الثلاثاء 23-04-2024 21:28:40 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

عنف وإرهاب ومصادرة للحقوق.. هكذا يتعامل الحوثيون مع مكونات المجتمع اليمني

الأربعاء 07 يونيو-حزيران 2023 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت-خاص
 

 

 

على الرغم من سعي مليشيا الحوثي الإرهابية إلى تحسين صورتها وتنميقها بشعارات دينية ووطنية زائفة والظهور بمظهر أقل بشاعة مما هي عليه، غير أن الحقيقة تأبى إلا أن تكون الأبرز، وتأبى الطبيعة الكامنة وراء رتوش المليشيا إلا أن تكون ماثلة للعيان، ويأبى الإرهاب المتغلغل في فكرها ومنهجها إلا أن يفصح عن نفسه بكل وضوح.

وقد ظهرت مليشيا الحوثي بسلوكها المتوحش ونهجها الإقصائي، منذ بداية تمردها لتجسد طبيعتها وتترجم أفكارها في واحد من النماذج الأكثر سوءا في ممارسة العنف وضرب التعايش ورفض الشراكة وإقصاء الآخر وإسكات الأصوات المخالفة لتوجهها، وممارسة كل أشكال العنف والتضييق على المعارضين والمخالفين على أساس ديني وسياسي.

جرائم متجددة

بين الفينة والأخرى تطفو على السطح جرائم وانتهاكات حوثية بحق خصوم ومعارضي المليشيا بل وبحق كل من له انتماءات أخرى أو توجه ديني أو فكري أو سياسي آخر مخالف لتوجهها وانتمائها.

منذ زمن بعيد ظلت الأقلية اليهودية تنعم بكرامتها وتتمتع بحقوقها دون أي أذى أو تضييق، إذ بقي اليهود محافظين على أملاكهم متمسكين بحقوقهم، ينظر إليهم المجتمع اليمني كمكون طبيعي من مكوناته لقرون متتالية وأجيال متعاقبة.

غير أن تلك النظرة ما لبثت أن تحولت إلى الضد من ذلك بعد ظهور المليشيا الحوثية وسيطرتها على مناطق تواجد اليهود، لتغدو تلك الأقلية مجموعة من الأعداء والخونة، وفق النظرة الحوثية العنصرية.

وطبقاً لمصادر حقوقية فإن الحريات الدينية والسياسية في اليمن تشهد تدهورا خطيرا في ظل سيطرة الحوثيين، مؤكدة أن انتهاكات الحوثيين التي مست الأقليات والحريات الدينية والمذهبية في اليمن تشكل خطرا حقيقيا على النسيج المجتمعي والأمني في البلاد.

وذكرت المصادر أن الأقلية اليهودية تعرضت لعدة انتهاكات من قبل مليشيا الحوثي تمثلت في الاعتقالات والتهجير القسري لأبناء الديانة اليهودية ونهب الممتلكات العقارية والمنقولة وإغلاق المدارس الدينية، وبلغت الاعتقالات (10) حالات، وتم إغلاق مدرستين تابعتين لها، وتم تهجير (64) فردا من أبناء الطائفة اليهودية بشكل قسري ونهب ممتلكاتهم، ولم يتبقَ منهم في اليمن سوى ستة أشخاص.

وقد رصدت العديد من الجرائم والانتهاكات التي قامت بها مليشيا الحوثي على أساس مذهبي، منها ما ارتكبته المليشيا من جرائم ضد جماعة السلفيين في قرية دماج في محافظة صعدة، موثقة (1154) انتهاكا، منها (199) حالة قتل بينهم (29) طفلا و(4) نساء، وبلغت الإصابات في (599) بينهم (71) طفلا و(9) نساء، وتعرضت (33) امرأة للإجهاض بسبب الخوف نتيجة القصف الذي شنته مليشيا الحوثي على منطقة دماج.

كما ذكرت المصادر جرائم أخرى قامت بها المليشيا من بينها المنع من إقامة الشعائر الدينية والتضييق على أهل المذاهب الأخرى، حيث منعت إقامة الشعائر الدينية المتمثلة بصلاتي التراويح والقيام في شهر رمضان، ورصدت 411 حالة انتهاك في مناطق سيطرة مليشيا الحوثيين.

وتشير المصادر إلى أن مليشيا الحوثي غيرت أسماء 36 مسجدا لأسباب سياسية أو عقائدية أو مذهبية، بالإضافة إلى 1075 حالة استخدام المنابر الدينية للتحريض ونشر الكراهية في مناطق سيطرتها.

وأضافت أن من بين الانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا الحوثي 301 حالة انتهاك متمثلة بعزل خطباء مساجد لأسباب سياسية ومذهبية مارستها المليشيا في المحافظات التي تسيطر عليها، فضلا عن عمليات الاعتقالات والإخفاء القسري الذي قامت به بحق أئمة وخطباء المساجد بواقع 171 حالة.

خطاب عنصري

وتقول "المنظمة العربية لحقوق الإنسان"، في بيان لها نشر في وقت سابق، إن مليشيا الحوثي مارست التحريض الطائفي ضد الأقليات الدينية والعقائدية في اليمن.

وعبرت، في بيان لها نشرته على موقعها الإلكتروني، عن بالغ قلقها من تطورات الوضع في اليمن واستمرار مليشيا الحوثي في ممارساتها الطائفية والتحريضية ضد الجماعات الدينية والعقائدية في اليمن، والتي باتت تشكل تهديداً خطيراً على حياة المدنيين بما فيها التنوعات الدينية والمذهبية.

وتقول المنظمة إنها تلقت بلاغات وتوثيقات لعمليات الاضطهاد والتحريض بحق الأقليات الدينية والعقائدية في مناطق عدة في اليمن واقعة تحت سيطرة الحوثيين.

يأتي ذلك بعد تصريحات هاجم فيها زعيم المليشيا الحوثية، عبد الملك الحوثي، في خطبة له بمناسبة “جمعة شهر رجب”، العلمانيين والأقليات الدينية والتنوعات الإسلامية والمذهبية، واصفا إياهم بأنهم أعداء الوطن، ودعا إلى الاستنفار الجاد لمواجهتهم والقضاء عليهم.

تحول خطير

وقد تصاعدت حدة الخطاب الطائفي الحوثي بشكل ملحوظ ضد الأقليات والتنوعات الدينية والمذهبية، وإصرار مليشيا الحوثي على مضيها في تضييق الخناق عليها لتتحول العاصمة إلى منطلق للعنف بعد أن كانت رمزا للتعايش والتسامح.

وقد بدأ فصل الانتهاكات الحوثية مع اجتياح مليشيا الحوثي صنعاء بقوة السلاح أواخر سبتمبر من العام 2014، خصوصا بعد سيطرة المليشيا على المؤسسات الدينية، حيث أصبح الخطاب الديني مشحونا بالمذهبية والطائفية ولا يخلو من بث الكراهية ضد الخصوم والمخالفين.

خطاب الكراهية والتحريض الذى تتبناه مليشيا الحوثي وسلوكها العدائي وممارساتها الإجرامية لم يستثن أحدا من مكونات المجتمع، ولم تنجُ منه جماعة أو أقلية دينية، بعد تعمدهم تفخيخ الحريات الدينية في البلد بالأيديولوجية الإيرانية.

وتتسم علاقات مليشيا الحوثي دائما بالتوتر مع المحيطين بها منذ ظهورها وحتى هذه اللحظة، حيث شهدت علاقاتها مع أبناء المجتمع عداء مستحكما منذ بدء ظهورها من منطقة مران، مرورا بخلافاتها وحروبها على الجماعة السلفية، وصولا إلى انقلابها على حليفها الرئيسي حزب المؤتمر الشعبي العام، ممثلا بالرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، الذي انقلبت عليه قبل أن تقوم بتصفيته.

الإقصاء والتهميش ومصادرة الحقوق والحريات والانتهاكات التي تمارسها المليشيا الحوثية على نطاق واسع في مناطق سيطرتها، منذ انقلابها قبل ثماني سنوات، لم يكن على أساس ديني أو مذهبي أو فكري وحسب، بل كانت لتلك الانتهاكات منطلقات سياسية أيضا وفقا لرؤى خاصة ومحددات رسمتها المليشيا وإملاءات إيرانية.

سياسة الإقصاء

وعلى الرغم من الدعم السياسي والتسهيلات المعلنة وغير المعلنة التي قدمها حزب المؤتمر الشعبي العام للمليشيا الحوثية، إلا أن ذلك لم يشفع للحزب ليحظى برضى المليشيا أو ينال ثقتها ويشاركها السلطة.

وبحسب الباحث والقيادي المؤتمري عادل الشجاع، فإن الحوثيين "يؤمنون بأي شيء أكثر من إيمانهم بالتضامن مع حلفائهم، فرغم كل ما قدمه "المؤتمر"، أجهض الحوثيون هذا التحالف سريعا، في حين ظل المؤتمريون مكابرين في الاستمرار بهذا التحالف، فأول خطوة أقدم عليها الحوثيون أنهم أجهضوا حكومة "الإنقاذ" التي تم تخدير اليمنيين بها، ثم مضوا في الاستحواذ على رئاسة "المجلس السياسي الأعلى"، والذي كان يفترض أن تكون رئاسته بالتناوب بين الحزب والمليشيا، الأمر الذي عنى نسف فكرة "الشراكة".

ويضيف القيادي المؤتمري: "ومع كل يوم يمر، يصبح حلم استعادة الدولة بعيد المنال، فيما بات اتفاق الشراكة بين الحزب والمليشيا في غرفة الإنعاش في أفضل أحواله، بل إن إقصاء "المؤتمر" من رئاسة "المجلس السياسي الأعلى" أكد أن الشراكة ماتت ودفنت، ولم يعد لها أي معنى سياسي أو غير سياسي".

أبرز ضحايا الإرهاب الحوثي

التجمع اليمني للإصلاح كان أبرز ضحايا سياسة الإقصاء والعداء الشامل التي انتهجتها المليشيا، فعلى الرغم من محاولة الحزب النأي بنفسه عن الصراع والاصطدام مع أي مكون يمني وتحميل الدولة مسؤولية حماية البلاد ومنشآتها ومؤسساتها، إلا أن مليشيا الحوثي أبت إلا أن تشن حربها الضروس ضد قيادات وأنصار الحزب ومقراته ومؤسساته منذ اليوم الأول من اجتياح العاصمة صنعاء.

ولما لم يجد الحزب بدا من إعلان تأييده لعملية عاصفة الحزم التي انطلقت في أواخر مارس 2015، بعد انقلاب المليشيا على الحكومة الشرعية وخوضها حربا شاملة ضد اليمنيين واجتياح معظم مناطق البلاد، أعلنت مليشيا الحوثي وبصورة استعلائية حلّ حزب الإصلاح، ليتعرض بعد ذلك للتنكيل الذي طال قيادات الحزب وأعضاءه ومقراته وبنيته التحتية، وشمل ذلك القتل والاختطاف والإخفاء واقتحام المنازل والمؤسسات في العاصمة ومحافظات أخرى واقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي.

وبحسب إحصائية نشرها مركز حقوقي يمني في أبريل 2015، فإن المليشيا اختطفت 122 من قيادات وأعضاء حزب الإصلاح ونشطائه في العاصمة صنعاء خلال يوم واحد، وذلك بعد ساعات من إعلان الحزب تأييد عاصفة الحزم كموقف رسمي، كما تم اقتحام 17 منزلا من منازل قيادات ونشطاء الإصلاح، وتسعة من مقرات الحزب التي تعرضت لأعمال نهب واسعة النطاق.

شروخ وتصدعات

ويرى مراقبون أن تبعية قيادات مليشيا الحوثي الكاملة وولاءها المطلق لإيران سبب المزيد من الشروخ والتصدعات وولد سياسة حدية ضدية مع كل مكونات المجتمع بما فيها القوى المتحالفة مع المليشيا، بل وصلت الخلافات إلى أوساط مليشيا الحوثي نفسها، وخلف صراعات بينية وتصفيات داخلية، نتيجة لتلقي الإملاءات المفروضة جملة من قبل النظام الإيراني الراعي الذهبي للحرب التي تشنها المليشيا الحوثية.

وقد شنت المليشيا حربا في العام 2018 ضد أحد علماء المذهب الزيدي وممثل المذهب في المنطقة وعم زعيم المليشيا عبد الملك الحوثي الشيخ محمد عبد العظيم الحوثي.

ووفقا لمصادر فإن المليشيا الحوثية اشتبكت مع أنصار محمد عبد العظيم الحوثي في معركة استمرت لأيام في مديريتي "سحار" و"مجز"، على خلفية تصريحات ومواقف تبناها محمد عبد العظيم الحوثي معارضة لسياسة المليشيا ورفضه التبعية المطلقة لطهران، لتخلف تلك المعارك عشرات القتلى والجرحى من الطرفين، بالإضافة إلى هدم منزل محمد عبد العظيم الحوثي ومنازل العديد من مناصريه، وإجلائه من منطقة ضحيان مع العديد من أنصاره ومؤيديه.

جنون الانتهاكات

وقد رصد المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) في بيان نشره مطلع شهر يونيو الجاري، سلسلة من الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها المليشيا الحوثية بحق مخالفيها خلال فترة وجيزة من هذا العام.

ويذكر البيان أنه وفي أواخر مايو الماضي، اقتحمت مليشيا الحوثي في منطقة المعاين في محافظة إب وسط البلاد، مسجد ومركز التوحيد للعلوم الشرعية، وطردت أكثر من 400 من طلابه، لتعمل على تحويله إلى مركز صيفي تابع لها.

وبحسب معلومات حصل عليها المركز الأمريكي للعدالة فإن "القيادي في مليشيا الحوثي أحمد العصري الحمران، المعين مسؤولا على الأوقاف والإرشاد في محافظة إب، أقدم برفقة مسلحيه على طرد الطلاب، واستبدالهم بأطفال من المشاركين في المراكز الصيفية التي تنظمها المليشيا".

ويضيف المركز أن المسلحين الحوثيين "نهيوا أثاث ومحتويات المركز ونقلوها إلى جهة غير معلومة، ويعد هذا ثاني اقتحام مسلح تنفذه مليشيا الحوثي على المركز بعد هجوم سابق صبيحة عيد الفطر الماضي، حين منعت خطيب الجامع من إلقاء خطبة العيد".

وفي العاصمة صنعاء، أغلقت المليشيا مركز عمار بن ياسر لتحفيظ القرآن في حي الصافية وسط العاصمة، منتصف مايو الماضي، وطردت 20 طالبا كانوا يحفظون القرآن في المركز، وذلك بعد أيام من إغلاقها مركزًا لتحفيظ القرآن في حي سعوان شمال شرق العاصمة".

في نفس الفترة يقول المركز الأمريكي إن المليشيا "اختطفت الشيخ السلفي عادل العديني، القائم على مركز بلال في العاصمة صنعاء، وسبق ذلك بشهر، أي في أبريل الماضي، اقتحام المليشيا مركز معاذ بن جبل لتحفيظ القرآن في حي جدر شمال شرق العاصمة صنعاء أيضا، واختطفت عددا من طلابه".

كما أغلقت مليشيا الحوثي مسجدا في حي "بئر عرهب" شمال العاصمة صنعاء، وهو مسجد مخصص لتحفيظ القرآن للنساء.

وخلال شهر رمضان الفائت، منعت مليشيا الحوثي أداء صلاة التراويح في عدد من المساجد في مناطق سيطرتها، وكانت محافظة ريمة هي أكثر المحافظات التي عانت من هذه الإجراءات، ولم تكتفِ بمنع الصلاة فحسب، بل وأغلقت عدداً من الجوامع التي شهدت تأدية هذه الصلاة، وقاد ما يعرف بجهاز الأمن الوقائي حملة المنع والإغلاق.

وتتحجج مليشيا الحوثي بأنّ المراكز الدينية ودور تحفيظ القرآن تخالف وتعيق ما يعرف بـ"المسيرة القرآنيّة"، وهو المسمى الذي تطلقه المليشيا على مشروعها الطائفي الذي تسعى لفرضه بمختلف الوسائل، وفي مقدمتها استخدام القوة، ضد السكان.

ومنذ مطلع هذا العام، تفرض مليشيا الحوثي على مدارس ومراكز وحلقات تعليم وتحفيظ القرآن، خصوصا في محافظة إب، الحصول على تصاريح من "مكتب الإرشاد" التابع لها، والتي تمثل قيوداً جديدة تسعى المليشيا إلى الحد من أنشطة هذه المراكز والمدارس من خلالها.

كلمات دالّة

#اليمن