|
ما حصل في عدن أمس الثلاثاء، 21 أبريل 2020، من أمطار وسيول جارفة خلفت ضحايا ودمارا مهولا في المدينة وبنيتها التحتية، نكبة إضافية أخرى جديدة تعيشها المدينة وأهلها الطيبون.
الصور والمشاهد للضحايا والأبنية والعربات والمخلفات في مختلف الأحياء تعبر فقط عن جزء بسيط من المأساة التي تعيشها المدينة وأهلها منذ سنين، ما هو أنكى وأكثر مأساوية ما يعتمل في صدور الناس من غضب وألم وقهر، أنهم تركوا لوحدهم ككل مرة أمام العاصفة، ولم يبال بمصيبتهم أحد ولم ينجدهم إلى اللحظة أحد.
هذا ما يقوله الواقع وتقوله الأرقام، اتركونا من البيانات والرسائل والمواقف والعواطف والأماني والترجيات، الحقيقة تقول إنه لا أحد في المشهد بحجم النكبة، اليوم كلنا نتعاطف ونرسل الرسائل ونشعل وسائل التواصل بكلمات متأججة وغاضبة من كل ما حصل، ولكن هل يغير ذلك في الأمر شيئا؟ ستجدون الإجابة الحقيقية على وجوه المنكوبين من أهل المدينة ولا أحد سواهم، ستجدونها في منازلهم التي تدمرت وغمرت بالأوحال وسكانها حيرى لا حول لهم ولا قوة، ستجدونها في الأحياء والشوارع التي تحولت إلى ركام وهي تغرق وتغرق ولا منجد لها، ستجونها في كل المناظر التي رأيناها اليوم وهي تعطي الانطباع أن هذه المدينة الحبيبة تم تحويلها إلى قرية مرعبة مدمرة منهكة ولم تأت الأمطار أخيرا إلا لكشف هذه المأساة.
إن التدمير المرعب الذي تعاني منه عدن اليوم يحتم علينا جميعا أن نراجع أنفسنا أمام هذه التحديات بشكل عاجل حتى لا يستمر هذا المسلسل الذي يهوي بالمدينة وأهلها إلى قعر لا مستقر له.
على الجميع وفي مقدمتهم أهل عدن أن يدركوا أن حاضر هذه المدينة للأسف هي هذه النكبات التي نعيشها منذ سنين، وأن حالها في المستقبل سيتردى أكثر وأكثر إن لم تتغير المعادلة، وبأيديكم يا أهل عدن تغيير هذه المعادلة، لا بيد أحد غيركم، هذه فرصتكم لا تتأخروا عنها، اشحذوا هممكم ووحدوا كلمتكم ورصوا صفوفكم وناضلوا من أجل أن تكون كلمتكم هي الأعلى والأصعب والأقوى في هذه المدينة.
نعلم أن التحديات كبيرة وأنتم تعرفونها جيدا ولا حاجة لتفصيلها، ولكن هذه مدينتكم من ينقذها غيركم؟ من ينتصر لها سواكم؟ لا يستضعفنكم أحد بعد اليوم بخبث باسم أنكم "سكان مدينة طيبون"، لا وألف لا، بل أنتم أقوياء وهذه مدينتكم وأنتم أهلها الأحق بها وبقيادتها على كل المستويات.
عليكم بالنضال المستمر المتواصل الذي لا راحة فيه حتى تنال هذه المدينة حقوقها، ولا تنسوا أنكم كنتم دوما الرقم الأصعب في الدفاع عن المدينة، وكنتم كذلك تؤدون دوركم في كل ملمة تلم بالمدينة. صحيح أنكم كنتم بعد ذلك تعودون إلى حياتكم الطبيعية تاركين القرص لخبازه والقوس لباريها، ولكن المشهد اليوم تغير ولم يعد هناك قرص ولا قوس، عليكم ألا تعودوا إلى بيوتكم وحياتكم الاعتيادية إلا وقد استلمتم زمام قيادة هذه المدينة.
إن المدينة تنهار وحياة أهلها في خطر، لا تنتظروا غيركم ولا تهدوا هذه الفرصة لسواكم، فأنتم أنتم وحدكم لا سواكم، فجر هذه المدينة الجديد.
في الأربعاء 22 إبريل-نيسان 2020 10:43:43 م