الزبيري في ذكرى استشهاده 
أحمد عثمان
أحمد عثمان

ا

 

محمد محمود الزبيري ليس شخصاً عابراً في التاريخ ولكنه روح باقية في الأجيال؛ إنه رمز النضال والكرامة وحرية الإنسان اليمني، لقد حاولوا إسكاته بالترغيب والترهيب فقط من أجل أن يسكت عن معاناة شعبه مقابل تحسين وضعه وحياة مرفهة، فلم يلتفت للإغراء، كما لم يوقف الترهيب سجناً ومطاردة وحصاراً ومحاولة اغتيال. لقد أعلنها مدوِّية فاصلة من أول يوم:

بحثت عن هبة أحبوك يا وطني .. فلم أجد إلا قلبي الدامي.

كان الزبيري يغضب ويحترق من سياسة تحويل الشعب إلى خدم وعبيد باسم الإسلام وتقسيم الناس إلى سادة وعبيد. كانت هذه الفكرة العنصرية تقتضي التجهيل التام والإفقار، وكانت قاعدة «جوع كلبك يتبعك» هي فكرة إمامية بامتياز لأنها فكرة عنصرية قائمة على الخرافة وبدون الخرافة والفقر تموت، ولهذا كانت الحرب شعواء على العلم والتعليم وتشويه المثقفين باعتبارهم "عصريين" وهو مصطلح قريب من الكفار أو النصارى واليهود .. التعليم الذي كانت تقوم به السلالة كان البعض يتعلم مجاناً لأنه «سيد» بينما يدفع الآخرون أموالاً ويعرقلون لإبقائهم في مربع الجهل ولهم حد لا يسمح تجاوزه .. يقول شهود مازال بعضهم أحياءً كانوا طلاباً في «رباط» علم في منطقة «يفرس» وكان يدرس فيه طلاب من النواحي والمديريات المحيطة، صبر, جبل حبشي, الحجرية, ومناطق أخرى وهم عدد محدود زارهم يوماً الإمام واطلع على سير التعليم وعندما وجدهم قد تجاوزوا عدة كتب وإجازات أمر بإيقاف الدراسة لهؤلاء بحجة أن هذا كثيراً عليهم.

مازال الحاج إسماعيل يتذكر ذلك اليوم الذي بقي في ذاكرته ليسافر بعدها إلى العمل في عدن مع زملائه ثم إلى مدغشقر وفقد بعض زملائه في رحلة البحر الشاقة.

كانت الإمامة عبارة عن معركة بين العلم والجهل والحرية والاستعباد والمساواة والعنصرية والتمايز، ومع هذا الجهل والتجهيل وجد الأحرار أنفسهم مجبرين على خوض معركة تحرير تستنهض الشعب للخلاص من حالة العبودية والبؤس وهنا نرى الزبيري يصرخ :

ماذا دهى قحطان في لحظاتهم

بؤسٌ, وفي كلماتهم آلامُ؟!

جهلٌ وأمراضٌ وظلمٌ فادحٌ

ومخافةٌ, ومجاعةٌ, وإمامُ!

والناس بين مكبل في رجله

قيد, وفي فمه البليغ لجامُ

أو خائف, لم يدر ما ينتابه

منهم, أسجن الدهر, أم إعدامُ؟

والاجتماع جريمة أزلية

والعلم إثم, والكلامُ حرامُ!

والمرء يهرب من أبيه وأمه

وكأن وصلهما له إجرامُ

الثورة كانت تعبيراً عن إرادة شعب بالحياة ونضال ثوار لاقوا الأهوال وداسوا على الموت من أجل حرية هذا الشعب الذي عليه أن لا يُخدع مرة أخرى وأن يكمل مسيرة النور والحرية التي رفع رايتها الشهيد محمد محمود الزبيري الذي يصادف اليوم ذكرى استشهاده.


في الأحد 01 إبريل-نيسان 2018 05:47:27 م

تجد هذا المقال في موقع التجمع اليمني للإصلاح
https://alislah-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://alislah-ye.com/articles.php?id=331