|
من قاوم الإمامة والاستبداد في السادس والعشرين من سبتمبر فكأنما ناضل ألف شهرٍ وشهر. إنّها درّة أيام النضال وذكرى أيقونة الثورات اليمنية ..!
في الــ26 من سبتمبر 1962, شحذ الأحرار منشار نضالهم, وصقلوا شفرة هممهم, واحتزموا عزمهم, وأخذوا يدكّون أوكار الاستبداد فأشرقت شمس الجمهورية، وصفقت الأرض وغنّى الوطن، وبدا الشعب مبتسمًا كطفلٍ يرى وجهه في المرآة لأول مرة ..!!
لا مماحكة في أن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر تُمثّل بحر إلهام لكل مضطهدٍ حائر, ومنهلًا للثائرين يرتشفون منه مقاومة ونضالاً وشموخاً وحرية ..
قبل خمس وخمسين سنة، وبعد أنهُرٍ من دماء سالت، وعددٍ مهولٍ من تضحيات قُدّمت, انتصر الأحرار على الإمامة فتمخض عن ذلك ميلاد الحلم المنشود؛ الجمهورية الحسناء, غير أن ثمّة بقايا إماميين, على رأسهم الإمام محمد البدر, فرّوا هاربين من صنعاء إزاء صعدة عن طريق همدان, بعد أن تلقوا صفعة ليست موجعة فحسب, بل من الصعوبة انمحاء أثرها.
ميلاد الجمهورية حدث ظل كابوسًا يحرق قلوب أحفاد بقايا الإمامة ويعصف أفكارهم, ويمنحهم خيط وهْمٍ باستعادة أمجادهم حالكة السواد, الأمر الذي أنتج جماعة مليشاوية متمردة؛ الحوثيين, خاضت حروبًا ست ضد الدولة في عهد المخلوع صالح.
في خضّم ثورات الربيع العربي, وجدت مليشيا الحوثي الفرصة سانحة للقدوم إلى صنعاء فاقتنصتها منخرطةً مظهرًا في ركب ثورة الحادي عشر من فبراير, لكن سرعان ما استعملها المخلوع في الانتقام من خصومه والشعب الذي أطاح بنظامه, في حين المليشيا كانت الأذكى فامتطت المخلوع صالح في تحالف انقلابي أسقط الدولة ونهبها ودمر الوطن وأباد وقتّل الإنسان وشرّد واعتقل, كان ذلك في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014 في "نثرة " مضادة لــ "ثورة الشباب" ومحاولة لمحو الجمهورية؛ كنز ثورة الــ26 من سبتمبر، -وما زال- انقلاب أحفاد الإمامة قائماً, غير أنّ الوقائع تؤكد أنّه يلفظ أنفاسه الأخيرة بفعل محاربته من قبل قوات الشرعية والتحالف العربي.
وكما أن مليشيا الحوثي امتداد للإمامة, فإن المقاومين لمشروعها - دون شك- قد نهلوا من ربوات كفاح آبائهم الأحرار؛ الزبيري والثلايا وعلي عبدالمغني والنعمان وغيرهم الكثير.
ورغم أن لتلك الثورة المجيدة ستّة أهداف لم تتبلور بعد إلى واقعٍ معاش بفعل الإدارة السيئة للمخلوع صالح الذي صنع من الجمهورية يافطة فحسب يواري بها سوأته الإمامية, إلا أن كفاح الأحرار مازال مستمراً حتى تحقيقها.
السادس والعشرون من سبتمبر ألقٌ عصيٌ عن الانطفاء. إنّها ثورة شعب أراد أن يأخذ حقه من الحياة عُنوة.
ثورة لم تشِخ, بل هي في أوْج عنفوانها, تتجدد كلما فكّر أحفاد الإمامة العودة بالوطن والشعب إلى العصر الموحش المخيف؛ عصر الكهنوت.
إنّها فجر النضال المفعم بنسيم الحرية, المترع بالشموخ, المليء بالنور, وهي عيد الحرية الجدير بالاحتفاء والاحتفال, فيها خرج الأحرار من السجن شم الأنوف كما تخرج الأسد من غابها, كما قال الزبيري, أحد مهندسيها.
تلك ثورة حاول أعداؤها وأدها, غير أن الأحرار نفخوا فيها من روح نضالاتهم ونفضوا عنها غبار تقادم الزمن, فعادت متصدرة المشهد, هادرة مستمرة حتى تحقيق الأهداف المنشودة.
إنّها شرارة من اللهب المُقدّس!
في السبت 23 سبتمبر-أيلول 2017 10:25:16 م