|
علي الواسعي ١٩٣٠-٢٠٢٠م، أخر الرواد الكبار رحيلا اليوم عن تاريخ طويل من النضال والتضحية والكفاح في سبيل الوطن وجمهوريته وحريته، حيث ظل طوال عمره ممسكا قلمه ناقدا لكل الانحرافات والأخطاء التي عاثت بالوطن وبالثورة فسادا.
الواسعي صاحب تاريخ نضالي كبير ومشرق على امتداد ما يقارب قرن من الزمان وهو حاضر في كل محطات الوطن الكبيرة والمهمة كأحد أبرز صانعيها.من ثورة ١٩٤٨م التي كان أحد رجالها والتي سجن بعد فشلها لما يقارب سبع سنوات قضاها في سجون الإمامة.
خرج بعدها فارا إلى عدن ومنها إلى القاهرة التي درس فيها العلوم الصحية، وغادرها عام ١٩٥٧م عائدا إلى اليمن والتي كانت تتحضر للثورة السبتمبرية الخالدة والتي شارك فيها الواسعي بكل فعالية وحضور إعلامي وثقافي وقتالي أيضا.
يتمتع الرجل بحس قومي وإسلامي جعله يشارك في كل المحطات الكبيرة في تاريخ الأمة العربية من مشاركته في الدفاع عن مصر في وجه العدوان الثلاثي متطوعا في الجيش المصري عام ١٩٥٦م حتى مشاركته في سوريا متطوعا في
الجيش السوري ضدا العدوان الإسرائيلي في عام ١٩٦٧م أثناء توجده في سوريا حينها.
أما يمنيا فالواسعي واحد من أهم وأكبر المقاتلين الفكريين للمشروع الإمامي الذي ظل يحذر منه طويلا في كل أنشطته وكتاباته التي كان أحد أهم المشهد الثقافي والصحفي والإعلامي على مدى عقود طويلة حيث أسس مبكرا مجلة الإرشاد واستمر في إصدارها ١٢ عاما وأسس بعدها مجلة النور والتي ظلت تصدر حتى عام ٢٠١٤م.
كان لي حوارا قبل عامين من الآن هنا في اسطنبول التي زرته فيها، وكان حوار مقتضبا نظرا لوضعه الصحي، فقد سألته لماذا غادرت اليمن وأنت في هذا العمر وكان بإمكانك البقاء في صنعاء في بيتك لا أحد يعلم بك.
فقال لي يا ولدي أنا عشت عقودا طويلة لا عدو لي سوى المشروع الإمامي الذي كان يتستر تحت كل المظلات السياسية والثقاقية والأجتماعية، وكنت أدرك جيدا خططهم ومشاريعهم التي ظللت أحذر منها طويلا، حتى عودتهم كما ترى على نتيجة صراعات اليمنيين التي يجيدون حياكتها والإشتغال عليها.
قائلا أنا سجنت في عام ١٩٤٨م سبع سنوات، وحينما عادوا عام ٢٠١٤م كنت أدرك جيدا أنه لا يمكن لعصابة كهذه أن تنال شرف الخصومة مع خصومها، عصابة لا أخلاق لها ويمكنها أن ترتكب أي حماقة فلا قيم ولا أخلاق ولا مرجعية سياسية لها سوى الكراهية والعصبية البغيضة التي تدفع الناس نحوها.
رحل اليوم الأستاذ علي الواسعي كاخر رواد الجيل الكبار من الذين شهدوا كل محطات النضال والكفاح ضد هذه العصابة الإمامية الأكثر انحطاطا وسقوطا وتخلفا، رحل وهو في التسعين من عمره منفي في اسطنبول، بعيدا عن وطنه الذي قضى جل سني عمره في النضال والكفاح من أجله وها هو بعد ما يقارب تسع عقود من الكفاح ضد الإمامة هاهو يموت مشردا ومنفيا عنها وكأنه يقول بموته يا أيها اليمنيون إن لم تتوحدوا صفا واحدا وتدركوا خطورة هذا المشروع السلالي اللعين فإنكم لن تنالوا سوى مزيد من المهانة والمنافي والشتات والضياع.
رحمة الله تغشاك أستاذنا ومعلمنا الكبير وإلى جنان الخلد مثواك أيها الإستاذ الذي تعلمنا على يديه القيم والنضال والكرامة والحرية.
في الإثنين 06 إبريل-نيسان 2020 12:04:34 م