الثلاثاء 30-04-2024 06:20:27 ص : 21 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

(قراءة في كتاب)  تجربة ست ثورات.. للكاتب منير شفيق (2-2)

الخميس 17 أكتوبر-تشرين الأول 2019 الساعة 08 مساءً / الاصلاح نت - خاص / عبد العزيز العسالي

  


ثورة اليونان.. من الثورة إلى الحرب الأهلية:

* تنويه:

- فشل أي ثورة لا يعني أنه ليس فيها جو انب إيجابية.

- قال المؤلف: مرجعية الثورة الفكرية - أيا كانت.. ليبرالية.. ماركسية.. علمانية.. إسلامية.. ليست سببا مباشرا في انتصار أو فشل الثورة، وإنما هناك عوامل أقوى تأثيرا.

ثورة اليونان: هل هي ثورة؟ أم تدخل خارجي؟ أم هي حرب أهلية؟ أم هو الجهل؟ أم هي حزبية؟ أم هي ثورة مضادة؟ أم غياب الرشد عند قيادة الثورة؟

أولا: خارطة الثورة والثورة المضادة:

- الثورة الشعبية ضد الاحتلال النازي الفاشي.

الثورة المضادة متمثلة في:

- احتلال ألماني - إيطالي لليونان.

- تدخل أمريكا بالمال والعتاد العسكري.
- تدخل بريطانيا عسكريا.
- ثورة مضادة قام بها ملك اليونان المخلوع.

- قوى بلطجية تتمثل في:

قوى لها علاقات مع الاحتلال النازي الفاشي.
قوى لها علاقة ببريطانيا.
قوى لها علاقة بالملك.

- منظمات مغلفة بأقنعة وتسميات وحقيقة أمرها أنها ذات علاقة بالاحتلال.

اتفقت أطراف الثورة المضادة على ضرب جيش الثورة.

ثانيا: ثلاث مراحل مرت بها الثورة اليونانية.

1- مرحلة المواجهة مع الاحتلال الفاشي - الإيطالي والنازي الهتلري في آن، وقد أخذت هذه المواجهة أربع سنوات 1940 - 1944م.

2- حرب أهلية عاما كاملا (1945).

3- حرب أهلية ثانية طيلة عام 1946.

كانت الحرب ضد الاحتلال الهتلري والاحتلال الإيطالي أولا.. ثم تحولت حربا أهلية عنيفة - حرب شوارع.. والسبب وراء الحرب الأهلية هو المساعدات العسكرية الأمريكية وكان هدف أمريكا القضاء على جيش الثورة لأن القيادة الشعبية كانت محتكرة لدى الحزب الشيوعي الذي انتصر على الاحتلال.

ومع أن أمريكا وبريطانيا كانتا ضد ألمانيا وإيطاليا كونهما من دول المحور المناوئ لهما إبان الحرب العالمية الثانية.

ثالثا: استسلمت إيطاليا أمام جيش الثورة والمقاومة اليونانية أولا.. ولأنها كانت تحت طوق جيش الحلفاء - أمريكا وبريطانيا ومن في فلكهما.

استولى جيش الثورة على السلاح الإيطالي.. اتجهت الثورة لإقامة حكم وطني شعبي ديمقراطي.

بريطانيا أعدت جيشا للتدخل لكنها أجلت تدخلها المباشر، واستدعت الملك المخلوع الهارب في مصر الواقعة تحت الاحتلال البريطاني، وأعطته أسطولا وكونت جيشا واتجهت قوات الملك لدخول اليونان.

أوعزت للبلاطجة الآنفي الذكر أن يستقبلوا جيش الملك.

توجيه حملة إعلامية شرسة ومنظمة تحت شعار: ذهبت النازية.. الخطر الأكبر هو الحزب الشيوعي.

رفع الحزب الشيوعي وجيش الثورة شعار الحفاظ على الوحدة الوطنية والكفاح المسلح.

اتجهت بريطانيا لعقد مهادنة وإيقاف كل منظماتها المرتزقة، وكان هدفها أخذ الفرصة حتى يصل جيش الملك.

قرر الحزب الشيوعي تصفية العملاء.

وصل جيش بريطانيا تحت عباءة الملك رافضا الحكم الديمقراطي.

كانت هناك خلايا نائمة لجيش الثورة وسط الجيش البريطاني الملكي فأعلنت تمردها في الأسطول قبل دخول اليونان فتم تطويقها إلى الزنازين، ولو أن الخلايا انتظرت حتى دخول اليونان وأعلنت انشقاقها ستكون وجهت أقوى ضربة للملك وبريطانيا.

أطلقت بريطانيا شائعات ضد الجيش محذرة من انقسام الجيش اليوناني، مطالبة بإتاحة فرصة للسياسة الملكية وتسليم الحكم لعميلها بابا أندريو وتحت شعار توحيد القوى اليونانية.. أخرت بريطانيا دخول جيشها المباشر لليونان تخديرا لقوى الثورة.

رفض جيش الثورة والمقاومة دعوة بريطانيا..
لو كان الحزب الشيوعي أعلن استقلالية قراره كان سيكسب الجولة شعبيا لكنه قبل بالإملاءات السوفيتية، فظهر أمام الشعب أنه مع التدخل الخارجي في اليونان، فخدم خصومه القائلين إن الحزب وقوى الثورة هم الخطر الوحيد.

ولأن الحزب وجيش الثورة مسيطر على الساحة اليونانية.. كانت بريطانيا تريد التدخل المباشر لكنها متحرجة من التدخل المباشر أولا.. ويعتريها خوف انهيار جيشها أمام جيش الثورة..
لكن إملاءات ستالين الآنفة منحت بريطانيا وإعلامها قوة إلى جانب رجال المال والملك وجيشه والبلطجية.. فوق ذلك: ستالين وجه طعنة لحلفائه اليونانيين فوافق على حكومة بابا أندريو مقابل نفوذ ستالين في البلقان.

الكارثة: إن جيش الشعب والمقاومة الثورية خرجوا يستقبلون جيش بريطانيا خضوعا لإملاءات ستالين المباشرة - تبعية عمياء.

كان جيش الثورة مهيأً بل وقادرا على أن يستولي على الحكومه وتشكيل حكومة مؤقتة لكنه خضع للتبعية.

أيام قليلة مرت على حكومة بابا أندريو العميل حيث أعلن تجريد السلاح من جيش التحرير الشعبي وتجريد سلاح الجمهور الموالي للجمهورية.

جنّد كل القوى المضادة بقايا النازية والفاشية والبلطجية والرجعية وقدمت بريطانيا المال بسخاء وشجعت قوى الرجعية وجندت أقوى جيش وأوجدت اللواء المقدس -شعار ديني- أجوف ضد الثورة، متكئا على اعتراف دولي انتزعته بريطانيا.

أعلن جيش الثورة، وأسس جيشا حكوميا، أعلن مملكة دستورية بحجة حماية الشعب من العنف.. شجع القوى المناوئة للثورة.. سقوط عشرات القيادات من جيش الثورة واعتقال المئات واستمالة البعض.

الكوادر الفكرية:

كوادر الثورة الفكرية كانت على صلة بالجماهير الرازحة تحت الإقطاع والرأسمالية التجارية المتوحشة.. انحازت الكوادر بعيدا وأمرت الجيش بالذهاب للجبال وأعادت التعبئة وأعلنت ثورة جماهيرية مسلحة عام 1944.. وكادت الحكومة أن تسقط.. غير أن دوائر القرار الشيوعي وجهت جيش الثورة للاستيلاء على قوى حكومية خارج أثينا.

انقسمت قوى الثورة فالتقطت بريطانيا الفرصة فدعت للحوار مع جيش الثورة.. وأعدت جيشها ودعت الملك فعين حكومة جديدة تحت وصاية البابا وجعل العرش تحت وصاية البابا.. فقبل بها الشيوعيون؟!.
دخلت بريطانيا بعد شهر وسيطرت واتجهت للإجهاز على جيش الثورة.. أحدثت انشقاقات في الجيش وهرب البعض وسجن الكثير.

الدروس:

1- تجنب التصادم مع المشاعر القومية.. فقد كانت مواقف الشيوعيين شكلية فخضعت للإملاءات والتبعية.. لم ترفع شعار الاستقلال ورفض التدخل.

غياب البعد الساسي والإداري في اتخاذ القرار في الزمن المناسب والمكان المناسب أدى إلى إيجاد حكومة وبناء جيش ذي عقيدة فاشية، ناهيك عن تدمير قوى الثورة، وإنشاء جبهة فاشية محلية تغتال رجالات الثورة.

انتخابات هزيلة مضحكة فاز بها الملكيون.. ردة الفعل ثورة مسلحة للقصاص من قتلة جيش الشعب وهذه قنابل للمستقبل، وبالمقابل أقيم جيش ملكي قوي.

الدول الديمقراطية المجاورة لليونان قدمت دعما لجيش الثورة وعملت على إنشاء جيش منظم بعيدا في الجبال.. فقامت ثورة 1947، معبرة بلسان الفلاحين، وهذا خلق زخما ثوريا لكن غياب وحدة الهدف وفقدان الهجوم العسكري على الأماكن الإستراتيجية، وضعف الضربات المركزة.. هنا تدخلت أمريكا وانسحبت بريطانيا لأنها متحرجة أمام دول أوروبا.

مات الملك فخلفه أخوه والتف حوله جمهوريون لاعتبارات ومصالح.. حشدت أمريكا قوى أوروبا معها،
استمرت المعارك سنتين بالتمام، انهزم جيش الثورة.

الأخطاء القاتلة:

كثيرة الأخطاء القاتلة ولكن أشدها فتكا:
- غياب التخطيط الإستراتيجي للهجوم.
- غياب اتخاذ الخطوات المدروسة بدقة قبل أوان المواجهة.
- التحضير المتأخر والبطيء للعمل المسلح.
- غياب المرونة في القرار الحربي.
- غياب النضال في الجبهة السياسية.
- غياب الالتحام المستمر بالجماهير.
- غياب الأهداف الواضحة.
- عدم الاستفادة من الثورات القوية.
- غياب دراسة الأخطاء عند القيادة.
- التقليل من النضال السلمي.

وفوق ما سبق وقبله وبعده:
غياب الاستقلالية في القرار والخضوع للإملاءات الخارجية.

عدم دراسة حجم وتأثير القوى المناوئة فقد تآزرت الإقطاعية والرأسمالية الداخلية مع الخارج الرأسمالي.

كلمات دالّة

#اليمن