الثلاثاء 15-10-2024 16:20:09 م : 12 - ربيع الثاني - 1446 هـ
آخر الاخبار

ما وراء فتح الحوثيين المنفذ الشرقي لتعز بعد 9 سنوات من الحصار

الإثنين 22 يوليو-تموز 2024 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص



بعد سنوات من حربها وحصارها المطبق على تعز ورفضها كل الدعوات المحلية والإقليمية والدولية لفتح طرقات تخفف معاناة ملايين المواطنين، استجابت مليشيا الحوثي الإرهابية وفتحت منفذًا شرقي المدينة، غير أن الاستجابة الحوثية المفاجئة أثارت العديد من التساؤلات وفتحت الباب أمام احتمالات متعددة، لا سيما أن المليشيا معروفٌ عنها أنها لم تُعِر يومًا أي اعتبار لمعاناة الناس.

وفي 13 يونيو الماضي، افتتحت طريق جولة القصر - حوض الأشرف، بشكل رسمي، وبدأ المواطنون بالتنقل من مدينة تعز (تحت سلطة الحكومة) إلى منطقة الحوبان (تحت سيطرة المتمردين الحوثيين)، وذلك بعد أن جرى إزالة كافة الحواجز من المنفذ.

ومنذ مطلع 2015، أغلقت مليشيا الحوثي المنافذ الرئيسية المؤدية إلى مدينة تعز، ما تسبّب بمعاناة بالغة للسكان، الذين اضطروا لسلوك طرقٍ بعيدة وشديدة الوعورة، تستغرق أكثر من ستّ ساعات من الحوبان إلى مدينة تعز، بعد أن كان عبور ذات المسافة بالسيارة لا يستغرق أكثر من 10 دقائق.

وأحدثت خطوة إعادة فتح الطريق سعادة وارتياحًا واسعًا في أوساط اليمنيين، لا سيما مواطني المحافظة الذين لم يستطيعوا الدخول إلى مدينتهم واللقاء بأقاربهم، بالإضافة إلى أولئك الذين لجؤوا إلى عبور الطرق الجبلية الوعرة والبعيدة، طيلة سنوات حصار تعز من جانب مليشيا الحوثيين الإرهابية.

أهداف عسكرية

ورغم الارتياح الواسع، إلا أن كثيرا من اليمنيين لديهم حالة توجس من فتح الحوثيين منفذ واحد للمدينة، في الوقت الذي ما تزال بقية الطرقات الرئيسية للمدينة مغلقة من قبل المليشيا الإرهابية.

وبحسب مراقبين عسكرين وسياسيين، فإن مليشيا الحوثي التي لم تتوقف عن قتل اليمنيين واختطافهم وتشريدهم ومطاردتهم وتلغيم طرقاتهم وما تزال تغلق بقية المنافذ، لا يمكن أن تفتح طريقًا لدواعٍ إنسانية، بل لها أهداف عسكرية للإضرار بتعز، لمعاقبة المدينة التي وقفت سدًا منيعًا في وجه الانقلاب وقاومت مليشياته، وشكّلت نموذجًا في الصمود والتضحية، دفاعًا عن الإنسان وانتصارًا للكرامة والجمهورية.

وفي هذا السياق، قال العقيد عبد الباسط البحر، نائب ركن التوجيه المعنوي بمحور تعز، إن المليشيا الحوثية معروف عنها أنها لا تفعل شيئًا لأجل الإنسانية، ولا وجود لمصطلح الإنسانية في قاموسها، بل توجد مصطلحات الموت، الدمار، التلغيم، التفخيخ، التفجير، الاختطاف، والحصار، أما مصطلحات السلم والسلام والإنسانية والحلول السياسية والحوار، فهي أبعد ما تكون عن قاموسها، لافتًا إلى أن الجميع يعلم كيف أن المليشيا نقضت كل الاتفاقات السابقة بشأن فتح المنافذ، قبل أن يجفّ حبرها، من ستوكهولم إلى اتفاقات الأردن والكويت، ومختلف الاتفاقيات واللقاءات التي كانت طرقات تعز حاضرة فيها.

وأوضح العقيد البحر، لـ"الإصلاح نت"، أن الأهداف التي تريد المليشيا تحقيقها من فتح الطريق عديدة، منها إرباك الشرعية، وإدخال العناصر المشبوهة، وإحداث اختلالات من داخل تعز، ومحاولة هزّ الجبهة الداخلية، والسعي لتوظيف الطابور الخامس.

وذكر أن الأجهزة العسكرية والأمنية ضبطت كثيرا من الخلايا المندسة والمتخادمين مع المليشيا الحوثية وعددا من منتسبيها المتسللين إلى داخل المدينة، مشيرًا إلى أن المليشيا الحوثية "لجأت لهذه الأساليب كونها عجزت عن مواجهة أبطال الجيش الوطني والمقاومة في مختلف جبهات تعز".

من جانبه، قال الإعلامي والكاتب موسى المقطري، إن "محاولات دخول الخلايا التي تعمل لصالح الانقلابيين إلى المناطق المحررة وعلى رأس ذلك تعز وأمنيات نشر الفوضى فيها لم تتوقف سواء قبل فتح المنفذ أو بعده، وستستمر بالنظر إلى طبيعة هذه المليشيا وأطماعها وطبيعتها العدوانية"، مضيفًا: "لكن الأهم في الأمر أن الأجهزة الأمنية والجهات العسكرية في تعز والمناطق المحررة قد قطعت شوطاً كبيراً في كشف هذه الخلايا والتعامل باحترافية لكشفها، وهذا باعتقادي يمثل الجانب المشرق في الأمر كون الميدان والتعامل مع التحديات يقابلها تعميق الخبرات وصقلها، وهذا يزيد من حجم الثقة في الأجهزة الأمنية والعسكرية ولا يدع مجالا لأي قلق لدينا في تعز".

وتابع المقطري في حديثه لـ"الإصلاح نت": "الجديد حاليًا أن فتح المنفذ يستدعي المزيد من العمل والحذر والجهد وأجهزتنا عند مستوى المسؤولية بالتأكيد".

تخفيف ضغوطات

ويرى المقطري أن الانقلابيين الحوثيين يعملون على تخفيف الضغط الحاصل عليهم سياسياً واقتصادياً ومحاولة الظهور كمبادرين مع أن فتح الطرق هو واجب في المرتبة الأولى وهم يتحملون وزر الحصار منذ بدايته، أضف إلى ذلك مكاسب اقتصادية يسعون لتحقيقها وخاصة فيما يتعلق بالسعي لتوفير سيولة من العملة تقيهم آثار القرارات الاقتصادية، كما أن عدم قدرة الانقلابيين على تحقيق اي تقدم عسكري على الأرض أفقد الثقة لدى مسلحي المليشيا والمتأثرين بأفكارها حول جدوى الحصار باعتبار أن التعليلات الحوثية كانت تتجه نحو أن الحصار كان لأهداف عسكرية ستمهد الطريق لتحقيق إنجازات على الأرض، وهذا ما لم يتحقق وأصبح التعليل غير ذي جدوى.

إجراءات أمنية وقبض على حوثيين

ومنذ فتح المنفذ الشرقي لمدينة تعز، شهدت المدينة إجراءات أمنية واسعة، ليس بالقرب من المنفذ فحسب، بل في عموم المدينة، وصولًا إلى المديريات، وذلك في إطار تأمين المدينة، وهي إجراءات حظيت بارتياح شعبي واسع، لا سيما أنها حققت نجاحات في القبض على خلايا مشبوهة وعناصر حوثية.

وبهذا الخصوص، قال الدكتور يحيى العتواني، المستشار الإعلامي لمدير أمن تعز، إن "الإجراءات الأمنية في تعز ليست جديدة. لدينا خطة أمنية شاملة على مدار العام، لكن مع فتح المنفذ جرى تكثيف بعضها وإضافة أخرى لتفادي أي اختراق أمني من قِبل الخلايا التي ترسلها المليشيا الحوثية إلى محافظة تعز لإقلاق السكينة العامة بعد أن يئست من دخول المدينة عسكريًا، حيث تقوم المليشيا بين الفينة والأخرى بإرسال خلايا إلى مدينة تعز".

وأضاف العتواني، في تصريح لـ"الإصلاح نت"، أن من الإجراءات الأمنية التي اتخذناها منذ فتح المنفذ الشرقي، حظر الدراجات النارية ليلا ومنع التجول بالسلاح، كما كثّفنا الانتشار الأمني في مربعات وأحياء المدينة وفي المديريات، وقمنا بتأمين جميع المداخل، وإجراءات أخرى لغرض تأمين المدينة من أي اختراقات.

وتابع: "نحن في تعز، بفضل الله ثم بفضل يقظة منتسبي الجيش والأمن ويقظة الحاضنة الشعبية، قبضنا على كثير من الخلايا، وهذا يحدث منذ سنوات"، موضحًا أنه "منذ فتح المنفذ ألقينا القبض على العديد من الخلايا والمتهمين والمطلوبين أمنيًا، والذين عادوا مع فتح الطريق من أجل زعزعة الأمن والاستقرار، كما ألقينا القبض على مقاتلين حوثيين كانوا قد دخلوا من المنفذ".

وأكد المستشار الإعلامي لمدير أمن تعز أن "الأجهزة الأمنية والعسكرية في يقظة عالية وتامة وتقوم بتأمين المدينة في مختلف المداخل، وحمايتها من أي اختراق".

رفض فتح طرقات أخرى

ويشهد منفذ جولة القصر - حوض الأشرف ازدحامًا واسعًا للسيارات الخارجة من المدينة والداخلية إليها، حيث تقدر مصادر أمنية أنه في اليوم الواحد تغادر المدينة وتدخلها أكثر من ألفي سيارة، بعد أن كان العدد في الأيام الأولى لفتحها يتجاوز 3 آلاف سيارة، وهو ما يستدعي فتح منافذ أخرى تخفف المعاناة الحاصلة.

وكانت السلطة المحلية في تعز أعلنت، عقب فتح المنفذ، عن جاهزية طريق آخر، يُعدّ الأوسع والأوسط بين جميع الطرقات، ويمكن من خلاله مرور المركبات والشاحنات الكبيرة، غير أن مليشيا الحوثي حتى الآن لم تتجاوب.

جاء ذلك على لسان محافظ تعز نبيل شمسان، في منتصف يونيو الماضي، حيث أعلن أن "طريق عصيفرة - الستين مفتوح من قبلنا، ونطالب الحوثيين بفتح هذا الطريق لتسهيل مرور الشاحنات ونقل السلع والبضائع".

وأكد شمسان أن "جميع الطرق الرئيسية مفتوحة من قبلنا، وإننا على استعداد كامل لتجهيزها واستقبال المواطنين في أي وقت يستجيب فيه الحوثيون لتخفيف حصارهم على مدينة تعز"، غير أن مليشيا الحوثي لم تتجاوب مع هذه المبادرة.

حاضنة شعبية قوية

تُعدّ الحاضنة الشعبية للجيش الوطني والأمن في تعز، أحد أسرار قوة وصلابة المدينة وتماسكها، فرغم كل محاولات شرخ صفها وزعزعة استقرارها، إلا أنها لا تختلف على أن المليشيا الحوثية خصم يجب مقاومته، كما أن أمن المحافظة من أولى اهتماماتها.

ومنذ الوهلة الأولى لفتح المنفذ الشرقي للمدينة، زادت تأكيدات النشطاء والمواطنين في تعز على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، على ضرورة الحفاظ على أمن واستقرار المحافظة، وإبلاغ الأجهزة الأمنية بأي تحركات مريبة أو عناصر مشبوهة داخل تعز.

وهنا، يقول العقيد عبد الباسط البحر أن "لدى الجيش الوطني والأمن في تعز دعم قوي من الحاضنة الشعبية، بل يمكننا القول إن دور الحاضنة الشعبية في تعز يسبق دور الأجهزة الأمنية وأجهزة الجيش، وكل أبناء تعز اليوم مستنفرين للمراقبة والإبلاغ عن كل المحاولات الخسيسة والخلايا المندسّة والمساعي القذرة التي تنوي المليشيا الحوثية القيام بها"، مضيفًا أن "المليشيا الحوثية اصطدمت بهذا الوعي الشعبي والروح المقاومة لدى الجماهير والمعنويات العالية على الدوام لدى مواطني تعز".

وقال البحر: "تعز لم تكلّ ولم تملّ ولم تهدأ ولم تنم، وهي قادرة على الفعل وعلى تكرار الانتصارات والإنجازات، ودحر مشروع الموت والدمار والظلام الكهنوتي الحوثي، وستبقى تعز كما يعرفها الجميع أيقونة الثورات ورافعة المشروع الوطني".

وأكد البحر أنه لا قلق على تعز، وأن أبطال الجيش الوطني والأجهزة الأمنية بالمرصاد لكل المحاولات الحوثية الرامية للنيل من تعز، وأن الجيش في قمّة الجاهزية واليقظة والاستعداد، وأكثر خبرة وتدريبًا وتجهيزا.

وأفاد العقيد البحر: "هناك عتاد نوعي سنفاجئ به المليشيا الحوثية، وسنجبرها على الرحيل من بقية الأجزاء التي تسيطر عليها في تعز، ومن محافظة إب، وصولا إلى تحرير كل المحافظات التي ترزح تحت سطوتها".

يتفق أبناء تعز على أن للمليشيا الحوثية أهدافا معادية للمحافظة من وراء فتحها المفاجئ للمنفذ الشرقي، بعد أكثر من 9 سنوات من الحصار المطبق، كما أنهم يؤكدون أيضًا على أن تعز، بجيشها وأمنها ومدنييها، سيُفشلون أجندة المليشيا وسيدفعون مساعيها الخبيثة للتلاشي، باليقظة والانتباه والحذر ووحدة الصف.

كلمات دالّة

#اليمن #تعز