قحطان عصي على التغييب
د. عبدالوهاب يحيى المؤيد
د. عبدالوهاب يحيى المؤيد

أجمعت قوى التخلف والرجعية والفساد في اليمن على موقف واحد في الثأر من خصومهم الذين عجزوا عن مواجهتهم بالحجة والبيان فلجأوا لمنطق الطغيان الذي عبروا عنه بالانقلاب في ٢٠١٤م ودشنوه باختطاف وتغييب صوت الحوار والتوافق والسلام الذي كان المناضل محمد قحطان أهم رموزه في الساحة اليمنية.

قحطان كان يدرك أن مشروع الحوثي انتفاشة لا بد أن تخبو يوما ما عندما تبلغ مداها وأجلها المقدر لها ، وقد أثبتت الأيام صدق مقولته، إذ لو كان الحوثيون يحملون مشروعا حقيقيا لإدارة الدولة لا إنتفاشة مؤقتة لأبقوا من باب السياسة خط رجعة ولما ذهبوا بعيدا في هذا الطغيان والسادية والغرور الأعمى الذي تجسد في التعامل مع قحطان وغيره من المختطفين.
إن من المفارقات في تاريخ الصراع أن أفكار الرموز المؤثرين يحملها مئات الآلاف بل والملايبن ممن استمع لهم وتلقى عنهم وبحث في تراثهم ، قحطان واحد من هؤلاء الذين غرسوا في قلوبنا وعقولنا فكرة الثبات في مواجهة الاستبداد ، لازلت أذكر له حديثا جميلا عن شاعر شاب ثائر اسمه هاشم الرفاعي وهو يسرد علينا من حافظته المترفة بالشعر العربي قديمه وحديثه قصيدته التي عنوانها "رسالة في ليلة التنفيذ" ويفلسف لنا فن مواجهة الموت عند شاعر يعذر حتى سجانه ولكنه لا يعذر الأدعياء الذين جلبوا لبلاده وسائل القمع والفتك بالأحرار.
قحطان علم جيلا كاملا في اليمن أن الرجولة والبطولة لا تظهر حقيقتها إلا في حالتين :
حالة امتلاك القوة، وهنا يجب أن يكون الإنسان في وضع المسؤولية وحماية حقوق خصومه.
والحالة الثانية تظهر امام المساومة على المبادئ والمواقف تحت ضغط الترهيب والترغيب ، وهنا يجب أن يثبت الرجال على المبادئ مهما كانت التضحيات.
قحطان من ذلك الطراز الذي يؤمن أن السياسة مبادئ ومواقف قبل أن تكون مصالح فهو لا يسلك للمصالح طريقا يدوس فيها على المبادئ ، بل لقد علمنا _ ونحن نسأله عن سر تحول مواقف بعض السياسيين_ علمنا أن من السياسيين من يعتقد أن السياسة لا مبادئ لها وأنها لا تعرف إلا لغة المصالح مهما كانت السبل والوسائل لذلك يتناقضون وتختلف مواقفهم ، وهذا هو الفرق بينه وبين بعض الرفاق الذين طالما وقف متضامنا مع قضاياهم ومظلومياتهم وقفة مبدئية لا وقفة مصلحة ومكسب.
لن يغيب قحطان مهما تفرعن مختطفوه، لن يغيب مثله وهناك آلاف المثقفين والإعلاميين والقادة الذين تربوا على فكر هذا العابد الزاهد والعالم السياسي الذي لم أطلق أنا عليه هذه الأوصاف بل سمعتها من شهادة المنصفين من زملائه في لجان مؤتمر الحوار الوطني ولا يزال اكثرهم أحياء.
لأهله وأولاده _وكلنا أهله _ في العام العاشر من اختطافه صادق مواساتي في محنتكم
فلا بد لليل أن ينجلي
ولا بد للقيد أن ينكسر
:والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ".


في الأحد 06 إبريل-نيسان 2025 02:15:47 م

تجد هذا المقال في موقع التجمع اليمني للإصلاح
https://alislah-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://alislah-ye.com/articles.php?id=1020