الجمعة 29-03-2024 00:22:07 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

فساد المليشيا الحوثية.. صراعات بينية وتصدعات جديدة

الأحد 30 مايو 2021 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت - خاص / عبد الرحمن أمين

 

بشكل غير مسبوق منذ انقلابهم المشؤوم قبل ستة أعوام على الدولة والشرعية وبسط نفوذهم على عدة محافظات، تزداد حدة الانتقادات والمشادات الكلامية في أوساط جماعة الحوثي الانقلابية في إطار الصراعات على الغنائم والإيرادات والأموال المصادرة والمنهوبة، وتصاعد وتيرة الخلافات بين "أمرائها" ومشرفيها، مخلفة المزيد من التذمر والعديد من التصريحات النارية والتهم المتبادلة بالفساد بين أقطاب الجماعة.

وقد شهدت الآونة الأخيرة حربا كلامية وانتقادات لاذعة للجماعة من قيادات بارزة فيها طفحت بها وسائل الإعلام المختلفة وبشكل لافت، في حالة عكست حجم الهوة والتذمر والتشرذم بين أنصار الجماعة الإرهابية، مما يوحي بتصدع وتآكل وشيك، إذ بات ما يفرقها أكثر مما يجمعها، فالشعور بالنقص والتهميش والإقصاء طغى واستفحل بين أنصار جماعة الحوثي التي أرست قواعدها على السلالية والطبقية والعنصرية.

ففي مطلع مايو الجاري، شن القيادي الحوثي حسين العماد هجوما شديدا على جماعته في مقال له ينتقد فيه المليشيا الحوثية على تهميشه وإقصائه واستحواذ بعض قادتها على المناصب.

العماد الذي كان يعمل في مناصب رفيعة قبل سقوط الجمهورية آخرها منصب سفير في كندا، سلط جل اهتمامه وركز هجومه في مقال مطول على محمد علي الحوثي ومنظومته العدلية واتهمه بالعدوان على الناس بالباطل وأخذ أموالهم وأراضيهم والاستئثار بالمناصب، كما شكا من عدة انتهاكات بحق أسرته، لينضم إلى قريبه محمد العماد رئيس قناة الهوية الحوثية الذي اشتكى هو الآخر من انتهاكات مماثلة بحق أسرته، وصدر بحقه أمر قهري لدى المحكمة الجزائية.

وفي مايو الجاري أيضا، رفض القيادي الحوثي النافذ أحمد حامد "أبو محفوظ"، مرافقة القيادي في المليشيا "سلطان السامعي" عضو ما يسمى المجلس السياسي الأعلى الذي كلف لزيارة الجرحى من عناصر المليشيا الإرهابية في المستشفى العسكري بصنعاء من قبل رئيس ما يسمى المجلس السياسي للحوثيين "مهدي المشاط"، والذي كان من المقرر أن يقوم بالزيارة برفقة القيادي النافذ المدعو أحمد حامد بصفته مديرًا لمكتبه، وتم تكليف القيادي سلطان السامعي ليقوم بالزيارة بدلا عنه بسبب مخاوف أمنية، غير أن القيادي أحمد حامد رفض مرافقة السامعي وأصر على تنفيذ زيارة خاصة به.

وقد استفحلت الخلافات بين السامعي وأبو محفوظ بسبب اتهامات من الأول للثاني بتبني لوبي كبير من الفساد المسيطر على المؤسسات والمرافق الحكومية في مناطق سيطرة المليشيا الإجرامية، عن طريق مشرفين حوثيين موالين لـ"أبو محفوظ".

القيادي البارز في جماعة الحوثي "صالح هبرة" والذي كان رئيساً لما يسمى بـ"المكتب السياسي" للحوثيين كان من ضمن المنتقدين للجماعة والمهاجمين لقياداتها وبلهجة أكثر حدة، فقد هاجم في مقال له نشر على صفحته بفيسبوك مطلع العام الجاري مخاطبا قيادات المليشيا "سجونكم مملوءة بالمظلوميات، والمحاكم تعج بالرشاوي والظلم".

ويضيف هبرة "صادرتم حقوق المستضعفين فمنعتم البترول عن المساكين وتوزعونه على كثير من أتباعكم مجانا ومنعتم الغاز عن الفقراء والمعدمين وتوزعونه على أتباعكم والموالين لكم مجانا وقطعتم رواتب المساكين وأنفقتم أضعافها على أتباعكم ومحبيكم".

ويؤكد القيادي الحوثي أنه كلما تم توجيه الانتقاد للفساد والعبث الذي أرهق الشعب وألحق به أشد الضرر يتم مواجهة ذلك بالقول "نحن في عدوان، وينبغي تأجيل أي انتقاد لما بعد العدوان"، متسائلا "لماذا لا يتم تأجيل الفساد لما بعد العدوان كي يتم تأجيل الفساد والانتقاد معا؟!".

أما عضو مجلس النواب في برلمان صنعاء التابع للمليشيات الحوثية ووزير التجارة والصناعة السابق في حكومة الانقلابيين "عبده بشر" فقد شن هجوما عنيفا على قيادة المليشيات بعد الزيادات الكبيرة التي فرضتها في المشتقات النفطية.

واتهم المليشيات بالسعي لنهب مليارات الريالات من وراء هذه الزيادات دون مراعاة الأوضاع الصعبة للمواطنين في ظل توقف دفع الرواتب، وحذر من التمادي في تأزيم الأوضاع في البلاد والإمعان في معاناة الناس، قائلا "صبر الشعب لن يطول والظلم لن يستمر".

وقد اعترف المشرف الحوثي "سلطان جحاف" في تغريدة له على تويتر، الأحد الماضي، بوجود خلافات كبيرة حول المبالغ التي تم جمعها من المواطنين تحت لافتة دعم فلسطين، مشيراً الى أن صراع السطو على تلك الأموال وصل إلى التنازع مع ضابط الحرس الثوري الإيراني المتواجد بصنعاء حسن إيرلو.

وتساءل جحاف بقوله "أستغرب ما علاقة السفير حسن إيرلو، الذي يريد أن يتم توريد المبالغ من خلاله"، متابعاُ "للأسف الشديد، استغل بعض المشرفين أموال المتبرعين لمصالح شخصية وهذا فساد كبير"، وأضاف جحاف "في الحقيقة عاد الحرب مطولة (مستمرة) والنصر بعيد حتى يتم القضاء على اللصوص".

وكانت جماعة الحوثي قد دشنت خلال الأسابيع الماضية حملة جبايات واسعة شملت المحال التجارية والشركات وغيرها، بتوجيه من زعيمها عبد الملك الحوثي، بحجة "دعم الشعب الفلسطيني"، لتتخذ من تلك الحملة ذريعة لنهب المواطنين والتجار، كما هو الحال في كل مرة تحت عناوين ويافطات تفرزها في كل مرحلة، وتذهب بتلك الأموال للإثراء، ودعم عملياتها القتالية وعدوانها على اليمنيين.

غير أن تلك التبرعات التي اختلستها المليشيا من المواطنين والتي وصلت إلى عشرات الملايين لم تخطئ طريقها، بل وصلت كعادتها إلى جيوب مشرفي المليشيا ونافذيها.

فقد نشبت خلافات وتبادل للاتهامات بين مشرفين حوثيين، على خلفية التبرعات التي اختلستها الجماعة من المواطنين والتجار طيلة الفترة الماضية تحت ذريعة دعم "الشعب الفلسطيني".

وتقول مصادر إن أحد مشرفي الجماعة ويدعى "الكبسي" والذي كانت المليشيا قد فرضته إماماً وخطيباً على مسجد في حي الصافية، قد اختفى في ظروف غامضة مع ما بحوزته من أموال التبرعات التي جمعها، مرجعةً سبب اختفائه إلى خلاف مع مشرفين آخرين أبرزهم المدعو "الشاوش" والذي اتهم سابقه بسرقة التبرعات التي يجمعها باسم دعم الشعب الفلسطيني.

وأضافت المصادر أن المشرف الحوثي "الشاوش" كان قد تهجم على "الكبسي" بالسلاح عدة مرات لمقاسمته أموال التبرعات، ما دفع الأخير للفرار إلى وجهة غير معلومة بكل ما جمعه من أموال تقدر بالملايين.

وتكشف صحيفة الاتحاد الإماراتية في عدد صادر نهاية مايو الجاري عن سرقة 4 من قيادة المليشيات الحوثية الإرهابية 80 ميلون ريال شهرياً من صندوق التراث والتنمية الثقافية على مدار 6 سنوات.

وتقول الصحيفة إن موارد الصندوق توجه شهريًا إلى قيادات الجماعة الانقلابية، مؤكدة أن إجمالي ما نهبه الحوثيون وصل إلى نحو 6 مليارات و80 مليون ريال.

وتشير الصحيفة، نقلا عن مصادرها، إلى تخصيص موارد لصندوق التراث والتنمية الثقافية، من مبيعات السجائر والمياه المعدنية، وشركة النفط، تقدر بـ 80 مليون شهريًا.

الخلافات والانتقادات التي تصاعدت وازدادت حدتها في الأشهر الأخيرة بشكل غير مسبوق في أوساط الجماعة راجعة بنظر مراقبين إلى أسباب عديدة أبرزها تعدد الأجنحة داخل الجماعة.

الإقصاء والتهميش لقيادات بارزة داخل الجماعة والذين كانوا من أسباب تناميها وتمكنها واتساع رقعتها وممن سهلوا عملية الانقلاب، خلق حنقا شديدا تجاه قادة الجماعة متهمة إياهم باستئثار المناصب وتقديم الأقارب.

السياسة التي اتبعها الضابط الإيراني المقيم في صنعاء "حسن إيرلو" والذي فرض نفسه كقائد أعلى للجماعة متجاهلا العديد من قياداتها البارزين الذين عملوا في صفوفها منذ زمن طويل وضحوا من أجلها والانتقائية وتقديم شخصيات حوثية على حساب أخرى تركت حقدا دفينا لدى الكثير منهم، وفقدان الثقة بالجماعة، بعد الانتكاسة التي منيوا بها من قبل الحاكم العسكري الإيراني في صنعاء والكثير من الإهانات.

كلمات دالّة

#اليمن #صنعاء