فيس بوك
التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية يقرّ أسماء الهيئة التنفيذية
عشر سنوات من دبلوماسية الإصلاح.. تحركات من أجل استعادة الدولة وإحلال السلام
نشطاء: لقاء قيادة الإصلاح والزبيدي خطوة مهمة لتوحيد الصف واستعادة الدولة
رئيس سياسية الإصلاح بوادي حضرموت يدعو الجميع إلى تصفير الخصومات وإنهاء الانقسامات
وقفات تضامنية في تعز ومأرب دعماً لغزة والشعب الفلسطيني وتأييداً لقرار الجنايات الدولية
وفد من قيادة الإصلاح يناقش مع نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي العديد من القضايا الهامة
سياسية الإصلاح بأمانة العاصمة تدشن دورة تدريب المدربين لفريق الدائرة
المجلس الأعلى للتكتل الوطني يناقش أبرز القضايا الوطنية والسياسية
رئيس إصلاح المهرة يشيد بالحملة الأمنية لمكافحة المخدرات ويدعو لدعمها
-إن سفك الدماء يسبقه سفك الحقائق كمقدمة ضرورية وتمهيدية يفهمها المستبد جيداً. وهو يلجأ إلى إزهاق القيم في النفوس على أوسع نطاق يستطيعه حتى يستطيع بعد ذلك إزهاق الأرواح بأكبر قدر ممكن من الأريحية والهدوء.
البعض حتى يحدد موقفاً مما يجري يشترط – عملياً – أن تكون معركة بين حقٍ صافٍ لا أخطاء فيه، وباطل قبيح لا زينة أو مكياج على وجهه. وهذا في دنيا البشر مستحيل. يريدها معركة بين ملائكة وشياطين؛ ليقول حينها: أنا مع الملائكة. وربما لن يقول؛ وسيظل حائراً إلى أبد الآبدين. فمأزقه نفسي وأخلاقي أكثر مما هو عقلي أو منطقي.
وقد ضرب الله لنا في ذلك مثلاً ببعض المشركين الذين اشترطوا للإيمان بالرسول أن يكون ملَكاً؛ أو أن ينزّل ملكاً من السماء لتأييده: {وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ}الأنعام8. ولأمرٍ لا يخفى كانت هذه الآية في سورة "الأنعام"!
- أحياناً يظن البعض أن الثورة أو المقاومة لن تكون فضيلة إلا إذا كان كل الثوار أو المقاومين فضلاء. وهو تماماً كالذي يظن أن الدين ليس فضيلة لأنه ليس كل المتدينين فضلاء! وهو نفس منطق فرعون الذي حاجج موسى بكثير من الحُجَج المتهافتة، ومنها أنه قتل رجلاً خطأً في يوم ما؛ وكان فرعون صادقاً في ذلك إلى حدٍ كبير: {وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} الشعراء20،19.
فهل يعني ذلك أن فرعون كان على حق وأن موسى على باطل؟! أو أنهم كلهم سواء؛ كلهم مجرمون؛ كلهم قتلة؟! ... إلخ.
وقد امتنّ فرعون على موسى بقوله، كما حكى القرآن: {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ}الشعراء18. وهي بالمناسبة نفس المنة التي امتن بها الإمام أحمد يحيى حميد الدين على أحد الثوار قبيل إعدامه له؛ فقد كفله طفلاً في دار ومدرسة الأيتام، واعتنى به ضمن مجموعة أيتام آخرين ثم ابتعثه للدراسة في العراق. وكان رد صاحبنا الثائر على أحمد حميد الدين نفس رد موسى -عليه السلام- على فرعون: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ }الشعراء22. أطعمتني وعلمتني وآويتني لكنك جوعت وجهّلت وأسأت وأسرت شعباً بأكمله. وجريمتي الكبرى لديك أني طلبتٌ الحرية لهذا الشعب:{ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ}. وهذا -ويا للمفارقة- مطلب الشعب اليمني من مستبديه، اليوم. وهو مطب بدهي وإنساني، ولكن أنّى للمستبدين أن يعترفوا به. {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}الذاريات53.
وما حدث في اليمن هو أكبر شاهد على تلك الحقيقة التاريخية، وأن الأزمة في جوهرها أخلاقية قيمية. فالمشروع الحوثفاشي مشروع سلالي عنصري نازي في جوهره ما كان ينبغي أن ينطلي على شريحة لا بأس بها من اليمنيين لولا أنها قد تخلت عن إنسانيتها ابتداءً.
-واهمٌ من يظنُّ أن المستبدين يُجرّفون القيم السياسية فقط. إنهم في الحقيقة يدمرون منظومة القيم الإنسانية كلها. ولذا فمواجهة الفرعونية ليست بالقضاء على الفرعون بل بالقضاء على القابلية للاستعباد لدى المقهورين.
-وعلى مدى عقود حاول المستبد تمييع معاني النزاهة والشعور الوطني واستهدفَ قيم المروءة والشرف والصدق والتضحية والوفاء للوطن والمجتمع. أراد أن يمسخ شعور الإنسان بفرادته وثقته بنفسه وإحساسه بكينونته وقيمته.
وحرص دائماً على تلويث فطرة الإنسان وامتهانه حتى لا يميز بين جميل وقبيح ومعروف ومنكر وحرية وعبودية. ومن ثَم رأينا البعض استمرئ جماعة كهنوتية مثل جماعة الحوثي.
- وأول من حاول استعادة القيم ومعاني الكرامة الإنسانية على المستوى الجمعي للأمة هم شباب الربيع العربي. كانوا أول من ضرب المثل وقدم القدوات والنماذج لتجسيد هذه القيم والمبادئ والاستعداد للتضحية لأجلها، لأجل الإنسان.
بصدور مفتوحة للرصاص رحبوا بالموت في سبيل الكرامة التي هي سبيل الله. قالوا أهلاً بالبارود وخراطيش المياه في سبيل الله. وسبيل الله هو سبيل المستضعفين {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً }النساء75.
وسرعان ما لمعت هذه الثورات وتألق هؤلاء الشباب في ضمير ووجدان الوطن العربي كله. لقد ألهبوا خيال الشعوب العربية الأسيرة. لقد أدهشوا الجميع وفاجأوا العالم بتضحياتهم العظيمة وجسارتهم النبيلة. لقد أحيوا الأمل بإمكانية تحقيق ما كان بالأمس حلماً من الأحلام!
هل تذكرون وفاء الشيباني التي استشهد أخوها أمام عينيها فكتبت بدمه على جدار بيتها: ارحل يا سفاح؟! هل تتذكرون سائقي الدراجات النارية ونبلهم الفريد؟!... هل تتذكرون تضحيات اليمنيين في (ساحة الحرية بتعز وجمعة الكرامة بصنعاء)؟. تأملوا في الدلالة الرمزية للتسميات (ساحة الحرية، جمعة الكرامة) لتدركوا مدى تعطش هذي الشعوب المقهورة لقيمها وإنسانيتها المهدورة.
ما تدفعه الشعوب العربية في اليمن وغيرها من أثمان باهظة؛ وما تعانيه بعض محافظاتها من قصف وقنص وحصار ووحشية هو بسبب مطالبة الشعب بأبده البديهيات؛ الانعتاق من العبودية.. أن يمتلك إرادته قراره الوطني.. أن يبني دولة مؤسسات؛ دولة مدنية لا عائلية ولا عسكرية.
وتمسُّك هذه الشعوب بقيمها ومبادئها الأخلاقية تلك هو ما سيعصمها. وسيجعلها تحدد مواقف وتفهم أحداثاً وتعي ملابسات ما كان لها أن تفهمها أو تعيها لو تخلت عنها. وكما قيل: ما أسهل أن تضلل العقل وما أصعب أن تضلل القلب.