الجمعة 29-03-2024 01:22:03 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الإرهاب المدلل.. لماذا يتغاضى المجتمع الدولي عن جرائم الحوثيين؟

الخميس 25 نوفمبر-تشرين الثاني 2021 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت-خاص-عبد السلام الحاتمي

 

تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية ارتكاب مختلف الجرائم والانتهاكات التي تطال مختلف فئات المجتمع، وتتصرف في هذا السياق تصرف الآمن من العقوبات والردع والزجر، وزادها تشجيعا على ذلك صمت المجتمع الدولي إزاء ممارساتها الإرهابية، الأمر الذي يعكس أزمة الضمير الإنساني وازدواج المعايير في الدفاع عن حقوق الإنسان والتصدي بمختلف الوسائل لجماعات العنف والإرهاب للحد من استمرارها في ممارسة الانتهاكات بحق الأبرياء والمدنيين العزل، فضلا عن تقويضها للسلم العام وإشعال الحرائق والحروب والاعتداء على دول الجوار وتهديد طرق التجارة الدولية.

والمتأمل في طبيعة الجرائم الإرهابية والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي ترتكبها مليشيا الحوثي، سيجد أنها بممارساتها تلك تعد أسوأ وأبشع جماعات العنف والإرهاب في العالم، لأنه لم يسبق أن أقدمت أي جماعة إرهابية عبر التاريخ على التعذيب في السجون حتى الموت، وتنفيذ الإعدامات الميدانية، واختطاف النساء وسجنهن وإجبارهن على ارتكاب أفعال منافية للدين والأخلاق، والتعدي على الأطفال وإرسالهم إلى جبهات القتال ومحارق الموت، وغير ذلك من وسائل العقاب والتعذيب الجماعي التي تمارسها مليشيا الحوثيين في مناطق سيطرتها وفي المناطق القريبة من جبهات القتال وفي المدن المحاصرة، وصارت تلك الانتهاكات ممارسات يومية لدرجة أن وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية المحلية عجزت عن تتبعها ورصدها كاملة.

والسؤال هنا: لماذا كل هذا الصمت من قِبَل المجتمع الدولي إزاء الممارسات الإرهابية لمليشيا الحوثيين وجرائمها ضد الإنسانية؟ وإذا لم تكن مشاهد القتلى من الأطفال والنساء ضحايا القصف الحوثي العشوائي محركة للضمير العالمي فما الذي يمكن أن يحركه؟ وما الذي يمكن أن تقدمه بيانات التنديد الخجولة للضحايا والتي تصدرها من حين لآخر منظمات حقوقية والتي تبدو وكأنها مجرد إسقاط واجب؟ وما الذي بقي من جرائم وممارسات إرهابية لم ترتكبها المليشيات الحوثية لتجعل الضمير الإنساني يصحو من غفوته ويتحرك دفاعا عن أطفال ونساء ومدنيين عزل وأبرياء من توحش الإرهاب الحوثي الذي لا يراعي دينا ولا خلقا ولا أعرافا قبلية؟

- الإرهاب البضاعة الوحيدة للحوثيين

منذ انقلابها على السلطة الشرعية في سبتمبر 2014، لم تقدم مليشيا الحوثي الإرهابية للمواطنين أي شيء، ولم تكتفِ بأن عملت على تدمير الخدمات العامة وحرمان المواطنين منها، مثل الكهرباء والمياه وغيرها، ولم تكتفِ بنهب رواتب الموظفين المدنيين وفصل من لا يعمل في وظيفته مجانا أو بنصف راتب كل ستة أشهر، وإنما تحولت إلى مصدر رعب وقلق وإرهاب دائمين، والشيء الوحيد الذي قدمته للمواطنين هو السجون والاعتقالات والمداهمات والتعذيب حتى الموت أو الإصابات بأمراض وعاهات مستدامة والمحاكمات الباطلة والجائرة وأحكام الإعدام الظالمة والمسيسة.

وتكشف تقارير حقوقية محلية وأجنبية أرقاما مهولة عن الانتهاكات وجرائم الحرب التي ترتكبها المليشيا الحوثية في مناطق سيطرتها وفي مناطق المواجهات العسكرية، مثل اختطاف النساء وتعذيبهن في السجون، واختطاف الأطفال من المدارس والطرقات لتجنيدهم والدفع بهم إلى جبهات القتال، والتضييق على المواطنين والتدخل في أدق خصوصياتهم، وتفجير المنازل والمساجد ومدارس تحفيظ القرآن الكريم وإحراق المزارع ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتلغيم البيوت التي غادرها ملاكها هربا من جحيم المعارك.

وكانت آخر جرائم مليشيا الحوثي الإرهابية قتل 12 شخصا والرمي بجثثهم في الشارع بعد أيام قليلة من اختطافهم في جنوب مدينة الحديدة. وقبل ذلك بأسابيع، حاصرت مليشيا الحوثي منطقة العبدية في مأرب تمهيدا لدخولها، وبعد السيطرة عليها، بدأت المليشيا بممارسات انتقامية ضد المدنيين العُزّل، وداهمت كثيرا من المنازل وفجرت بعضها، كما اعتقلت عشرات الأشخاص من بينهم أطفال للتحقيق معهم بذريعة الحصول على معلومات.

ومن أبشع الجرائم التي ارتكبتها المليشيات الحوثية خلال المدة الأخيرة، إعدامها تسعة أشخاص أبرياء من أبناء تهامة، في 18 سبتمبر الماضي، وسط تهليل وتكبير وبث وقائع الإعدام عبر القنوات الفضائية وشاشات كبيرة نصبت في مكان الإعدام وفي ساحة عامة لها رمزيتها التاريخية.

- إحصائيات صادمة

في سبتمبر الماضي، أصدرت منظمة "سام" للحقوق والحريات تقريرا وثّقت فيه نحو 26 ألف انتهاك لحقوق الإنسان ارتكبتها مليشيا الحوثي الإرهابية منذ انقلاب سبتمبر 2014.

وفي بيان بعنوان "الانهيار الكبير"، قالت منظمة "سام" إن مليشيا الحوثي ارتكبت 25997 انتهاكا لحقوق الإنسان خلال الفترة من 21 سبتمبر 2014 وحتى أغسطس 2021.

وكشف تقرير المنظمة مقتل 3583 مدنيا وإصابة 4355 آخرين بنيران مليشيا الحوثي الإرهابية، إضافة إلى مقتل وإصابة 1523 مدنيا جراء الألغام التي زرعت غالبيتها مليشيا الحوثي.

وأفادت المنظمة بأنها تحققت من اعتقال واختفاء أكثر من 9810 أشخاص في سجون خاصة بمليشيا الحوثي، وكذا تعذيب 396 آخرين.

وذكرت أنها وثقت أكثر من 4277 انتهاكا بحق الطفولة ما بين قتل وإصابة وتجنيد وتعذيب واعتقال، و889 انتهاكا ضد النساء توزعت ما بين القتل والإصابة والاعتقال والمحاكمة، ارتكبتها المليشيا خلال المدة المشار إليها.

ولفتت "سام" إلى أنها وثقت 267 انتهاكا بحق الصحفيين وأكثر من 897 انتهاكا ضد النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان ارتكبتها مليشيا الحوثي.

كما كشف تقرير المنظمة عن انتهاكات واسعة طالت المنشآت والمؤسسات الخاصة التي صادرتها مليشيا الحوثي كشركات الاتصالات والمستشفيات والجامعات والمؤسسات الأهلية والجمعيات الخيرية وغيرها.

- التجويع الجماعي وصناعة الإرهاب

تتخذ مليشيا الحوثي من التجويع والإفقار الجماعي للمواطنين سلاحا للإرهاب من زوايتين: الأولى ليظل المجتمع خاضعا ذليلا يبحث عن لقمة عيشه وغير قادر على مقاومة المليشيا أو المطالبة بتحسين وضعه وهو ببطن خاوية، والثانية مساومة المواطنين بالمواد الغذائية والمساعدات الإنسانية الأجنبية ليدفعوا بأبنائهم للقتال في صفوف المليشيات مقابل حصولهم على الحد الأدنى من المعونات، أي أنها تقايض المجتمع في لقمة عيشه لتغذية سلوكها الإرهابي من خلال استقطاب مقاتلين جدد في صفوفها والدفع بهم إلى جبهات القتال وغيرها وتعبئتهم طائفيا ليتحول كل واحد منهم إلى مشروع "إرهابي" يغذيه السلوك الإجرامي للمليشيات الحوثية.

وقد اتخذت المليشيا الحوثية العديد من الوسائل لفرض التجويع والإفقار الجماعي على جميع المواطنين في مناطق سيطرتها، حيث أوقفت نشاط الجمعيات الخيرية ونهبت مقراتها وممتلكهاتها وأرصدتها البنكية، ومنعت حتى فاعلي الخير من مساعدة الفقراء والجوعى، وتعتقل أي فاعل خير وتودعه السجن في حال وزع سلال غذائية على عدد من الفقراء، وتتحدث تقارير دولية عدة عن نهب المليشيات الحوثية للمساعدات الإنسانية وتسخيرها لتمويل حربها على الشعب اليمني.

ويعد الموظفون الحكوميون من أكثر الفئات التي تعرضت للإفقار والتجويع، خصوصا أساتذة المدارس والجامعات، حيث بدأت المليشيات الحوثية بنهب رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها منذ أغسطس 2016، والذين يفوق عددهم أكثر من مليون و200 ألف موظف. ولتعميم الفقر والجوع على الجميع، فإن مليشيا الحوثي نهبت البنوك الحكومية والخاصة، كما نهبت شركات ومؤسسات القطاع الخاص من شركات اتصالات ومستشفيات وجامعات وغيرها.

- إرهاب ضد الطفولة

يعد الأطفال من بين أكثر الفئات التي طالها إرهاب مليشيا الحوثي، فهم ليسوا فقط ضحايا التجنيد الإجباري، ولكنهم أيضا ضحايا القصف العشوائي للحوثيين على الأحياء السكنية ومخيمات النازحين.

وتؤكد إحصائيات رسمية أن مليشيا الحوثي جندت أكثر من 35 ألف طفل منذ عام 2014، منهم 17% دون سن 11 عاما، بينما يقاتل 6729 طفلا في جبهات الحوثيين، كما حولت المليشيا الإرهابية المدارس والمساجد والمخيمات الصيفية إلى أماكن لغسل أدمغة ما لا يقل عن 60 ألف طفل، وتدريبهم وإرسالهم إلى جبهات القتال.

وفي مارس الماضي، كشف تقرير حقوقي للمنظمة الحقوقية اليمنية عن أرقام صادمة من الانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات الحوثية بحق أطفال اليمن، والتي بلغت 20.977 انتهاكا بحق الأطفال، إضافة إلى تشريد 43.608 أطفال.

وأوضح التقرير أن انتهاكات مليشيا الحوثي بحق الأطفال تنوعت بين قتل وإصابة واختطاف وتشريد وحرمان من التعليم وأعمال قنص وتجنيد، وأيضا منع وصول العلاج والغذاء والماء نتيجة الحصار الذي فرضته على أغلب المحافظات التي تسيطر عليها، علاوة على استخدام القوة بشكل مفرط.

كما وثق فريق الشبكة العربية الميداني مقتل 3.059 طفلا، منهم 1.716 قتلوا في المواجهات أثناء قتالهم بصفوف مليشيا الحوثي ممن زجت بهم المليشيا في جبهات القتال، إضافة إلى إصابة 4.734 طفلا، بينهم 3.114 تم الزج بهم في جبهات القتال، كما أصيب 321 طفلا بإعاقات مستدامة، غالبيتهم بسبب الألغام الحوثية.

وفي أواخر يوليو الماضي، ذكر تقرير لشبكة "دويتش فيله" الألمانية أن تجنيد الأطفال يعد بلا شك أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان إثارة للقلق التي تم توثيقها خلال الحرب في اليمن.

وفي تقريرهم السنوي حول الأطفال والنزاع المسلح، الذي نُشر في مايو من هذا العام، أحصى باحثو الأمم المتحدة 211 حالة لأطفال تم تجنيدهم للقتال في اليمن في عام 2020، ومن بين هؤلاء، كان 134 من الفتيان و29 من الفتيات الذين جندهم الحوثيون.

وفي فبراير الماضي، وثقت منظمة "سام" للحقوق والحريات، في تقرير لها، مقتل أكثر من 10 آلاف طفل يمني منذ عام 2014 وبدايات الصراع. وذكر التقرير أن "الحوثيين تعمدوا استخدام نظام التعليم للتحريض على العنف وتلقين الطلاب أيديولوجيات الجماعة".

وأفادت المنظمة بأن مليشيا الحوثي تدير حوالي 6 آلاف من المخيمات الصيفية، حيث يتم هذا النوع من التلقين. ويستوعب كل مخيم ما لا يقل عن 100 طفل في المرة الواحدة، ويتم إعطاء الأحداث تدريبات قتالية وغالبًا ما يتم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية في جبهات القتال.

وبخصوص جرائم مليشيا الحوثي الإرهابية بحق النساء، فإن إحصائيات لمنظمات حقوقية تؤكد ارتكاب الحوثيين 668 جريمة قتل بحق النساء، وإصابة 1733 امرأة بجروح بعضها خطيرة.

- إرهاب بلا حدود

لا يقف إرهاب مليشيا الحوثي عند حد، ورغم أن إرهابها أصبح يهدد مصالح العالم وطرق التجارة الدولية المارة عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر، إلا أن المجتمع الدولي لم يتخذ مواقف جادة حيال ذلك الإرهاب، خصوصا ما يتعلق بخزان صافر النفطي العائم في البحر الأحمر بالقرب من ميناء الحديدة، حيث تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية تعنتها وعدم السماح للخبراء الأمميين بفحص الخزان وصيانته وتفريغ حمولته من النفط قبل أن ينفجر ويتسبب بكارثة بيئية وبحرية سيتضرر منها اليمنيون ودول الجوار والدول الأخرى التي تمر سفنها التجارية عبر الأحمر.

كما أن المجتمع الدولي ما زال يتغاضى عن تعنت مليشيا الحوثي الإرهابية ورفضها كل مبادرات السلام، سواء تلك التي قدمها التحالف بقيادة السعودية أو الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة وغيرها، كما ترفض المليشيات كل الدعوات للتهدئة وإيقاف التصعيد العسكري في مأرب والجبهات الأخرى، كما أن المجتمع الدولي ما زال يتغاضى عن حصار المليشيات الحوثية الإرهابية لمحافظة تعز للعام السابع على التوالي، ولم يدِن المجتمع الدولي قصف الحوثيين العشوائي على المدن المزدحمة بالسكان ومخيمات النازحين بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والمدفعية والقنص المباشر وغير ذلك.

كلمات دالّة

#اليمن