الأربعاء 24-04-2024 14:22:11 م : 15 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

أبعاد أيديولوجية وديمغرافية وسياسية..

لماذا تركز المليشيا الحوثية الإمامية على نهب الأراضي؟

الأربعاء 18 نوفمبر-تشرين الثاني 2020 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت -خاص / توفيق السامعي

 

كل يوم جديد تطالعنا الأخبار والوقائع عن استمرار المليشيا الحوثية نهب الأراضي اليمنية سواء كانت أراضي الأوقاف أم الشائعة أم أملاك الدولة وصولاً إلى نهب أراضي المواطنين الخاصة وتركهم عرضة للفاقة والجوع.
تركز المليشيا الحوثية على هذا النهب لأبعاد أيديولوجية وديموغرافية واقتصادية وسياسية.


أما الأبعاد الأيديولوجية فهي ادعاؤها بأن كل الأراضي ملكاً لهم وأن المواطنين وما يملكون ملكاً لسلالة البطنين التي ينبغي أن تعطى كل شيء من أموال نقدية وعينية حتى تكون الطبقة الحاكمة للمجتمع وتسود المواطنين على مر التاريخ، فقد كان في عهد الإمامة كل شيء ملكاً للإمام من بيض الدجاج والسمن والعسل حتى القصور الفارهة والأراضي الزراعية العيون وأخصب بقاع الأرض.


أما الأبعاد الديموغرافية فهي عادة تستخدم وسيلة نهب الأراضي لتشريد المواطنين بعد إفقارهم وإخضاعهم بالقوة ليفتقروا ويكون أمامهم إما التشرد بحثاً عن حياة أخرى وترك الأراضي للمتسلطين الحوثيين الإماميين وإما خضوع العبيد يعملون كسخرة وأجراء، لينتج من وراء كل ذلك تقليص عدد أنصار المشروع المقاوم لتسلطهم وتكثير سواد الإماميين وغلبتهم على تلك المناطق كما مر علينا عبر التاريخ في إب وصنعاء وصعدة وحجة وعمران، واليوم يكررون ذات النهج في صنعاء وإب تحديداً.


تحكي لنا المصادر التاريخية عن أسوأ وأكبر الهجرات البشرية والتغيير الديموغرافي للمناطق التي لم تدخلها الإمامة عبر التاريخ كإب وريمة مثلاً، وحتى اليهود الصنعانيين والعمرانيين والصعداويين الذين هجروا من أرضهم وأجبروا على بيع أموالهم في صنعاء وريدة وخمر وغيرهم في زمن الإمام المهدي محمد بن أحمد بن الحسن في بدايات القرن الحادي عشر الهجري.


أما اقتصادياً فتعد الأراضي أكثر الأموال العقارية ربحية وإغراءً للأسر الإمامية وأنصارها المتشيعين لها المستخدمة في ضرب المشاريع المناوئة لها، ومن خلال هذا الاقتصاد تسود الإمامة ويعلى شأنها بين الناس وتستطيع تسيير واستمرار مشروعها ورعايته ردحاً من الزمن.
أما سياسياً فنهب هذه الأموال بالقوة هي سياسة إخضاع وهيمنة وإذلال وتركيع للخصوم وتجويع لهم حتى ييأسوا من مقاومة المشاريع الإمامية عبر التاريخ.


رأينا بأم أعيننا حديثاً كيف أن المشرفين من المليشيا الحوثية وأسرها العتيقة استطاعت النهوض بسرعة الضوء نحو الاستثمار العقاري في صنعاء بعد الانقلاب فكانوا هم المسيطرين عقارياً وإنشائياً، فظهرت الأبراج العالية والعمارات القرآنية والشركات العملاقة والفلل الحديثة والقصور الفارهة لكل فليس متشرد لا يملك قوت يومه حتى صاروا أثرى أثرياء المجتمع، وارتفع أثمان العقار إلى عشرة أضعاف في الفترة المتأخرة، بينما غالبية المواطنين يصارعون الفاقة والمجاعة وخضع معظم الناس لهذا المشروع بفعل قوة الحديد والنار وسياسة الإرهاب الحوثية.
ركزت المليشيا الحوثية مؤخراً على أراضي الأوقاف تحديداً وأراضي صنعاء، ولغلبة مشروعها الانقلابي بعد استتار الأسر الإمامية بعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وظهورها اليوم ظهرت كثير من الأسر بادعاءات باطلة..

 

نزاعات حوثية - حوثية
ظنت المليشيا الحوثية وكثير من الأسر الإمامية أن الجو صار خالياً لها للاستفراد بهذه الأموال العقارية والأراضي العينية، فظهرت كثير من الأسر تدعي ملكية كثير من الأراضي حول العاصمة صنعاء، وانتشرت انتشار النار في الهشيم لدرجة أن وزارة الأوقاف التابعة للمليشيا الحوثية غير المعترف بها دولياً أصدرت تعميمات متعددة تبطل كثيراً من هذه الادعاءات.
وبحسب وثائق معممة من أوقاف الحوثيين فقد أدخلت خمسة وأربعين شخصية إمامية حوثية في قائمة سوداء تنهب الأراضي وتتصرف فيها وتنهبها بغير ملكية حقيقية، كما توضحها الوثائق المرفقة في هذا التقرير، من بينها من آل المتوكل وآل المنصور وآل شرف الدين وآل الهبل وآل المؤيد وآل البروي وآل النهمي وآل أبو طالب وآل المهدي وآل النعمي وغيرهم كثير.


وجاء في مذكرة رفعتها الأوقاف في صنعاء إلى من يسمى رئيس مجلس القضاء الأعلى في الحكومة الحوثية غير المعترف بها دولياً أحمد المتوكل أن "هذه العصابات" تستند في نهبها أموال الأوقاف والمبرات والمحاسن والترب ومراهقها وأموال المواطنين إلى محررات مزورة "معظمهم من ذوي السوابق الجنائية والمحكوم عليهم وعلى أسلافهم جنائياً بالتزوير والاستيلاء على مال الأوقاف وهم مشهورون بذلك منذ زمن".


لم تكن هذه المذكرات والوثائق المرفوعة إلى القضاء الحوثي هي من باب الإنصاف أو إحقاق الحق واسترداد الحقوق بل هي من باب تنافس الأسر الإمامية على التملك بهذه الأراضي، وقد أوضحنا في مواضيع سابقة كيف استطاع التنظيم الهاشمي السري خداع الدولة عبر محررات مزورة تاريخياً في أكبر عملية تعويض وتملك لأراضي الفرقة الأولى مدرع وما جاورها.
حيث تسيطر اسرة آل المتوكل على معظم أراضي صنعاء ابتداءً من أراضي رأس الفرقة الأولى مدرعاً وحتى وزارة الزراعة في جنوب شارع الزراعة وسط العاصمة صنعاء، فإذا كانت هذه فقط حصة آل المتوكل تقريباَ بمساحة ربع العاصمة صنعاء فإن أراضي منطقة الروضة تتنازعها الكثير من الأسر الإمامية الأخرى.

 

أما شرق العاصمة صنعاء في ضهر حمير وما إليها غرباً إلى السائلة وسط العاصمة فتتنازعها أسر آل المؤيد وآل شرف الدين وبعض آل المتوكل وكذلك المنصور وغيرهم.
أما في قلب العاصمة صنعاء من جنوب وزارة الزراعة وحتى قاع العلفي وصولاً إلى التحرير فغالباً تقع تحت سيطرة بيت حميد الدين، وقد قدمت العديد من الدعاوى القضائية للتعويض في مستشفى الأمومة والطفولة وسط حي القاع بادعاء بيت حميد الدين ملكيتها وكذلك قصر البشائر وما جاوره.
أما جنوب العاصمة صنعاء كمنطقة حدة وبيت بوس والأصبحي وما جاور تلك الأماكن فكثير من بقية الأسر الإمامية تدعي ملكيتها وتتنازع عليها، وبذلك تكون هذه الأسر قد تملكت كل أراضي العاصمة بعد قيام الدويلات الإمامية ونهبها صنعاء والسيطرة عليها.
تشير معظم المحررات والسجلات والكتب التاريخية أن أرض صنعاء في الأساس حوالي 80% تعد أرض وقف لكن الإمامة نهبتها وحولتها إلى ملكيات خاصة وصارت تورث اليوم بين ورثة تلك الأسر.


من خلال الوثائق المتأخرة والنزاعات الأرضية تفسر لنا صدقية ما ذهبنا إليه في تقارير سابقة عن هذه القضايا نشرها تباعاً موقع "الإصلاح نت" أن المليشيا الحوثية عندما أقدمت على حرق أرشيف الأوقاف بصنعاء في أواخر أغسطس 2018، أرادت بذلك التأسيس لجرائم أخرى من نهب الأوقاف بعد طمس وأحراق كافة الوثائق للأوقاف التي تثبت ملكيتها للأوقاف وتفضح أي ادعاء حوثي إمامي لها.
في شمال شرق العاصمة صنعاء وتحديداً في منطقة سعوان تسابق محمد علي الحوثي ويحيى بدر الدين الحوثي وحامد محمود على سرقة والبسط على أرضية تقدر مساحتها قرابة 10 آلاف لبنة كما تفعل في مناطق أخرى كالصباحة وبني مطر والرحبة من أرحب وغيرها، وهناك الكثير من القيادات الحوثية تسابق الزمن لمصادرة تلك الأراضي والتصرف فيها وبيعها أو الاستثمار الشخصي فيها.

 

 

لا نزاعات على الأراضي بعد الثورة
بعد ثورة السادس والعشرين من سبتمبر حينما وجدت دولة حقيقية تتحرى عن كثير من هذه التملكات العقارية للأسر الهاشمية لم تجرؤ أسرة من الأسر السابقة على الإقدام لأي ادعاء بملكية الأراضي حتى تغلغلوا في الدولة واشرأبت أعناقهم عقب الوحدة حين ساد جو من الحرية غير المنضبطة وظهور هذه الأسر مجدداً للادعاء بتلك الأراضي.


حتى أواخر سبعينيات القرن الماضي كانت الأراضي شمالي منطقة الكويت وحتى قرب مقر الفرقة الأولى مدرع، وكذلك الستين الغربي ومنطقة هائل وما تليها من مناطق، كانت مناطق نائية غير مأهولة، ولم تكن صالحة للزراعة ولم تكن ذات قيمة شرائية، وبالتالي كان المواطنون يتسابقون عليها للبسط عليها للبناء عليها دون أي تملك من أية أسرة كانت، ولم تظهر الأسر الإمامية للادعاء عليها أو حمايتها وخاصة أسرة آل المتوكل، حتى منتصف التسعينيات حيث بدأت الادعاءات على ملكيتها.


عادت المليشيا الحوثية اليوم تنهب وتسلب كل أموال المواطنين الخاصة وأموال الدولة العامة من أموال نقدية أو عينية أو عقارية أو شركات مختلفة، وعاد أسلوب الإماميين في النهب مجدداً كما فعل آباؤهم وأجدادهم من قبل ليحوزوا ويتملكوا الثروات الهائلة ولإحياء الطبقية مجدداً وتسلطهم على المواطنين وتقسيمهم إلى فقراء سخرة وإقطاعيين أرستوقراطيين، وظهرت لهم أبراج سكنية عالية وحسابات مالية ضخمة في البنوك وشركات استثمارية عملاقة في مختلف المجالات.


صادر الحوثيون اليوم أموال علي عبدالله صالح، وأحرقوا مزارع العنب في الجراف، وحولوها من مزارع تخدم المواطنين وتصدر الفواكه والثمار إلى أراضٍ إنشائية عقارية للبنايات السكنية، وهذه عادتهم في الأصل منذ مؤسسهم يحيى الرسي الذي كان يحرق عرائش العنب ويقطع النخيل ويهدم الآبار ويردمها ويسمم بعضها ويهدم بيوت المواطنين ومن ثم مصادرتها وتملكها وتوريثها، واليوم الحوثيون يسيرون على ذات النهج والطريق، فقد جرفوا دولة الشعب ولم يسلم الشعب من تجريف حقوقه.

 


محافظة إب عود على بدء من النهب
ظلت محافظة إب عبر التاريخ مطمعاً كبيراً للمشروع الإمامي فتعرضت لجرف الهوية وجرف معظم أراضيها ونهبها للإمامة، حيث ظلت قبلة المشاريع الإمامية عبر التاريخ نظراً لخصوبتها واعتبارها قديما ومتوسطاً سلة الغذاء اليمني.


مع كل قرن من الزمن تأتي موجة غزو إمامية تأخذ دورها وحصتها من النهب المنظم والعشوائي قتلاً للمواطنين وتشريداً لهم ومصادرة أموالهم وأراضيهم وممتلكاتهم، وما الأسر الإمامية اليوم التي تستوطن محافظة إب إلا من هذه الموجات الغازية عبر التاريخ، خاصة في عهود المطهر بن شرف الدين والمتوكل إسماعيل والمهديين الأب والإبن أحمد بن الحسن بن القاسم وابنه محمد بن الحسن بن القاسم واللذين كانا من أشد أنواع الإمامة نهباً وبطشاً ومصادرة لأموال أبناء إب وإحلال ديموغرافي لم تشهده البلاد منذ آلاف السنين، وجاء من بعدهم كذلك الإمامان المنصور والهادي أحمد بن المتوكل والإمام يحيى حميد الدين وابنه أحمد فأكملوا ما أنقصه الأولون.


في العهد الحوثي لم تختلف محافظة إب عن سابق عهدها مع الإمامة، فكل يوم نسمع عن نهب لأراضي المواطنين والأوقاف والمراهق وصولاً حتى لنهب المقابر والبسط على أراضيها والبناء على أرضها المحرمة شرعا والمجرمة قانوناً.


مصادر محلية في محافظة إب ترصد كثيراً من تلك المصادرات والمنهوبات وأفادت بتصاعد موجة من التنافس بين قادة المليشيات الحوثية في المحافظة لجهة السطو على أراضي وعقارات الدولة بهدف الإثراء غير المشروع، وعبر عصابات مسلحة يقودها نافذون موالون للمليشيا.
ووسَّعت المليشيا - حسب مصادر لصحيفة الشرق الأوسط - منذ مطلع العام الجاري، من حملتها الممنهجة للاستيلاء على ما تبقى من الأراضي والممتلكات الخاصة والعامة في إب المحافظة وبقية مديرياتها، حيث طالت عمليات النهب الحوثية المئات من الأراضي والعقارات، وحتى الجبال والمقابر والحدائق العامة لم تسلم هي الأخرى من عمليات السطو الحوثية.


وبحسب صحيفة الشرق الأوسط فقد كشفت المصادر عن أن المليشيا الحوثية صادرت أخيراً بقوة السلاح مساحة واسعة من الأرض وسط مدينة إب، كانت قد خُصصتْ سابقاً لإنشاء حديقة للحيوانات جنوب المحافظة.
وجاءت عملية السطو الحوثية الناجحة هذه المرة على قطعة الأرض الخاصة بحديقة الحيوان بالمحافظة، بعد محاولات عدة قامت بها خلال الفترة الماضية بهدف الاستيلاء على الأرض، والتي باءت جميعها بالفشل.


وتبلغ مساحة الأرض المنهوبة من قبل الميليشيات، 10 آلاف قصبة (القصبة تساوي نحو 60 متراً مربعاً) حيث يبلغ سعر القصبة قرابة 20 مليون ريال (الدولار يعادل 600 ريال تقريباً).