الأحد 24-11-2024 16:16:10 م : 23 - جمادي الأول - 1446 هـ
آخر الاخبار
مكاشفة جديدة..
بقلم/ محمد الجماعي
نشر منذ: 6 سنوات و 10 أشهر و 7 أيام
الأربعاء 17 يناير-كانون الثاني 2018 03:29 ص
 

بن دغر رئيس حكومة، وهو المعني الأول بما يجب فعله لتفادي انهيار العملة أكثر.. وفي رسالته أكد ما يقوله الجميع بأن أهم إسعاف للعملة ولليمن بشكل عام هو الوديعة الموعودة من الجارة الشقيقة.. وباعتقادي لن يطول انتظارنا أكثر بعد هذه الرسالة..

في مرة سابقة وتحديدا في 2 يوليو 2016 كتب #بن_دغر رسالة مكاشفة لليمنيين، أفاد فيها أن الحكومة مقيدة وتحتاج إلى عون وتمكين من أدواتها الاقتصادية لكي تستطيع التحرك.. وبالفعل تمت الاستجابة، وكانت الأمور في ذلك الحين ملخبطة أمام الحكومة.. اليوم هناك فارق كبير جدا بين ما كان عليه الوضع في يوليو 2016 واليوم، إذ وضع الرئيس هادي ونائبه ورئيس وأعضاء الحكومة أيديهم في أيدي بعض وذهبوا إلى الدولة فورا..

 

لكن الاقتصاد اليمني الآن يواجه أزمة حقيقية ناتجة عن تراكم تبعات الانقلاب وخططه في تجفيف المناطق المحررة من السيولة، ودعوة التحالف للمشاركة في حلها ليس جديدا على الحكومة وقد ارتبط المصير بالمصير.. هناك ازدياد في الطلب أيضا للعملات الصعبة، لا يستطيع البنك المركزي معها مواجهة اعتمادات السلع المستوردة من الخارج لأن حساباته مقفلة وليس لديه احتياطي.. نعم، يجب عليه التحرك أكثر لكسر القيود، لكنه يواجه حصارا أكبر منه، وبالتالي فزيادة الطلب على الدولار ناتجة عن عجز حقيقي، والحكومة ليست لديها إيرادت بالعملة الصعبة، إذ أن واردات ميناء عدن بالريال، وإيرادات غاز مأرب بالريال، وايرادات الضرائب والجمارك كلها بالريال، وكذا المنافذ والموانئ الأخرى، فيما بقية المنافذ مغلقة برا وبحرا وجوا إلا ما كان بغرض الإغاثة.. وفيما سوى إيرادات شحيحة مما يتبقى للحكومة من بيع نفط بترومسيلة في حضرموت، إن سمح لها بالبيع، لا تتعدى 200 مليون دولار وهي قليلة جدا بعد خصم نصف المبلغ للشركاء والضرائب ونسبة الإقليم منه..

 

ذلك بعض ما نفهمه، أو ما هو متاح للمستقصي والباحث، وتلك أيضا بعض الموارد وهي جيدة وقد ساهمت إلى حد ما في إنعاش صورة الحكومة في ذاكرة المواطن في كل اليمن، وعززت حضور الدولة في المحافظات العشر المحررة، ومنها يتم صرف الرواتب للقطاعين المدني (بانتظام) والعسكري (بتقطع) لسبع مناطق عسكرية، واثني عشر جبهة حربية، بالإضافة إلى رواتب النازحين من موظفي المحافظات غير المحررة، ومنها يتم تشغيل الوزارات والسلطات المحلية والمطارات والاتصالات والكهرباء بالمليارات، والمياه، والنظافة، والسفارات، والبعثات التعليمية، وأساتذة الجامعات بما فيها جامعة صنعاء، وتفتتح مشاريع، وتغطي العجز في كثير من الأحيان، صحيح أنها بدون خطة وموازنة وووو، لكنها أيضا ليست في حالة استقرار حتى تعتمد البيروقراطية لتسيير الأعمال..

 

هي حكومة حرب، على رقعة من أرض الوطن دون الباقي، والباقي يستهلك نحو 60% من الإيرادات العامة، وتذهب كما هو معلوم لصالح الحوثيين، والحكومة مع ذلك تراعي مواطنيها في المناطق غير المحررة، فلم تقطع عنهم الغاز المنزلي رغم استفادة الانقلابيين من إيراداته، ولم تحرمهم من خدمات كثيرة بإمكانها التضييق على مقدميها حكوميين كانوا أم قطاعا خاصا، ام منظمات.. سواء في الاتصالات أو المصارف أو المنافذ والموانئ، ويعيش المواطنون هناك بدون كهرباء وبلا حماية، ولولا رفض الانقلابيين ومنعهم من إصلاح أبراج الكهرباء لكانت صنعاء وتسع محافظات أخرى تنعم بالنور وتشغيل الخدمات التي تعتمد عليها.. وفوق ذلك هناك مخاوف حقيقية من تدخل خارجي لتغيير وضع ما أو لتعديل كفة هذا الطرف أو ذاك ماليا واقتصاديا.. من يدري!!.

 

ويذهب البعض لإلقاء التبعات كاملة على الرئيس والحكومة وكأنهم وحدهم من يخوضون حربا ضد المليشيات ووحدهم من يسعون لاستعادة الشرعية، وليس نحن، وليس هذا الشعب الكبير الذي يرابط في الجبهات ويقدمه دماء أطهر أبنائه وقادته فداء لهذا الهدف السامي.. وينسى هذا البعض أيضا أن بقاءهم مكتوفي الأيدي كنخب ومثقفين وثوار سلميين ورافعي شعار رفض الانقلاب ثم مقاومين ثم مساندين للجيش الوطني، أن عليهم الانخراط فورا في برنامج إعادة بناء الدولة، والرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وليس فقط تسليط اللسان واليد والقلم والكلمة والصوت فقط لإلقاء تهم الفساد على شاغلي الوظائف العليا للدولة أو شاغلي مناصب الحكومة، ذلك مما يخدم الانقلاب ولا يفيد الشرعية بشيء..

 

لابد من التفريق بين مرحلة الحرب وتفكك بنية الدولة وبين مرحلة الاستقرار واسترخاء العقل المحارب لصالح العقل المعارض والمراقب والناقد والشاكي الباكي المظلوم والمقهور على أموال الشعب التي ينهبها فلان ولا ينهبها هو، أو يستفيد منها جماعة علان وجماعته لا تستفيد.. في هذه المرحلة أن تكون رئيسا للجمهورية اليمنية أونائبا أو وزيرا أو محافظا، فذلك أخطر وأشد من لعبة الرقص على رؤوس الثعابين، خاصة إذا كانت ساحة الحرب هي بلدك وانت إلى جانب استماتتك لاستعادة الشرعية وتأمين أمن المنطقة برمتها، تخضع لمبضع جراحين إقليميين ودوليين لكل واحد منهم رؤيته في علاج الجرح أو تسكين الآلام إلى حين تحين مصلحته أو مصلحة حلفائه.