الثلاثاء 30-04-2024 01:20:41 ص : 21 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

مزاعم الحوثيين قصف إسرائيل.. كذب وتضليل وهروب من الأزمات الداخلية

الثلاثاء 07 نوفمبر-تشرين الثاني 2023 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

أعلنت مليشيا الحوثيين، خلال الأيام القليلة الماضية، مرات عدة عن قصفها أهدافا للجيش الإسرائيلي في فلسطين المحتلة بصواريخ وطائرات مسيرة، بذريعة أن ذلك نصرة لقطاع غزة، دون أن توضح ما هي الأهداف التي هاجمتها، أو مقدار الخسائر التي تكبدها الاحتلال الصهيوني نتيجة تلك الهجمات، في محاولة مكشوفة للمليشيا للهروب من أزماتها الداخلية والتناغم مع الموقف الإيراني من خلال ادعاء بطولات مزيفة، لا سيما أنها لا تمتلك صواريخ أو طائرات مسيرة يصل مداها إلى ألفي كيلومتر وأكثر لتصل إلى قلب الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين.

وتمثل مأساة قطاع غزة اختبارا صعبا لإيران ومليشياتها في المنطقة وفي مقدمتها مليشيا الحوثيين في اليمن، فبعد سنوات من المتاجرة بالقضية الفلسطينية وشعارات "الموت لأمريكا وإسرائيل"، سقطت إيران ومليشياتها في أول اختبار عملي لمناصرة القضية الفلسطينية بالرغم من أن الوقوف إلى جانب الفلسطينيين عسكريا في هذه المرحلة سيخدم بدرجة أولى إيران ومليشياتها.

- الكذب على الجميع

وما يؤكد كذب مليشيا الحوثيين بشأن قصفها إسرائيل، أن إسرائيل لم ترد عمليا ضد المليشيا، لا سيما أنها لا تتهاون حيال أي هجمات تستهدف جيشها أو مستوطناتها في فلسطين، وبالتالي لو أن مليشيا الحوثيين هاجمت إسرائيل بالفعل فإن إسرائيل كانت سترد على مصدر الهجوم بقوة وعنف ووحشية كما تفعل في غزة.

بيد أن عدم وجود رد فعل يعني أنه لا وجود لفعل أساسا، حتى وإن كانت إسرائيل قد ذكرت أنها اعترضت تهديدا في البحر الأحمر، أو تصريحات واشنطن باعتراض مدمرة أمريكية في البحر الأحمر لصواريخ وطائرات مسيرة أطلقتها مليشيا الحوثيين، فتلك التصريحات مشكوك في مصداقيتها أيضا، ولعله يراد منها تبرير إرسال أمريكا وإسرائيل مزيدا من المدمرات والسفن الحربية إلى جنوب البحر الأحمر بذريعة مواجهة تهديدات الحوثيين.

أما التهديدات التي تطلقها مليشيا الحوثيين بشن هجمات على مواقع الكيان الصهيوني، فهي تتناغم مع التهديدات التي أطلقتها إيران بعد وصول حاملة طائرات أمريكية إلى المنطقة بذريعة حماية إسرائيل، بينما إيران تعتقد أن حشد أسلحة جديدة إلى المنطقة يستهدفها هي، لذلك سارعت بالتهديد بما سمته "الرد الخماسي" على أي هجوم قد تتعرض له، وتقصد رد المليشيات التابعة لها في عدد من البلدان العربية.

وقد أرادت إيران توجيه رسائل للولايات المتحدة وإسرائيل في سياق ما سمته "الرد الخماسي" في حال تعرضت لأي هجوم، وبنفس الوقت "تبرئة الذمة" حيال القضية الفلسطينية، فوجهت مليشياتها في المنطقة بشن هجمات محدودة ومنضبطة على قواعد أمريكية في المنطقة، وبالفعل هاجمت مليشيا إيران قاعدة عين الأسد في العراق وقاعدة النتف في سوريا، وربما أنه كان مطلوبا من الحوثيين مهاجمة مدمرات أمريكية في جنوب البحر الأحمر لقربها من اليمن، لكن مليشيا الحوثيين ذهبت بعيدا بالإعلان عن قصفها إسرائيل.

وبذلك تحقق مليشيا الحوثيين أهدافا عدة من خلال زعمها مهاجمة إسرائيل، فهي ستهرب من مشاكلها الداخلية، وستتسلق على القضية الفلسطينية لتلميع صورتها لدى المغرر بهم، بالإضافة إلى محاولة تبرئة ذمتها بعد أن ظلت لسنوات ترفع شعار "الموت لأمريكا وإسرائيل"، وتزايد بشأن القضية الفلسطينية وحولتها إلى مادة للمتاجرة السياسية والإعلامية، كما تفعل إيران تماما، فضلا عن تجيير تلك القضية لمزيد من الثراء لقيادات المليشيا، عبر جمع التبرعات بذريعة دعم قطاع غزة، لكنها ستذهب لمصلحة قيادات المليشيا.

- هجمات غير مجدية

وإذا افترضنا أن مليشيا الحوثيين هاجمت بالفعل جيش الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، فإن تلك الهجمات غير مجدية، ولا ترقى حتى لإحداث ضجة أو فرقعة إعلامية، لأن صواريخ الحوثيين وطائراتهم المسيرة مداها قصير وبالتالي فهي ستسقط في البحر الأحمر، وإذا كان لدى المليشيا أسلحة حديثة قادرة على الوصول إلى فلسطين المحتلة، فإن الدفاعات الإسرائيلية ستعترضها في الجو وتدمرها قبل وصولها إلى مبتغاها، وبذلك فإن هجمات الحوثيين ستظل غير مجدية في كل الأحوال.

وهذا ما أكدته مجلة "ريسبونسبل ستيت كرافت" الأمريكية، التي استبعدت أن يكون هناك أي تأثير للهجمات الحوثية الجوية على الكيان الصهيوني، لافتة إلى أنها قد تثير ضربات انتقامية من قبل واشنطن وحلفائها. وأشارت المجلة إلى أن هدف الحوثيين من الهجمات في المقام الأول الهروب من مخاوفهم ومشكلاتهم الداخلية والأزمة الاقتصادية، وعدم صرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم.

- لماذا لا يقصف الحوثيون أهدافا إسرائيلية قريبة من اليمن؟

وإذا كانت مليشيا الحوثيين صادقة في مساندتها للقضية الفلسطينية، وتنوي فعلا شن هجوم على أهداف إسرائيلية أو أمريكية، فإن الأجدر بها مهاجمة السفن الحربية التي نشرتها إسرائيل في جنوب البحر الأحمر، إثر تهديد المليشيا الحوثية بقصف إسرائيل، فصواريخ الحوثيين وطائراتهم المسيرة ستصل إلى تلك الأهداف القريبة، بدلا من قصف مواقع الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي لا تصل إليها أسلحة الحوثيين.

وكان الاحتلال الإسرائيلي قد نشر سفنا حربية في منطقة البحر الأحمر، في أعقاب المزاعم بهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة تبنتها مليشيا الحوثيين. وزعم الاحتلال الإسرائيلي أن تلك التطورات تأتي بناء على تقييم الوضع، وفي إطار تعزيز الجهود الدفاعية في المنطقة.

- تهرب إيران ومليشياتها

ورغم عنتريات إيران ومليشياتها المنضوية في إطار ما يسمى "محور المقاومة" وشعارات "الموت لأمريكا وإسرائيل"، لكنها تحاول التهرب وإعفاء نفسها من أي مواجهة مباشرة مع الكيان الصهيوني، ولو أن ذلك "المحور" كان صادقا فإن لحظة الاختبار العملي قد حانت، لكن ما حدث أن إيران تنفي التهم الغربية الموجهة لها بدعم القضية الفلسطينية، بينما مليشياتها في العراق وسوريا اكتفت بشن هجمات محدودة وغير مؤثرة على قاعدة عين الأسد في العراق وقاعدة النتف في سوريا، وكذلك اكتفى حزب الله اللبناني (الإيراني) بشن هجمات محدودة ومنضبطة على مواقع إسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة، بينما اكتفت مليشيا الحوثيين بالتهديدات والادعاءات الكاذبة بشأن قصفها مواقع للاحتلال الإسرائيلي.

وبتتبع المواقف الرسمية لإيران من حرب الصهاينة على قطاع غزة بفلسطين، يلاحظ أنها مواقف مهادنة وتؤكد عدم استعداد إيران لخوض الحرب، وأيضا عدم استعداد مليشياتها الطائفية في المنطقة للمشاركة في الحرب إلى جانب المقاومة الفلسطينية، ما يعني أن ما يسمى "محور المقاومة" لا يرى أن القضية الفلسطينية من أولوياته، فالأولوية لكل فصيل طائفي تابع لإيران هي تخريب بلده وإضعافها خدمة لإيران.

وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إن إيران لا تسعى إلى اتساع الحرب، لكنه رفض حسم عدم مشاركتها في قتال إقليمي أوسع، وأكد في المقابل أن على الولايات المتحدة أن تسعى إلى وقف الحرب في حال كانت لا ترغب في اتساعها.

ونفى عبداللهيان مسؤولية طهران عن هجوم حركة حماس يوم 7 أكتوبر الماضي، كما نفى أن تكون طهران المزود الأساسي لترسانة "حزب الله"، و"حماس"، و"الجهاد الإسلامي"، وقال إن تلك الجماعات تصنع أسلحتها منذ سنوات. ونبه من أن ربط إيران بأي هجوم في المنطقة ضد المصالح الأمريكية من دون تقديم دليل هو أمر "خاطئ تماما"، نافيا أي تدخل في قرارات "مجموعات المقاومة" التي تأخذ قراراتها "بالتناسب مع المصالح والتطورات".

- استياء المقاومة الفلسطينية من خذلان المحور الإيراني

هناك استياء على نطاق واسع في أوساط الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة الفلسطينية من خذلان ما يسمى "محور المقاومة" أو "الممانعة" لسكان قطاع غزة وهم يتعرضون لإبادة جماعية جراء القصف الوحشي للكيان الصهيوني، بعد أن ظل ذلك "المحور" بزعامة إيران يهدد بطرد الكيان الصهيوني من أرض فلسطين، وجعل من القضية الفلسطينية وسيلة للتكسب السياسي والمزايدة بها.

وفي هذا السياق، قال موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس: "كنا ننتظر الكثير من حزب الله ومن إخواننا في الضفة لكننا مندهشون من الموقف المخزي لإخواننا في السلطة".

وفي إجابته عن سؤال حول ما تتوقعه حركة حماس من حزب الله قال: "نحن نعتمد على أنفسنا، وندعو كل الأصدقاء لأن يشاركونا في هذه المواجهة، ولكننا لا نستطيع أن نقف كقضاة ونحن في حرب أمام عدو شرس جبار ومتغطرس وإرهابي بكل معنى الكلمة، ثم نحكم على الآخرين".

ومن المؤكد أن قادة فصائل المقاومة الفلسطينية كانوا قد انتظروا خلال الأسابيع الماضية مشاركة فعلية لحزب الله اللبناني في الاشتباك مع إسرائيل لتخفيف الضغط عنهم، لكن يبدو أن الحزب اكتفى بضوابط واضحة في الاشتباك تقوم على تسجيل الموقف وتبرئة الذمة، في الوقت الذي كانت فيه حماس تنتظر دخول الحزب بكل قوته في المواجهة وتفعيل فكرة "وحدة الجبهات"، أو "تعدد الساحات" التي طالما تحدث عنها الحزب وأمينه العام حسن نصر الله.

وكذلك فإن إيران هي الأخرى لم توجه حزب الله وغيره من مليشياتها بشن هجوم على إسرائيل، ولعل ذلك يعود لكون الحزب له أجندة أكبر مرتبطة بإيران، وهي التي تحدد خطواته بالتحرك من عدمه، وتضع سقفا لأنشطته، ولا يبدو أن إيران ومليشياتها ترغب في التدخل بأي شكل من الأشكال في مجريات التصعيد الحالية في قطاع غزة، لأنها تريد الاحتفاظ بقوتها لاستخدامها في الصراعات الداخلية، وأما قضية فلسطين فالموقف منها للتكسب السياسي فقط لا غير.

كلمات دالّة

#اليمن