الثلاثاء 18-11-2025 04:33:12 ص : 27 - جمادي الأول - 1447 هـ
آخر الاخبار
روح الفريق.. السبيل ليمن جديد
بقلم/ المهندس/أحمد سيف القباطي
نشر منذ: شهرين و 9 أيام
الإثنين 08 سبتمبر-أيلول 2025 06:40 م
 

في لحظة تاريخية، حيث ارتفع اسم اليمن عالياً في سماء البطولة الخليجية، لم يكن تأهل منتخبنا الوطني للشباب تحت 20 عاماً مجرد إنجاز رياضي عابر، بل كان تجسيداً حياً لقوة نادرة، وقيمة كبرى تفتقر إليها كثير من مجالات حياتنا: روح الفريق.

هذه الروح التي هزت الشباك، وأبهرت الجمهور، وفرضت احترام المنافس، هي التي صنعت التناغم الساحر بين كافة أفراد الفريق. إنها ليست مجرد جمع لمهارات، بل هي صهر لتلك المواهب الفردية في بوتقة واحدة، لتصنع كياناً متجانساً أقوى وأكثر تفوقاً من مجموع أجزائه. إنها المعادلة البسيطة والمعقدة في آن واحد: الجهود الجزئية المتراكمة، عندما تتناغم، تتحول إلى قوة جبارة قادرة على صنع التحول وخلق المكانة الجديدة.

على أرض الملعب، لم تكن الكرة تتزحزح بقوة فرد، بل بدفع جماعي صنع وزناً جديداً للمنتخب اليمني في معادلة التنافس. هذه الروح الجماعية هي التي منحت الفريق القدرة على ممارسة فعل استراتيجي ذكي، يحول الأحلام إلى أهداف ملموسة، وينتقل بالمنتخب من دور المتطلع إلى دور المنافس الحقيقي للكبار. إنها القوة الوحيدة القادرة على تغيير قواعد اللعبة وفرض معادلات جديدة.

ولكن، أيها اليمانيون، أيها القادة والمواطنون، الرسالة التي يقدمها لنا هؤلاء الشباب بأقدامهم وقلوبهم المتحدة أخطر وأعمق من بطولة رياضية. إنهم يقدمون النموذج الأمثل لما يجب أن نكون عليه.

فروح الفريق التي صنعت النجاح في الملعب، هي نفس الروح التي يجب أن تعيشها كل مكونات المجتمع اليمني: سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً. إنها السبيل الأكيد لصناعة مكانة جديدة لليمن، ودور مرموق إقليمياً يحترمه الجميع. إنها الخيار الوحيد لتجاوز مشكلاتنا وتحدياتنا المصطنعة، ولبناء يمن جديد قائم على أسس صحيحة.

لقد قدم لنا منتخب الشباب برسالته الصامتة والصادقة درساً بليغاً: إن تغيير مكانة اليمن ووزنها السياسي والاقتصادي والاجتماعي مشروط بروح الفريق. إن أحلام شعبنا العظيمة في الاستقرار والتنمية والكرامة لن تتحقق بجهود فردية متنافرة، بل بجهود بسيطة لكنها متناغمة ومتكاملة، تسير وفق رؤية واحدة واضحة، تصنع أهداف التحول والتطور.

إنهم، وكأنهم يطلبون منا جميعاً: كونوا "منتخبنا الواحد"، فريقاً يمنياً واحداً، لتحقيق حلم شعب واحد.

وفي الختام، لا يسعني إلا أن أوجه جزيل الشكر للمملكة العربية السعودية الشقيقة على حُسن الاستضافة والتنظيم، والتي منحت فرصتنا الشبابية الواعدة فرصة للتألق، وقدمت لنا نموذجاً يحتذى به في كيفية تحويل الطاقة الرياضية إلى طاقة وطنية شاملة. لقد أثبتت هذه التجربة أن نجاح "الفريق الرياضي" يمكن وأن يُعاد استنساخه في "فريق سياسي واقتصادي واجتماعي"، إذا توفرت الإرادة وروح الفريق.

فليكن شعارنا من اليوم فصاعداً: روح الوطن الواحد هي سبيلنا للفوز والتقدم والتطور، وهي خيار كل اليمنيين. أما روح الانقسام والتمزق والعنصرية السلالية أو المناطقية، فهي طريق نحو الهاوية والفشل والموت البطيء.

معاً، كفريق واحد، نصنع النصر، ونرسم صورة عظيمة لليمن.

 

- رئيس دائرة الطلاب والشباب في الأمانة العامة للتجمع اليمني للإصلاح