|
في البدء أود أن أتوجه بصادق التهاني للزملاء الأعزاء في موقع "التجمع اليمني للإصلاح"، الذين قرروا إعادة إطلاق الموقع في سياق المعركة الموازية التي يخوضها اليمنيون ضد الانقلاب ومن أجل استعادة دولتهم الديمقراطية الاتحادية.
الإصلاح حزبٌ كبير اصطف منذ أوائل الألفية الثالثة مع الشعب اليمني ومع طليعته السياسية ومكوناته الحزبية، خلف هدف واحد هو تحرير البلاد من الدكتاتورية.. كانت تلك مهمة في غاية الصعوبة، في ظل حالة الاشتباك المادي والسياسي والخلفيات المشتركة مع حزب المخلوع صالح، تلك الحالة التي أنتجت منتصف التسعينات تجربة شراكة سياسية واقعية ين الإصلاح والمؤتمر سرعان ما واجهت الفشل الذريع، لأن المخلوع صالح لا يقبل الشراكة ولأن السلطة التي يستحوذ عليها لا تقبل القسمة على اثنين.
ومن المفارقات التاريخية، أن المخلوع صالح اليوم، وبعد أن أصبح وحيداً لم يجد سوى الحوثيين الذين لا يمكن استيعابهم في أي تحالف أو شراكة حتى لو كانت تكتيكية، لأن مشروعهم استحواذي ويستند إلى ادعاءات غير صحيحة ولكنها عميقة الجذور بشأن الحق الإلهي في الحكم.
ينخرط التجمع اليمني للإصلاح اليوم بكل جوارحه في المشروع الوطني الكبير، ويتواجد منتسبوه ومؤيدوه في مقدمة الصفوف في جبهات القتال من أجل استعادة الدولة، حيث التنافس على التضحية ليس من أجل التضحية، بل من أجل الحياة ومن أجل أن تحيا الأجيال القادمة في ظل الحرية والكرامة.
هذا الدور مقدرٌ من دولٍ وأطراف عديدة، لكنه أيضاً يتعرض لتشويش متعمد من أطراف أخرى، وهذه الأطراف صوتها عالٍ وإمكانياتها في إلحاق الإساءة كبيرة.
وهذا في الحقيقة يفرض على الإصلاح مسار مواجهة مواز، وأعني به المسار الإعلامي والفكري الذي يتعين خوضه بنفس الكفاءة والإخلاص.
كان يمكن للدعاية السوداء التي تستهدف الإصلاح هذه الأيام أن تكون مؤثرة في وعي الناس لكنها لا تجد صدى إلا لدى أولئك الذين يقفون في الجانب الخطأ من المعركة، وأولئك الذين رضعوا الضغينة والحقد السياسي في حلقات التوعية الحزبية المضادة.
والسبب يعود إلى أن الحوثيين، قدموا أنموذجاً للسوء لا نظير له، فهذه الجماعة لم تغادر مربع النشاط العسكري وبقيت أقرب إلى كونها حركة طائفية مسلحة منها ككيان سياسي، وقد اختارت العنف وسيلةً وحيدةً لتحقيق غاياتها السياسية، وللأسف ثمة أطرافٌ دولية وإقليمية وظفت هذه الحركة العُنفيَّةَ لتصفية حساباتها مع أطراف سياسية كالتجمع اليمني للإصلاح، قدمت نفسها بكل إخلاص جزء من العملية السياسية، وعملت تحت قيادة الرئيس هادي، ودفعت بعشرات الآلاف من عناصرها إلى انتخاب الرئيس.
لكن هذه الأطراف الدولية والإقلميية، سرعان ما اكتشفت أنها "نكشت" عش الدبابير، خصوصاً بعد أن قام الحوثيون بجملة من التصرفات التي كشفت جانباً من ارتباطهم الوثيق بإيران ومشروعها التدميري والتفكيكي في المنطقة.
الإعلام هو الرهان الحقيقي لحزب كبير ومتماسك مثل التجمع اليمني للإصلاح، والإعلام الاحترافي المواكب والموضوعي هو أكثر ما يحتاجه الإصلاح، ليس المطلوب التوعية اللصيقة بالنهج الدعوي، فقد بذل الجهد في هذا المجال طيلة العقود الماضية، بل التوعية التي توسع من الرؤية السياسية وتعزز التفكير الاستراتيجي لدى أعضاء الحزب، وتمنحهم القدرة على الابتكار والمبادرة السياسية وتعزيز قدرتهم في التعاطي مع الخيارات المتاحة.
هناك ذخيرة من الشباب المتنور في هذا الحزب يتسمون بالبراعة وقد استطاعوا خلال المرحلة الماضية من الأزمة اليمنية العاصفة أن يظهروا حيوية نادرة وقدرة على التعاطي مع الأحداث رغم الضغوطات التي واجهوها، فقد كانوا مستهدفين كحزبهم ولم تكن لدى حزبهم خطط إخلاء لعناصره من أرضية المعركة، التي باغتتهم فوجدوا أنفسهم في مواجهة جيش بكامله وعصابة طافية منفلتة ودعم خارجي لا حدود له.
حينما سارت الأحداث في اليمن باتجاه التطلعات التي عبر عنها شباب الساحات كان ذلك يعني نهاية مؤقتة للمأساة التي واجهها الإصلاحيون وحزبهم، لكن التحدي لا يزال قائماً فهم على رأس لائحة المستهدفين، وتلك خطط يصعب التعاطي معها تحت أسنة الرماح.
لذا على الإصلاحيين أن يراهنوا على قوة الكلمة والحجة وعلى المنطق المعتدل وعلى الإسهام السياسي المتسق مع خيار استعادة الدولة ومع أهداف ترسيخ أسس العيش المشترك بين مختلف مكونات الشعب اليمني، وهذا ما نرى البعض منه يتحقق اليوم، ولكن يحتاج إلى إعلام ذكي يبرزه بصورة أكبر، وهذا ما نتوخاه من "التجمع اليمني للإصلاح" ومنظومة الإعلام الجديد.
في الخميس 26 يناير-كانون الثاني 2017 11:32:27 ص