فيس بوك
جوجل بلاس
العديني: التوافق الذي شهدته عدن مفتاح رئيسي للحل والواقع بحاجة لتوحيد الجهود والطاقات
الحكومة تبارك إشهار التكتل الوطني وتعتبره جهدا وطنيا مميزا في لحظة تاريخية
إشهار التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية وإقرار لائحته وأهدافه (نص بيان الإشهار)
المهرة.. اجتماع لفروع الإصلاح بالمديريات الغربية يدعو لتعزيز وحدة الصف
الإصلاح بالمهرة يحتفي بذكرى التأسيس واعياد الثورة اليمنية ويؤكد على وحدة الصف الوطني
إعلامية الإصلاح بالحديدة تكرم كوكبة من رموز الفن والفلكلور التهامي
أحزاب تعز تطالب الرئاسة والحكومة بتحمل مسؤوليتهما في انقاذ الاقتصاد الوطني
الوصابي: ما تقوم به مليشيا الحوثي بحق الإصلاح واليمنيين ككل جرائم لن تسقط بالتقادم(حوار)
الإصلاح وفلسطين.. ثوابت راسخة في دعم القضية الفلسطينية ومناهضة التطبيع
تتجلّى في التاريخ الوطني لليمن سلسلة من النضالات التي أضاءت سماء البلاد بالأمل رغم المحن، تأتي الذكرى الـ 61 لثورة 14 أكتوبر لتشكّل محطةَ خالدةً في سلسلة النضالات اليمنية، التي أضاءت شعلة الحرية في وجه مستعمر ظن أنّ بإمكانه طمس هوية شعب عريق، امتدّ صموده عبر 129 عامًا من الكفاح.
من جبال ردفان كانت البداية لكنها ما لبثت أن تحولت إلى حمم بركانيه في وجه المستعمر البريطاني في مختلف المحافظات الجنوبية التي كانت خاضعة لسيطرته، والذي وجد نفسه أمام ثورة شعبية، وملحمة وطنية حملت في طياتها قيم التضحية والإصرار على تحقيق إرادة الشعب في الحرية وهو ما كان في 14 أكتوبر 1963.
انطلقت الشرارة الأولى لثورة أكتوبر من جبال ردفان محافظة لحج، بقيادة البطل الشهيد راجح لبوزة، لتكون البداية لثورة لم تنكسر إرادتها رغم قوة الاحتلال العسكري، ووسائل الترهيب التي استخدمها المستعمر البريطاني لمحاولة ثني الشعب عن المطالبة بالحرية والاستقلال.
لكن محاولات المستعمر باءت بالفشل وسط عزيمة الثوار على استكمال انجاز هدفها، مجسّدةً بذلك رمزًا للنضال من أجل الحرية والكرامة، حيث بدأت كفاحاً شعبياً طويل الأمد منذ وصول المستعمر البريطاني إلى عدن عام 1839، واستمر ذلك النضال حتى تحقيق الاستقلال الكامل في 30 نوفمبر 1967.
تجسيد الوحدة الوطنية
تؤكد مجريات الأحداث، أن الثورة السبتمبرية 26 سبتمبر 1962 في شمال الوطن، كانت الإلهام الذي عزّز هذه الانتفاضات، ومع تتابع الثورتين، أثبت اليمنيون أن مصيرهم واحد، وأنهم لن يقبلوا بسياسة التقسيم التي حاول المستعمر فرضها، وفقا للكاتب والسياسي اليمني "محمد صلاح".
ويرى صلاح، أن ثورة 14 أكتوبر لم تكن مجرد انتفاضة ضد الاحتلال البريطاني، بل كانت تجسيدًا حيًا للوحدة الوطنية بين أبناء اليمن شمالًا وجنوبًا، فقد تآزر الأحرار في الشمال والجنوب لإنهاء الاحتلال البريطاني والنظام الإمامي المستبد، حيث امتزجت دماؤهم في ساحات القتال وفي ميادين التضحية، وكان لمدينتي تعز وعدن دور مركزي في مساندة النضال، من تدريب الأبطال وإمدادهم بالسلاح، إلى احتضان حركات المقاومة.
فيما يرى آخرون أن مدينة عدن، رغم طبيعتها المدنيّة، لم تكن بعيدة عن هذا الحراك، بل على العكس، تحولت إلى ساحة لمعارك فكرية وسياسية، وفدائية، ففيها ارتفعت أصوات العمال، الطلاب، والنساء، تتحد ضد سياسات المستعمر البريطاني، ورغم سياسات القمع والترهيب التي انتهجها المستعمر؛ إلا أن المقاومة الشعبية تزايدت وتنوعت بين الريف والمدينة، وصولا إلى عدن التي أصبحت مركزًا للحراك الثقافي والسياسي والفدائي ضد المستعمر.
حيث تفاعل أبناء عدن بمختلف فئاتهم مع الثورة، كما تفاعل اليمنيون في الأرياف، واندلعت انتفاضات شعبية في الضالع، حضرموت، ردفان، والعوالق وغيرها، ليؤكد الشعب اليمني تمسكه بوحدته ومصيره المشترك، كما شهدت تلك الفترة انتفاضات مسلحة ومقاومة فردية في مختلف المناطق الجنوبية، مما أسهم في تطور الحركة الوطنية في شمال الوطن وجنوبه.
وشارك أبناء عدن من العمال والطلبة والنقابات والنساء في احتجاجات وإضرابات مستمرة ضد المستعمر البريطاني، مساندين بذلك القضايا الوطنية والعربية، وبتلاحم ثوار الجنوب مع أبناء الشمال بعد نجاح ثورة 26 سبتمبر في الشطر الشمالي، تعززت وحدة المصير والنضال المشترك، لتتوج هذه الجهود بإعلان الاستقلال الذي بدأت ملحمته في 14 أكتوبر 1963 ويصبح ناجزا في 30 نوفمبر 1967.
كما أن تعز تعدّ قلب الثورة، حيث كانت الحاضنة للثوار ومنطلقا للدعم الذي ألهب المقاومة، إذ لعبت دورًا محوريًا في إمداد الثوار بالمال والسلاح وتدريب الأبطال، وكان عبود الشرعبي أحد أبرز القادة العسكريين الذين قادوا الثورة ضد الاحتلال البريطاني، مما جسد التلاحم بين أبناء اليمن في الشمال والجنوب.
ثورة إنسانية
لقد أضاءت ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م بانتصارها دروب أبناء الوطن في جزء غال، وأنهت حقبة مظلمة من الاستغلال والاضطهاد والقمع، حيث مثلت هذه الثورة الخالدة فعل خلاق، وثورة إنسانية، استهدفت تحرير الإنسان وبناءه والاهتمام به ورعايته وإطلاق العنان لتفجير طاقاته الإبداعية في كل مجالات الحياة والإسهام الفاعل في بناء الوطن وتنميته.
ويرى مراقبون، أن هذه الثورة الخالدة مثلت ميلاد دولة ذات سيادة، وقضت على مشروع المشيخات والسلطنات الذي حاول الاستعمار تكريسه، مشيرين إلى أن هذه الثورة التي انطلقت شرارتها قبل 61 عاماً من جبال ردفان وعلى مدى أربع سنوات من النضال كانت ناراً على قوات الاحتلال وهزمتها شر هزيمة.
مشيرين إلى أن أهم الأهداف التي حققتها ثورة 14 أكتوبر هي التحرر من الاستعمار، وتوحيد الشتات في عدن والمحميات الشرقية تحت علم واحد، والمساهمة في نشر الثقافة والفكر والتعليم الذي كان محدوداً في عهد ما قبل الثورة، مؤكدين أن قيام وانتصار ثورة أكتوبر، وتحقيق الاستقلال الوطني في الـ 30 من نوفمبر 1967، مثّل انتصار الارادة نحو التحرر والانعتاق والتقدم، وهزيمة ساحقة للاستعمار والتبعية والتخلف، وبوابة النهوض الوطني نحو آفاق مستقبل يتطلع اليه الجميع.
كما أن ثورة 14 أكتوبر مثلت استمرارًا طبيعيًا للوجه المشرق لثورة 26 سبتمبر؛ باعتبارهما ثورتين ضد الظلم والتخلف والتمييز، ومن أجل العمل والحرية والكرامة للمواطن، والمواطنة المتساوية، وبناء دولة يمنية حديثة، فعندما اندلعت ثورة ١٤ اكتوبر كان هاجس مناضليها من الرعيل الأول، يتجه نحو الانعتاق الوطني من التبعية للاستعمار، والانتصار لكرامة المواطن والوطن، والشروع في معركة النهوض الاقتصادي والاجتماعي، وتحسين الحياة المعيشية والخدمية للشعب.
استلهام روح ثورة 14 أكتوبر
إن حلول الذكرى الـ 61 لثورة 14 أكتوبر في ظل استمرار الانقلاب الحوثي على الدولة، يمثل -وفقا لمراقبين- ارتدادًا مؤلمًا عن أهداف ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر، واللتين سعتا لتحقيق الوحدة الوطنية، وإرساء العدالة، وإزالة الامتيازات الطبقية، هذا الارتداد مثَّل محاولة لطمس معاني النضال والحرية التي تجلت في تلك الثورات.
فثورة 26 سبتمبر مثّلت الروح التي استلهم منها رمز الثائرين راجح لبوزة روح المقاومة ضد المستمر البريطاني، فكان مثالًا حيًا للتلاحم بين أبناء اليمن، فبعد أن شارك في الدفاع عن ثورة سبتمبر، عاد إلى الجنوب ليقود المقاومة ضد الاحتلال البريطاني، ليبدأ صفحة جديدة من النضال المشترك، الذي جسّد أسمى معاني الإخاء والتضحية.
وفي هذا الصدد، يؤكد مراقبون على ضرورة استحضار اليمنيون روح ثورة 14 أكتوبر وقيمها اليوم، خصوصًا في ظل ما تشهده البلاد من تحديات، أبرزها انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة وحربها على اليمنيين المستمرة منذ عشر سنوات، وهو ما يؤكد على ضرورة استلهام دروس ثورة أكتوبر لمواجهة الانقلاب الحوثي.
فمثلما وقف اليمنيون بالأمس في وجه المستعمر البريطاني بالسلاح والفكر، فإنهم اليوم بحاجة إلى التلاحم الوطني، والاصطفاف جنباً إلى جنب مع قواتهم المسلحة، لتكون معركة اليوم امتداداً لنضالات الأمس، في مواجهة مشاريع التقسيم والطائفية الحوثية التي لا تقل خطورة عن المستعمر التقليدي.
ولذا من المهم التأكيد على أن ثورة أكتوبر ستظل درساً خالداً في كيف يمكن للإرادة الشعبية، مهما واجهت من تحديات، أن تنتصر على كل محاولات الطمس والتقسيم، لتعيد لليمن حريته وكرامته، وهو ما يجعل هذه القيم والمعاني الوقود والمحرك لأبناء اليمن لمواصلة نضالاتهم حتى تحرير بلادهم من الانقلاب الحوثي.