الإثنين 29-04-2024 22:10:38 م : 20 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ثورة 14 أكتوبر.. كيف قضت على تحالف الاستعمار والإمامة؟

السبت 14 أكتوبر-تشرين الأول 2023 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت – الصحوة نت

  

 

بينما كان البطل اليمني الخالد "غالب بن راجح لبوزة" عائداً من صنعاء إلى عدن، بعد أن شارك بجانب ثوار 26 سبتمبر، وهناك طلبته سلطات الاحتلال البريطاني للتحقيق وأردت معاقبته، باعتبارها حليفة للإمامة وغير راغبة في اسقاط حكم الإمامة.

ولم يكن من باب الصدفة ان تندلع ثورة ١٤ أكتوبر 1963 في جنوب اليمن، بعد عام واحد فقط من اندلاع ثورة ٢٦ سبتمبر 1962، في الشمال وسقوط حكم بيت حميد الدين، فقد كان للأئمة تخادم من الاستعمار البريطاني في الجنوب، وبسقوطهم تمكن الثوار من طرد بريطانيا ونيل الاستقلال الكامل بعد ما يقارب ١٣١ عاما من الاحتلال.

فنظرا للمصالح المشتركة لم تكن من مصلحة اي من الطرفين (الائمة والبريطانيين) سقوط الطرف الآخر وحرص الاثنان على مواصلة تجهيل اليمنيين واضاعة هويتهم أكبر مدة ممكنة وقد لخص الشاعر الشهيد علي ناصر القردعي هذا التخادم والمصلحة المشتركة ببيت شعري قال فيه:

قدهم على شور من صنعاء الى لندن

متكاتفين كلهم سيد ونصراني

 

او كما قال الشاعر احمد السقاف:

تقاسموها ففي صنعاء طاغية

وفي الجنوب عدو غاشم ضغن

وقبل تولي الامام يحيى السلطة كان يعد بأنه سيعمل على طرد الاستعمار البريطاني، وعندما عُين إماماً عام 1904، أعترف عقب ذلك بسلطة التاج البريطاني على جنوب اليمن، واعترف بسلطة المشيخات التي انشأتها بريطانيا وكانت حوالي ٢٣ مشيخة، ومنع تسمية البريطانيين بـ (الكفرة) رغم ان هذا المصطلح كان يطلقه هو وعماله جزافا على كل من يخالف اوامره من المسلمين.

 

تشطير اليمن

ويعد الإمام الحسين بن القاسم هو اول من اعلن تشطير اليمن على شكل شمال وجنوب حيث اعلن الانفصال بعدن عام (1144هـ)، وهو ما تسبب في مجيء الاستعمار البريطاني الذي واجه مقاومة شرسة من قبائل اليمن القادمة من الشمال والجنوب.

ووفق كتاب "خيوط منسية" للباحث عادل الأحمدي "لولا ان الامام تكفل بوأد اي تحرك قبلي شمالي لقتال المستعمر في الجنوب" حتى وصل به الامر الى انه رفض تسميته بـ"امام اليمن الموحد" في اعتراف صريح بحق بريطانيا في الشطر الجنوبي مقابل دعم بريطانيا للإمام في حربه مع المملكة العربية السعودية وتمرد الزرانيق في تهامة والجوف".

 وقال الباحث حفظ الله زبارة "أن التخادم بين بيت حميد الدين والاستعمار البريطاني كان ضرورة لبقاء الطرفين على رأس الشمال والجنوب وهذا ما عرفه الامام يحيى فسخر كل قوته لسحق المشايخ الذين كانوا يريدون قتال بريطانيا كالشيخ "فضل اللحجي" و"سلطان المرادي".

وأضاف في حديث لـ"الصحوة نت"، "وكان دائم التودد لجنود بريطانيا وللرسل التي كانت تأتي صنعاء من قبل الجيش البريطاني، ونتج عن هذه العلاقة أكثر قرن من الاحتلال لم يتعرض فيها الاستعمار البريطاني لأي انتفاضة او مقاومة الا بعد سقوط دولة الأئمة في ١٩٦٢".

 

ترسيم الحدود

في 1934 وقع الامام يحيى مع الاستعمار البريطاني اتفاقية لترسيم الحدود بين الشطرين ومثلت تلك الاتفاقية اعترافا واضحا وصريحا من الامام بأن اليمن هو الشطر الشمالي فقط اما الجنوب فهي ارض تابعة لبريطانيا وبعد هذه الاتفاقية احكمت بريطانيا قبضتها على الجنوب وبدأت في تنفيذ خطوات ترسيخ سلطتها في المشيخات والسلطنات.

وقال استاذ العلوم السياسية بجامعة تعز محمد أنعم "إن تلك الاتفاقية كانت اشبه "وعد بلفور" يمني اعطاه الامام الذي لا يملك لبريطانيا التي لا تستحق مقابل سماحها للإمام بالبقاء على السلطة ورعاية مصالحها وتامين الحدود الشمالية للمستعمرة البريطانية".

وأضاف لـ"الصحوة نت"، "اظهرت هذه الاتفاقية الى اي مدى كان الأئمة مستعدين لبيع الوطن مقابل حكمهم ولو جزء بسيط من الارض، رغم ما كانوا يدعون من التزامهم بتعاليم الدين الإسلامي".

وأشار أنعم "لم يكن الاستعمار البريطاني ليتمكن من البقاء طيلة ١٣٠ عاما في بلد ذو تركيبة قبلية معقدة كاليمن لولا وجود حارس وفي تكفل بمهمة ترويض القبائل واخضاعها وقتل روح الجهاد في نفوس اليمنيين في شمال البلاد التي كانت تتحمس دائما لقتال الاستعمار".

وتابع: "من هنا يظهر لنا الى اي حد كان الأئمة والبريطانيون على قلب رجل واحد والى اي مدى عمل الطرفان على تدمير الهوية الوطنية لضمان استمرارية بقائهم ونهبهم لثروات الشمال والجنوب".

 

الدعم العسكري

وبعد اندلاع ثورة 26 سبتمبر قدمت بريطانيا الدعم العسكري لفلول الملكيين، حيث قام سلاح الجو الملكي البريطاني بقصف مواقع الجمهوريين مباشرة واستهداف متارس وامدادات الثوار وإخوانهم المصريين الذين جاؤوا لمساندة الثورة.

 

ونفذت كل من بريطانيا واسرائيل قصف جوي على مواقع الثوار في صنعاء ومحيطها وتخصيصها منطقة "بيحان" في محافظة شبوة كمعسكر للملكيين وأنصار البدر بن احمد حميد الدين، ما نتج عنه مئات الشهداء من المدنيين.

وقال محمد أنعم "أن الشهيد "لبوزة" عندما عاد من المشاركة بثورة 26 سبتمبر في الشمال، أراد الانجليز معاقبته فرفض المثول لهم، وجمع اهله ثم صعد الى قمة جبل ردفان ومن هناك أطلق شرارة ثورة ١٤ اكتوبر الذي كان اول شهدائها".

وأشار "هذا يوضح بأن ثورتي سبتمبر واكتوبر كانتا حدثين عظيمين متصلين ببعضها ورموزها واحدة وهدفها واحد وهو التخلص من الهيمنة والاستعمار والحفاظ على وحدة اليمن وهوية اليمنيين".

ولفت أنعم "أن الشهيد لبوزة مفجر ثورة اكتوبر كان ممن قاتل الأئمة في صنعاء ابان ثورة ٢٦ سبتمبر لأنه أدرك بأن الاماميين في خندق واحد مع البريطانيين، ولو لم تندلع ثورة سبتمبر لما اندلعت اكتوبر، وبدون هذين الثورتين لم تكن الوحدة اليمنية ستحقق لأن المستعمرين في الشمال والجنوب كانوا أكبر عائق امام الوحدة".