|
في عدن، العاصمة المؤقتة للشرعية، التي يُفترض أن تمثل نموذجًا للأمن والاستقرار والشراكة السياسية، لا يتعرض الإصلاح لإقصاء سياسي فحسب، رغم كونه أكبر الأحزاب الداعمة للشرعية، بل يواجه حملة استهداف ممنهجة، ستؤدي -إن استمرّت دونما ردع- إلى إزهاق العملية السياسية.
اغتيالات لخطباء وأئمة المساجد ونشطاء وقادة إصلاحيين، وقيادات عسكرية، جميعهم في صف الشرعية، بل من رموزها، وهي جرائم ألِفناها، في ظلّ الانفلات الأمني، تُنسب لمجهولين، الأمر الذي يؤكد -بما لا يدع مجالًا للشكّ- أن الشرعية هي الهدف وليس الإصلاح فحسب ..!
وإلا ما الجُرم الذي ارتكبه الإصلاح حتى نلحظ تلك الحملة القبيحة ضده؟!
هل ذنبه أنه وقف إلى جانب الشرعية وساندها، ومازال، في لحظاتها الحرجة، ومثّل مع الشرفاء من التيارات الأخرى الأعمدة الرئيسية التي ارتكزت عليها الدولة، بعد أن أوشك الانقلاب الأرعن على التهام كامل البلاد؟!
هل ارتكب الإصلاح خطيئة فاضحة حين لم يخدش جدار الشرعية ولم يتحول إلى أداة لتنفيذ مشاريع جارحة للوطن، مشاريع من شأنها إعاقة الشرعية وعرقلة التحرير؟!
هل جريمته العظمى أنه كان في صدارة المنتفضين ضد الانقلاب، مُلبيًا نداء الواجب والوطن والشرعية لمواجهة ذلك المشروع الأسود، مشروع الجائحة الحوثية؟!
لا تفسير لذلك السيل الحاقد الجارف من الاستهداف المطبوخ بعناية سوى أنّ الذين ينفذون ذلك مجرد "شُقات" وأدوات لجهات لطالما كرّست جهودها في محاربة الربيع العربي وتقييد الحريات، وهيهات أن تُقيد حرية الشعوب..!
وهؤلاء، الذين يروق له بقاء الإصلاح سامقًا رغم كل ما حصل له ويحصل، من وجهة نظري أغبياء، لا يدركون أن الإصلاح لا يقبل القسمة على اثنين وليس في قاموسه أن يصبح حزب "فلْخة"، رِجْل في صفّ الانقلاب والفوضى وأخرى في صف الشرعية ..!
ومهما حاول الفوضويون أن يوقِعوه في فخّ معارك جانبية لن يفلحوا أبدًا، لأن شعاره وسلوكه، على الدوام، مع الوطن ولو كره المفسدون!
فالإصلاح ليس حزبًا هشًّا أو مراهقًا ولا جماعة مليشاوية، حتى يكون بمقدور جهة ما جرجرته إلى معركة جانبية ..
التشابه في الاستهداف الأحمق، يجعلنا متأكدين أن المُخرج الذي أوعز للحوثيين أن يقتلوا ويعتقلوا أكبر قدر ممكن من الإصلاحيين، هو نفسه الذي يُشير على أدواته أن يستهدفوا قيادات وناشطي الإصلاح في المناطق المحررة، وسيصحو الجميع -إن استمرت المهزلة والانفلات الأمني- على وطن في حلْق عصابات، تمامًا كما التهمته عصابات الحوثي بالأمس القريب.
يتوجب على الدولة، ودونما تأخّر، أن تقوم بواجبها في معالجة الانفلات الأمني وإيقاف التجريف الذي يحدث بوتيرة متسارعة في العاصمة المؤقتة، قبل أن يقع الوطن مرة أخرى في كفّ عفريت ويغرق في وحل الفوضى الخلّاقة، التي لن ينجو منها أحد، فالمراقب الحصيف والقارئ الفاحص يؤمن يقينًا أن ذلك التجريف لن يطال الإصلاح فحسب، بل الجميع، بلا استثناء!
في الخميس 02 أغسطس-آب 2018 11:45:24 م