المئات ولا تزال.

ويعود ذلك إلى قيام المليشيات بجرائم عديدة طوال فترة الحرب، ففي تعز وحدها بلغ عدد القتلى 3863، أما الجرحى فعددهم 17293، إضافة إلى تعرض وتدمير منازل ومنشآت مختلفة سواء بالتفجير أو التدمير الكلي أو الجزئي 4303، فضلا عن نزوح وتهجير 179567، وفق ائتلاف الإغاثة الإنسانية.

وبحسب الأمم المتحدة، أودت الحرب التي ستدخل عامها السابع بحياة 233 ألف يمني، ونزوح قرابة 172 ألف شخص، ولا مؤشر حتى الآن لنهاية ذلك، بسبب عدم إيمان المليشيات بالسلام، واستمرارها بقتل اليمنيين وتنفيذها بحقهم مجازر بشعة، آخرها تجدد حملة الإبادة التي تتعرض لها منطقة الحيمة بتعز، والتي قتل وجرح فيها أكثر من 30 مدنيا، إضافة إلى إحراق 3 منازل وتفجير 5 أيضا وتدمير 13 منزلا، بسبب القصف بالأسلحة الثقيلة.

وتمارس مليشيات الحوثي جرائم تنطبق تماما مع سلوكيات وممارسات الجماعات الإرهابية المختلفة، فقد عانى آلاف المواطنين من قصف الأحياء السكنية، وتفجير المنازل، والقتل، وتشويه الجثث، والاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب حتى الموت والتجويع وغيره.

 

طريق الحسم العسكري

بعيدا عن التعلق بالآثار المتوقعة من تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية وجدية واشنطن في ذلك، يبدو أن لا خيار آخر أمام الحكومة الشرعية ومعها التحالف العربي سوى الحسم العسكري، خاصة أن تلك المليشيات ترفض بشكل دائم السلام.

وذلك يعني استمرار استهداف المدنيين في اليمن وحتى المملكة، وتحول المليشيات إلى مصدر تهديد حقيقي لأمن المنطقة ككل، وبالتالي تنامي نفوذ إيران بشكل كبير برغم التصنيف.

ومرارا طالب مسؤولون في الحكومة الشرعية المجتمع الدولي بتصنيف مليشيات الحوثي كجماعة إرهابية، ولذلك فقد رحبت السلطة الشرعية بصدور ذلك القرار الأمريكي، ورأى بعض المراقبين أيضا أنه سيضع حدا لأي مليشيات تفكر بالقيام بما قام به الحوثيون.