الجمعة 26-04-2024 07:32:52 ص : 17 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثية وداعش والقاعدة.. محطات التنسيق وتخادم الإرهاب

الإثنين 12 إبريل-نيسان 2021 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت-خاص / توفيق السامعي

 

لم تكن صرخات المواطنين والمطلعين على الإرهاب الحوثي والقاعدة وداعش لتنطلق من فراغ، فقد كان المواطنون المعنيون أكثر الناس دفعاً لثمن إرهابها وتنسيقاتها، فضلاً عن خسارة الوطن دولته ودماء أطهر مواطنيها.
حيث كشف تقرير للأمن القومي التابع للحكومة الشرعية كل مَواطِن التنسيق وتبادل المنافع والأدوار بين هذه التنظيمات الثلاث في مجالات متعددة أهمها الانسحابات وإخلاء المواقع والتحشيدات المتبادلة وإطلاق عناصر القاعدة وتوحيد جبهاتها القتالية ضد الشرعية.
فقد كشف التقرير المرفوع من قبل الحكومة لمجلس الأمن الدولي عن قيام الإرهاب الحوثي بإطلاق 63 عنصراً من القاعدة وداعش منذ عام 2018 وحتى عام 2020 من المعتقلات وعلى رأسهم جمال البدوي وعلي قايد العنسي المتهمان بتفجير المدمرة كول في عدن عام 2000.


وشمل التنسيق الحوثي القاعدي الداعشي مجالات عدة منها التعاون العسكري، وتأمين وإيواء عناصر القاعدة من قبل الحوثيين في صنعاء وذمار وإب، وكذلك استضافة عناصر قاعدية هاربة من مناطق الشرعية إلى مناطق الحوثية، وتهريب عناصر من القاعدة من سجون الحوثي وإطلاق أكثر من 63 عنصراً من السجون بشكل طبيعي، فضلاً عن تبادل الانسحابات بين الحوثية والقاعدة وداعش في كل من القريشية والصومعة من البيضاء، وذلك مقابل مساعدة الحوثيين في معاركهم ضد الشرعية والتحشيد لهم وتشويه الشرعية..
وقع بعض عناصر القاعدة أسرى لدى الشرعية في محافظة مارب واعترفوا بوجود هذا التنسيق والتحشيد وتبادل الأدوار والمنافع بين القاعدة والحوثيين.

 

تنسيق الحوثي-القاعدة

ومن أهم محطات التنسيق بين القاعدة والحوثيين هو مساعدة القاعدة للحوثية في السٌيطرة على منطقة يكلا للتقدم باتجاه مناطق الشرعية في المشيريف من مديرية ولد ربيع في محافظة البيضاء، والتقدم لفتح جبهة في مديرية رحبة من مراد في محافظة مارب في إطار الضغط العسكري للمليشيات الحوثية باتجاه مارب، وكذلك إسقاط مواقع قوات الجيش الوطني والترويج إعلامياً بتحمٌل الشرعية نتائج سيطرة
المليشيات الحوثية على منطقة قيفة والتقدم نحو مارب بقصد إيجاد خلافات بين القبائل والحكومة الشرعٌية.
كما يحتضن الأمن الوقائي الداخلي للمليشيا الحوثية عناصر قيادية من تنظيمي القاعدة وداعش وتم إجلاء بعضهم واستيعابهم من منطقة المشيريف في محافظة البيضاء، والتنسيق مع القاعدة في منطقة العدين من محافظة إب والصومعة من محافظة البيضاء..
وتبادلت التنظيمات الإرهابية الحوثية والقاعدة وداعش المنافع في توفير الحوثية ملاذات آمنة لهذه التنظيمات وعدم مواجهتها، مقابل سماح القاعدة وداعش للحوثية الالتفاف على جبهات المقاومة والجيش الوطني في مناطق القريشية من البيضاء وتشييد معاقل القاعدة في الصومعة تحت سمع وبصر الحوثية.

 

من يحرك الإرهاب؟

أثبتت الحرب في اليمن أن هذه التنظيمات الإرهابية الثلاثة يمسك بزمامها عرّاب واحد يحركها كيف يشاء على الرغم من بون المعتقدات الشاسعة وتضادها بين هذه التنظيمات، لكنها تلتقي عند نقطة واحدة وهي استهداف الشرعية وحاضنتها الاجتماعية والشعبية وتنسيق المواقف في الإضرار بالوطن.

 

الحوثية تتزعم القاعدة

أثبتت الأحداث والتقارير والتنسيق والتكامل بين الحوثية والقاعدة وداعش أن الحوثية اليوم صارت تتزعم القاعدة وتوجه عملياتها وتمولها وتنسق مواقفها وتحركاتها.
من يتابع ويدقق في الحركة الحوثية ودعم المجتمع الدولي لها والاستثمار فيها يدرك أنها اتخذت كبديل لتنظيم القاعدة الذي أفل نجمه وفقد بريقه وصار مكشوفاً لكل العالم، وفترت ورقته وتلاشت واستهلكت كثيراً، وكان على هذه الأنظمة أن تتخذ بندقية مؤجرة أخرى وفزاعة جديدة وطيِّعة للمنطقة لتنفيذ سياساتها الإرهابية فيها خاصة مع عدائها التاريخي والثقافي والأيديولوجي مع المكون السني في العالم العربي والتي يمكنها أن تبطش بخصومها بقوة الأجندة التاريخية وتمكين الأقليات الدينية والثقافية في البلاد العربية والإسلامية كمخرجات لمشروع الشرق الأوسط الجديد.
تحاول هذه القوى التلاعب تارة بالقاعدة وداعش واستثمارها في إقلاق أمن المنطقة والدول المستهدفة وتمرير بعض السياسات كانتماء للمكون السني، والحقيقة هو تلاعب دولي استخباراتي قذر، ثم استخدام ورقة الحوثية كانتماء للمكون الشيعي بما يعني تجريب كافة الأوراق وخلطها واستخدامها في أجندتها مع فارقين جوهريين بين هذه الفئات هما..
الأول: تصنيف الأولين إرهابيين مع عدم تصنيف الحوثية إرهابية.
الثاني: أنهم يتعاملون مع الحوثي من فوق الطاولة لا من تحتها كما كان مع القاعدة وداعش، فضلاً عن التعامل مع الحوثية بترخيص دولي وسحب هذا الترخيص عن القاعدة.

 

الإرهاب الحوثي أخطر من القاعدة

مع تتبع الأعمال الإرهابية للقاعدة في كل عملياتها سواء في اليمن أو في المنطقة ومقارنتها بالإرهاب الحوثي نجد أن الإرهاب الحوثي كان أشد فتكاً وخطراً على البلاد والمنطقة من الإرهاب القاعدي، وذلك من نواحي متعددة، أهمها:
- إرهاب القاعدة لم يستخدم الصواريخ الباليستية ولا الطائرات المسيرة ضد البلاد ولا ضد المملكة وبقية الجيران.
- الإرهاب الحوثي مثل بفكره شرخاً اجتماعياً وفكرياً وطائفياً يبقي على بذرة التناسل الإرهابي إلى ما لا نهاية، بعكس القاعدة الذي لم يلق قبولاً حتى في أشد مناطقه تواجداً وترعرعاً.
- الإرهاب الحوثي يقوم على تفجير البيوت والمؤسسات ودور العبادة ومدارس العلم ومصادرة المزارع.
- الإرهاب الحوثي يزرع الأرض بالألغام مما يجعلها قاتلاً مستمراً ومتربصا بالمجتمع إلى مالا نهاية له.
- الإرهاب الحوثي دمر المجتمع سياسياً وفكرياً وثقافياً وعقائدياً واجتماعياً.
- الإرهاب الحوثي شرد ملايين اليمنيين داخلياً وخارجياً ونهب ممتلكاتهم.
- الإرهاب الحوثي يفجر كل بيوت ومصالح المواطنين والاستيلاء على الدولة ولا يمكن محاصرته كالإرهاب القاعدي الذي يمكن محاصرته ودفنه في منبته.
- الإرهاب الحوثي خلق الطبقية ودمر الاقتصاد ونشر المجاعة وقتل المواطنين دون أي سبب ويدعي الحاكمية من الله.
- الإرهاب الحوثي عنصري المنشأ والسلالة ويدعي بنقاء العرق وتميزه كما هو حال النازية المدعية بنقاء العرق الآري الألماني وكما ادعته كذلك الفاشية.
- الإرهاب الحوثي أغلق الموانئ والمؤسسات ونشر الألغام البحرية وهدد طرق الملاحة وقائم على أساس الاحتلال، ونفي ونبذ الآخر، ونشر المجندات، ونشر الإرهاب حتى بين النساء، والعمل على اجتثاث الآخر.
- الإرهاب الحوثي يقوم على الاختطافات والتعذيب حتى الموت وجباية الأموال والأخماس والأعشار.
- يقوم الإرهاب الحوثي على نظام الرهائن واختطاف النساء وهتك الأعراض والحرمات والتصفيات الميدانية والتوسع والتمدد.

 

تنسيقات مشتركة

من يتتبع الأحداث والحروب التي جرت في اليمن منذ 2004 وحتى اليوم يدرك كثيراً من تنسيقات المواقف والتحركات بين الإرهاب الحوثي والقاعدي، ففي الوقت الذي كانت تجري الحروب في صعدة ضد الحوثية كان تنظيم القاعدة يفجرها في أبين وشبوة لتخفيف الضغط على الحوثيين والعكس تماماً، وازداد هذا التنسيق بين الجانبين منذ أن وفرت إيران ملاذات آمنة لزعماء تنظيم القاعدة كأيمن الظواهري وقيادييه من الصف الأول وكذلك أولاد أسامة بن لادن ومن هنا بدأ التسيق والتوجيه الحقيقي بين هذه التنظيمات برعاية وتوجيه إيراني.
وصل قمة هذا التنسيق بين أعوام 2012 و2014 حينما سحبت الدولة كثيراً من القوات في صعدة وعمران وصنعاء لاجتثاث القاعدة في أبين وهذا للأسف ترك فراغاً للإرهاب الحوثي ليتمدد بسبب انشغال الجيش بمواجهات أبين.
في بعض الحالات من تنسيق المواقف الميدانية بين هذه التنظيمات الإرهابية من قبل الرعاة الرسميين لها في تسيير أجندتها على الأرض اليمنية تحديداً تتم عمليات منسقة بين كل من داعش والقاعدة والحوثيين وتعايش عجيب خاصة في قيفة رداع أو في بعض مناطق البيضاء، وهذا ما كشفته العديد من المصادر المحلية من الأهالي وكذلك بعض المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام، حتى أن تنظيم القاعدة بفرعه أنصار الشريعة يحكم بعض المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون كمنطقة ومديرية الصومعة في البيضاء، حتى أنها تقيم محاكمها وتعمد لتصفية بعض الشخصيات، كما حصل مع الطبيب مظهر اليوسفي، وهي محسوبة في الأساس منطقة حوثية!!

عمل تنظيم القاعدة في البيضاء على الانسحاب من مواقعه وإخلائها أمام الإرهاب الحوثي للمرور والالتفاف على جبهات الجيش الوطني مما أدى إلى خسارة بعض مواقع الجيش هناك كالعبدية وماهلية.
لا تواجه المليشيا الحوثية الإرهابية القاعدة ولا داعش وإنما تنسق معهم طالما تعايش الجميع مع بعضهم البعض، وهذا ما كشفه أحد مشايخ رداع من أن المليشيا الحوثية سربت لداعش في البيضاء 100 مليون ريال منذ حوالي عامين من الآن.
في البيضاء انقسم القاعدة قسمان ضد بعضهما البعض؛ قسم مدعوم من الحوثي ومن وراءه، وقسم من شباب القاعدة المتحمس المحلي، وحصلت مواجهة دامية بين الطرفين قتل على إثرها الكثير من الجهتين لتكون الغلبة للجهة المدعومة من الحوثيين بحكم الإمكانات والذخيرة والأموال، بحسب مصادر محلية.
كشف الجيش الوطني عن بعض التنسيقات بين الحوثية والقاعدة لرفد جبهات الحوثي بعناصر القاعدة ضد الجيش الوطني في مارب والجوف، وهذا كشفه حديث أحد الأسرى في شرق مدينة الحزم بالجوف تحدث للمركز الإعلامي للقوات المسلحة أنه أسر في أغسطس الماضي ويدعى موسى ناصر علي الملحاني، من أبناء صنعاء، كاشفاً أنه يقاتل بصفوف تنظيم «القاعدة» الإرهابي مع الحوثيين منذ عام 2017، بعد أن رتب لانتقاله قيادي حوثي يدعى حمزة التاج.
الملحاني كشف أيضاً عن أن كثيراً من قيادات وأعضاء تنظيم «القاعدة» في صنعاء والمناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي يعملون مشرفين ويديرون مراكز تجنيد لصالح الحوثيين، منها مراكز في صنعاء ومحيطها، وأن البعض من تنظيم القاعدة يشاركون في جبهات القتال إلى جانب الحوثيين ومن ضمنهم قيادي في تنظيم (القاعدة) يدعى يوسف الصعفاني ويتحدر من منطقة صعفان بصنعاء، وأشخاص آخرون كثر من تنظيمي (القاعدة) و(داعش)».
في تعز كان هناك الكثير في كتائب أبي العباس ممن ينتمون للقاعدة ويعملون مع الرئيس السابق صالح ومنهم الحارث العزي، حيث كانت التنسيقات بينه وبين الحوثية مستمرة في شرق المدينة وكان يسرب المعلومات للحوثيين لقصف بعض المناطق ، وظهر مع الحوثيين مؤخراً في محافظة إب.

في 25 أكتوبر 2017 أدرج مكتب مراقبة الأصول الخارجية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (أوفاك) عادل عبده فارع عثمان الذبحاني(ابو العباس) في لائحة الإرهاب لعمله لصالح ونيابة عن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وكذلك لتقديمه المساعدة أو الرعاية أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي للخدمات المالية أو غيرها من الخدمات أو الدعم للقاعدة في شبه الجزيرة العربية وداعش في اليمن.
في اليوم التالي أيضاً أعلنت المملكة السعودية والإمارات وقطر تصنيف ابي العباس ضمن الكيانات الإرهابية إلى جانب آخرين بعد يوم واحد من تصنيف الولايات المتحدة لهم.

الصورة الظاهرية للمليشيا الحوثية أنها ورقة إيرانية المرجعية والدعم والنشأة، وظفت هذه الأنظمة هذه الصورة النمطية عن الحوثية واستثمرتها ووجهتها بحسب أجندتها الدولية أيضاً، والدليل على ذلك أن تتقاطع مصالح وأجندة كل هذه الأنظمة مع المصالح الحوثية التي مولتها وفتحت الطريق أمامها من دماج إلى صنعاء وبقية المحافظات اليمنية.
استخدمت كل تلك الأطراف المليشيا الحوثية واستثمرتها ليس حباً بها وإنما كورقة تحركها عند الحاجة لتنفيذ أجندة الخارج لما وراء تحركاتها وتخريبها في المنطقة، لزعزعة اليمن أولاً وتدميره يعطي مبرراً للجهات الخارجية الدولية بالتدخل في اليمن وفرض أجندته في مقابل منح الحوثيين قطاعاً من الجغرافيا اليمنية للسيطرة عليه وحكمه، وبالتالي فإن هذه الأطراف استخدمت مع الحوثيين نفس التكتيك والذريعة التي استخدمت من قبل مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين حين تم استدراجه لإجتياح الكويت في أغسطس عام 1990، ليكون ذلك مبررا فيما بعد لتدمير العراق.
إذاً كان الغرض من دعم الحوثيين هو تقويض اليمن بعد أن شهد نوعاً من الاستقرار في بداية عهد الرئيس عبدربه منصور هادي عقب ثورة الشباب ولم يرق الوضع الجديد لبعض القوى المعادية لاستقرار اليمن ونهضته، فسعت لفرض واقع جديد له أجندة خاصة، مستخدمين في ذلك ورقة الحوثية التي قبلت العرض لتوظيفه في خدمة أجندتها الخاصة.
الملفت في هذا الاستخدام وإرهاب القاعدة وداعش أنهم يستخدمون من قبل جهات خارجية لتنفيذ عمليات إرهابية في بعض الدول، بمساعدة من يرعاهم لتمرير بعض الأجندة، مع عدم تنفيذ أية عمليات في إيران وبعض الدول الراعية لها.

 

خسارة اليمن جراء تحالف الإرهاب

من يدقق في خسارة اليمن جراء تحالف الإرهاب الحوثي القاعدي الداعشي يدرك أن اليمن كانت أكثر دول العالم خسارة جراء هذا الإرهاب، وأية خسارة أكبر من الانقلاب على الدولة ومؤسساتها وتدميرها والوصول باليمن إلى رأس قائمة الدول الفاشلة، وليس ذلك وحسب بل إن الموت الذي تركه هذا الإرهاب يتربص بالمواطنين لأجيال جراء حراثة الأرض بالألغام المادية وتفخيخ العقول بالألغام المعنوية والأمراض الفكرية التي تلوث العقول وتبقي على فقاسة الموت والتدمير مستمرة جيلاً بعد آخر، وشرخ مجتمعي ضرب كل القيم والمبادئ الأخلاقية والفطرة الإنسانية.
كانت هناك سلسلة ضربات إرهابية دمرت الوطن والدولة شيئاً فشيئاً ابتداءً من تدمير سمعة الوطن من خلال خلق نظرة دولية للبلاد على أنها مأوى للإرهاب أدى إلى حصارها اقتصادياً بأشكال مختلفة رغم غنى البلاد بالموارد الطبيعية المختلفة، وضرب السياحة كرافد مهم لخزانة الدولة، ثم ضرب الأمن والاستقرار للبلاد أساءت لسمعته كثيراً خلق وضعاً اقتصادياً وسياسياً هشاً أجهزت هذه التنظيمات الإرهابية على ما تبقى من شكل الدولة ومؤسساتها وصولاً إلى تقطيع أوصال الوطن إلى قطع متناثرة شرقاً وشمالاً وجنوباً وغرباً، وبات الوطن مسرحاً للصراعات الدولية والإقليمية ومرسىً لكل بارجات العالم الحربية.