الإثنين 25-11-2024 00:15:52 ص : 24 - جمادي الأول - 1446 هـ
آخر الاخبار
خرافة الاصطفاء السلالي في الخرافة السلالية الهاشمية (5 -12)
بقلم/ كاتب/احمد الكاتب اليمني
نشر منذ: 7 سنوات و 7 أشهر و 11 يوماً
الخميس 13 إبريل-نيسان 2017 05:39 م

 

 

 


في هذه السلسلة يكشف الكاتب حقيقة ما يسمى بالخرافة السلالية الهاشمية، من خلال (12) حلقة متتالية، توضح كيف تم صناعة هذه الخرافة، و كيف جرى الترويج لها، واقناع الناس بها تأريخيا.
                  
السلسلة تشكل مجموعة ابحاث تاريخية عميقة، استغرقت وقتاً طويلاً في سبيل الوصول الى الحقيقة.

 
3. الفضائل: خص القرآن الكريم الصحابة بمن فيهم الإمام علي بالثناء، يقول تعالى: {والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة ورزق كريم}.
 
ويقول: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا}.
 
ويقول: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة}. الكثير من الصحابة مشمولون بهذه الآيات بمن فيهم الإمام علي فهو من المهاجرين، والمجاهدين، والمبايعين تحت الشجرة.
 
وتستند الحجج الشيعية على أن الإمام علي جمع من الفضائل ما تفرق في غيره، وهنا الأمر نسبي، نتطرق لأهمها:
- السبق للإسلام: الإمام علي من أوائل من دخل الإسلام وقيل إنه بين أول ثلاثة إلى جانب السيدة خديجة وزيد بن حارثة. وفي الصدد تكاد الروايات تجمع، أو أجمعت بالفعل على أن علياً أسلم وهو صبي، غالباً دون العاشرة، ومع الإشارة إلى أنه تربى في كنف النبي، فإن إسلامه كان أمرا طبيعياً، ولو من باب تقليد الصغير لوالده أو من هو في حكم والده، ولعل الفضيلة الأكبر لمن يغير دينه في سنوات النضج كأبي بكر وعثمان. ولم يسجل التاريخ المكي للإسلام، الأغلب في عمر الدعوة لعلي ما سجله لآخرين من فضائل كما هو حال أبي بكر ومساندته المتميزة للدعوة والنبي كمساهمته في إسلام العديد من كبار الصحابة، وبذله أمواله، وانتشاله مسلمين مستضعفين من عذاب المشركين. قد يكون سن علي السبب في عدم لمعان نجمه في المرحلة المكية إلى وقت الهجرة، مع ملاحظة أن الفكر الشيعي يتحدث عن قوى فوق بشرية للأئمة ترتبط بمادة التكوين بصرف النظر عن السن. ولو استبعدنا الخوارق المفترضة فالسن لا ينفي عن الآخرين تفوقهم خلال الفترة المكية. وفي موضوع نوم علي في فراش النبي عشية الهجرة إلى المدينة يبالغ الشيعة في جعلها فضيلة لا تبزها فضيلة. وهذا ينافيه سياق الروايات في جزئية على الأقل تؤكد أن بقاء علي في فراش النبي لا يشكل أي خطورة على الأول، فلم يكن في نية المشركين اقتحام المنزل – فهذا ليس من شيم العرب – إنما حاصروا المنزل ليقتلوا النبي لدى خروجه منه، والنبي كان هدفهم لا غيره بدليل المحاورة التي حدثت بين الإمام علي والمشركين المكلفين بقتل النبي أثناء خروجه بعد مغادرة النبي.
 
- الهجرة: يشمل الثناء على المهاجرين الإمام علي، كما يشمل غيره. بل إن أبي بكر الصديق يتفوق في فضيلة مصاحبة النبي في هذه اللحظة الفارقة من الحياة الإسلامية، وتميز بفضيلة الإشارة القرآنية لمحاورته النبي في الغار. يجدر التنويه هنا أن بعض الشيعة حاولوا التقليل أو نفي فضيلة مصاحبة أبي بكر النبي في الهجرة، وبعضهم من المحدَثين حاول نفي أن من كان مع النبي في الغار هو أبو بكر، كما نفوا أن تكون التبرئة في حادثة الإفك لعائشة، مع أن أقدم المؤرخين المحسوبين على الشيعة كاليعقوبي ذكر أن صاحب النبي في الهجرة كان أبا بكر.
 
- العلم: استند الشيعة لأحاديث واهية أو ضعيفة وموضوعة -حسب مصطلحات أهل الحديث- جعلوا علياً بموجبها أعلم الصحابة على الإطلاق كحديث "أنا مدينة العلم وعلي بابها". وحديث "علي مع القرآن والقرآن مع علي". وبعيداً عن الأحاديث الملفقة – سنناقش المسألة لاحقاً – فالروايات التاريخية المتواترة تتحدث عن علماء غير علي من الصحابة، وعن تفوق هذا أو ذاك على غيره في مجال من المجالات الدينية، كعائشة، وزيد بن ثابت، وعمر، وأبي بكر، وطبعاً علي معهم، بل لقد وردت أحاديث صحيحة في دعاء النبي لعبدالله بن عباس بأن يعلمه الله الكتاب، والحكمة، وتفقيهه في الدين.
 
- الجهاد: بدأ الجهاد بمعنى قتال الكفرة في المرحلة المدنية، وخلالها برزت القدرة القتالية لعدد من الصحابة بينهم علي بن أبي طالب، وسجل التاريخ الإسلامي لعلي موقفين بطوليين أساسيين، أحدهما في موقعة الخندق أو الأحزاب، والثاني في خيبر، كما كان من الذين ثبتوا في موقعتي أحد وحنين. لكن ذلك لا يلغي بروز بطولات الآخرين كالحمزة بن عبد المطلب في بدر، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وأبي دجانة في أحد. وكونه شارك النبي في كل غزواته باستثناء تبوك، فهو بذلك مثل كثير من الصحابة شاركوا الرسول في كل غزواته، بما فيها تبوك التي أنزل الله في المشاركين فيها آية قرآنية بل وتفوق عليه عدد كبير من الصحابة في ثلاث نقاط تتعلق بالجهاد القتالي، أولاها أن بينهم من جاهد بنفسه وبماله فيما الأغلب الأعم في الإمام علي أن جهاده كان بنفسه فقط لما اشتهر به من فقر الحال. وثانيها أن غيره من الصحابة كما شاركوا النبي في كل غزواته، فقد قاتلوا كذلك من خلال السرايا والجيوش التي ابتعثها النبي. وثالثها أن التاريخ الإسلامي يكاد لا يحفظ للإمام علي أي دور في حروب الردة وحركة الفتوحات الإسلامية بعد وفاة النبي، وإنما كان نجمها الجهادي اللامع سيف الله خالد بن الوليد. ولا يحتج قائل بأن عزوف الإمام علي كان بسبب اغتصاب حقه في الخلافة فالإمام علي أسمى من أن يتوانى عن خدمة الدين إذا لم يكن هو صاحب الموقع السياسي الأول.. ولو كان التميز في حصد الأعداء قتلا فضيلة ما بعدها فضيلة فكم قتل النبي الأكرم بيده.؟
 
- مصاهرته النبي وعدم التأمير عليه: أما المصاهرة والقرابة، فقد سبق الإيضاح بالمعايير القرآنية في الإصطفاء والتفضيل، وإذا كان لها مزية دينية فقد تزوج عثمان بن عفان اثنتين من بنات النبي، وننبه هنا إلى أن بعض الشيعة ينكرون أن يكون للنبي بنات من صلبه غير فاطمة الزهراء، وذلك لأن مذهبهم يقوم أساساً على القرابة، وابتغاء خلع عثمان من فضيلة مصاهرة النبي – حسب معتقدهم – فقد قالوا إن أم كلثوم ورقية وزينب كن بنات خديجة من زواجها السابق على زواج النبي، وهذا يخالف ما أورده المؤرخون – الذين يعول الشيعة كثيراً عليهم في استدلالاتهم – بمن فيهم مؤرخون محسوبون على الشيعة وأبرزهم اليعقوبي، والأهم أن ذلك يخالف قوله تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين". ولو لم تكن بناته لقال ربائبك أو لاكتفى بعبارتي أزواجك ونساء المؤمنين فتدخل الربائب في مضمون نساء المؤمنين. أما أن النبي لم يؤمر على الإمام علي أحد، فلأنه كان بمثابة ابنه وبالتالي أحد مديري شؤونه الخاصة، كما ظهر من قصة الهجرة واعتماده على الإمام علي في رد الأمانات عنه.
 
 كما أن الأمر ذاته ينطبق على زيد بن حارثة وهو الصحابي الوحيد الذي شرفه الله بذكر اسمه في القرآن، فلم يؤمر النبي أحد على زيد بن حارثة الذي كان بمثابة ولده أيضاً وهو مولى، بل إن النبي ولى زيد إمرة جيش مؤتة على صحابة كبار بينهم ابن عم النبي وأخوه في الرضاعة جعفر بن أبي طالب. غير ذلك في حج السنة التاسعة أرسل النبي علياً بسورة التوبة وحج تحت إمرة أبي بكر. كما لا يوجد ما ينفي أن علياً كان ضمن جيش إسامة.
 
- الاختصاص بثناء النبي عليه: بالمقابل ثبت ورود أحاديث خاصة بكثير من الصحابة.
 
 وجملة القول مما سبق من احتجاجات باجتماع فضائل في الإمام علي تفرقت في غيره، أن الأمر نسبي بين الصحابة رضوان الله عنهم، فما اختص هذا به، اختص بغيره آخر، وما تفوق هذا فيه تفوق ذلك في غيره، فكان مجتمعاً استطاعت القيادة الفذة للنبي أن تحول الفروق إلى حالة تكامل تصب بمجموعها في خدمة الدين الإسلامي.

المصدر: الموثع بوست