الثلاثاء 23-04-2024 23:47:16 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

لعبة رابحة.. الحوثيون والتوظيف السياسي للإرهاب

الإثنين 02 ديسمبر-كانون الأول 2019 الساعة 08 مساءً / الاصلاح نت-خاص- أسماء محمد

 

برز مؤخرا بشكل لافت اهتمام مليشيات الحوثي بملف الإرهاب في اليمن، وتسليط الضوء عليه من خلال وسائل إعلامها المختلفة، رغبة في تحقيق أهدافها التي تسعى إليها.

كانت محافظتا تعز والبيضاء أبرز المحطات اللائي ركزت عليهما مليشيات الحوثي، فقد أعلنت سابقا عن إلقائها القبض على "خلايا إجرامية" تتبع تنظيم القاعدة في البيضاء، ثم تحدثت مؤخرا عن إحباطها مخططات إرهابية للقاعدة في تعز وإب، كانت تستهدف من خلالها أمن وحياة المواطنين.

لعبة رابحة

تتعامل مليشيات الحوثي مع ملف الإرهاب كلعبة تعتقد أنها رابحة، ولذلك بدأت اللعب بها مبكرا، فقد ظهر بأشهر قليلة ما يعرف بتنظيم الدولة في صنعاء، وهو ما جعل الكثير يؤكدون على صلة الحوثيين به وتعمدهم خلق تلك الفزاعة.

لوحظ عقب ظهور التنظيم عدم تبنيه أي عمليات في مناطق سيطرة الحوثيين، وتم تسجيل هجمات مختلفة لكن في المحافظات التي تمكنت قوات الجيش الوطني من استعادتها.

وفي سياق ذلك، نفى الكاتب والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية نبيل البكيري -في تصريحات صحفية- وجود تنظيم الدولة في اليمن.

وقال إن الأميركيين يدركون خصوصية ملف الإرهاب باليمن، ومن هذا الباب دخل الرئيس السابق علي عبد الله صالح والحوثيون لتقديم أنفسهم وكلاء حصريين في محاربة الإرهاب.

ورأى أن الفارق بين "الإرهاب الحوثي" و"الإرهاب القاعدي" هو أن الأول مسكوت عنه أميركيا بينما الثاني مرفوض أميركيا.

تلميع ومكاسب

تحاول جماعة الحوثي تلميع نفسها بشكل كبير عن طريق ملف الإرهاب، وتطلق صفة الإرهابي على أغلب مناوئيها للنيل منهم ومحاكمتهم بتلك التهمة المطاطة التي تتيح لها حيزا واسعا للمناورة.

وسابقا قال نائب رئيس البرلمان عبد العزيز جباري -في تصريحات صحفية- إن "الحوثيين يسوقون أنفسهم للغرب على أنهم جزء من محاربة الإرهاب، لكنهم في الحقيقة هم مثلهم مثل القاعدة وتنظيم الدولة، وجرائمهم لا تقل فظاعة عن جرائم التنظيمين".

وأكد أن في اليمن جماعات مسلحة تستخدم الدين من أجل تحقيق أغراضها، وهي ممثلة في تنظيم القاعدة وجماعة الحوثي.

لغة العنف

كثيرا ما يربط المراقبون بين مليشيات الحوثي والتنظيمات المتطرفة كداعش والقاعدة، ويعود ذلك إلى لجوء كل أولئك للعنف بمختلف أشكاله، والتفجيرات، والقتل بأبشع الصور.

ومارست مليشيات الحوثي خلال فترة الحرب مختلف أنواع الانتهاكات التي توصف بالإرهابية، كاستهداف المدنيين بالأسلحة الثقيلة وتعمد قنص الأطفال حتى في أيام العيد، وتفجير منازل الخصوم وزرع الألغام، وسحل بعض مناوئيها وصلبهم كذلك.

الحوثيون والإرهاب

بات واضحا ارتباط الحوثيين بالإرهاب، فقد اتهم التحالف تلك المليشيات بالارتباط بتنظيمات إرهابية في أفريقيا والشرق الأوسط، إضافة إلى تلقيها دعماً عسكرياً من النظام الإيراني لزعزعة استقرار المنطقة.

وهناك اتهامات عديدة للحوثيين بالتورط في تنفيذ كثير من العمليات الإرهابية في المحافظات المحررة، فضلا عن وجود عناصر متطرفة تابعة لها في مناطق مختلفة بينها تعز تعمل على تحريكها وقت الحاجة لإرباك المشهد والظهور كمكافح للإرهاب.

ولوحظت كثير من العمليات الإرهابية التي ضربت المناطق المحررة بعد طرد المليشيات منها، ويعد ذلك دليلا قاطعا على وقوف الحوثيين وراءها فضلا عن التخادم بين الجانبين، خاصة أن القاعدة وداعش لم يكن الانقلابيون هدفا لهما.

لم تتغير تلك الصورة بعد، ففي أغسطس الماضي، قال مدير مكتب الرئاسة عبد الله العليمي، إن تزامن استهداف العاصمة المؤقتة عدن من قِبل المليشيات الحوثية والجماعات الإرهابية عمل ممنهج، وذلك تعليقا على تعرض معسكر الجلاء لعملية إرهابية، فضلا عن الهجوم الانتحاري الذي استهدف مركزا للشرطة في العاصمة المؤقتة.

وتعتبر الحكومة اليمنية لجوء مليشيات الحوثي للأعمال الإرهابية، مؤشرا واضحا على رفضها الصريح لجهود السلام، والمضي قدما في تنفيذ أجندة داعميها لتخفيف الضغط والعزلة الدولية التي يواجهها النظام الإيراني.

وأعلن التحالف، في مايو الماضي، إحباطه أكثر من 35 عملا إرهابيا للحوثيين في باب المندب والبحر الأحمر، ومحاولتهم استهداف ناقلات النفط البحرية وإحداهن كانت محملة بـ1.1 مليون برميل للنفط الخام.

مساعي التصنيف

سعت مرارا الحكومة اليمنية من أجل تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، وقد صنفت تلك المليشيات بعض الدول بينها المملكة العربية السعودية كجماعة إرهابية، وكذلك البرلمان العربي. لكن الأهم من هذا كان ما كشفته صحيفة واشنطن بوست عن وجود مساعٍ لإدارة دونالد ترامب لتصنيفهم كجماعة إرهابية.

لا يبدو أن الحوثيين يكترثون كثيرا لأمر كهذا، فقد استمروا في ممارساتهم الإجرامية بحق المواطنين حتى اليوم، إلا أن تصنفيهم ذاك يمنعهم من استخدام الشبكة المالية الدولية وسفرهم إلى أمريكا، ولن يكونوا قادرين على التعامل مع أي إدارات حكومية وغيرها، وزيادة عزلتهم.

ومن المستبعد أن تكون واشنطن جادة في تصنيفهم كجماعة إرهابية، فمن خلالهم يمكنها تحقيق مصالحها المختلفة في المنطقة ككل، فموقع اليمن يعطيها الكثير من الامتيازات، واستمرارها في لعب دور "الحامي".

تحذيرات

ويحذر علماء اليمن من خطورة ممارسات جماعة الحوثي، بنشرها للإرهاب والأفكار الإرهابية، من خلال المناهج الدراسية، وإقامة دورات ومراكز صيفية ورفع شعارات تزرع الأحقاد المذهبية والدينية وتغرس الكراهية بين المذاهب والأديان، ما يهدد السلم الاجتماعي.

ودعا العلماء في ندوة سابقة لهم، الحكومة الشرعية والتحالف العربي إلى الحسم العسكري للحرب وإنهاء الخطر الذي يهدد اليمن والمنطقة والاستقرار العالمي، كونه سيقطع الطريق أمام ممارسات المليشيات التي تهدد مستقبل الأجيال في اليمن أو المنطقة، من خلال استغلالها لعنصر الوقت في غسل أدمغة الأجيال الجديدة والزج بهم في معارك مع مجتمعاتهم وشعوبهم.

وتصف السعودية والحكومة أغلب الهجمات التي تطالها من الحوثيين سواء بالطائرات المسيرة أو الصواريخ بعيدة أو متوسطة المدى بالإرهابية، وذات الأمر بشأن استهداف المليشيات للسفن في خطوط الملاحة الدولية.